أيّ دولة مربكة داخليّاً، ومحكومة بسوء ادارة لها، وبكل أسباب وعناصر التأزّم والتفكّك، ومكوناتها معادية لبعضها البعض، ولا تربطها نظرة واحدة الى مصلحة البلد، بل هي مختلفة ومتناقضة على الثانويات والأساسيات، فإنّه ليس مفاجئاً أبداً ان يستبيح العدو هذه الدولة ويستغل ضعفها وتفكّكها وينتهك سيادتها ويسطو على ثرواتها.
هذا هو حال لبنان، الذي أفقدته التناقضات الداخلية مناعته السياسية وحتى الوطنية، وحوّلته الى ما يشبه أرضاً رخوة، تتجاذبه ضغوط متتالية تفوق قدرته على تحمّلها، وتنقله بين فترة وأخرى الى مفترق كارثي.
الضغوط تتراكم على هذا البلد من كل جانب، بحيث لا تترك له مجالاً لكي يتنفس؛ من الداخل وانشقاقاته السياسية التي تتوسع كلّ يوم، وتغذّي القصور الفاضح للممسكين بالدولة والقرار، في معالجة أزمة اقتصادية ومالية منحدرة الى أسوأ درك، وفلتان مافيات الدولار والأسعار و»شبيحة الأحياء» وزعران الشوارع وتجار المخدرات. وها هو المثال الصارخ في ما يجري في مختلف المناطق، وكذلك في العمليّات التي ينفذّها الجيش اللبناني لتوقيف المطلوبين في بعض المناطق التي تشكّل محميات للصوص وتجار المخدرات.
ومن الخارج ضغوط أقسى وأدهى، وآخرها ما استجدّ مع التطوّر البحري بوصول سفينة الحفر «Energean power» في ظلّ الاستعدادات الاسرائيلية الجدّية لبدء عمليات الحفر في حقول نفطية وغازيّة متنازع عليها مع لبنان، والتي ترافقت بالأمس مع تهديدات اسرائيلية مباشرة للبنان، من انّ التعرّض لمنشأتها النفطية في البحر بمثابة إعلان حرب.
الداخل مربك
في هذه الأجواء، استنفر لبنان الرسمي لمواجهة المستجد البحري وما يتهدّد ثروة لبنان من النفط والغاز. وعلى هذا الأساس وجّهت الدعوة الى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين للمجيء الى بيروت، لإجراء المقتضى والعودة الى طاولة المفاوضات. وتردّد ان نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب قد تواصل شخصياً مع هوكشتاين لتحديد موعد حضوره الى بيروت وفقاً للموقف الرسمي اللبناني، ولكن من دون ان يُذكر شيء رسمي عمّا إذا كان قد تجاوب مع الدعوة إلى حضوره، او ما إذا كان جدول اعماله في الولايات المتحدة الاميركية يتيح له الحضور الى بيروت في هذا الوقت. هذا في وقت تحدثت بعض المصادر عن انّ هوكشتاين استمهل بو صعب ريثما يراجع ادارته في هذا الصدد، على ان يبلغ جوابه في وقت قريب.
وفي مقابل هذا الاستنفار، كان اللافت هو الغرق مجدداً في بحر المزايدات الداخلية حول الحدود البحرية الخالصة للبنان، وتجلّى ذلك في سجال داخلي بين من يعتبر انّ هذه الحدود تنتهي عند الخط 23، وبين من يعتبر انّ هذه الحدود تنتهي عند الخط 29، علماً انّ النقطة 29 يقع ضمنها حقل «كاريش»، التي تقول اسرائيل انّه خارج المنطقة المتنازع عليها.
