المنطقة على صفيح ساخن، مفتوح على كل الاحتمالات وعلى كل الجبهات خلال الشهرين القادمين بالتزامن مع وصول الرئيس الاميركي بايدن الى «اسرائيل» والسعودية والعديد من العواصم العربية أواخر حزيران، ويحاول العدو الاسرائيلي رسم معادلات جديدة لبايدن قبل وصوله وتحديدا في القدس، وبدورهم جهز الفلسطينيون أنفسهم للرد على كل السيناريوات الاسرائيلية وخوض مواجهات طويلة ولديهم كل اوراق القوة، ووضعوا في حساباتهم امكانية تدحرج الامور الى مواجهات شاملة، وعرضوا في مسيراتهم الاخيرة في غزة أسلحة متطورة من صواريخ «سام ٧» و»شاليكا» الروسية المضادة للطيران، لكن البارز ما أعلنه القيادي الكبير في حركة حماس محمد السنوار عن وجود غرفة عمليات مشتركة من ضباط حماس وحزب الله والحرس الثوري الايراني، وهذه الغرفة قادت عملية «سيف القدس» وستقود أي مواجهة جديدة، كما جاءت عملية الموساد الاسرائيلي باغتيال العقيد في الحرس الثوري الايراني حسن صياد خدايي لترفع من سقف التوترات، وقد اتهمت ايران الموساد بارتكاب الجريمة مؤكدة على حتمية الرد وهذا ما دفع الحكومة الاسرائيلية الى اعلان الاستنفار الشامل في معظم سفاراتها في العالم، وشمل الاستنفار مواقع الجيش الاسرائيلي على حدود لبنان وفي الجولان.
هذه التطورات الخطيرة مضافا اليها تعثر الاتفاق النووي والمراوحة في الاتصالات الايرانية السعودية والعملية التركية بعمق 30كيلومترا في الاراضي السورية، تؤشر الى رياح ساخنة تتجمع في سماء المنطقة ومفتوحة على كل الاحتمالات ولن يسلم منها لبنان وخسائره سترتفع اذا لم يتم انجاز الاستحقاقات الدستورية ومعالجة الازمة المالية وتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وفي ظل هذه التوترات، استبعد مسؤول أمني عربي أمام زواره اللبنانيين حصول أي مبادرات عربية أو دولية تجاه لبنان في الوقت الحاضر، مؤكدا اقتصار المساعدات العربية على «هبات» للجمعيات الاهلية بشكل مباشر، جازما ان حالة الفراغ والشلل واللادولة قد تمتد لأكثر من سنتين كون التسوية الدولية الاقليمية التي انتجت الطائف وبعده الدوحة مستبعدة كليا جراء الانقسامات الحادة مضافا الى ذلك استحالة التفاهمات الاميركية السعودية الايرانية السورية بشأن لبنان، جازما ان لبنان ليس في حسابات احد من دول القرار، وفرنسا لا تملك تفويضا اميركيا في صياغة الحل، والاوضاع ستبقى «هبة باردة وهبة ساخنة» لكن الانهيار لن يكون شاملا، داعيا الى دعم الجيش اللبناني بكافة الوسائل كي يكون قادرا على تنفيذ مهامه، مستبعدا العودة لخطوط التماس، مع تأكيده ان المساعدات لن تكون الا حبوب «اسبرين» و»مسكنات» للحؤول دون تدفق موجات الهجرة السورية الى القارة الاوروبية جازما ان حكومة تصريف الاعمال برئاسة ميقاتي ستدير المرحلة الانتقالية وسيتم التوافق على بعض الصلاحيات لتوقيع العقود مع صندوق النقد الدولي، معربا عن أسفه للتخلي العربي عن لبنان. مؤكدا ان طريق الحل تبدأ من التوافق الدولي والاقليمي على الترسيم البحري واستثمار الغاز وهذا لن يحصل حاليا مع الصراعات الكبرى على طرق الغاز في العالم، مستبعدا التوافق على اسم رئيس جديد للبلاد، وأكد ان الدول الخليجية ستؤمن الالاف من فرص العمل للشباب اللبناني مهما كانت الظروف السياسية ومستوى الانقسامات الداخلية.
