يغيب الملف الحكومي عن جدول الاعمال على نحو مثير”للسخرية” في بلد يمتهن مسؤولوه تضييع الوقت في “لعبة” “عض الاصابع”، وفيما ينتظر رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي “شروط” النائب جبران باسيل الحكومية” ليبنى على الشيء مقتضاه”،يواصل الجيش معركته دون هوادة بقاعا ضد تجار المخدرات. واذا كانت “العين” اليوم على ساحة النجمة مع انطلاق تشكيل “المطبخ التشريعي”، يمكن القول ان الاستنتاج الاولي “للكباش” الغازي مع كيان العدو انتهى بالامس الى خلاصة مفادها، ان احدا من اطراف النزاع غير مهتم او غير مستعجل لتصعيد الموقف عسكريا والدخول في مواجهة غير محدودة في الزمان والمكان. المقاومة اعلنت عن جهوزية لاستخدام القوة، ولكنها غير متهورة، وتقف خلف قرار الدولة اللبنانية “المربكة”، اذا احسنا الظن ببعض المسؤولين، “والمتواطئة” اذا افترضنا سوء النية لدى البعض من خلال تعاملهم مع هذا الملف الحيوي، بخفة و”تشاطر” على الطريقة اللبنانية. اما الاميركيون “الغائبون” منذ مدة، فدخلوا على “الخط” مجددا ونقلوا “رسالة” اسرائيلية الى لبنان تفيد بعدم وجود رغبة بالتصعيد، وهو موقف عبر عنه علانية وزير الحرب الاسرائيلي بني غانتس من خلال الاعلان إن الخلاف مع لبنان بشأن احتياطيات الغاز الطبيعي البحرية مسألة مدنية ستُحل دبلوماسياً بوساطة أميركية.
اسئلة اميركية؟
واذا كانت الدولة اللبنانية لم تجب الوسيطَ الاميركي اموس هوكشتاين على سلسلة اقتراحات قدمها منذ أشهر اليها، فقد اختار رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي استدعاءه مجددا الى بيروت لاستئناف “الوساطة”، ووفقا للمعلومات،سال الاميركيون عما اذا كان الرد جاهزا، فلم يتلقوا الجواب بعد، علما ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ابلغ المسؤولين المعنيين بعد عودته من واشنطن ان الاميركيين ينتظرون الرد اللبناني، ناصحا بتحريك الملف سريعا عبر صياغة موقف واضح وموحد.
اسرائيل تستبعد التصعيد
وفيما عمد كيان الاحتلال الى التنصل من المسؤولية عن التصعيد الاخير، اعلن ببيان رسمي بأنّ الحقل الذي وصلت إليه سفينة وحدة إنتاج الغاز الطبيعي المسال “إنرجيان” يقع داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة له وليس في المياه المتنازع عليها، وزعمت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار بإن “الرواية اللبنانية بعيدة تماماً عن الواقع”، لافتة إلى أنه لم يكن هناك أي تعدٍ على الإطلاق من جانب إسرائيل.وعن فرص التصعيد بين البلدين، قالت: لسنا عند هذه المرحلة على الإطلاق. حقيقة، هذا هو الانفصال بين الكلام والواقع الذي يجعلني أعتقد أنهم لن يتخذوا أي إجراء. لكنها اكدت ان إسرائيل تتخذ استعداداتها لكي لا يفاجئها احد”.
“اعلان حرب”؟
وفيما زعم مسؤول اسرائيلي رفيع المستوى ان خزان الغاز في “كاريش” يقع في المنطقة الخالصة لاسرائيل، واصفا الكلام اللبناني انه “مزاعم” غير واقعية، اكدت صحيفة “هآرتس” أن شركة الطاقة البريطانية- اليونانية، “اينيرجين” التي تمتلك حقوق حقول غاز كاريش منذ عام 2016، أقامت على بعد حوالي 80 كم غرب حيفا موضحةً أنه في الأيام المقبلة، سيربط العمال المنصة برواسب الغاز ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل الحفارة في الأشهر الثلاثة المقبلة. ولفتت الى أن “إسرائيل قالت في وقت سابق إن أي ضرر سيلحق بمنصات الغاز الخاصة بها سينظر إليه على أنه إعلان حرب”. وزعمت أن “مسؤوليين امنيين إسرائيليين سبق وأبلغوا لبنان مؤخرًا أن منصة الغاز الجديدة ستبدأ العمل في المنطقة قريبًا، وهم يعتقدون أنه لا توجد نية لمهاجمة الحفارات أثناء الأشغال”.
