الرئيسية / صحف ومقالات / الديار : عقبات كثيرة تواجه الملف الحكومي… والاستشارات رهينة التأليف قبل ‏التكليف.. هوكشتاين في بيروت «يلعب» على الموقف اللبناني «غير الموحّد» فشل ذريع للسلطة… الأسعار ترتفع بشكل كبير والمرتبة الأولى للمولّدات
الديار لوغو0

الديار : عقبات كثيرة تواجه الملف الحكومي… والاستشارات رهينة التأليف قبل ‏التكليف.. هوكشتاين في بيروت «يلعب» على الموقف اللبناني «غير الموحّد» فشل ذريع للسلطة… الأسعار ترتفع بشكل كبير والمرتبة الأولى للمولّدات

أكثر من 12 مليون ليرة فاتورة المولد عن شهر أيار لاشتراك 5 أمبير في منطقة كسروان في جبل لبنان! أكثر من 12 مليون ليرة تُدّفع نقدًا والحدّ الأدنى للأجور لا يزال على 675 ألف ليرة، وكل الحديث عن المساعدات الاجتماعية التي تقدّمها الدولة للمواطنين هي وهم بحكم أن هذه المساعدات تُدفع في الحسابات المصرفية وبالتالي لا يمكن سحبها بالكامل. ناهيك بتُجّار الأزمات وعلى رأسها السوبرماركات التي تفرض دفع نصف الفاتورة نقدًا أو الدفع بالبطاقة مع عمولة تصل إلى 30%! إنه فشل ذريع للحكومة العاجزة عن القيام بأي إجراءات تخفّف عن كاهل المواطن في قطاع الكهرباء والمواد الغذائية والمحروقات. ولّت فترة الانتخابات التي ترافقت مع ضخّ مال انتخابي لاستمالة الأصوات، وها هو المواطن متروك لأمره يواجه مشقة تأمين عيشة كريمة.

الشلّل السياسي الحاصل في البلد بعد مضي شهر تقريبًا على انتهاء الانتخابات النيابية، ولا يوجد حتى الساعة أي دعوة للاستشارات الملزمة، والمعلومات تُشير أن لا دعوة لاستشارات إلا في ظل «وضوح الرؤية». وإذا كانت المعلومات تُشير إلى أن رئيس الجمهورية يتّجه إلى دعوة النواب هذا الأسبوع، إلا أن مصادر سياسية علّقت على الموضوع بالقول ان رئيس الجمهورية لن يقوم بمثل هذه الخطوة، إلا إذا توضّحت أمامه صورة التركيبة الحكومية، وهو ما يعني أن التكليف رهينة التأليف، أضف إلى ذلك زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان.

 

 

مرجع سياسي أكّد لـ «الديار» أن مرور الوقت سيفرض حكماً على رئيس الجمهورية إصدار الدعوة للنواب، وهو ما قد يؤدّي إلى تكليف رئيس حكومة غير قادر على التأليف حتى انتهاء ولاية رئيس الجمهورية. فالانتخابات النيابية التي لم تستطع تشكيل كتلة سنّية وازنة تجعل تكليف رئيس حكومة (ميقاتي الأكثر حظًا) يتم بثلاثين إلى أربعين صوتا، وهو ما سيشكّل سابقة قد تجعل من هذا الرئيس المكلّف غير قادر على التأليف. وبالتالي تسعى الديبلوماسية الفرنسية إلى العمل خصوصاً لدى الطرف المسيحي على جمع تأييد لميقاتي وهو ما لم يتحقّق حتى الساعة. فـ «القوات اللبنانية» ترفض حتى الساعة التصويت لميقاتي، أما «التيار الوطني الحرّ»، فله شروط على رأسها تطيير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل انتهاء عهد الرئيس ميشال عون وأخذ وزارات الطاقة والعدل والخارجية من حصته الحكومية. وتشير مصادر إلى أن النائب جبران باسيل الذي سبق ونعى حكومة الاختصاصيين، يريد شخصيًا تولّي وزارة الخارجية بهدف تخفيف العزلة الدولية الناتجة من العقوبات عليه.

