بخلاف ما قاله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، ثبت أن عملية الطائرات المسيّرة التي أطلقتها المقاومة، نحو الحقول المتنازع عليها في بحر عكا، قد بدأت تؤتي ثمارها، فلم تؤثر سلباً بل أثرت إيجاباً على مسار التفاوض. فالمعلومات المتواترة من أوروبا تتحدث بوضوح عن خلاصة عنوانها فشل الترتيبات العسكرية «الإسرائيلية» بتأمين سلامة الاستخراج والاستجرار للغاز الذي وقعت على شرائه أوروبا، وأولوية الحاجة لبوليصة تأمين سياسية توفرها التفاهمات المطلوبة لتحييد فعل المقاومة، وهي تفاهمات تمر حكماً بالتسليم بمعادلة قوامها، وقف الاستخراج من بحر عكا حتى يتمّ التوصل الى اتفاق نهائيّ يضمن للبنان الحد الأدنى الذي تبلّغه الوسيط الأميركي من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأيده رئيس مجلس النواب، ويعتمد حصول لبنان على كامل الخط 23 وحقل قانا من جهة، وتحرير قدرة لبنان على الاستخراج من أية تعقيدات أو عقوبات تم تهديد الشركات المعنية بها إذا قامت بالعمل في الحقول اللبنانية.
ما صدر عن رئيس الجمهورية ليل أمس، يرجح هذه الكفة، بقوله في تصريح عبر شاشة الـOTV، أن «المدة التي سنصل فيها الى حل بملف الترسيم قصيرة وأعتقد أننا وصلنا الى تفاهم مع الأميركيين الوسطاء بيننا وبين «إسرائيل»، وأعتقد أننا سننتهي قريباً من هذا الملف، والحل لمصلحة لبنان والجميع، عندما نصل الى نتيجة سيكون الطرفان راضيين والا يصبح أي تصرف بمثابة وضع يد»، مشيرًا إلى أنّ «الأجواء إيجابية وإن لم تكن كذلك لما أكملنا التفاوض».
من جهتها هيئة البث الإسرائيلية، بعدما كانت تركز على حملة التنديد بعمليات المقاومة ودورها في تعقيد مسار التفاوض فاجأت جمهورها بحديث معاكس، فنقلت عن مصدر رفيع، بأنّ «إسرائيل تتوقع تقدماً كبيراً في المفاوضات مع لبنان، بشأن ترسيم الحدود البحرية».
مصادر سياسية واكبت ملف الترسيم قالت إن الأميركيين والأوروبيين وقيادة كيان الاحتلال، محكومون بمعادلتين، الأولى هي الحاجة الماسة والملحة للبدء باستخراج الغاز من شرق المتوسط في ظل الأزمة العالمية في سوق الطاقة، خصوصا حاجة أوروبا لتلبية احتياجاتها المتعاظمة في ظل الأزمة التي تسبب بها وقف ضخ أغلب كميات الغاز الروسي إلى دول أوروبا، والثانية هي أن المقاومة وفقاً لقراءة تجربتها تقف وراء الدولة في تحديد حقوق لبنان، لكنها ترفض التسليم بإخضاع ما تعتبره مسؤوليتها وتفويضها ومبرّر وجودها، لجهة روزنامة وآلية حماية هذه الحقوق لحسابات السياسة اللبنانية الداخلية لإدراك المقاومة لحجم تأثير الضغوط الخارجية على هذه الحسابات، ولذلك فإن أي رهان على تأثير المناخات السلبية في السياسة الداخلية حول عمليات المقاومة على جدول أعمال المقاومة وقرارها بمواصلة عملياتها، هو رهان في غير مكانه، فالشيء الوحيد الذي يوقف المقاومة عن السير بعملياتها هو تيقنها من أن لبنان نال ما تعتبره حقوقاً لبنانية خالصة، وفقاً لما تقوله الدولة اللبنانية، ولذلك فالترجمة الوحيدة للاستعجال في استخراج الغاز من شرق المتوسط هي بالتوجّه نحو الدولة اللبنانية وتلبية شروطها، وليس التلذذ بعائدات الضغط عليها لقيام بعض مسؤوليها بالتطاول على المقاومة والتوهّم بأن هذا سيخفف خطر المقاومة على خطط الاحتلال في استثمار حقول الغاز.
