إنطلق امس العد العكسي للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف الشخصية التي ستؤلف الحكومة الجديدة، وذلك مع إرسال الامانة العامة لمجلس النواب لائحة اسماء النواب بحسب الكتل النيابية والنواب المستقلين الى الامانة العامة لرئاسة الجمهورية التي باشرت بدورها التحضيرات لدعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي قد تُجرى خلال الاسبوعين المقبلين على ابعد تقدير، خصوصاً انّ الانهيارالمالي والاقتصادي والمعيشي لا يتحمل استمرار حكومة تصريف الاعمال طويلاً، فيما استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية بات على مسافة بضعة أشهر.
وفي التحضيرات للاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها عون أنجزت امس الخطوة الاولى الخاصة بها، بعدما أودعت الامانة العامة لمجلس النواب المديرية العامة لرئاسة الجمهورية لائحة بأسماء النواب بحسب الكتل النيابية والنواب المستقلين.
وعلى رغم من التكتّم على شكل اللائحة علمت «الجمهورية» انها لم تأت بجديد بالنسبة الى الكتل النيابية السابقة بعد أحداث البعض منها. فقد احتفظت الكتل السابقة بأسمائها كما كانت من قبل. وهي كتل: «التنمية والتحرير»، «الوفاء للمقاومة»، «الجمهورية القوية»، «اللقاء الديموقراطي»، «التكتل الوطني المستقل» من ثلاثة نواب هم: طوني فرنجية وفريد الخازن ووليم طوق، كتلة «نواب الطاشناق»، «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» المكونة من النائبين عدنان طرابلسي وطه ناجي، «الجماعة الاسلامية».
وعادت الى المجلس كتل سابقة منها: «الكتائب اللبنانية» بأربعة نواب هم: سامي الجميل، الياس حنكش، نديم الجميل وسليم الصايغ. «حركة الاستقلال» التي تضم النائبين ميشال معوض وأديب عبد المسيح. وأُحدثت كتلة جديدة هي «اللقاء النيابي الشمالي» الذي جمعَ نواباً من عكار وطرابلس والمنية والضنية واستوعب نواب «كتلة انماء عكار» التي كان قج أعلن عنها بعد نتائج الانتخابات.
التغييريون
وضمّت اللائحة أسماء النواب المتبقين على انهم مستقلين، فأشير الى «النواب التغييريين» الـ 13 كنواب مستقلين من دون الاشارة الى اي اسم او تكتل جديد يجمعهم على ان تكتسب الكتلة اي اسم يمكن ان تختاره لاحقاً، وكذلك بالنسبة الى النواب المستقلين: جميل السيد، نعمت فرام، ميشال المر وآخرين من خارج الكتل المعلن عنها سابقاً.
ولحظ تقرير الأمانة العامة للمجلس النيابي إمكان ان تتخذ اي مجموعة من النواب المستقلين اسماً يدرج على اللائحة قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية، وفي امكان اي مجموعة من هؤلاء النواب أن تطلب القيام بزيارة واحدة للقصر الجمهوري للمشاركة في الاستشارات النيابية الملزمة وهو امر ينسحب تلقائياً على الاستشارات غير الملزمة التي سيجريها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة ان لم يتغير الوضع بين الموعدين.
مواعيد الاستشارات
وعن الخطوات اللاحقة قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية» ان رئيس الجمهورية لن يوجّه الدعوة الى هذه الاستشارات قبل انتخاب رؤساء ومقرري اللجان النيابية في الجلسة النيابية المنتظرة الثلاثاء المقبل، وربما سينتظر حصيلة المشاورات التي انطلقت في شأن المرشحين السنة للمهمة لبيان هوية الاشخاص الذين يمكن ان تُطرح اسماءهم.
ولذلك، فإنّ الحديث عن مجموعة من الأسماء المتداَول بها لا تعدو كونها شائعات، وربما نتيجة ما يرغب به البعض من الكتل النيابية كما المرشحين المحتملين أنفسهم. وحتى الأمس لم يحدد اي طرف بعد مرشّحه لمهمة التأليف، وإن دُعي النواب الى الاستشارات في خلال ايام القليلة المقبلة فقد يتعذّر على عدد كبير منهم تسمية مرشحه للموقع.
الى ذلك وفي الطريق الى الاستحقاق الحكومي تأليفاً وتكليفاً بدأت تصدر مواقف من هنا وهناك بعضها يستعجل إنجاز هذا الاستحقاق بتأليف حكومة جامعة يتحمل الجميع فيها المسؤولية والمشاركة في القرار، والبعض الآخر يطرح حكومة اكثرية تحكم في وجود اقلية تُعارِض، فيما ذهبَ البعض الى وضع شروط ورفض المشاركة في الحكومة.