أين هي الحدود؟
هذا المستجد في رأي مصادر سياسية يوجب ان يشكّل نقطة جامعة للبنانيين للدفاع عن سيادتهم وثروتهم البحرية، ولعلّ أولى الطرق المؤدية الى ذلك، هو ان تخرج كل الاطراف من خلف متاريسها السياسية وتتشارك في تشكيل حكومة تكون في صدارة مهمّاتها خطة مواجهة لأي عدوان اسرائيلي على السيادة اللبنانية، وأي محاولة من قِبله على السطو على ثروات لبنان في البحر من النفط والغاز.
وقالت مصادر معنية بهذا الملف لـ«الجمهورية»، انّ الإرباك الحاصل في هذا الملف، والالتباس الحاصل حول النقطة النهائية للحدود اللبنانية الخالصة، مردّهما ليس فقط محاولة السيطرة الاسرائيلية على الحقول النفطية والغازية في البحر، بل هو أيضاً، الموقف اللبناني المتخبّط حيال هذا الامر، وإدخال هذا الملف من البداية في بازار المناكفات والمزايدات السياسية.
ولفتت المصادر، الى انّ «الجانب اللبناني أثار جواً من الغموض حيال هذه الحدود، عبر الاندفاع بداية إلى القول، انّ الحدود النهائية تقف عند الخط 23 ومن ضمنه مساحة الـ860 كيلومتراً مربعاً المتنازع عليها، ثم ما لبث الامر ان تطوّر الى تعديل في الموقف اللبناني، والتأكيد على انّ الحدود تصل الى الخط 29، ومن ثم عاد وتراجع عن الخط 29».
وبحسب المصادر، فإنّ ذلك «تبدّى بصراحة واضحة، في الرسالة التي وجّهت إلى الامم المتحدة بتاريخ 28 كانون الثاني الماضي، و بعلم من المسؤولين الرسميين، والتي شكّلت اعلاناً رسمياً صريحاً بنقل التفاوض بشأن الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية من الخطّ 23 إلى الخطّ 29، مع الاحتفاظ بحق تعديل المرسوم رقم 6433 في حال المماطلة وعدم التوصّل إلى حلّ عادل». وكان المتوخّى من هذه الخطوة، ليس تأكيد لبنان على عدم القبول بمساحة الـ860 كيلومتراً، بل ان تحفظ حق لبنان بمساحة الـ2290 كيلومتراً مربعاً، وكذلك عدم الالتزام بمبدأ التفاوض «حقل مقابل حقل»، أي «حقل قانا» للبنان، و«حقل كاريش» لاسرائيل، حيث انّ الرسالة تضمنت اشارة واضحة إلى أنّ حقل «كاريش» هو منطقة متنازع عليها، وبالتالي لا يمكن لإسرائيل الاستمرار بعمليات التنقيب فيه، ولا يمكن البدء بعمليات الإستخراج. وقد اعتبرت الرسالة، انّ العمل في تلك المنطقة يعرّض الأمن والسلم الدوليين للخطر».
على انّ ما يلفت الانتباه في رأي المصادر، ما عاد واعلنه الرئيس عون نفسه بعد فترة قصيرة من إرسال الرسالة الى الامم المتحدة، حيث أشار إلى انّ «الخط 29 طرحه البعض من دون حجج برهنته، انّ خطنا هو النقطة 23، وهي حدودنا البحرية وحقنا الحقيقي والفعلي، وهذا هو خط تفاوضنا ونتمسك به.. وتعديل المرسوم 6433 لم يعد وارداً في ضوء المعطيات الجديدة».