في الشأن السياسي الداخلي رجّحت مصادر نيابية بقاء صيغة حكومة تصريف الأعمال، في ظل تعثر ولادة حكومة جديدة بعدما خسر الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي الجولة الأولى بالنقاط، في ظل تمسك رئيس الجمهورية بمعادلة التوازن الطائفي التي خرقتها اقتراحات ميقاتي من جهة، وفي ظل الدعسة الناقصة لميقاتي تجاه المقاومة، التي لم تعد على ذات الحماس لبذل مساعيها لتذليل العقبات من أمامه، وهو ما كانت مستعدة للقيام به رغم انتقادها لتجاوزه قواعد العلاقة مع رئيس الجمهورية، وتقول المصادر إن العامل الوحيد الذي قد يغيّر هذه الوجهة ويعيد تسريع ولادة الحكومة هو احتمال تسارع مسار الترسيم والحاجة لتكريسه قانونياً لوجود حكومة كاملة المواصفات والصلاحيات دستورياً، وليس حكومة تصريف أعمال.
بعد أربعة أيام على عملية المسيّرات، لاحت أجواء إيجابية في ملف ترسيم الحدود من قصر بعبدا أعلن عنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في تصريح لقناة أو تي في مساء أمس، مشيراً الى أن «المدة التي سنصل فيها الى حل بملف الترسيم قصيرة وأعتقد أننا وصلنا الى تفاهم مع الأميركيين الوسطاء بيننا وبين «إسرائيل». وأعتقد أننا سننتهي قريباً من هذا الملف، والحل لمصلحة لبنان والجميع، عندما نصل الى نتيجة سيكون الطرفان راضيين وإلا يصبح أي تصرف بمثابة وضع يد». وأضاف عون: «الأجواء إيجابية وإن لم تكن كذلك لما أكملنا التفاوض».
ولم يتضح ما إذا كانت الأجواء الإيجابية التي يتحدث عنها رئيس الجمهورية حصلت إثر اتصالات أميركية – لبنانية نتجت عن المستجدات الأخيرة أي بعد عملية المسيّرات، أم في سياق الاتصالات الطبيعية الدائرة بين الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين وبين المفوض في الملف من قبل رئيس الجمهورية النائب الياس بو صعب منذ زيارة المبعوث الأميركي حتى الآن؟ ولم يعرف إذا كانت هذه الأجواء الإيجابية ستنعكس بدعوة أميركية للطرفين اللبناني والإسرائيلي الى استئناف مفاوضات الناقورة؟
وحاولت «البناء» التواصل مع دوائر قصر بعبدا لاستيضاح الأمر إلا أنها لم تلقَ أي جواب.
لكن قبل يوم السبت الماضي لم تكن الأجواء إيجابية وفق مصادر «البناء»، إذ أن الرسالة الأميركية التي نقلتها للمسؤولين اللبنانيين المعنيين بالملف، السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا بعد عودتها من بلادها الى بيروت، لم تكن إيجابية بل سلبية ولم تعطِ جواباً شافياً وواضحاً حول الرد الإسرائيليّ على المقترح اللبناني، ولا عن مسألة وقف أعمال الاستخراج قبل بدء المفاوضات والتوافق على الترسيم، واكتفت بالإشارة الى أن بلادها مستمرة بالوساطة ومستعدة لاستئناف المفاوضات خلال الشهرين المقبلين، ما فسّرتها مراجع سياسية معنية على أنها إشارة سلبية وتخفي نيات خبيثة ومبيتة لتنييم لبنان على حرير الوساطة والتفاوض لإفساح المجال امام إسرائيل لاستكمال اعمال الاستخراج المحدد في 1 أيلول.
وكشف موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلًا عن مصادر، بأنّ «إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ضغطت على حكومة لبنان، لانتقاد إرسال حزب الله، مسيرات لمنصة غاز إسرائيلية، وهي ومنصة «كاريش»، كما ذكر أن إدارة بايدن تضغط على حكومة لبنان، للالتزام بحل الخلاف الحدودي البحري مع إسرائيل بالمفاوضات».
وتشير مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» أن «عملية المقاومة بإطلاق المسيّرات فوق كاريش كانت ضروريّة وفي لحظة حاسمة وحساسة وأدّت أهدافها بدقة ونجاح، ويبدو أن قيادة العدو الإسرائيلي فهمتها جيداً، وظهرت نتائجها على أرض الواقع بفتح نقاش داخل الحكومة والمؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية حول خيار استمرار حزب الله بإرسال المسيرات الى منطقة عملية الاستخراج وتهديد الشركة التي تعمل في الحقل، واحتمال تدحرج الأمور الى حرب، إضافة الى حجم التفوق التكنولوجي للحزب التي أظهرته العملية حيث لم ترصد رادارات العدو المسيّرات الا بعدما أدت مهمتها كما لم تستطع إسقاطها». وتوقفت المصادر عند الزيارة العاجلة التي قام بها رئيس حكومة العدو الى فرنسا للاستنجاد بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للتوسط مع الدولة اللبنانية ومع حزب الله لتخفيف التوتر وعدم التصعيد. وأبدت المصادر استغرابها الشديد إزاء موقف رئيس الحكومة ووزير الخارجية اللذين أضعفا الموقف الرسمي وقدّما هدية مجانية للإسرائيلي في وقت كان لبنان بأمسّ الحاجة الى موقف منسجم وتكاملي مع المقاومة لبناء جدار لبناني يتحصن خلفه المفاوض اللبناني في مفاوضات الترسيم. وأوضحت المصادر أن المقاومة لم تُغيّر أو تبدل موقفها التي أعلنته بالوقوف خلف الدولة في عملية ترسيم الحدود وتحديد الخطوط، أما منع العدو من استخراج الغاز من المنطقة المتنازع عليها فهذه مهمة المقاومة وعلى الدولة أن تقف خلفها وعلى الأقل أن لا تعارضها وتتنصل منها في موقفها الرسمي اذا كانت لا تستطيع أن تتبنى العملية حرصاً على الوساطة الأميركية»، متسائلة: إذا كانت الدولة تستطيع التفاوض مع العدو والركون الى الوساطة والجهود الأميركية في هذا المضمار، فهل تستطيع الدولة منع الإسرائيلي من استخراج الغاز وما هي الوسيلة إذا لم تكن المقاومة؟ فلماذا سارع رئيس الحكومة الى اصدار بيان طعن الموقف الرسمي بالصميم؟ وهل نسق بيانه مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب أو حتى مع حكومته؟ وشددت المصادر على أن «عملية المقاومة حصنت الموقف الرسمي ومنحته أوراق قوة إضافية للتفاوض من موقع قوة وأي تحرك أميركي مستجد باتجاه حلحلة ملف الترسيم ولجم الاندفاعة الإسرائيلية هو بسبب تهديد المسيرات لأعمال الاستخراج والشركات العاملة في المنطقة المتنازع عنها؛ وهذا باعتراف المسؤولين والاعلام في كيان العدو».
ولا يزال كيان الاحتلال الإسرائيلي تحت تأثير صدمة المسيّرات، وهاجس إرسال حزب الله مسيرات إضافية أو تنفيذ عمليات أخرى بوسائل عدة في منطقة استخراج الغاز.
وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس «أن القبة الحديدية اعترضت طائرة مسيّرة إضافية تابعة لحزب الله مساء الثلاثاء الماضي». وادعى أنها «كانت متوجهة إلى منصة الغاز الإسرائيلية كاريش وتم اعتراضها وإسقاطها في المياه اللبنانية، بعيداً عن الحدود البحرية مع إسرائيل».
وإذ تشن جهات سياسية واعلامية محسوبة على الأميركيين حملة على المقاومة لتشويه أهداف عملية المسيّرات، سُجِلت مروحة واسعة من المواقف السياسية المؤيدة للمقاومة ولعملية المسيّرات من قوى وشخصيات متنوعة.
فبعدما اعتبر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أمس الأول بأن العملية ورقة قوة للبنان في حماية ثرواته، رأى النائب طوني فرنجية أنّ «موضوع المسيّرات أو أي تحرك شعبي هو ورقة ضغط في يد الشعب». متسائلاً: «كيف نريد أن ننجح في المفاوضات غير المباشرة في ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ونحن لا نتفق بين بعضنا؟».
وأشار عضو تكتل «لبنان القوي»، النّائب سيزار أبي خليل أن «على لبنان استغلال كل نقاط القوة من ضمنها المقاومةلتحسين ظروفنا بمفاوضات الترسيم».
بدوره، قال عضو كتلة التغيير النائب الياس جراده: «لست مع المسيّرات فقط، بل أنا مع المسيّرات والمسيرات للضغط على الدولة من أجل اتخاذ موقف واضح، لنعرف على ماذا نفاوض»، موضحًا أن «لبنان بلد انتصر بالعسكر وانهزم بالفساد«. وأضاف: «هناك ضغط علينا بأن لا نستخرج الغاز شمال الخط 23 فممنوع على أحد الاستخراج جنوب الخط 29 وعلى الدولة أن تأخذ قراراً واضحاً كي يقف خلف قرارها الجيش والشعب والمقاومة».
ورأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، أن «مشكلة لبنان هي في القرار السياسي الذي حوّل البلد إلى وطن عجوز، لذلك نريد قراراً سياسيّاً بحجم رسالة المسيّرات فوق كاريش، وإذا كان من كارثة كبرى فهي تكمن بتحويل قواتنا العسكرية إلى حارس بحري حتى لا تغرق أوروبا بالنزوح، لذلك نريد أردوغان لبناني يضع أوروبا والغرب أمام هول الكارثة على قاعدة: معالجة النزوح في لبنان أو الإغراق بالنزوح، خاصة أن أوروبا والغرب ومجموعة إقليمية واسعة كانت السبب بالكارثة السورية، وعلى من أسس للخراب في سورية أن يدفع الثمن، ولن نقبل بأي حال بسياسات إغراقنا بجنائز الدفن ونحن قادرون على أن نردّ الصاع صاعين، ومزيد من التلهي والصمت يضع البلد في قلب الهاوية».
وفيما هدأت عاصفة السجال نسبياً التي هبّت إثر بيان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير خارجيته عبدالله بو حبيب، إزاء عملية المسيّرات، من دون أن تنتهي ارتداداتها السلبية على الموقف الوطني اللبناني الموحد من ملف ترسيم الحدود البحرية وحماية الثروات الغازية في المياه الإقليمية اللبنانية، وإذ لم يغادر ملف تشكيل الحكومة مربع الجمود، طفت الى سطح المشهد الداخلي الملبد بالأزمات الكارثية، أزمة الكهرباء التي تفاقمت الى الحد الأقصى مع زيادة التقنين القاسي بالتيار الكهربائي الى حدود الصفر والعتمة الشاملة في معظم المناطق اللبنانية، وذلك بعد توقف معملي الزهراني ودير عمار عن العمل، ما يُنذر بتوقف العمل في مصالح حيوية وأساسية لاستمرار الحياة اليومية للمواطنين كالكهرباء والمياه والصرف الصحي والسدود والمرافق العامة لا سيما مرفأ ومطار بيروت.