فرضت مشكلة التأليف البحث عن صيغة ترضي الجميع، ومن أكثر الصيغ المطروحة عودة الحكومة الحالية بوزرائها مع تبديل وزير الخارجية ووزير الاقتصاد ووزير الطاقة ووزير المال، على أن تكون الوجوه الجديدة سياسية. إلا أن هذا الطرح يواجه عقبتين: الأولى رفض النائب جبران باسيل استبدال وزير الطاقة وليد فياض، والثانية رفض الرئيس نبيه برّي استبدال وزير المال يوسف خليل.

في هذا الوقت، تتوقّع مصادر مواكبة استمرار عملية الشلّل السياسي حتى نهاية عهد الرئيس عون، مشيرة إلى تزامن هذه الفترة مع تردٍ في الظروف المعيشية للمواطن اللبناني. فالأسعار ترتفع بشكل كبير كل يوم في ظل سيطرة مافيا تتحكّم بأوصال البلد من المحروقات إلى الكهرباء والمواد الغذائية والأدوية. حتى ان المدارس الخاصة بدأت تُحضّر الأهالي لدفع قسم من القسط بالدولار الأميركي في حين أن جامعات جعلت أقساطها بالكامل بالدولار الأميركي والدفع نقداً!

بلد الجنون! هذا ما يمكن وصف لبنان الذي وعلى الرغم من ضخّ أكثر من 90 مليون دولار أميركي في السوق يوميًا من قبل مصرف لبنان، لا يزال دولار السوق السوداء على حاله محقّقًا أرباحًا طائلة لمجموعة من المضاربين والمحتكرين. هذا الوضع بحسب أحد الخبراء الاقتصاديين «يُناسب تشابك المصالح القائم بين التجار وبعض القوى السياسية»، وبالتالي يتوقّع الخبير استمرار الوضع على ما هو عليه في ظل عجز الحكومة عن القيام بأيّ إصلاحات جذرية، على رأسها ضرب الاحتكار والفساد في القطاع التجاري!

الكهرباء التي كلّفت خزينة الدولة أكثر من 45 مليار دولار أميركي على مدى أكثر من عشر سنوات، أصبحت شبه معدومة، وهو ما يطرح السؤال عن مصير هذه الأموال التي ذهبت أغلب الظن إلى تجار الفيول واستفادت منها مافيات المولّدات التي تنهش في جيب المواطن. كل هذا في ظلّ عدم معرفة سبب منطقي لرفض وزير الطاقة عرض شركة «سيمينز» الألمانية التي كانت لتؤمّن الكهرباء 24/24 في أقلّ من ثمانية أشهر!

أما غذائيًا، فالتجار يسعّرون على دولار يتخطّى الأربعين ألف ليرة من دون أن تحرّك وزارة الاقتصاد ساكنًا، مع العلم أن الذهاب إلى أي من هذه المتاجر كفيل بضبط عشرات المخالفات! السبب يمكن في أحد الاحتمالين: إما عجز وزارة الاقتصاد والتجارة، أو تواطؤ فاضح من قبلها (للذكر لم تتمّ محاسبة أي من المتاجر الكبيرة!). وفي كلتا الحالتين المواطن هو من يدفع الثمن.

هذا العجز يأخذ منحى أكبر حين يتعلّق الأمر برغيف الخبز، فوزير الاقتصاد يقول ان هناك كميات كافية من القمح لأكثر من شهر، في حين أن الأفران تقول ان الكميات المتوافرة تكفي لأيام معدودة. فمن نُصدّق؟ الجواب هو في أن الكميات التي يتحدّث عنها وزير الاقتصاد هي كميات غير مدعومة وبالتالي لا نعلم لماذا لا يقوم بتمويل هذه الكمّيات من القرض مع البنك الدولي؟ جوابه سيكون أنه يجب عرض هذا الأمر على المجلس النيابي (وهذا حق) لكن بين مسؤولية فلان ومسؤولية عليتان، المواطن هو الضحية.

