كتبت صحيفة “الديار” تقول: الرئيس نجيب ميقاتي رئيسا مكلفا لرئاسة الحكومة وفي الوقت ذاته رئيسا لحكومة تصريف الاعمال حتى موعد الانتخابات الرئاسية، وصولا الى تعبئة الفراغ الرئاسي في حال تعثر اجراء الانتخابات الرئاسية، كما ان التكليف حسم لصالحه بعد اعلان بعض الكتل النيابية مواقفها من الاستشارات وعدم تسمية نواف سلام او أي شخصية سنية أخرى من قبل الدكتور سمير جعجع وميشال معوض واشرف ريفي وفؤاد مخزومي وأديب عبد المسيح وغيرهم، والمعروف ان هؤلاء ملتزمون حتى” العظم ” الموقف السعودي الاميركي على” العمياني ” ولو كان القرار واضحا بدعم سلام لكان جعجع والمستقلون اول الداعمين لنواف سلام، وكرروا سيناريو معركة غسان سكاف في منصب نائب رئيس مجلس النواب، ومرة جديدة يثبت النواب التغييريون عدم القدرة على التاثير في مسار الاحداث، ومن دون اية فاعلية نتيجة انقساماتهم.
وفي المعلومات المؤكدة، ان موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بترشيح نواف سلام فاجأ الجميع وقلب كل التوقعات، وعممت اجواء عن تغطية سعودية اميركية لموقف جنبلاط جراء اتصالاته وعلاقاته، وفي المعلومات المؤكدة ايضا، ان اتصالات جرت على أعلى المستويات، وابلغ ميقاتي كل من راجعه انه ينتظر موقف القوات اللبنانية، فاذا اعلنت دعمها لسلام عندها يكون القرار سعوديا واميركيا، وسيعلن ميقاتي بعدها انسحابه من السباق الى رئاسة الحكومة والالتزام بالموقف السعودي والعمل تحت سقفه وثوابته، مع تأكيده انه لن يخوض أية مواجهة مع الرياض مهما كانت التبعات ولن يكرر سيناريو الحريري، ووضع ميقاتي الرئيس بري في حيثيات قراره بالانسحاب ولو نال 69 صوتا، وفي المعلومات ان باسيل ابلغ حزب الله انه سيعطي اصوات التكتل لنجيب ميقاتي اذا بقي الاصرار السعودي على نواف سلام، ووضع ميقاتي في اجواء قرار باسيل لكنه اصر على الاعتذار وربط قبول المهمة بالموقف السعودي، وبعد موقف القوات انفرجت اسارير ميقاتي وتلقى سلسلة من الاتصالات المحلية والدولية وتحديدا من السفير الفرنسي وسيحصل على 53 نائبا، فيما التيار الوطني الحر بعد حسم المعركة يتجه الى عدم التسمية وفتح معركة التاليف برفض حكومة التكنوقراط والتمسك بالحكومة السياسية، لكن المعلومات اشارت الى بحث جدي بالابقاء على الحكومة الحالية مع بعض التعديلات الطفيفة.
البخاري والحرب على حزب الله
ورغم” الحلحلة” في الملف الحكومي، لكن الازمة مشرعة على كل الاحتمالات، والمواجهات مفتوحة، وتتعدى التكليف والتأليف وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وجوهرها في نظر المملكة العربية السعودية ” دور لبنان في المنطقة وتموضعه في اي محور والعمل على عودته الى الحضن العربي”، هذه القناعة ترسخت عند كل الذين التقوا السفير السعودي في لبنان وليد البخاري خلال الايام الماضية وسمعوا كلاما عالي السقف عن سياسة سعودية حاسمة ضد حزب الله ورفض انصاف الحلول معه، ومنعه من السيطرة على مفاصل الدولة اللبنانية والتحكم بقراراتها، وان عهد” السكوت “عن ممارسات الحزب قد ولى، وعلى حلفاء السعودية ان يحددوا مواقفهم بوضوح ويغادروا المنطقة الضبابية في المواجهة، فالقرار السعودي واضح ” كل من يضع يده بيد حزب الله ليس منا “، حتى ان البخاري اكد ان الهبة السعودية المقدرة بـ76 مليون يورو، وتمثل الحصة الاولى من المساهمة في الصندوق السعودي الفرنسي لدعم لبنان لن تأتي حاليا، وفهم الزوار ان التشدد السعودي الذي بدأ قبل الانتخابات مستمر بعدها بشكل أكبر.
