بزخم “التكليف الشرعي” الذي منحه إياه الأمين العام لـ”حزب الله” للتخلي عن الخط 29 والمضي قدماً في التفاوض مع الوسيط الأميركي تحت وهج التهديد بقصف السفينة اليونانية لمنع إسرائيل من استخراج الغاز من حقل كاريش، ما استدعى استدعاء الخارجية اليونانية القائمة بالأعمال اللبنانية في أثينا أمس للتنديد بهذا التهديد… يستعدّ رئيس الجمهورية ميشال عون لاستقبال السفير آموس هوكشتاين الثلاثاء المقبل بعد أن يكون نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب قد أولم على شرفه مساء الاثنين لترطيب الأجواء التفاوضية مع الإدارة الأميركية.
وإذ سعى عون لتظهير إحكام قبضته على دفة التفاوض عبر دعوته الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي إلى اجتماع رئاسي ثلاثي اليوم في قصر بعبدا، أكدت مصادر مواكبة للاتصالات التي جرت بهذا الخصوص لـ”نداء الوطن” أنّ بري آثر إبقاء نفسه خارج “سرب بعبدا”، فرفض المشاركة في هذا الاجتماع “طالما أنّ الملف أصبح في عهدة عون”، وبالتالي لا حاجة إلى عقد هكذا اجتماع ولا إلى إصدار موقف مشترك باسم الرئاسات الثلاث، خصوصاً وأنّ بري يعتبر نفسه “بيّ” اتفاق الإطار الذي “رعى توقيعه وانطلقت المفاوضات غير المباشرة على أساسه”، ولذلك فإنّ “موقف رئيس المجلس واضح بهذا الشأن وقد يعيد التأكيد عليه في بيان صادر عن عين التينة يجدد من خلاله التمسك بكل فاصلة ونقطة واردة في هذا الاتفاق من دون زيادة ولا نقصان”.
وعليه، تقرر أن يقتصر لقاء بعبدا اليوم على حضور الرئيسين عون وميقاتي إلى جانب “مجموعة من المستشارين” لإضفاء طابع “اجتماع العمل الرئاسي المخصص لتهيئة الأرضية التفاوضية قبل وصول الوسيط الأميركي”، كما نقلت المصادر، كاشفةً أنّ “رئيس حكومة تصريف الأعمال كان قد رفض الطرح القائل بضرورة توجيهه دعوة لانعقاد مجلس الوزراء لبحث الموقف من مفاوضات الترسيم البحري، وفضّل إبقاء الموضوع ضمن إطار التنسيق الثنائي بينه وبين رئيس الجمهورية”.
وكان ميقاتي قد شدد من العاصمة الأردنية أمس على أنّ الأولوية في ملف ترسيم الحدود هي “للحفاظ على استقرار الأوضاع في لبنان”، مبدياً خلال لقاء حواري في “معهد السياسة والمجتمع” حرص لبنان على “حل الخلاف” الحدودي مع إسرائيل “عبر الوسيط الأميركي”. أما على مستوى الملفات الداخلية، فلم يُخفِ تخوّفه من دخول لبنان في مرحلة تعقيدات حكومية ورئاسية، سواءً عبر العودة إلى وضع “الشروط والعراقيل في وجه الرئيس المكلف”، أو من خلال تكرار سيناريو الشغور الرئاسي، معرباً عن قناعته بأنّ “الإنتخابات الرئاسية قد تتأخر ولكنها ستحصل” في نهاية المطاف، مع إشارته إلى أنّ الوضع اللبناني المتأزم بات يحتم ضرورة “عقد طاولة حوار وطني للبحث في أي لبنان نريد”.
أمنياً، استقطبت الزيارة الميدانية التي قام بها قائد الجيش العماد جوزيف عون أمس إلى محافظة بعلبك الأنظار في ضوء ما حمل في “جعبته” من رسائل حازمة وحاسمة في مواجهة محاولات تطويق المؤسسة العسكرية ومنعها من مكافحة عصابات المخدرات في المنطقة، لا سيما بعد الهجمة الترهيبية التي شنها رئيس الهيئة الشرعية في “حزب الله” الشيخ محمد يزبك على الجيش محاولاً تأليب عشائر المنطقة على أبناء المؤسسة العسكرية غداة عملية مداهمة منزل تاجر المخدرات “أبو سلة”، فهدد بتدخل “حزب الله” في حال لم يسارع الجيش إلى وقف عملياته والانسحاب من بعلبك، قبل أن يعود يزبك بالأمس إلى التراجع عن موقفه تحت وطأة ما خلفه تصريحه السابق من استفزاز لعشيرة آل شمص التي استشهد إبنها الرقيب زين العابدين بنيران عصابة “أبو سلة”.
وخلال جولته التي شملت تفقد فرع مخابرات البقاع في أبلح وقيادة اللواء السادس في بعلبك، وتقديم واجب العزاء لعائلة شمص في بلدة بوداي، نوّه العماد عون بإنجازات الضباط والعسكريين في ملاحقة تجار المخدرات مشدداً على أنّ هذه الآفة هي “أخطر من الإرهاب بل إنها تغذي الإرهاب”، فتعهد بأنّ دماء العسكريين وتضحياتهم “لن تذهب هدراً”، وقال: “اتهامنا بالتعدّي على النساء والأطفال هو دليل إفلاس وضعف”، مطالباً “جميع القادة السياسيين والدينيين بتحمّل المسؤولية والقيام بواجباتهم تجاه أهل المنطقة وتحصينها من انتشار آفة المخدرات”، وختم: “حربنا ضد المخدرات مستمرة ولن تتوقف، سنلاحق تجار المخدرات والمروّجين ولن نتركهم، والجيش لا ينتظر أي غطاء لتنفيذ مهماته”.