تتزامن كل هذه التطورات مع ملف الحدود البحرية الجنوبية والذي أظهر فشل (إذا لم نقل تواطؤ) السلطة السياسية. فقد تسارع المسؤولون للطلب من المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين المجيء إلى لبنان للبحث في التطورات على الحدود الجنوبية، خصوصًا مع قيام العدو الإسرائيلي باستقدام باخرة لاستخراج الغاز في شمال الخطّ 29.

المشكلة اليوم هي أن الصورة غير واضحة أمام الرأي العام في ما يخص الموقف اللبناني. فهناك عدة نقاط يجب طرحها لمعرفة الحقيقة:

أولا : ما هو موقف الرؤساء الثلاثة من الخط 29؟ الواضح من التصريحات للمعنيين أن الموقف موحد، ويعتبرون أن الخط 29 هو خط تفاوض وليس حدود لبنان البحرية الجنوبية.

ثانيا : هل من صفقات تترافق وهذا الأمر، مع العلم أن الكل كان يعلم بمجيء الباخرة قبل أشهر من اليوم؟ وسائل الإعلام تحدّثت كثيرًا عن صفقات لتفادي عقوبات أميركية على أصحاب القرار في لبنان، بالإضافة إلى رفع العقوبات عن البعض الآخر. وإذا كان نفي المعنيين أن هذا الأمر غير صحيح، إلا أن وقائع كثيرة تُشير إلى أن هناك شيئا صحيحا في هذا الأمر كما أثبتته زيارة النائب باسيل إلى ألمانيا للقاء الموفد الأميركي ورفض الرئيس عون توقيع مرسوم تعديل المرسوم 6433.

ثالثا : أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله كان الأكثر وضوحا وواقعية في ما يخص هذا الملف من خلال دعوته إلى تضامن وطني حول هذا الملف واعتماد موقف موحد أمام هوكشتاين، إلا أن هذا الأمر يبقى بعيد المنال، خصوصا أن هوكشتاين سيزور الكثير من المسؤولين وهو ما يعني الكثير من المواقف!

رابعا : معادلة التيار الوطني الحر «لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا» هي معادلة شعبوية، إذ ان التيار لا يملك القدرة على وقف العدو الإسرائيلي عن سرقة غاز لبنان، وحدها المقاومة هي القادرة على هز الكيان الصهيوني. وبالتالي قد يكون هذا التصريح هو تقديم أوراق اعتماد لدعم مطالبه من قبل حزب الله. فالحزب لا يوافق على كل ما يريده باسيل وهو ما يمكن ملاحظته من خلال خطابات النائب باسيل حول تباين مع حزب الله على عدد من الملفات.

خامسا : تحليل المواقف لكل طرف من الأطراف، يُظهر غياب المكون السنّي عن موضوع الترسيم والخط 29. وإذا كان الرئيس نجيب ميقاتي قد أعلن في أحد المواقف عن رفضه للإجراءات التي يقوم بها العدو الصهيوني، إلا أن هذا الموقف هو موقف مرتبط بمنصبه كرئيس حكومة وليس كقوة سياسية، خصوصا أن ميقاتي يطمح إلى إعادة تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة.

وقبل زيارة هوكشتاين إلى لبنان التي تفصلنا عنها ساعات، اجتمع رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لبحث الموقف اللبناني من الترسيم وتنسيق موقف موحد بحسب ما ورد. إلا أن هذا الاجتماع شهد غياب شخصية محورية في هذا الملف أي الرئيس نبيه بري. فهل هذا الغياب هو نتيجة تباعد في الآراء والموافق؟ المعنيون بالملف ينفون هذا الأمر، لكن الواضح أن غياب أي بيان رسمي من قبل بعبدا، أو السراي أو عين التينة عن الموقف اللبناني من الخط 29 يحمل في طياته تباينا في المواقف لن نتأخر في اكتشافه.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *