كتبت صحيفة ” البناء ” تقول : مع نهاية الدورة الثانية للانتخابات التشريعية الفرنسية خسر الرئيس إيمانويل ماكرون نيل الأغلبية المطلقة التي تخوّله تشكيل حكومة مستقرة وضمان تأييد القوانين التي يحتاج تسييرها للأغلبية البرلمانية. فقد نال حزب معا الذي يتزعمه ماكرون 230 مقعداً، وفق النتائج الأولية، من أصل 577 مقعد يتكون منها البرلمان، بينما نال اليسار بزعامة جان لوك ميلانشون 149 مقعداً ونال اليمين المتطرف بزعامة ماري لوبان 89 مقعداً ونال الحزب الجمهوري اليميني 79 مقعداً. وعلى ماكرون تشكيل الأغلبية بالتحالف مع إحدى كتلتي اليسار أو الجمهوريين، في ظل استحالة التحالف مع اليمين المتطرف، وكل من اليسار والجمهوريين لا يشكل كتلة متماسكة إلا على فرضية بقائه في المعارضة، وتنظر شرائح كثيرة في الكتلتين وقواعدها الشعبية للشراكة مع ماكرون في تشكيل أغلبية تفريطاً بالنصر المحقق في الانتخابات بإضعافه، وإعادة منحه خشبة خلاص، وليس معلوماً إن قبلت قيادة أي من الكتلتين بالتحالف مع ماكرون كم من النواب سينضمّ إلى هذا التحالف، وما هو الثمن الذي ستطلبه لتسويق التحالف، فيما يقول الخبراء إن الأرجح أن رئاسة الحكومة ستكون مطلباً مطروحاً على طاولة المفاوضات، إذا أراد ماكرون حكماً مستقراً في ظروف شديدة الصعوبة اقتصادياً، بحيث تبدو الخيارات ضيقة أمام ماكرون، بين التضحية برئاسة الحكومة لضمان ائتلاف عريض يحمي الحكومة في الشارع المرشح للمزيد من الاضطرابات، او سلوك طريق دستوري شائك للحكم دون أغلبية، وفقاً لمادة دستورية سبق واستخدمها الرئيس فرانسوا هولاند قبل عشر سنوات، لكن وفي كل الحالات تحول ماكرون الى بطة عرجاء، ولم تمض على إعادة انتخابه شهور قليلة.
لبنانياً، تتواصل المشاورات بين الكتل النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، فيما يبدو الرئيس نجيب ميقاتي الأوفر حظاً وفقاً لترجيحات مصادر متابعة، بينما تلفت المصادر الى حركة حثيثة يقودها السفير السعودي وليد البخاري لترشيح اسم يجمع نواب القوات اللبنانية وحزب الكتائب ونواب 14 آذار السابقين، ويحاول جذب نواب اللقاء الديمقراطي والنواب الـ 13 لتأييد التسمية، وتعتقد المصادر أن مثل هذا الإجماع يصعب تحقيقه على غير اسم السفير السابق نواف سلام، الذي يمكن أن ينال 55 صوتاً في هذه الحالة، بينما ينال ميقاتي 53 صوتاً، إذا خرج النائب السابق وليد جنبلاط عن تأييد ميقاتي، والتردد في تأييد سلام، وقرّر كما النواب الـ 13 الاستجابة لطلب السفير البخاري. ويحتاج ميقاتي في هذه الحالة للفوز الى تصويت التيار الوطني الحر لصالحه وهو ما يبدو مستحيلاً، ما قد يفتح الباب للنقاش مجدداً في قوى 8 آذار حول كيفية التوصل لتسمية مشتركة مع التيار الوطني الحر، وتتساءل المصادر المتابعة مع صعوبة قبول البحث بأسماء تدخل المشهد السياسي للمرة الأولى بتولي رئاسة الحكومة، عما إذا كان البحث سيصل إلى إعادة التفكير بترشيح الرئيس حسان دياب، طالما أن المهمة لشهور وتتضمن ملفين اساسيين، المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي لا تزال تدور على الأرضية التي وضعتها حكومة دياب، وملف الكهرباء بعناوين الفيول العراقي والغاز المصري والكهرباء الأردنية التي جهزت ملفاتها في ظل حكومة دياب، بالإضافة الى الملف الاستراتيجي للنفط والغاز، والذي يشكل وجود دياب في رئاسة الحكومة ضمانة للمزيد من الصلابة في التعامل معه؟
تنشط الاتصالات السياسية بعيداً عن الإعلام بين القوى السياسية كل على حدة: حزب الله وحلفاؤه، القوى السنية، القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي مع بعض النواب المستقلين والتغييريين. للتفاهم حول رئيس الحكومة قبل موعد الخميس الذي حدده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة، علماً أن احتمال تأجيل موعد الاستشارات وارد اذا لم يتم التوصل الى اتفاق على اسم لتكليفه.