تخبّط
إزاء ذلك، عكست الساعات الماضية حالاً من التخبّط الواضح حيال هذا الامر، حيث توزع المشهد بين مواقف سجالية متناقضة، وبين لقاء مستعجل بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حيال الملف البحري، تواكب مع زيارة عاجلة لوزير الخارجية عبدالله بو حبيب الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو المعني الأول بملف الترسيم واعلان إطار التفاوض حول حقوق لبنان. وكان لافتاً اعلان بوحبيب بعد اللقاء «انّ مجيء السفينة اليونانية الى حقل «كاريش» يمثل تحدّياً قوياً لنا، خصوصاً انّه لا ترسيم للحدود بعد، وليس معلوماً إذا ما كان الحفر هو في الحدود الفلسطينية المحتلة أو في الحدود اللبنانية المختلف عليها. لذلك سبب الفوضى هذه، أنّ الوسيط الاميركي لا يأتي، وإذا ما أراد الاميركيون ان يكونوا وسطاء، فعلى الوسيط الاميركي ان يكون هنا، ويجب ان يأتي ويقوم بزيارات مكوكية من أجل التوصل الى اتفاق، ومن ثم كل واحد يعرف أين هي حدوده وكل واحد يعمل ضمن هذه الحدود».
واشار بوحبيب رداً على سؤال، إلى انّه لم يتبلّغ بموعد لزيارة هوكشتاين وقال: «لا نريد ان نعمل حرباً، والسفينة لا تعني انّه بات لديهم الحق، لكن هناك فوضى في المنطقة وفي لبنان، وهي غير مقبولة، وخلال هذين اليومين يجب ان نعرف ماذا سيفعل الاميركيون».
عون وميقاتي
واعلن الرئيس ميقاتي في بيان أمس، انّه «بعد التشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون، تقرّر دعوة هوكشتاين الى بيروت للبحث في مسألة استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن، وذلك لمنع حصول أي تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار التي تعيشها المنطقة». كما تقرّر وفق البيان، إجراء «سلسلة اتصالات ديبلوماسية مع الدول الكبرى والأمم المتحدة لشرح موقف لبنان… واعتبار أنّ أي اعمال استكشاف أو تنقيب أو استخراج تقوم بها إسرائيل في المناطق المتنازع عليها، تشكّل استفزازاً وعملاً عدوانياً».
«أمل»: لا مقايضة
إلى ذلك، أعلنت حركة «امل» أنّ «موضوع ترسيم الحدود ليس مطروحاً للمساومة او المقايضة، ومن الضروري استعادة كل العناوين الوحدوية التي تقدّم مصلحة لبنان العليا على ما عداها».
وأكّدت الحركة في بيان لمكتبها السياسي امس، «أنّ الاسرائيلي اليوم لا يزال على ممارساته العدوانية وسرقة ثروات لبنان البرية والبحرية في حقول الغاز والنفط اللبنانية، وتمثل في تطور خطير يحاول العدو من خلاله التسلل الى حقنا وسيادتنا وثرواتنا، باستقدام باخرة التنقيب (انيرجن باور) الى حقل «كاريش» المتنازع عليه. وفي هذا الخصوص، نؤكّد انّ موضوع ترسيم الحدود ليس مطروحاً للمساومة او المقايضة، ولن يقبل اللبنانيون أي انتهاك لسيادتهم على ارضهم وثرواتهم في البحر او في البر او في الجو، وليسَ ممكناً تجاهل الخطوات العدوانية، ولبنان لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه التجاوزات، ما يستدعي استنفاراً لبنانياً على كل المستويات، والقيام بكل الإجراءات اللازمة والمناسبة لوقف هذه التجاوزات، واتخاذ القرار الوطني الجريء الذي يحفظ سيادة لبنان».
وأضاف البيان، انّ «المسؤولية الوطنية تتطلب من الجميع المبادرة الى تسهيل انجاز الاستشارات النيابية لاختيار رئيس مكلّف لتشكيل الحكومة، التي يجب ان تُشكل بأسرع وقت، وأن تأتي منسجمة مع التوازنات التي أفرزتها الانتخابات النيابية، وان تتحمّل مسؤوليتها في إتمام خطة التعافي الاقتصادي والمالي، بما يضع لبنان على سكة حل مشكلاته العميقة، وتحفظ الاستقرار الاجتماعي وحقوق الناس، لا سيما المودعين. ويرى المكتب انّ أولى خطوات هذه العملية ترتكز على تقديم المصلحة الوطنية والتضامن والتعاطي بجدّية مع التحدّيات، بعد ان انقضت الانتخابات النيابية، وتبنّي الكلام الصادق الصادر عن دولة الرئيس نبيه بري في خطاب انتخابه في الجلسة الاخيرة للمجلس النيابي».
