غادر الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية عاموس هوكشتاين، كما هو اسمه الأصلي، وسط ترجيحات بتأخر عودته الى ما بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية بعد شهر، حيث يتولى مهمة ترتيب ملفات ضخ النفط السعودي إلى الأسواق العالمية التي تشكل هدفاً رئيسياً للزيارة. وقالت مصادر نيابية إن هوكشتاين سيبلور سلة حوافز يقدمها للبنان يقايض بها طلب وقف استخراج الغاز من حقل بحر عكا، مثل ضمان العقود المصرية والأردنية الخاصة بالكهرباء وضمان عودة توتال للتنقيب في البلوك رقم 9، وتجديد العقد العراقي لتزويد لبنان بالفيول، واذا واجه تمسكاً لبنانياً بشرط وقف الاستخراج لقبول العودة الى التفاوض، واستشعر خطر انفجار الموقف يعود مجدداً للبحث مع الجانب الإسرائيلي وتقدير الموقف، خصوصاً أن توقيع الاتفاق الأوروبي الإسرائيلي لتأمين الغاز من حقول بحر عكا الى سواحل ايطاليا بقدر ما يشكل حافزاً للعناد الإسرائيلي فهي تشكل عامل ضغط لضمان السرعة والأمن، والأمران مرتبطان بالتوصل لاتفاق تفاوضي مع لبنان شرطه وقف الاستخراج، بينما عيون المقاومة على الاستخراج وأيدي المقاومين على الزناد، بينما هوكشتاين يحاول التبريد والتهدئة وترويج البديل التفاوضي. وفي هذا السياق استدعى نواب الـ 13، وأبلغهم التعليمة المطلوب التقيد بها، مهما كانت الوصفة التي يقدمونها للمزايدة على الرؤساء والحكومة، ومضمون التعليمة اضافة جملة مفادها، الأولوية للحل التفاوضي، وهو ما قاله النائب رامي فنج الذي حضر اللقاء مع هوكشتاين في السفارة الأميركية في عوكر.
على الصعيد السياسي الداخلي، حسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمر الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة، مستبقاً شرط التوافق بفرض الأمر الواقع على الكتل النيابية لتسريع مشاوراتها وتفاهماتها، وبلورة الصورة النهائية خلال الأسبوع الذي يفصلنا عن الخميس المقبل، مكرراً ما فعله رئيس المجلس النيابي نبيه بري بدعوته لجلسة انتخاب رئيس ونائب رئيس المجلس وهيئة مكتبه، قبل أن تتبلور صورة الترشيحات لنائب الرئيس وفرص التوافقات حول هيئة المكتب، ومثلما شكلت دعوة بري حثاً ودفعاً للكتل لتحديد مقارباتها وخياراتها، بدأت تداعيات دعوة عون تظهر بتكثيف التواصل بين الكتل الكبرى والنواب المستقلين للتشاور حول الأسماء.
أولى الإشارات جاءت مع وصول السفير السعودي وليد البخاري إلى بيروت بعدما تم استدعاؤه إلى الرياض على خلفية الفشل الذي لحق بخطته وأصاب وعوده حول الانتخابات النيابية، والحديث المتسرّع عن نصر أظهرت جلسة انتخابات رئيس ونائب رئيس وهيئة مكتب المجلس أنه غير موجود، على أمل أن يتمكن في جولة تسمية رئيس الحكومة من ترميم الفشل وصناعة انتصار، يظهر وجود أكثرية يمكن لها أن تقرر الوجهة السياسية للبنان.
أول بالونات اختبار البخاري بعد عودته التي سبقتها عودة وفدي حزب القوات والحزب التقدمي الاشتراكي من الرياض، بطلب واضح بالسير بتسمية موحدة بالتنسيق مع البخاري، فطرح البخاري اسم الوزيرة السابقة ريا الحسن التي رشحها الرئيس فؤاد السنيورة سابقاً لتولي رئاسة الحكومة، ولا تزال محسوبة ضمن فريقه المقرّب، بينما لا يزال الرئيس نجيب ميقاتي المرشح الأبرز، فيما ظهر في التداول اسم الوزيرة السابقة ليلى الصلح كمرشحة مدعومة من التيار الوطني الحر، ووفقاً لتقديرات توزع الكتل والنواب المستقلين يبدو ان الرئيس ميقاتي يتقدم بـ 53 صوتاً دون ان يصوت له كل من كتلتي اللقاء الديمقراطي ولبنان القوي، بينما تنال ريا الحسن 33 صوتاً، وليلى الصلح 22، ويبقى مجهولاً اتجاه تصويت اللقاء الديمقراطي وحليفه النائب غسان سكاف ونائب الجماعة الإسلامية، والنواب الـ 13، الذين يتداولون ترشيح أحدهم، أما إذا نجحت المساعي السعودية بضم تصويت جميع هؤلاء لصالح اسم ريا الحسن أو أي اسم آخر فيتعادل مع تسمية ميقاتي بـ 53 صوتاً، إذا بقي التيار الوطني الحر وعدد من النواب المستقلين ممتنعين عن التصويت لميقاتي.