موقف البخاري يتلاقى مع المواقف التي صدرت بعد زيارتي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى مصر والاردن وصدور بيانين رسميين يؤكدان على ضرورة حصر السلاح بيد القوى الشرعية فقط، ودعم لبنان للقيام باصلاحات شاملة مع تأكيد مصر والاردن انهما ملتزمان سقف الموقف السعودي من لبنان والاستقرار فيه.
خلافات باسيل وجعجع مع حلفائهما رئاسية
وفي المعلومات المؤكدة أيضا، ان مشكلة القوات اللبنانية ليست في التمايز عن الحلفاء في دعم نواف سلام بل في استعجال الدكتور سمير جعجع فتح معركة رئاسة الجمهورية والحصول على الدعم الاشتراكي والكتائبي والنواب المستقلين والتغيريين في وصوله الى بعبدا، ولم يحصل رئيس القوات اللبنانية على الجواب الشافي، بل على العكس سمع رفضا اشتراكيا وهذا ما زاد في قلقه وجعل العلاقة مع الاشتراكي غير سليمة، كما ان التغيريين لم يطمئنوا جعجع في هذا الملف حتى ان السفارتين الاميركية والسعودية تجنبتا فتح الملف الرئاسي في كل اتصالاتهما المحلية، وهنا تكمن مشكلة الدكتور جعجع الذي رد بالتريث في اعلان موقف داعم لسلام، الذي لم يساير جعجع رئاسيا خلال النقاشات بينهما ولا يريد ان يقوم بتسويقه الى بعبدا من خلال منصبه في المحافل الدولية في الولايات المتحدة الاميركية ويفضل تولي رئاسة الحكومة بعد انتخابات رئاسة الجمهورية.
هذا السيناريو ينطبق ايضا على جبران باسيل الذي يبتز حلفاءه بالمماطلة في دعم ميقاتي كونه لم يحصل حتى الان على ضمانات رئاسية، وهذا ما شكل النقزة الكبرى لباسيل التي توازي نقزة جعجع.
الازمة الاقتصادية وانهيار الدولة
في ظل المأزق الداخلي وارتفاع حدة الكباش الخارجي وعدم وصول المساعدات، فأن الانهيار بات على بعد خطوات قليلة، في ظل دولة مشلولة ومنهوبة ومعطلة الرأس، وهيكلها يتداعى مع اضراب موظفي القطاع العام الذي دخل أسبوعه الثاني، فلا معالجات ولا معاملات، اما الامتحانات فقد وافق المعلمون على المراقبة ووضع الاسئلة لكنهم ربطوا التصحيح بوعود الوزير التي لن تأتي مطلقا، حتى ان بدلات النقل لم يحصلوا عليها من بداية العام الدراسي، حتى بدلات الاتعاب لرؤساء الاقلام والمندوبين في الانتخابات النيابية لم يحصلوا عليها بعد؟ بالمقابل فان اسعار المحروقات لاتتوقف عن الارتفاع اليومي، والطوابير امام الافران ليلا نهارا، واسعار الادوية تسجل ارتفاعات جنونية، وموت طفلة امام ابواب المستشفيات بات حدثا عابرا عند المسؤولين طالما يتلقى ابناؤهم العلاجات في المستشفيات الاوروبية؟ والاسئلة موجهة الى الدولة ووعودها الكثيرة: أين البطاقة التمويلية؟ أين المساعدات الاجتماعية؟ كيف يأكل الناس؟ أين المسؤولون الذين يتلهون بقصص الاستشارات والحصص الفارغة والمناكفات، كأن عهد ميقاتي جاء” بالمن والسلوى ” او وصول نواف سلام سيحقق المعجزات، ” فالحل مستحيل مع هذه الطبقة السياسية التي لاتعرف الا النهب والمال الحرام والتغني بماض أسود جلب الويلات وسيستمر مع هؤلاء، مهما حاولوا تزيين مواقفهم بشعارات ومزايدات تتكرر يوميا ستأخذ البلد الى الانهيار الحقيقي، ولولا الاجهزة العسكرية وهيبتها وسهرها على أمن الناس لكان المشهد العام في البلد مأساويا في كل المقاييس.