التيار: حفلة مزايدات
وكان لافتاً في هذا السياق بيان للتيار الوطني الحر حول ما سمّاها «حفلة المزايدات» في ملف ترسيم الحدود البحرية بما يفضح جَهل البعض وسوء نوايا البعض الآخر». وجاء فيه انه «إزاء الكذب والتضليل، يؤكد التيار انّ رئيسه النائب جبران باسيل هو مَن طالبَ باعتماد معادلة «لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا».
وأشار البيان الى «انّ الخط الذي اعتمدته رسمياً الدولة اللبنانية منذ عشر سنوات وطالبت به بكل مكوناتها ومؤسساتها هو الخط ٢٣. ومنذ ذلك الوقت واسرائيل تعمل في كاريش من دون اعتراض. أمّا مَن حذّر من خطورة الأمر فهو رئيس التيار في مؤتمر صحافي عام ٢٠١٣، وكان في حينه وزيراً للطاقة.
ولفت البيان الى «انّ الخط ٢٩ اعتمده الفريق اللبناني كخط تفاوض، ولا يمكن لرئيس الجمهورية أو غيره اعتباره خطاً رسمياً للبنان من دون اعتماده بقرار ومرسوم من الحكومة اللبنانية».
ولفت البيان الى «انّ اصحاب حملة المزايدات يجب أن يعرفوا أنّ تثبيت أي معادلة توازن بالخطوط أو الحقول يستوجِب الاتكال على معادلة القوة مع اسرائيل والتي فرضتها المقاومة»، مشيراً الى انه «يتوجّب على الدولة اللبنانية عدم القبول باستخراج إسرائيل الغاز من كاريش قبل تثبيت حقوقها وخطوطها في البلوكات الجنوبية، واتخاذ كل الاجراءات اللازمة لذلك».
رفض التراجع والتراخي!
وفي موازاة ذلك، برز تأكيد على حق لبنان بالخط 29، حيث عبّرت مصادر سياسية مسؤولة عن اعتراضها على ما سَمّته «التراجع والتراخي حيال حقوق لبنان، وشددت على أن يُصار الى اعلان رسمي يتم بموجبه التمسك بالرسالة اللبنانية المرسلة الى الامم المتحدة مطلع العام الجاري، والتي تؤكد على انّ المنطقة الواقعة بين الخط 23 والخط 29 هي منطقة متنازَع عليها، على ان يقترن ذلك بتوقيع المرسوم 6433 معدّلاً بما يجعل الخط 29 هو الحدود اللبنانية للمنطقة الخالصة جنوباً. وعلى ان يقترن ذلك ايضاً بإبلاغ الامم المتحدة، وقبل ان تُباشر سفينة الحفر عملها في حفر البئر الاسرائيلي، بأنّ هذا العمل غير مأمون العواقب والتداعيات على أمن المنطقة بأسرها».
نواب التغيير
وعلى هذا الخط، كان حضور لنواب قوى التغيير، في مؤتمر صحافي عقدوه في المجلس النيابي أمس، حول موضوع «سيادة لبنان في الخطّ 29 وترسيم الحدود البحرية الجنوبيَّة». وأكد النائب ملحم خلف، باسمهم، «انّ المطلوب واحد هو أن نَتّحد، نحن اللبنانيين، حول رؤية واحدة جامعة نجزم من خلالها بشكل حاسم بحقنا الثابت بالخط 29».
وطالبَ «السلطة التنفيذية – فوراً ومن دون إبطاء – بتعديل المرسوم 6433 وفق مقترحات قيادة الجيش اللبناني واعتماد الخط 29 بدلاً من الخط 23 المحدّد إعتباطاً ومن دون أي سند قانوني. وايداع المرسوم المعدَّل مع إحداثيات الخط (29) لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة». كما طلب من «السلطة التنفيذية توجيه كتاب إنذار للشركة ENERGEAN أو أي شركة أخرى قد تتعاقد مع العدو لاستخراج الغاز والنفط من ضمن المنطقة المشمولة بالخط (29)، وتقديم شكوى ضد العدو الغاصب أمام مجلس الأمن بسبب إعطائه الإذن باستخراج النفط والغاز من حقل مشمول بالخط (29)، مما يعرّض السلم والأمن الدوليين للخطر.
وإذ لوّح خلف باسم نواب التغيير بتقديم اقتراح قانون لتعديل الحدود، وبتشكيل لجنة تحقيق برلمانية حيال هذا الامر في ما لو تم التقاعس حيال هذا الامر، دعا الى وقفة شعبية تضامنية في الناقورة – طريق عام الناقورة – بعد قاعدة اليونيفل – يوم السبت الواقع فيه 11 حزيران 2022 الساعة 16.00 للمطالبة بتعديل المرسوم 6433/2011 باعتماد الخط 29 تكريساً لحقوقنا الوطنيّة، على أن يُرفع في خلالها فقط العلم اللبناني بالتمسّك بحقوقنا الوطنية.
الحزب: مستعدون
وفي موقف لافت لـ«حزب الله»، أعلن نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم «أنّ الحزب مستعد لاتخاذ إجراءات «بما في ذلك القوة» ضد عمليات التنقيب الإسرائيلية عن الغاز في المناطق البحرية المتنازَع عليها بمجرد أن تعلن الحكومة اللبنانية انتهاك إسرائيل لحدود لبنان البحرية».
وأبلغ قاسم وكالة «رويترز» قوله: انه «عندما تقول الدولة اللبنانية انّ الإسرائيلي يعتدي على مياهنا ونفطنا، نحن حاضرون أن نقوم بمساهمتنا في الضغط والردع واستخدام الوسائل المناسبة بما فيها القوة لمنع إسرائيل من أن تعتدي على مياهنا ونفطنا».
وقال: «المسألة تتطلب قراراً حاسماً ورأياً حاسماً من الدولة اللبنانية، فهل هذه الباخرة تعمل في منطقة متنازَع عليها أم لا؟ وهل حسمت الدولة مسألة الحدود وخط التفاوض أم لا؟»
ورداً على سؤال حول إعطاء الدولة اللبنانية مهلة قبل قيام «حزب الله» بأي عمل، قال قاسم: «نحن لا نعطي مهلة للدولة ونحن تحت سقفها في مثل هذه القرارات، ولكن نشجّعها على الإسراع».
ودعا «الدولة الى حسم أمرها بأسرع وقت ممكن. وبما أننا جزء من هذه الدولة سنعمل من خلال وجودنا وحضورنا على أن ندفع باتجاه الإسراع لاتخاذ المواقف المناسبة».
الخارجية الاميركية
وفي وقت لاحق امس، اعلنت واشنطن انها تدعم وصول لبنان واسرائيل الى اتفاق حول الحدود.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، «أننا ندعم أي جهود للتواصل إلى اتفاق بين لبنان وإسرائيل، بشأن خلافهما حول الحدود البحرية.
الموقف الاسرائيلي
في المقابل، عكسَ الاعلام الاسرائيلي تحذيرات العدو تجاه لبنان، وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أنّ «الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي اتّهما إسرائيل، يوم أمس (الاول)، بانتهاك سيادة لبنان على مياهه الإقليمية، بعد أن دخلت منصة حفر غاز إسرائيلية جديدة منطقة بحرية متنازَع عليها بين البلدين». ولفتت الى أنّ «شركة الطاقة البريطانية اليونانية Energean، التي تمتلك حقوق حقول غاز كاريش منذ عام 2016، أقامت الحفّارة يوم أمس، على بعد حوالى 80 كلم غرب حيفا»، موضحةً أنه «في الأيام المقبلة سيربط العمال المنصة برواسب الغاز، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل الحفارة في الأشهر الثلاثة المقبلة».
