كتبت صحيفة “الديار” تقول: عادت البلاد للغرق مجددا في “العتمة” بعد تجدد الاعطال في معامل الكهرباء غير المنتجة اصلا. وعلى وقع استمرار “الشلل” في القطاع العام، عادت ازمة الرغيف لتطل مجددا برأسها في ظل الشح بمادة الطحين المدعوم التي لا تكفي البلاد الا لاسبوعين، بحسب نقيب الافران، وشهر ونصف الشهر بحسب وزير الاقتصاد امين سلام، الذي سيحوّل عددا من الافران والمطاحن الى القضاء اليوم بتهمة الاحتكار وهدر المال العام.
نيابيا ومع اقفال باب الطعون النيابية على 15 طعنا، تبقى التوقعات دون اوهام كبيرة، بحصول تغيير في التوازنات الراهنة في المجلس النيابي في ظل ضعف ملفات عدد كبير من الطاعنين.
اما حكوميا فلا تزال الطريق غير “معبدة” امام ولادة حكومة جديدة، وفيما يتقدم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في “سباق” التكليف بغياب اي منافس جدي، لا يبدو التأليف ميسرا في ظل المواجهة المفتوحة مع التيار الوطني الحر، الذي بدا يستشعر بمحاولة يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري “بتطويقه” مع بداية نهاية العهد.
في هذا الوقت برزت خلال الساعات القليلة الماضية جولات السفيرة الاميركية دوروثي شيا المكوكية على شخصيات لبنانية، ومن ضمنها زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وفيما لم تحمل في طياتها جديدا يفيد بان واشنطن تعمل وفق “خارطة طريق” جدية للمساعدة على اخراج البلد من ازماته السياسية والاقتصادية المتفاقمة، بدا واضحا اهتمام واشنطن بالاستحقاق الرئاسي، لا الحكومي، مع تشديد على الثناء على الموقف الرسمي اللبناني من الترسيم الذي خفض التوتر في المنطقة عشية زيارة الرئيس جو بايدن الى المنطقة.
تهيئة الاجواء لزيارة بايدن
ووفقا لمصادر مطلعة، اثنت سفيرة الولايات المتحدة خلال لقاءاتها على موقف لبنان الاخير في ملف الترسيم البحري مع “اسرائيل”، ليس من “بوابة” الحرص على تحصيل لبنان لحقوقه الغازية، وانما لان المسؤولين اللبنانيين استمعوا الى “النصيحة” بالمساعدة على تهيئة اجواء مستقرة تساعد على نجاح زيارة الرئيس جو بايدن الى المنطقة في منتصف الشهر المقبل، من خلال خفض سقف المطالب اللبنانية “الاستفزازية” لـ “اسرائيل” والتنازل عن “الخط 29” الذي يعادل التمسك به، برأي الاميركيين، نسف التفاوض والانتقال الى مواجهة محتملة بين “اسرائيل” وحزب الله.
“تجويف” التهديدات!
ووفقا للمعلومات، حرصت السفيرة الاميركية على نقل اجواء “الارتياح” في واشنطن تجاه المسؤولين اللبنانيين بعد تخليهم عن الخط 29 ، وكانت مهتمة بابراز تجنب الرؤساء الثلاثة طرحه في لقاءاتهم مع هوكشتاين، وكان بارزا اهتمامها بإخراج حقل “كاريش” من منطقة النزاع، مع ما يعنيه هذا الامر من “تجويف” لتهديدات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول ضرورة وقف العمل في الحقل، وهو امر ينزع “فتيل” التوتر، برأي الاميركيين، ويمنع حزب الله من المبادرة للتحرك الميداني.
