كان يمكن للمشهد أن ينقلب. لكن من جديد تفشل “قوى التغيير” ومعها كتل ونواب معارضة في ترجمة الشعارات التي رفعتها في الطريق الى البرلمان، فتتخلى لحسابات مختلفة عن فرصة إيصال صوت موحّد، وهذا ما أظهرته نتيجة الإستشارات النيابية الملزمة أمس حيث انبرى “اللقاء الديمقراطي” وحده إلى جانب عدد من النواب الى تسمية السفير نواف سلام، فيما استنكف الباقون، ليصل بفعل ذلك الرئيس نجيب ميقاتي الى سدة التكليف.
عدد الأصوات المؤيدة لميقاتي بلغ 54 صوتا، في حين امتنع عن التسمية 46 نائبا، فيما نال نواف سلام خمسة وعشرين صوتا. مصادر سياسية تحدثت عبر “الأنباء” الالكترونية عن “انزعاج الشارع السنّي مما يجري”، واستغربت تمنع القوتين المسيحيتين الكبيرتين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر عن تسمية الرئيس المكلف بوصفه موقعاً سنّياً، معتبرة أنه “أيا تكن الأعذار والأسباب، فمن غير المنطق تجاهل الموقع الثالث في هرمية الدولة، وعدم احترام رأس السلطة التنفيذية التي هي بحسب الدستور من أهم المواقع في الجمهورية”.
عضو كتلة نواب الأرمن النائب هاغوب طرزيان وصف لـ “الأنباء” الإلكترونية ما جرى “بالأمر المؤسف”، وقال: “ربما حصل ذلك بسبب التضعضع على الساحة السنية، وكان مفترضا ألا تذهب الأمور الى هذا المنحى، وكل ذلك نتيجة ما أعتبره الأنانية والكيدية لدى البعض. نحن بوضع سيء نتيجة تراكمات سنين، والقوي يحاول أن يفترس الضعيف، فمرة تكون القوة مارونية ومرة سنّية أو شيعية، وما يحصل لم يعد مشروع وطن”، داعيا الجميع إلى احترام مشاعر الناس، “فالمواطن لديه همومه وشجونه وهناك وجع حقيقي، فلا يجوز أن نبقى غير مبالين وان نبقى متحجرين تجاه انتماءاتنا الضيقة”.
النائب السابق عاصم عراجي استغرب بدوره تمنّع نواب تكتل لبنان القوي ونواب تكتل الجمهورية القوية عن تسمية شخصية سنية لتشكيل الحكومة، واصفا ذلك لـ “الانباء” الالكترونية، “بالاعتداء على الميثاق والصيغة الوطنية”، مذكّراً “كيف ان الرئيس سعد الحريري سمى الرئيس عون لرئاسة الجمهورية بعد تفاهم معراب ومباركة بكركي وكلفه ذلك غاليا”، وسأل عراجي “ماذا يكون موقف التيار والقوات لو ان النواب السنّة قاطعوا انتخاب رئيس الجمهورية؟ فما جرى غير مقبول وهو مؤشر خطير على مستقبل لبنان”.
في المقابل حاول عضو تكتل لبنان القوي النائب شربل مارون، في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية، أن يوضح موقف تكتله، لافتا إلى أن “رئيس التكتل النائب جبران باسيل شرح أسباب الامتناع عن تحديد اسم الرئيس المكلف. فالتجربة مع الرئيس ميقاتي لم تكن في مكان معين ناجحة”،مضيفا: “كنا متفقين على أمور محددة ولم تنفذ”.
وفي موضوع إعطاء الثقة للحكومة في حال تشكلت، رأى مارون أن “ذلك يتوقف على مشروع الحكومة والاسماء. فإذا كانت تمثل قناعاتنا وتطلعاتنا فلما لا؟”.
من جهة أخرى، اعتبر النائب السابق علي درويش أنه “من الطبيعي في ظل المتغيرات التي أفرزها الاستحقاق الانتخابي أن تأخذ الأمور منحى مختلفا عملياً بالصيغة الدستورية”، معتبرا أنه “من حق النواب أن يختاروا، والاكثرية كانت الى جانب الرئيس ميقاتي وهو لديه منهجية واضحة نتيجة التغيرات. فالوضع اختلف عما كان عليه قبل الانتخابات والرئيس ميقاتي سيبذل المستطاع لتشكيل حكومة إنقاذ حقيقي وهو يعول جدا على تبدل المواقف بعد تشكيل الحكومة ومنحها الثقة وهذا يتعلق ببرنامج الحكومة”.