اشكال طالبي بين التيار والقوات اللبنانية
قفز الى واجهة الاحداث أمس، الاشكال الطالبي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في كلية الحقوق – فرع العلوم السياسية – الفرع الثاني في جل الديب على خلفية نزع صور بشير الجميل وسمير جعجع من قبل طلاب التيار الوطني مقابل كتابة شعارات ضد الرئيس عون من طلاب القوات، وأدى الاشكال الى سقوط بعض الجرحى اصاباتهم طفيفة، وانتقل التوتر الى بعض الاحياء المحيطة في المنطقة مما دفع الجيش الى التدخل السريع وحسم الاشكال وتوقيف بعض الطلاب، وتدخل مدير كلية العلوم السياسية الدكتور وديع ابي خليل ومدير كلية الحقوق الدكتور امين لبس مع الجيش لاطلاق سراحهم، كما جرت اتصالات بين نواب المنطقة لتهدئة الاجواء مع تعهد الطرفين على عدم اللجوء الى التوترات في الجامعة عند اي خلاف قد يطرأ في المستقبل.
مليونا مغترب الى لبنان بعد 30 حزيران
وفي ظل الظروف المعقدة، تبقى بارقة الامل الوحيدة من بوابة الاغتراب اللبناني، مع المعلومات عن صيف واعد وحجوزات وصلت الى مليوني مغترب واكثر سيقضون اجازاتهم في بلدهم، وان الطائرات القادمة الى مطار رفيق الحريري بعد 30 حزيران محجوزة طوال شهر تموز وحتى منتصف أب، ومن المتوقع دخول أكثر من 20 الف مغترب في اليوم الواحد يشكلون أكبر رافد للاقتصاد اللبناني وسيؤمنون الالاف من فرص العمل، وحركة اقتصادية ناشطة رغم فقدان أدنى مقومات الحياة وانقطاع الكهرباء والمياه، وهذا يفرض على وزارة الطاقة اخذ بعض الاجراءات لتحسين التغذية بالكهرباء وخفض الاسعار لو بالحد الادنى.
لا رواتب للموظفين بعد شهرين
ولذلك تدعو مصادر متابعة الى ملاقاة حركة المغتربين عبر تسريع انجاز الاستحقاق الحكومي بأقل الخسائر، والحد من انهيار الليرة الحتمي اذا لم يتم اتخاذ اجراءات مالية سريعة في ظل حاجة الدولة الى أكثر من مليار دولار شهريا «فريش» لتغطية نفقات فروقات الادوية والقمح والمحروقات والامراض المزمنة وتأمين رواتب موظفي القطاع العام وكل ما تحتاجه الدولة، ولا يمكن الاستمرار في عملية التمويل بعد شهرين، وهذا ما سيؤدي الى عدم حصول موظفي القطاع العام على رواتبهم، علما ان دفع الرواتب سيتأخر هذا الشهر لاكثر من اسبوع في العديد من القطاعات، وسيدفع لكل قطاع على حدة بسبب عدم توفر الاعتمادات، وتستعد معظم القطاعات الرسمية والنقل العام والمعلمين الى تنفيذ اضرابات اذا لم تدفع الدولة ما وعدت به الموظفين من رفع بدلات النقل الى 64 الف ليرة وغيرها من الحوافز، حتى البطاقة التمويلية متعثرة وظهرت التدخلات في عمليات الاحصاء وقبول الطلبات مما حرم مئات العائلات المستحقة منها لصالح عائلات تحظى في حمايات سياسية؟
الاستشارات النيابية اوائل الاسبوع