غياب الضمانات
ووفقا لتلك المصادر، حتى الآن لاضمانات بان “إسرائيل” التي حصلت على “صك براءة” لبناني للتنقيب في منطقة باتت غير متنازع عليها، ستمنح لبنان كامل حقل قانا، فالامر يحتاج الى رسم خط جديد بين ال23 وال29 ، وهو امر وعد بنقله هوكشتاين الى “اسرائيل” دون ان يقدم اي دعم جدي للاقتراح اللبناني. وفي هذا السياق، لم يجد لبنان شركات جدية لاستكشاف الغاز في حقوله ال 15 ، ما دفع وزير الطاقة الى تمديد مهلة تلقي العروض الى كانون الاول المقبل، واذا كان النزاع الحدودي مع “اسرائيل”، احد اسباب تمنع تلك الشركات عن المشاركة، الا ان ثمة علامات استفهام كبيرة حول عدم دخولها على خط الاستثمار في “البلوكات” البعيدة عن مناطق النزاع؟!
الوعود الاميركية
اما ما حصل عليه لبنان، فمجرد وعود أميركية باستكمال ما وعدت واشنطن لاستثنائه من قانون قيصر، والسماح بمدّه بالغاز والكهرباء من مصر والأردن عبر سوريا، ولا ثقة حتى الآن بجدية الاميركيين بهذا الملف الذي يستثمر سياسيا، باعتراف وزير الطاقة وليد فياض، وربما ستقتصر المكاسب اللبنانية على تجديد العراق لعقد الفيول لاستمرار عمل معامل الكهرباء، “بضوء اخضر” اميركي، واستمرار المساعدات العسكرية المحدودة للجيش.
اولويات مختلفة
وتتولى السفيرة الأميركية تعميم مذكرة ديبلوماسية رسمية تبلغتها السفارات الاميركية في المنطقة، تطلب العمل على تجنب اي طرف القيام بخطوات من شأنها زيادة التوتر وتغيير اجندة الرئيس الاميركي، ووفقا لمصدر ديبلوماسي، حتى “إسرائيل” التي “تهلل” للزيارة ليست الموضوع الرئيسي في جولة بايدن، فالرياض ستكون المحور الاهم ، حيث يسعى بايدن الى انجاز تعاون إقليمي يساعد في مواجهة أزمة الطاقة وأزمة الغذاء العالميتين، وتعزيز التحالف أمام روسيا، ومحاولة تقليل التضخم المتفشي في الولايات المتحدة، في ظل تراجع شعبيته الى مستويات غير مسبوقة قبيل الانتخابات النصفية للكونغرس.
ما بعد زيارة بايدن؟
ووفقا للمعلومات، تروّج شيا لمرحلة جديدة ستلي زيارة بايدن الى المنطقة، وهي تتحدث عن تعزيز للتحالف الإقليمي ضد إيران “واذرعها” في المنطقة، من خلال زيادة “دوز” التعاون بين “اسرائيل” والسعودية. وللدلالة على جدول الاعمال الاميركي المختلف، تشير الاوساط ذاتها ان بايدن يريد ان يسجل نقاطاً لدى الرأي العام الأميركي من خلال التفاهم مع السعودية على ملف النفط والغاز، ويرغب في تعزيز دمج “إسرائيل” في الشرق الأوسط، ويريد بناء تحالف متماسك لاجبار ايران على تقديم تنازلات في ملفها النووي، دون ان يكون قد تخلى عن قناعته بضرورة اعادة احياء الاتفاق معها…
الرئاسة لا الحكومة
ولفتت تلك الاوساط الى ان الإدارة الأميركية لديها اولوياتها، ولا تبدو متحمسة للتدخل بمن يكون رئيس الحكومة المقبل في لبنان، وهي لا تخوض هذه المعركة مع احد او ضد احد، على الرغم من ارتياحها “لاداء” رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، لكن هذا الاستحقاق ليس على اجندتها الآن، باعتباره استحقاقا مرحليا بانتظار الانتخابات الرئاسية التي تراها محطة مفصلية للسنوات الست المقبلة، وهي تعمل بالتنسيق مع الجانب الفرنسي الاكثر انغماسا “بلعبة” المصالح المسيحية لمحاولة ايصال شخصية الى بعبدا، لا تكون نسخة مكررة عن الرئيس ميشال عون لمواكبة المرحلة المقبلة. ووفقا للمعلومات، ستنطلق الحملة الرئيسية للتسويق لهذه الفكرة بعد مغادرة بايدن للمنطقة، ومنطلقها فرنسي يقوم على ضرورة ايصال رئيس “تسوية”، لا يمثل اي من اطراف معسكري واشنطن وطهران، كي يتمكن من لعب دور “محايد” يمكن لبنان من الخروج من ازمته الحالية.!