حزب الله جاهز للرد
من جهته اكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عندما تقول الدولة اللبنانية بأن الإسرائيلي يعتدي على مياهنا ويعتدي على نفطنا، نحن حاضرون أن نقوم بمساهمتنا في الضغط والردع واستخدام الوسائل المناسبة بما فيها القوة من أجل منع إسرائيل من أن تعتدي على مياهنا ونفطنا، واضاف “المسألة الآن تتطلب قرار حاسما ورأيا حاسما من الدولة اللبنانية، هل هذه الباخرة تعمل في منطقة متنازع عليها أم لا؟ هل حسمت الدولة اللبنانية مسألة الحدود وخط التفاوض أم لا ؟ ودعا قاسم الدولة إلى أن يكون لديها “حرارة أكثر وضغط أكثر” في مسألة ترسيم الحدود البحرية “إذا كان هناك انسداد في المفاوضات (أن يعلنوا أن المفاوضات انسدت أو انتهت، لكن أن نبقى نترجى الأميركيين وأن نبقى بانتظار أن يمنوا علينا بزيارة أو زيارتين ويقدموا اقتراحات غير واقعية ولا تنسجم مع حقوق لبنان، فهذا إضاعة للوقت. وردا على سؤال حول إعطاء الدولة اللبنانية مهلة قبل قيام حزب الله بأي عمل، قال قاسم “نحن لا نعطي مهلة للدولة اللبنانية، الدولة اللبنانية هي فوق الجميع وهي التي تحدد مسارها ونحن تحت سقف الدولة في مثل هذه القرارات، ولكن نشجع الدولة على الإسراع…
عدم استفزاز “الاميركيين”
وفي خطوة “ناقصة” اتفق رئيس الجمهورية ميشال عون مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي على دعوة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين للحضور إلى بيروت للبحث في مسألة استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن، وذلك لمنع حصول أي تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار التي تعيشها المنطقة. ووفقا للمعلومات، يصر الرئيس عون على عدم استفزاز “الوسيط” الاميركي، ولهذا لا يرى ضرورة للاستعجال في توقيع تعديل المرسوم، وهو يفضل الاستماع الى هوكشتاين “ليبنى على الشيء مقتضاه”، مع العلم ان تثبيت الخط 29 يمنح لبنان ورقة للتفاوض وليس لفرض حلول. ووفقا لمصادر مطلعة لا شيء يبرر هذا الاصرار على التفريط “باوراق القوة”، والرئاسة الاولى مطالبة بحسم نهائي لموقفها من هذا “الخط” لان الاستمرار في “تمييع” الموقف سيؤدي الى ارباك في الموقف اللبناني وبالتالي خسارة الحقوق الغازية. فالاكتفاء بالقيام بسلسلة اتصالات ديبلوماسية مع الدول الكبرى والأمم المتحدة لشرح موقف لبنان، امر غير كاف، والتاكيد على التمسك بالحقوق والثروة النفطية، واعتبار أن أي اعمال استكشاف أو تنقيب أو استخراج تقوم بها إسرائيل في المناطق المتنازع عليها، استفزازاً وعملاً عدوانيّاً يهدّد السّلم والأمن الدوليين، يحتاج الى تثبيت رسمي في الامم المتحدة، والا سيبقى مجرد “ثرثرة” دبلوماسية غير مجيدة.
تحركات دبلوماسية
ووفقا للمعلومات، تواصل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، باعتباره مكلفا من قبل رئيس الجمهورية بادارة هذا الملف، مع الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين لتحديد موعد قريب لزيارة لبنان، كما سجل صباح امس لقاء ديبلوماسي اميركي- لبناني، حيث التقى وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الى القائم بالاعمال الاميركي ريتشارد مايكلز، ووفقا للمعلومات ابدى الجانب الاميركي استعداده لتحريك ملف التفاوض على الترسيم المجمد، ومعاودة عمل الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين، دون اعطاء مواعيد محددة لعودته. وفيما كان من المقرر ان يلتقي بوحبيب سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن على خلفية التحرك الاسرائيلي، تمت الاستعاضة عن استدعائهم بدعوة هوكشتاين للعودة الى بيروت.