من المتوقع بعد انتخاب الرئيس نبيه بري لولاية سابعة في رئاسة المجلس النيابي، ان يدعو رئيس الجمهورية الى استشارات نيابية ملزمة لاختيار شخصية سنية تتولى رئاسة الحكومة، وحسب المعلومات لمقربين من بعبدا، ان الاستشارات النيابية ستحدد أوائل الاسبوع لاختيار الرئيس المكلف على عكس ما سرب عن تأخيرها من قبل بعبدا بانتظار التوافقات، وعلم ان بعبدا تنتظر وصول لائحة توزيع الكتل والنواب المستقلين من المجلس النيابي لتحديد المواعيد، واذا وصلت اللائحة اليوم او غدا الى بعبدا فأن موعد الاستشارات قد يكون الاثنين، ويبقى الأوفر حظا لترؤس الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي، وان كان تأليفها يبدو مستحيلا خلال الفترة الانتقالية، ومن هنا وجه السفير الفرنسي في لبنان نصائح الى القوى السياسية دعاهم فيها الى التوافق على تعويم حكومة ميقاتي حتى انجاز الاستحقاق الرئاسي، في حين ترفض القوات اللبنانية هذا الطرح وتسعى لتشكيل حكومة أكثرية برئاسة نواف سلام مدعومة من الحزب الاشتراكي والتغيريين والمستقلين، وهذا الطرح يصر عليه السفيران السعودي والاميركي المتمسكان بأبعاد حزب الله عن أي حكومة جديدة وخوض المواجهة المفتوحة معه وتبني «حكومة الغلبة». وحسب المعلومات فان الحزب الاشتراكي يحاذر تبني هذا الطرح حتى الان، بالمقابل اعلن مسؤول العلاقات الاعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف خلال حفل تكريمي للاعلاميين دعت اليه جبهة العمل الاسلامي تمسك حزب الله بسياسة اليد الممدودة الى الجميع وفتح قنوات الحوار مع كل القوى السياسية لانقاذ البلد، مشددا على التمسك بالحوار وتحديدا بعد كل ما جرى في المجلس النيابي من نتائج لصالح اعادة انتخاب الرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس والياس ابو صعب لنيابة الرئيس، وما جرى يؤكد ان البلد لا يحكم بمنطق الاكثرية او الأقلية بل بالمنطق الوطني الجامع، داعيا الجميع الى تحمل مسؤولياتهم وعدم تضييع هذه الفرصة الانقاذية في الخلافات والسجالات.
هذا الطرح الحواري من حزب الله لانقاذ البلد يرفضه السفير السعودي البخاري حسب المعلومات، وقال في جلسة خاصة: «كنت بحاجة فقط لاسبوعين لأقلب الطاولة كليا والحصول على الاكثرية الراجحة» لكن ما جرى في جلسة المجلس النيابي حسب مصادر متابعة يدحض كلام البخاري وكل تدخلاته وتوجيهاته ورسائله بالعشرات على «الواتساب» للنواب التغييريين والمستقلين و14 اذار خلال الجلسة النياببة بالتصويت لغسان سكاف لكنها لم تؤد الى اية نتيجة، حتى ان العديد من النواب المستقلين في كسروان وزحلة صوتوا للياس ابو صعب، ورفضوا توجيهات البخاري رغم تلقيهم الرسائل الالكترونية منه بالتوحد خلف سكاف، وبالتالي فان ما حصل في الجلسة يخالف كل الكلام عن انتصارات لـ ١٤ اذار وخسارة حزب الله وحلفائه للأكثرية وتبني تلك المعادلة، فيما النتائج كشفت عن وجود كتلتين متوازيتين تحتاجان «لبيضة القبان» حتى تأمين الحسم، وهذا الدور يريد جنبلاط ان يلعبه مجددا.
وتشير المعلومات، ان الاسماء لتولي الحكومة الجديدة ليست محصورة بميقاتي ونواف سلام، وهناك» جس نبض» يطال اسم مصطفى أديب بالاضافة الى سمير الخطيب، فيما عبد الرحمن البزري حظه معدوم حتى الان.