الاوراق البيض والقلب الابيض
وسألت مصادر قريبة من مرجع سياسي كبير عبر «الجمهورية»: «هل ما بدأت تطرحه المعارضة او الاقلية من الآن بعدم المشاركة في الحكومة الجديدة هو رَد منها على مَد رئيس مجلس النواب يده لها للتعاون معها، عندما قال بعد انتخابه انه سيرد على الاوراق البيض التي اقترع بها البعض بأنه سيأخذ هذه الاوراق بقلب ابيض؟». كذلك سألت هذه المصادر: هل ان الدّاعين الى حكومة اكثرية تحكم واقلية تعارض قادرون على تحمل هذه المعادلة؟ وهل ان لبنان في وضعه الحالي يتحمل هذه المعادلة ايضا؟».
وكان النائب «التغييري» غسان سكاف، الذي خسر معركة انتخابات نائب رئيس المجلس النيابي امام النائب الياس بوصعب، قد قال بعد زيارته بري امس رداً على سؤال عن رؤيته للاستحقاقات المقبلة، لا سيما في الموضوع الحكومي وأي نوع من الحكومات تلائم الوضع الراهن: «كما قلت في الامس، انّ الوضع مناسب من أجل تشكيل حكومة سياسية خاصة أن لا إنسداد سياسيا، اليوم هناك أقلية وهناك أكثرية فلتشكّل الاكثرية حكومة والأقلية تعارض. بعد الإنتخابات النيابية هناك أكثرية انبثقت فلتشكّل هذه الاكثرية الحكومة وعلى الأقلية أن تعارض».
تحرك طارىء
في هذه الاثناء رأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب الدكتور علي فياض خلال لقاء شعبي في بلدة بلاط الجنوبية انّ العلاج للازمات «يكمُن في أن نمضي سريعاً في بناء المؤسسات وتشكيلها على كل المستويات، لأنه من دونها لا يمكن أن نضع الأزمات على سكة الحلول والمعالجات الجذرية، وأن ننتقل في أسرع وقت ممكن إلى تشكيل الحكومة».
وشدد على أن «الوضع القائم يستدعي تحركاً طارئاً واستثنائياً وعاجلاً، ويستدعي في أحيان كثيرة أن نُقلّل من الحساسيات السياسية، لمصلحة الحساسيات التي لها علاقة بحاجات ومصالح الناس وظروفهم المعيشية».
كما شدد على «ضرورة أن ننظّم اختلافاتنا القائمة، وأن نُطلق مساراً حوارياً لمعالجة المسائل التي نختلف عليها، أو أن يتم تأجيلها، ولكن أن ندخل كما يفعل البعض الملفات التي لها طابع معقّد واستراتيجي، أو التي لها علاقة بالإصلاحات السياسية البنيوية التي ترتبط بالنظام السياسي، في صُلب الموقف من الوضع المالي والاقتصادي ومن طريقة المقاربة لمعالجة المسائل المعيشية، فهذا لا يوصلنا إلى أي نتيجة».
«القوات» والحكومة
وأسف عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص لـ»الغرق في الانقسامات السياسية»، آملاً في «أن لا يكون ما شهدته الجلسة النيابية الأولى هو الصورة الحقيقية للمجلس».
وأكد أن «القوات لا تحصر اتهامها بـ»حزب الله»، إذ يبدو أن كل المنظومة لم تتعِظ من الانتخابات النيابية ومستمرة بالمقاربات نفسها والذهنية السابقة».
وقال: «ما جرى في الجلسة النيابية الأولى هو الاختبار الأسهل بين الاستحقاقات الكبيرة التي تنتظرنا، منها: تسمية رئيس لتكليفه تشكيل الحكومة، إقرار الإصلاحات والقوانين الإصلاحية المطلوبة من صندوق النقد الدولي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية». وأكد أن «القوات ستنتظر ما سينتج من مشاوراتها مع جميع القوى السيادية والتغييرية للوصول إلى تسمية رئيس مكلف تنطبق عليه المواصفات التي تطلبها».
وبدورها، قالت النائب «القواتي» غادة أيوب انّ «القوات اللبنانية» لن تشارك في أي حكومة في ظل وجود «حزب الله» فيها، كما أنها لن تشارك في حكومة وحدة وطنية، ولا يمكننا اللجوء الى شعارات تعطي غطاء شرعيا لسلاح غير شرعي».
ورأت أن «من مصلحة الجميع تكليف رئيس حكومة جديد في وقت قريب، ولبنان لا يملك ترف الوقت ولا يمكن لـ»حزب الله» أن يضع فيتو على أي رئيس مقبل لأنه لم يعد يملك غطاء مسيحياً».