بري: الملف عند عون
لاحقا استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري الوزير بوحبيب في عين التينة، واكدت مصادر رئيس المجلس ان الملف خرج من عنده وهو عند رئيس الجمهورية، وبري ينتظر الان ما ستؤول اليه الامور.
لماذا “المماطلة”؟
في المقابل، تستغرب مصادر نيابية من اصرار المسؤولين اللبنانيين على المماطلة في توثيق الحقوق اللبنانية، فنقطة “ضعف” لبنان الاساسية عدم رفع اي رسالة او خريطة او وثيقة، الى الامم المتحدة يؤكد فيها “رسميا”، وفي شكل لا لبس فيه، تمسّكَه بالخط ?? او سواه، فيما يصر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على “التريث” في توقيع المرسوم 6433 الذي يصحح الحدود من الخط 23 الى الخط 29، ما يجعل التنقيب الاسرائيلي في منطقة الخط 29 “مشروعة” في غياب تثبيتها رسميا.
لماذا لا يوقع الرئيس؟
ولعل الكلام الاكثر تعبيرا عن موقف فريق رئيس الجمهورية غير المقتنع بالتوقيع على تثبيت الخط”29″ ما قاله النائب ألان عون الذي دعا الى التعامل بواقعية مع التطورات على الحدود البحرية مع إسرائيل، وقال “أن إسرائيل تحاول فرض أمر واقع جديد في منطقة متنازع عليها، معتبراً ان الخط 29 غير متفق عليه مئة في المئة، وإذا ثبّتناه فهذا يعني ان هناك احتلالا اسرائيليا جديدا وبالتالي لا يمكن التوقيع على الخط 29 ثم السماح بالاعتداء عليه من دون أن يقوم لبنان بشيء ما”. واقر عون بإن الخطأ هو اننا في لبنان لم نحسم أمرنا بالنسبة الى الحدود وسبب هذا التأخير هو أننا نحتاج الى توافق، والتوافق صعب ولم نتمكن من حسم موضوع الاتفاق عندما حصلت الوساطة الأميركية.!
“التيار” ينتقد ويبرر
من جهته، توجّه “التيار الوطني الحر إلى من اسماهم “أصحاب حملة المزايدات” قائلاً إنّ “تثبيت أي معادلة توازن بالخطوط أو الحقول يستوجب الاتكال على معادلة القوة مع إسرائيل والتي فرضتها المقاومة”. وقال ان الخط الذي اعتمدته رسمياً الدولة اللبنانية منذ عشر سنوات وطالبت به بكل مكوّناتها ومؤسساتها هو الخط 23. ومنذ ذلك الوقت وإسرائيل تعمل في كاريش من دون اعتراض. أما مَن حذّر من خطورة الأمر فهو رئيس التيار في مؤتمر صحافي عام 2013، وكان في حينه وزيرا للطاقة. ورد “التيار” “كرة التعطيل” الى الحكومة وقال ان “الخط 29 اعتمده الفريق اللبناني كخطّ تفاوض، ولا يمكن لرئيس الجمهورية أو غيره اعتباره خطاً رسمياً للبنان من دون اعتماده بقرار ومرسوم من الحكومة اللبنانية.؟!