بعدما انهمك أركان الدولة بزيارة الموفد الأميركيّ الخاص لشؤون أمن الطاقة عاموس هوكشتاين والمباحثات التي أجراها في ملف ترسيم الحدود البحرية، عادت هموم الاستحقاقات والأزمات الداخلية الى واجهة المشهد، مع إطلاق رئيس الجمهورية ميشال عون قطار الاستحقاق الحكومي عبر تحديد الخميس 23 الحالي موعداً للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس يُكلف تشكيلها.
ولوحظ أن جدول مواعيد الكتل النيابية، أدرج نواب قوى التغيير كل على حدة وكذلك النواب المستقلين، ما يعكس الخلافات بين نواب التغيير بعد فشل جمعهم في كتلة نيابية واحدة أو تكتل سياسي واحد، وتظهر هذا الخلاف بوضوح في الوقفة الاحتجاجية التي نفذوها في الناقورة السبت الماضي للمطالبة بتوقيع المرسوم 6344، إذ لم يحضر سوى ثلاثة نواب فقط بعد ضغوط خارجية فرضت على معظمهم عدم المشاركة لأسباب سياسية.
وأشارت مصادر مقربة من عون لـ«البناء» الى أن «رئيس الجمهورية تريث بالدعوة للاستشارات لتمرير استحقاقات نيابية متلاحقة، انتخاب رئيس ونائب رئيس المجلس النيابي وهيئة مكتب المجلس واللجان النيابية، وانتظر انتهاء زيارة الوسيط الأميركي بعدما فرض ملف ترسيم الحدود واستقدام الباخرة الاسرائيلية إنرجين باور الى كاريش، نفسه على جدول الأولويات، ولذلك وكما قال رئيس الجمهورية إنه سيدعو الى الاستشارات فور مغادرة هوكشتاين».
كما اعتبرت المصادر أن «تأخير موعد الاستشارات كان ضرورياً لأنه سمح بتشكل الكتل النيابية وتحديد خيارات النواب لا سيما الجدد منهم، فضلا عن مروحة المشاورات السياسية التي حصلت بين مختلف الكتل النيابية والقوى السياسية لبلورة مواقفها من الاستحقاق الحكومي لا سيما تكليف رئيس لتشكيل حكومة»، وهذا يسهل وفق المصادر «الاستشارات ونتيجتها ويُسرّع عملية التكليف تمهيداً للانطلاق نحو تأليف حكومة تبدأ بسرعة استكمال تطبيق خطط التعافي الاقتصادي والمالي وإقرار الإصلاحات والتعاون مع المجلس النيابي الجديد لتطبيق الخطة الإصلاحية ومتابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي».
الا أن أوساطاً سياسية تشير لـ«البناء» الى أن «عملية تكليف رئيس لن تكون سهلة، والمشهد الحكوميّ يلفه الغموض وحتى الساعة لا يمكن التكهن باسم الرئيس المكلف حتى استكمال المشاورات لا سيما بين الرئيسين عون وميقاتي من جهة وبين التيار الوطني الحر وثنائي امل وحزب الله من جهة ثانية، لتأمين أكثرية نيابية وميثاقية لتكليف رئيس جديد».
لكن مصادر التيار الوطني الحر تؤكد لـ«البناء» أن «لا اتفاق حتى الآن مع ميقاتي وبالتالي الاتجاه لعدم تسميته حتى الآن، لكن الأمور رهن المشاورات خلال الأسبوع المقبل»، وتلفت الى أن «التيار يريد معرفة مرحلة ما بعد التكليف.. هل سيؤلف ميقاتي أم سيحتفظ بورقة التكليف في جيبه ويستنزف الوقت المتبقي من العهد الحالي؟ هل سيعدل في أدائه في الحكومة الماضية ويتخذ قرارات حاسمة بشأن ملفات أساسية ومفصلية في عملية الإصلاح ومكافحة الفساد وبناء الدولة؟ أم ستستمر سياسة التعمية على الحقيقة والاتهامات والتغطية على المصالح الشخصية وتمرير الوقت وتدوير الزوايا وتضييع الحقيقة؟ وما هو موقفه من التدقيق الجنائي وحاكمية مصرف لبنان ومكافحة الفساد والقوانين الإصلاحية والقضاء والكهرباء والمشاريع الانتاجية…؟».
وتشير معلومات «البناء» إلى أنه على الرغم من موقف التيار الوطني الحر فإن أسهم ميقاتي لا زالت مرتفعة ولا يزال الأوفر حظاً حتى الساعة، في ظل عدم ترشح أي شخصية أخرى أكانت في المجلس أو خارجه وعدم تبني الطائفة السنية لأي اسم آخر، لكن ميقاتي في ظل خريطة المواقف النيابية والسياسية سينال أكثرية هزيلة لكن لا تقف حائلا في وجه التكليف.
وتدعم ميقاتي عدد من الكتل النيابية أهمها التنمية والتحرير واللقاء النيابي الشمالي واللقاء الديمقراطي والتكتل الوطني المستقل وكتلة نواب الأرمن وعدد من النواب المستقلين كحسن مراد، جهاد الصمد، وميشال ضاهر، ولم يُعرف موقف كتلة الوفاء للمقاومة التي لم تحسم أمرها حتى الساعة بانتظار المشاورات ومواقف الكتل النيابية الأخرى وإعلان ميقاتي رؤيته للمرحلة المقبلة.
ومن المتوقع أن تكثف الكتل النيابية اجتماعاتها ومشاوراتها لتحديد موقفها من التكليف، ويعقد نواب اللقاء النيابي الشمالي والنواب المستقلين اجتماعاً في دارة النائب نبيل بدر الاثنين المقبل للاتفاق على تسمية رئيس مكلف تشكيل الحكومة وسيتناول اللقاء الأسماء المتداولة على الرغم من التحفظ على بعضها.
وبقيت زيارة الوسيط الأميركي الى لبنان والنتائج التي أفضت اليها محل متابعة حثيثة وعناية دقيقة من المعنيين بالملف، لجهة ما أدلى به هوكشتاين من مواقف ومباحثات حول مقترحه والمقترحات اللبنانية، وأيضاً الأجواء الإيجابية والارتياح التي عبر عنها خلال لقاءاته مع المسؤولين ومقابلاته الإعلامية.
واعتبر مصدر مطلع على الملف لـ«البناء» أن «الموقف اللبناني أجمع على المقترح الذي أودعه رئيس الجمهورية للوسيط الاميركي ومضمونه تمسك لبنان بكامل حقوقه في الخط 23 ودمجه مع الخط 29 عند حقل قانا والبلوكات الواقع في المنطقة المتنازع عنها، وأن لبنان ليس مهتماً بالخطوط المائية بقدر ما يهمه الحصول على كامل حقوقه ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لا سيما قانا والبلوكات 8 و9»، أما الرسالة الأهم والأخطر الذي حمل بها المبعوث الأميركي وفق المصدر، فهي تحذير «اسرائيل» من مغبة الاستمرار بالأعمال التحضيرية للاستخراج، وفرض لبنان معادلة العودة الى المفاوضات مقابل تجميد «اسرائيل» عمل الباخرة، وأن استمرار هذه الاعمال والبدء بالاستخراج سيهدد الاستقرار في الحدود».
ووفق المصدر فإن «لبنان سينال وفق المقترح اللبناني كامل الخط 23 والبلوكات شمال الخط 29 اي للبنان حق في المنطقة المتنازع عليها الواقعة بين الخطين 23 و29».
وعلمت «البناء» أن هوكشتيان استفسر عن جدية وأبعاد تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باستهداف باخرة انرجين باور، وأبلغ المسؤولين بأن سيسعى قدر جهده نزع اسباب التوتر على الحدود بين لبنان و»اسرائيل» والعمل على حل سلمي والدفع باتجاه استئناف المفاوضات بين الطرفين، كما تأكيده بأن الباخرة «الاسرائيلية» لم تدخل المنطقة المتنازع عليها بل لا زالت خارج الخط 29.
ومن المتوقع أن يزور هوكشتاين الاراضي الفلسطينية المحتلة الأسبوع المقبل لعرض المقترح اللبناني على الحكومة «الاسرائيلية» للعودة الى لبنان بالرد «الاسرائيلي». وطرحت تساؤلات حول ما اذا كانت «اسرائيل» ستوافق على الاقتراح لسحب فتيل التوتر والحرب مع لبنان، أم ستمضي بمشروعها حتى النهاية لأسباب سياسية داخلية واقتصادية تتعلق بأزمة الطاقة العالمية والحاجة الاوروبية الملحة للغاز كبديل للغاز الروسي.
ونقلت وسائل إعلام عن مصادر أميركية قولها إن هوكشتاين سيكون مع وفد الرئيس الأميركي جو بايدن في جولته الشرق أوسطية، ولن يكون الترسيم على جدول أعمال الزيارات التي سيجريها الرئيس الأميركي والوفد المرافق.
ولفتت المصادر الى أن «هوكشتاين سيكلف مستشارين له لمتابعة ملف الترسيم بوقت انشغاله مع بايدن، وسيتواصل عبر الفيديو إذا سمح وقته، وحتى الآن لم يتحقق أي خرق في ملف الترسيم»، ولفتت المصادر الى أن «الإسرائيليين لم يبدلوا موقفهم من الخط 1، ويعتبرون أن جنوب الخط 1 هو مكسب للبنان».
ودعت مصادر مطلعة الى الطلب من الشركات الدولية داتا المعلومات عن الطبيعة الجيولوجية بكامل المنطقة المحيطة بالخط 23 وذلك قبل توقيع أي اتفاق مع العدو، للتأكد من وجود كميات الغاز التي يرجوها لبنان نظراً لاتصال وتداخل الحقول لا سيما كاريش، وبالتالي تجب معرفة عمق الحقول وإمكانية وحجم الاستخراج الغاز.
في المقابل حذرت جهات سياسية عبر «البناء» من سرعة التنازل في الموقف اللبناني من الخط 29 الى الخط 23 تحت الضغط الاقتصادي والسياسي وسيف العقوبات على بعض المسؤولين، ودعت للتمسك بحق لبنان في كامل المنطقة الاقتصادية عبر توقيع المرسوم 6433 وإيداعه الأمم المتحدة ثم الدخول الى التفاوض لحسم حدود لبنان وحقوقه في الثروة النفطية والغازية من خلال المفاوضات غير المباشرة التي يمكن للمفاوض اللبناني أن يضع كامل أوراقه وأدلته ومعطياته التقنية والعلمية والجغرافية والوثائق التاريخية على الطاولة والاستناد الى القانون الدولي لا سيما قانون البحار والاتفاقات الدولية.
ودعت الجهات للتخلص من معادلة: لبنان ممنوع من الاستكشاف والتنقيب والاستخراج من «قانا» إلا بعد ترسيم الحدود، فيما العدو «الإسرائيلي» أنهى مرحلة الاستكشاف والتنقيب وعلى مشارف الاستخراج بتغطية دولية.
ويشير خبراء اقتصاديون لـ«البناء» إلى أن «استثمار الثروة النفطية قد تكون الفرصة الوحيدة المتاحة أمام لبنان لإنقاذه من مسلسل الانهيارات الاقتصادية والمالية المتتالية والمستمرة التي نعيشها»، متوقعين تراجع سعر صرف الدولار الى 15 ألف ليرة فور الإعلان عن الاستكشاف في البلوكات الحدودية، لكونها ستحدث صدمة اقتصادية إيجابية. وأوضحوا أن خط الغاز العربي لن يكون بديلاً عن استثمار الثروة النفطية، ولا يحل أزمة الكهرباء والمحروقات، لكون الحاجة اللبنانية للطاقة أكبر مما سيأتي به استدراج الكهرباء والغاز من الاردن ومصر، وشدد الخبراء على أن المساعدة الاميركية تكون بالسعي لترسيم الحدود وحل النزاع النفطي مع «اسرائيل» وتسهيل استكمال الشركات اعمال الحفر والتنقيب والاستخراج من الحقول اللبنانية للبدء بالتصدير بعد سنوات واستغلال حاجة العالم للطاقة والغاز تحديداً وبالتالي استخدام هذه الأموال بعملية النهوض بالاقتصاد، وليس التلهي بفتات الغاز والكهرباء من دول لم تستثنَ بعد من قانون العقوبات قصير الأميركي على سورية.
ويمكن الربط بين حماسة هوكشتاين لإعادة تفعيل خط الغاز العربي، وبين تسخين ملف ترسيم الحدود بعد ردة الفعل اللبنانية الرسمية والشعبية التصعيدية ضد «اسرائيل» في ضوء رسائل التهديد التي اطلقها السيد نصرالله.
وفي سياق ذلك، أفيد أن «الجانب اللبناني أرسل النسخة الأخيرة من العقد المتعلق باستدراج الغاز المصري الى لبنان منذ يومين الى الجانب المصري، وتوقيع هذا العقد قد يحصل الأسبوع المقبل». ولفتت المصادر الى أن «نسخة من العقد سترسل للمسؤولين الأميركيين المعنيين، ونسخة أخرى سوف ترسل الى المسؤولين المعنيين في البنك الدولي، الأولى هدفها حصول مصر على رسالة الضمانة الأميركية تجنبها التعرض لقانون قيصر الأميركي، والثانية لتأمين التمويل للغاز المصري ثم الكهرباء من الأردن«. مشيرة الى أن «رفض زيادة التعرفة الكهربائية في لبنان سيفشل المشروع برمته لأنه شرط أساسي للبنك الدولي».
وبعدما حجبت زيارة هوكشتاين الأضواء، عادت الأزمات الاقتصادية والمعيشية لتتصدر واجهة المشهد، مع الارتفاع الذي تسجله أسعار المحروقات، إذ تجاوز سعر صفيحة البنزين 700 ألف ليرة مع توقع المزيد من الارتفاع مع ارتفاع سعر صرف الدولار وسعر برميل النفط العالمي، مع توجه لدولرة البنزين.
وكشفت مصادر الشركات المستوردة للنفط، عن «اتجاه لدولرة البنزين وإن حصل سيكون هناك سعران لصحيفة البنزين خلال جدول يومي، تسعيرة بالدولار الأميركي وأخرى بالليرة اللبنانية على سعر الصرف في السوق السوداء، وتقع حرية الاختيار للمواطن بكيفية الدفع».
واعتبر رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس، في تصريح أن «دولرة البنزين واقع لا مهرب منه، لكونه يساعد الشركات بالاستمرار بالاستيراد ويمنع أي شح بالمادة». أما السبب فيعود الى أن مصرف لبنان لم يعد قادراً على إعطاء الشركات المستوردة للنفط الدولارات على سعر منصة صيرفة.
وعُقد أمس، اجتماع في مقرّ المجلس الاقتصادي الاجتماعي بدعوة من رئيسه شارل عربيد، وبرعاية وزير العمل مصطفى بيرم وحضوره، ومشاركة رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير محمد شقير ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، وتوصّل المجتمعون، وفق بيان صادر عن المجلس، الى زيادة الحدّ الأدنى للأجور المسجَل لدى الضمان الاجتماعي بالنسبة إلى القطاع الخاص، من 2 مليون ليرة إلى 2,6 مليون. وزيادة بدل النقل اليومي للعاملين والأُجَراء في القطاع الخاص من 65 ألف ليرة إلى 95 ألفاً.
وعلى صعيد أزمة الخبز، أعلن رئيس الاتحاد العمالي العام أن «الاتحاد علم أن الوضع التمويني في البلاد ينذر بعواقب كبيرة لا تحمد عقباها، خصوصاً أن كميات القمح المدعوم باتت لا تكفي حاجة البلاد لأكثر من أسبوعين كحد اقصى، فضلاً عن الارتفاع غير المحدود في أسعار المحروقات وتأثير ذلك على أسعار السلع والخدمات».
في غضون ذلك، وبعد استدعائه الى السعودية عقب الانتخابات النيابية، وبعد فترة غياب دامت لشهر كامل، عاد السفير السعودي في لبنان وليد بخاري الى بيروت.
وزار البخاري أمس، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وعرض معه التطورات على الساحة اللبنانية عموماً والسنية خصوصاً.
وأكد بخاري «حرص بلاده على وحدة شعب لبنان لمواجهة التحديات التي يعيشها»، ونوّه بدور «دار الفتوى الضامن للوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان».
وشدد دريان بدوره على «أهمية الجهود التي تقوم بها المملكة العربية السعودية لمساعدة لبنان وشعبه ووحدة أبنائِه وفي احتضان القضايا العربية والإسلامية وعنايتها في الشأن اللبناني وحرصها على الجميع لتعزيز أمن وسلامة واستقرار لبنان واللبنانيين».