الراعي
وفي المواقف السياسية، باركَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في عظة له خلال قداس اليوبيل الذهبي لتأسيس رابطة قدامى الإكليريكية البطريركية المارونية في كنيسة اكليريكية مار مارون – غزير بمشاركة الأمين العام لسينودس الأساقفة الكاردينال ماريو غريك للمجلس النيابي، بانتخاب رئيسه ونائبه وهيئة المكتب «بالطريقة الديموقراطية».
وقال: «فيما نترفّع عن معادلات الأكثرية والأقلية، واصطفاف الكتل النيابية، نأمل أن تترجم بالأفعال مواقف ممثلي الشعب وشعاراتهم والبرامج التي وعدوا بها أثناء حملاتهم الانتخابية. فالشعب سئم المواقف المتقلبة والمترددة والغامضة والضبابية».
واستعجل «إقرار الإصلاحات التي ينتظرها اللبنانيون قبل المجتمع الدولي، وتعديلها بما يتلاءم مع مصلحة لبنان أولاً. وأول تعديل لهذه الإصلاحات يبدأ بالتدقيق بخطة التعافي التي حصدت انتقادات أكثر من الاستحسان لأنها وضعت على حساب المودعين ونظام الاقتصاد الحر».
واعتبر انّ «الدولة مدينة للشعب قبل أنْ تكون مدينة للمؤسسات المالية الدولية. فلْترد الدولة للشعب جنى عمره».
وأمل الراعي «أن تَنسحب سرعة انتخاب رئيس المجلس النيابي الجديد على عملية تأليف حكومة جديدة وطنية فاعلة، لأن البلاد لا تحتمل أي تسويف وتعطيل». وقال: «نريد أن يبادر المجلس النيابي، المؤتمَن على الاستحقاق الرئاسي، إلى تحضير هذا الاستحقاق من خلال خلق أجواء سياسية، وإجراء الاتصالات مع مختلف الكتل والأحزاب لضمان تأمين جلسة كاملة النصاب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل نهاية عهد الرئيس الحالي، كما يقول الدستور، يكون على مستوى التحديات الراهنة، ووحدة البلاد».
زيارة البابا لم تُلغَ
وكان غريك قال خلال مؤتمر صحافي امس رداً على سؤال عن تأجيل أو إلغاء زيارة قداسة البابا فرنسيس للبنان: «انّ صحة البابا لا تساعده حالياً على القيام بمثل هذه الزيارة، ولكن زيارته الى لبنان أُرجِئت ولم تُلغ». وأعرب غريك عن «إعجابه الكبير بلبنان وعن تقديره للتعايش الذي لمسه بين المسلمين والمسيحيين وخصوصا أثناء زيارته الى مدينة طرابلس».
التمديد للطوارىء
من جهة ثانية، التقى وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب امس كلّاً من سفير روسيا لدى لبنان الكسندر روداكوف وسفير الصين تشيان مينجيان، وبحث معهما في موضوع التجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) . وطلب منهما تأييد بلدَيهما للفقرة رقم 11 التي يتضمنها قرار التجديد والتي تنص على دعم دوريات الجيش اللبناني العاملة في الجنوب لمدة سنة كاملة بالنفط والغاز والطبابة لتتمكن من القيام بدوريات مشتركة مع قوات «اليونيفيل».
حاول إحراق نفسه
وفي تفاعلات الازمة المعيشية المتفاقمة حاول أحد الأشخاص المتقاعدين سَكب مادّة البنزين على جسمه داخل أحد المصارف في صيدا، اعتراضًا منه على تدنّي القيمة الشّرائيّة لراتبه الشهري (5 ملايين ليرة لبنانيّة)، فمنعه أحد موظّفي المصرف سريعًا من إضرام النّار بنفسه»، فيما تدخّل عناصر القوى الأمنية وطَوّقوا الحادثة.
واعلن مصرف لبنان، في بيان، انّ «حجم التداول على منصة Sayrafa بلغ امس 122 و20 مليون دولار أميركي بمعدل 24400 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وفقاً لأسعار صرف العمليات التي نفذتها المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة.
اما سعر الدولار في السوق السوداء الموازية فقد أقفل مساء امس ما بين 28000 و28100 ليرة للدولار الواحد، بعد أن كان قد راوحَ صباحًا ما بين 27800 و27900 ليرة.
قضائياً
امّا قضائياً، فقد غرّدت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون عبر «تويتر» فكتبت: «ما حدا بيقدر يمنعني من قَول الحق وفضح الظلم والفساد بتهديدي بالملاحقة تحت ستار مخالفة موجب التحفّظ. ان هذه الملاحقة، وإن كان من الممكن ان تفيد الفاسدين، لكن بالتأكيد لن تفيد من قام بها. وانا سأبقى أمينة لقسمي ولقول الحق. ما يحصل في القضاء مؤسف جداً».