“الكباش” الحكومي
حكوميا، يتقدم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في السباق للعودة الى السراي الحكومي، في ظل غياب اي منافس جدي له حتى الآن، بعد اخفاق التيار الوطني الحر في تقديم بديل يمكن تسويقه. ووفقا لمصادر مطلعة تتركز الاتصالات لبناء تفاهمات سياسية تفضي الى تشكيل حكومة انتقالية برئاسة ميقاتي، المرضى عنه فرنسيا واميركيا، ويقود هذا الخيار رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يعمل على تأمين 65 صوتا نيابيا تسمح بتكليفه بغطاء ميثاقي يشمل نواب من السنة والدروز والمسيحيين، وطبعا الشيعة. وقد تقدم هذا الخيار من خلال التنسيق مع النائب السابق وليد جنبلاط، والذي توج بلقاء في عين التينة بالامس مع نواب من “كتلة اللقاء الديموقراطي”. ووفقا للمعلومات سمع بري من النائبين وائل ابو فاعور واكرم شهيب كلاما مشجعا حول احتمال اتخاذ “القوات اللبنانية” مطلع الاسبوع المقبل قرارا بدعم ميقاتي “نكاية” بالتيار الوطني الحر الذي يخوض معركة ضده.
التيار يتهم بري؟
وفيما تظلل الانقسامات خيار النواب “التغييريين” المنقسمين بين عدم تسمية احد او تسمية نواف سلام، حصل ميقاتي حتى الآن على دعم 16 من النواب السنّة في المجلس. اما حزب الله غير الممانع لعودة ميقاتي، فيراقب عن كثب تطور “الصراع” المستجد بين حليفيه، دون ان يبادر الى محاولة التوفيق بينهما حتى الآن، حيث بدأ التيار الوطني الحر يستشعر بمحاولة يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري “لمحاصرته” عشية انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، من خلال تحرير ميقاتي من اي التزام يطالب به “التيار” للموافقة على تسميته، وفي طليعتها إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومنح “التيار” مناصب وزارية وازنة لمواكبة احتمال “الفراغ” الرئاسي، وإدراج بند التعيينات الإدارية على جدول أعمال الحكومة، والبت بالتدقيق الجنائي. ووفقا لمصادر “التيار” الخطة باتت واضحة “اضعاف موقف باسيل سياسيا عشية الاستحقاق الرئاسي”.
“الولادة” متعثرة
وازاء هذا “الكباش” السياسي، لا تتوقع مصادر نيابية حصول ولادة قريبة للحكومة، فاذا كان الرئيس عون سيلتزم بتكليف ميقاتي بعد الاستشارات الملزمة، فانه لن يسهّل له تشكيل الحكومة دون الاستجابة لشروط العمل في مرحلة ما بعد التأليف، وهذا سيؤدي الى فراغ طويل الامد، اي ان خيار بقاء حكومة تصريف الاعمال، يتقدم على غيره من الخيارات، وهذا يعني حكما عدم حصول اي تقدم في اقرار خطة التعافي او الاتفاق مع صندوق النقد، وهما شرطان رئيسيان يضعهما ميقاتي على “الطاولة” للقبول بتسميته مجددا؟!