ودعا نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم جميع الأطراف للتجاوب مع مبادرة مد اليد، معتبراً أن مرور الوقت أكثر دون تشكيل الحكومة سيؤدي الى مزيد من الانهيار. داعياً الى تشكيل الحكومة في أسرع وقت، متمنياً عدم العمل لتشكيل حكومة تصفية حسابات بل أن تكون الحكومة حكومة وطنية تجمع ابناء البلد المختلفين وليس المتفقين فقط، لأننا تحت سقف واحد وفي بلد واحد وأما ان نعمل معا لننقذ بلدنا، وأما ان نتناحر على الحصص والمكتسبات وتصفية الحسابات وهذا يزيد من انهيار البلد، على الاقل نحن امام اشهر اربعة حتى انتهاء ولاية رئيس الجمهورية نستطيع خلال هذه الأشهر الأربعة لإنجاز خطة التعافي وإنجاز بعض القوانين في المجلس النيابي وبداية توقيع الاتفاق التفضيلي مع صندوق النقد الدولي وحسم بعض الملفات المتعلقة بالشؤون الاجتماعية، وبوضع خطة الكهرباء على سكة الحل وحتى لو كانت بداية لحلول أفضل بكثير من ان نبقى بلا حكومة ونبقى في المجهول.
واشارت مصادر مقربة من حزب الله لـ»البناء» الى اتصالات مكثفة بين الحلفاء من اجل التوصل الى تفاهم حول اسم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، مرجحة ان لا يعلن الحزب عن مرشحه قبل يوم الخميس، مشيرة الى ان ما يهم الحزب الذهاب الى تأليف حكومة تكون قادرة على التصدّي للأزمات المالية والاقتصادية والمعيشية التي يمر بها البلد والعمل في الوقت نفسه على إيجاد الحلول لها.
ومع ذلك تقول اوساط سياسية في 8 آذار لـ»البناء» ان لا تفاهم حتى الساعة بين الثنائي الشيعي وحلفائه في 8 أذار من جهة، والتيار الوطني الحر من جهة اخرى على اسم الرئيس الذي يفترض أن يكلف لتأليف الحكومة، مشيرة الى ان المواقف متضاربة الى حد كبير بين افرقاء 8 أذار والنائب جبران باسيل الذي لا يكف عن فرض الشروط ظناً منه أن بإمكانه الوصول الى تسويات تمرّر له ما يبتغيه، معتبرة ان طروحات باسيل لا يمكن ان يسلم بها أي رئيس للحكومة حتى لو كان من 8 آذار؛ وهذا يعني ان مكمن المشكلة هو في ميرنا الشالوحي.
في المقابل، أشار التيار الوطني الحر في بيان الى انه يريد سريعاً تأليف حكومة تكون على مستوى المرحلة، ويؤكد أنه لا يتواصل إطلاقاً مع أي فريق أو جهة في شأن المشاركة في الحكومة من عدمها، ولا حديث بتاتًا مع اي طرف، ولا حتى داخل التيار بعد، بشأن مطالب أو شروط للتيار او لرئيسه من اجل المشاركة في اية حكومة.
ومساء أمس اكّد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، استعداده لـ «تولّي منصب رئاسة الحكومة، لافتاً إلى أنّه على تواصل مع العديد من الكتل ومنفتح على كلّ الخيارات».
وفي سياق متصل لا يزال نواب قوى التغيير على تواصل من أجل التوصل الى اتفاق حول اسم لرئاسة الحكومة. وقالت مصادر نيابية من قوى التغيير لـ»البناء» إن هناك أكثر من اسم مطروح لكن حتى الساعة لم نتوصل الى تفاهم، لكن الاتصالات واللقاءات مستمرة للوصول الى خيار ينسجم مع تطلعاتنا، خاصة أن ثمة مبادئ تجب مراعاتها لا سيما في ما خصّ ضرورة فصل النيابة عن الوزارة وإعطاء الأولوية في الوقت الراهن لمعالجة الوضع الاقتصادي وعدم التنسيق مع الأحزاب السياسية ولو كانت معارضة.
واعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن «الدولة هذه بمثابة الأب والأم للمواطنين، فخيراتها وإمكانياتها تُوظف من أجل خير المواطنين. ومن هذا المنظار، تتخذ السُّلطة السياسية مفهومها ودورها ومسؤوليتها ومبرر وجودها».
وطالب الراعي خلال قداس الأحد من بكركي، بتشكيل حكومة جامعة بأسرع ما يمكن، وناشد القوى السياسية المؤمنة بكيان لبنان الحر والسيد والمستقل والقوي والصامد، أن تحيّد صراعاتها ومصالحها، وتوفر الاستقرار السياسي، ليس من أجل تشكيل حكومة وانتخاب رئيس للجمهورية فقط، إنّما من أجل درء أي خطر إقليمي عن لبنان.
وشدّد على أن اكتمال السلطة التنفيذية ضروريّ من أجل استكمال الاستحقاقات المقبلة، كمفاوضات صندوق النقد الدولي، ومحادثات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية التي يتوقف عليها مصير الثروة النفطية والغازية.
وأكد أن المصلحة العامة تقتضي أن تكون الحكومة المقبلة محررة من الشروط الخارجة عن الدستور والميثاق، فلا تكون فيها حقائب وراثيّة، ولا حقائب ملك طائفة أو مذهب أو أحزاب، ولا حقائب رقابية على إحدى هذه الحقائب، مشدداً على اننا «نريد حكومة تتساوى فيها المكونات اللبنانية، شجاعة في التصدي لكلّ ما هو غير شرعي، ومؤهلة للتعاطي مع المجتمعين العربي والدولي».
الى ذلك برزت لقاءات السفير السعودي وليد البخاري مع نواب من الطائفة السنية، فالتقى النائب عبد الرحمن البزري، وجرى خلال اللقاء، وفق بيان عن السفارة السعودية، تناول التطورات المستجدة على الساحتين اللبنانية والإقليمية، اضافة الى القضايا ذات الاهتمام المشترك. وبحث السفير السعودي مع النائب أشرف ريفي آخر المستجدات لبنانيًا ودوليًا والقضايا ذات الاهتمام المُشترك، وكان قد التقى يوم السبت النائب ياسين ياسين. وكان بحث في التطورات اللبنانية والإقليمية، بالإضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك.
الى ذلك لفت وزير الأشغال العامّة والنّقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، إلى أنّ «زيادة إيرادات المطار، مسارٌ نستمرّ به». وأعلن إطلاق مزايدة السوق الحرة في المطار عبر إدارة المناقصات، بحيث تُفضّ العروض في 14/7/2022»، موضحًا أنّ «سعر الافتتاح هو 850 مليار ليرة لبنانيّة، وعن كلّ راكب 3,5 دولار». وذكر أنّ «الاطّلاع والحصول على دفتر الشّروط، يتمّان عبر ديوان المديرية العامة للطيران المدني«.
على خط أزمة المحروقات أشار رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس، إلى ان يوم غد «الثلاثاء ستنخفض الأسعار مبدئيًا بنحو 5000 ليرة، في حال لم يطرأ أي جديد على سعر النفط عالميًا»، معتبرًا أن «المواطن يستفيد نوعًا من سعر منصة صيرفة«.
وكشف شماس، أن «حاكم مصرف لبنان رياض سلامةأبلغني أن قرار توقف العمل بمنصة «صيرفة» لا يُتخذ بقرار فردي»، مضيفًا: «هذه القرارات تتخذ بين الحاكم والسلطة السياسية».
وأشار النائب حسين الحاج حسن إلى أن «توجه حاكم مصرف لبنان إلى دولرة سعر صفيحة البنزين على سعر الصرف في السوق السوداء، سيجعل سعر الصفيحة الواحدة أكثر من الحد الأدنى للأجور، وبالتالي سينجم عن قرار كهذا مشكلة كبيرة، لا نعلم حجم تداعياته، وسيزيد من الأعباء على المواطن بطريقة قاسية جداً».