الجيش: لا تراجع
في هذا الوقت، وفيما اكدت مصادر مطلعة عدم تغطية حزب الله لاي من تجار المخدرات، واصلت وحدات الجيش عمليات المداهمة بقاعا، مع اصرار القيادة على عدم الرضوخ للضغوط التي حاول البعض ممارستها لوقف عملياته. ميدانيا انسحب”المغاوير” من الميدان، واستمرت العملية بوحدات عسكرية، وعبر مخابرات الجيش، وقد اشتبكت احدى الدوريات مع مطلوبين خلال عملية الدهم في حي الشراونة، ما أدّى إلى إصابة ح. ح. بجروح استدعت نقله إلى مستشفى الريان. وادت المداهمات الى الكشف عن معمل لتصنيع المخدرات ومنزل عائد لأحد أخطر المطلوبين. وضبط الجيش رمانات بندقية لقاذف”لانشر” تحمل كتابات عبرية، إضافةً إلى كمية من الأسلحة الحربية والذخائر، وهي عائدة إلى أحد المطلوبين من آل زعيتر، وذلك خلال عمليات الدهم المستمرة في الشراونة. ولفتت مصادر امنية الى ان العملية لن تتوقف حتى اكتمال اهدافها، على الرغم من تحريض البعض على الجيش، واكدت ان توقيت العمليات تحددها القيادة، اما”ابو سلة” فتتواصل عملية مطاردته وهو لا يزال داخل الاراضي اللبنانية. وقد اطلع وزير الدّفاع، موريس سليم، من قائد الجيش، جوزاف عون، على تفاصيل العمليات مشيداً بـ”الأداء المميز” الذي تقوم به الوحدات المشاركة في هذه العمليات، فيما عاد قائد الجيش جرحى المداهمات مشددا على تضحياتهم ومؤكدا على عدم التهاون مع المخلين بالامن.
معركة اللجان!
في غضون ذلك، يحل اليوم الاختبار التشريعي الثاني في ساحة النجمة عندما يلتئم المجلس النيابي لانتخاب لجانه التشريعية، وحتى ساعات متاخرة من مساء امس، لم يتم التوصل الى اتفاق نهائي على هوية رؤساء اللجان، ووفقا لاوساط نيابية، قد يحسم اليوم الكثير من الامور، قبل الجلسة حيث تستمر المفاوضات بين الكتل، وعبر الامانة العامة لمجلس النواب، والامر المحسوم ان كل كتلة ستمثل بحسب حجمها في اللجان، مع الحفاظ على التوزيع الطائفي، اما كتلة التغييرين فتتجه الى خوض معركة الحصول على رئاسة لجنة رئيسية في اللجان “وعينها” على لجنتي المال والموازنة، والادارة والعدل التي ترشح لرئاستها النائب ملحم خلف، كما تريد الحصول على مقررين رئيسيين في اللجان. وبالانتظار فان جلسة الثلثاء امام سيناريوهين، اما تفاهم وتوافق على تقاسم العمل التشريعي بين الجميع، او انتخابات ستمتد الى نحو اسبوع كي تحسم.
“تريث” حكومي!
حكوميا، لم يتخذ رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون بعد قرارا بتحديد الموعد النهائي لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، وبحسب مصادر سياسية مطلعة فان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي يبقى الأوفر حظا لتولي رئاسة الحكومة، ابلغ عون انه لن يعود الى “السراي” الحكومي دون تفاهم مسبق على تمرير ثلاثة ملفات في نهاية العهد وقبل الولاية الجديدة للرئيس المقبل، فميقاتي تقول المصادر يخشى من “الفراغ” الرئاسي ولا يريد ان يدير “تفليسة”، ولهذا طلب التزاما باقرار الاصلاحات، وخطة التعافي، لاطلاق عجلة التفاهم مع صندوق النقد الدولي،ووضع خطة الكهرباء على سكة “التنفيذ”، ودون ذلك فهو يعتبرعودته الى رئاسة الحكومة مجرد تضييع للوقت والجهد.في المقابل، تؤكد تلك الاوساط ان “الكرة الان” في ملعب الرئاسة الاولى، وحتى الان لم يتبلغ ميقاتي باي “شروط” من قبل النائب جبران باسيل لتحسين مواقعه في الحكومة، وهو مسبقا ابدى انفتاحه للتواصل مع كل الكتل السياسية للتعاون في المرحلة المقبلة، لكنه كان صريحا برفض اي عملية “ابتزاز” تكبله في المرحلة المقبلة التي قد تشهد فراغا رئاسيا قد تحتاج فيها البلاد الى قرارات حاسمة، ولا يمكن ذلك الا بحكومة منسجمة لا نرفع داخلها “المتاريس”…