الطعون الانتخابية: لا تغيير للتوازنات
في غضون ذلك، دخلت معركة الطعون الانتخابية مرحلة الجد، مع انتهاء المهلة القانونية لتقديم الطعون أمام المجلس الدستوري امس، والتي وصل عددها إلى 15 طعناً، وستكون البلاد امام اربعة اشهر حاسمة دون الكثير من الاوهام بخلط الاوراق” نيابيا، في ظل عدم وجود رهانات كبيرة على قبول المجلس الدستوري بعدد كبير من الطعون، التي يمكن ان تعيد قلب التوازنات في مجلس “اللااغلبية”، ومثال على ذلك لم يقبل المجلس عام 2018 من اصل 18 الا طعنا واحدا، واليوم تنحصر جدية الطعون بمقعدين اساسيين كانت فيها الاصوات متقاربة وقد تسمح الطعون ببتها، طعن جاد غصن في المتن، وطعن النائب السابق فيصل كرامي في طرابلس . والطعون المقدمة هي: بول حنا الحامض ضدّ النائب الياس الخوري الفائز عن المقعد الماروني في طرابلس، محمد حمود ضدّ النائب بلال الحشيمي الفائز عن المقعد السني في زحلة، جوزيفين زغيب ضدّ النائب فريد الخازن الفائز عن المقعد الماروني في كسروان، حيدر زهر الدين عيسى ضدّ النائب أحمد رستم الفائز عن الموقع العلوي في عكار، ايلي خليل شربشي ضدّ النائب سينتيا زرازير الفائزة عن مقعد الأقليات في بيروت الأولى، النائب السابق فيصل كرامي ضدّ كلّ من النواب رامي فنج، إيهاب مطر، فراس السلوم، أمل أبو زيد ضدّ النائب الفائز عن مقعد جزين سعيد سليمان الأسمر، مروان خير الدين إلى جانب لائحة “الأمل والوفاء” ضدّ النائب فراس حمدان الفائز عن المقعد الدرزي في حاصبيا. إبراهيم عازار ضدّ النائبين الفائزين عن مقعد حزين الماروني شربل مارون وسعيد الأسمر. زينة منذر ضدّ النائب فيصل الصايغ الفائز عن المقعد الدرزي في بيروت الثانية. النائب وضاح الصادق الفائز عن المقعد السني في بيروت الثانية. جاد غصن ضدّ النائب رازي الحاج الفائز عن المقعد الماروني في المتن والنائب آغوب بقرادونيان الفائز عن المقعد الأرمني في المتن. حيدر ناصر المرشح عن المقعد العلوي في طرابلس ضدّ إيهاب مطر الفائز بالمقعد السني في طرابلس، وفراس السلوم الفائز بالمقعد العلوي في طرابلس. سيمون صفير ضدّ نعمة أفرام وفريد هيكل الخازن في كسروان جبيل عن المقعد الماروني. كما تقدّم طانيوس محفوظ بطعن ضدّ نيابة النائب جميل عبود عن المقعد الأرثوذكسي في الدائرة الثانية في طرابلس. واصف الحركة طعن بنيابة نائب حركة امل في بعبدا الدكتور فادي علامة.
المحكمة الدولية
وكما كان متوقعا، وفي سياق استمرار توظيف المحكمة الدولية سياسيا، اصدرت غرفة الاستئناف في بالإجماع على كلّ من حسن مرعي وحسين عنيسي عقوبة السجن المؤبد لإدانتهما في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005. وتعليقا على القرار، قال رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري عبر “تويتر”، ان العقوبة هي الأشد المنصوص عليها في النظام الأساسي والقواعد المعتمدة في المحكمة، لكنها الاوضح لجهة ادانة حزب الله كجهة مسؤولة عن تنظيم الجريمة وتنفيذها والجهة التي لا يمكن ان تتهرب من مسؤولية تسليم المدانين وتنفيذ العقوبة بحقهم. فالتاريخ لن يرحم”.!