وذكرت أنّ «البحرية الإسرائيلية تقوم بتأمين الحفارة منذ خروجها من قناة السويس. وفي الأسبوع الماضي، وافقت لجنة الاقتصاد في الكنيست على لوائح تحظر الحركة البحرية في دائرة نصف قطرها حول منصة الحفر – كما هو مُعتاد مع منصات التشغيل»، مشيرةً الى أن «لبنان يزعم أنّ البوارج البحرية الإسرائيلية موجودة بالفعل في مواقع تحمي الحفارة، حتى قبل أن يتم توصيلها بمكامن الغاز».
وأوضحت الصحيفة أن «إسرائيل قالت في وقت سابق إنّ أي ضرر لحقَ بمنصات الغاز الخاصة بها سينظر إليه على أنه إعلان حرب»، لافتة إلى أنّ «مسؤولي دفاع إسرائيليين أبلغوا لبنان أخيراً أنّ منصة الغاز الجديدة ستبدأ العمل في المنطقة قريبًا، ويعتقدون أنه لا توجد نية لمهاجمة الحفارات أثناء الأشغال».
واعتبرت أنّ «إسرائيل لم ترد رسمياً على المزاعم اللبنانية، وليس لديها في الوقت الحالي أي نية للقيام بذلك، لتفادي إضفاء الشرعية على الادعاء بأنّ المنطقة مُتنازع عليها بالفعل».
إنتخاب اللجان
من جهة ثانية، يفترض ان يكتمل الهيكل النيابي اليوم، عبر تأسيس المطبخ التشريعي للمجلس النيابي المتمثّل بانتخاب اعضاء اللجان النيابية الدائمة في الجلسة الانتخابية المقرر انعقادها في مبنى المجلس في ساحة النجمة في الحادية عشرة قبل الظهر.
وكما هو واضح، فإنّ انتخابات اللجان تشكّل ترسيماً مباشراً للحدود النيابية ومَقدرة كل طرف على فرض نفسه وإثبات حضوره، بعيداً عن مزايدات المنابر والمواقف الاستعراضية التي سادت في الايام الاخيرة.
وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ عشرات الترشيحات النيابية من مختلف الكتل والمستقلين قدمت الى الامانة العامة للمجلس الينابي، وانّ التوجّه الغالب لدى هؤلاء المرشحين هو الاستحواذ على عضوية او رئاسة لجان أساسية مثل المال والموازنة والادارة والعدل والشؤون الخارجية.
وكشفت المصادر انّ الدوائر المجلسية أعدّت مسودة توافقية لتشكيلة اللجان ليُصار الى اعتمادها خلال ولاية الخمسة اشهر للجان التي تنتهي مع بداية العقد العادي الثاني للمجلس النيابي الذي يبدأ في أول ثلاثاء بعد 15 تشرين الاول المقبل. الا انّ الاجواء السابقة لجلسة اليوم، تشير الى إصرار من قبل بعض النواب، وخصوصاً من ينتمون الى قوى التغيير، على إجراء انتخابات اللجان وفق ما ينص عليه النظام، اي بالاقتراع، وليفز من يفوز.
الا انّ المصادر المجلسية تؤكد لـ«الجمهورية» انّ الغاية الاساس هي توفير الوقت، وما يعد من صيَغ ليس توفيقية، ليس سوى من باب تسهيل الامور. وبالتالي، هذه الصيغة موجودة، فإن تمّت الموافقة عليها او على بعضٍ منها كان به، وإن لم تتم الموافقة وجرى الاصرار على الانتخاب فلا توجد أي مشكلة، وليتم الاحتكام الى التنافس الديوقراطي».