وبعد توقف معمل دير عمار عن العمل منذ أيام، تفاقمت الأزمة أكثر بعد توقف معمل دير الزهراني منذ أمس الأول عن العمل كلياً. إذا أعلن رئيس معمل الزهراني أحمد عباس، أمس، توقف المعمل بشكل تام عن إنتاج الكهرباء.
وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان أن «معمل دير الزهراني سيتوقف عن العمل بسبب عدم دفع مستحقاته بالعملة الصعبة (Fresh Dollar)، وفق قراري مجلس الوزراء رقم 12 تاريخ 14/04/2022 ورقم 171 تاريخ 20/05/2022 الصادرين بهذا الشأن، مع العلم أن مؤسسة كهرباء لبنان قد قامت بإنجاز كامل الإجراءات الإدارية، وإحالة مدفوعاته وفق قراري مجلس الوزراء ليتم تسديدها منذ حوالي الشهر، وإنما لغاية تاريخه لم يتم صرفها من قبل المراجع المالية والنقدية المعنية في البلد». مشيرة الى أن ذلك «سيؤدي إلى توقيف المشغل لمعملي الزهراني ودير عمار عن العمل، دون إمكانية إعادة وضعهما على الشبكة، الأمر الذي سيفرض الدخول بانقطاع عام وشامل على كافة الأراضي اللبنانية، ما سيؤدي بدوره إلى توقف التغذية جبراً عن كافة المرافق الحيوية الأساسية في البلد (مطار، مرفأ، مضخات مياه، صرف صحي، المرافق الأساسية في الدولة).
بدورها، ذكرت الشركة المشغلة لمعملي الزهراني ودير عمار «Primesouth»، في تصريح تلفزيوني «أننا في نقاش حالي حول الدفعات المتأخرة لعقدنا الذي تم تأخيره لمدة 16 شهرًا ولم نعد قادرين على الاستمرار بهذه الطريقة، لأن لدينا موردين وموظفين يحتاجون إلى دفع رواتبهم ولقد أُجبرنا على توقيف معمل دير عمار». لكن الشركة عادت وأعلنت أنه «تم حل المشكلة جزئياً». وعاد المعمل الى الخدمة بعد قيام مصرف لبنان بتحويل الأموال المستحقة الى الشركة المشغلة والجهاز الفني يعمل حالياً لتشغيل المعمل بعد توقيفه».
وعادت مؤسسة كهرباء لبنان، وكشفت في بيان أنها أبلغت «من قبل مصرف لبنان، بصورة غير رسمية، عن قيامه بصرف مستحقات مشغل معملي الزهراني ودير عمار بالعملة الصعبة (Fresh Dollar)، التي سبق وارسلتها المؤسسة إليه، والموافق عليها من قبل وزارة المالية«. وأشارت إلى أنها «قامت على أثر ذلك فورًا، بالطلب من المشغل معاودة وضع معمل الزهراني في الخدمة وفق الخطة الإنتاجية المعدة سلفًا، من أجل المحافظة على ديمومة إنتاج الطاقة بالحد الأدنى لأطول فترة ممكنة، لا سيّما خلال فترة عيد الأضحى المبارك، مع الاستمرار في تغذية المرافق الحيوية الأساسية في البلد (مطار، مرفأ، مضخات مياه، صرف صحي، المرافق الأساسية في الدولة)».
وعلمت «البناء» أن الاتصالات تكثفت بين عدد من المسؤولين المعنيين في ملف الكهرباء مع وزارة الطاقة ومصرف لبنان بعد تدخل جهات سياسية وحكومية لإعادة تشغيل معمل دير الزهراني للتوصل الى حل مؤقت يعيد التغذية بالكهرباء الى وضعها الطبيعي لا سيما في عطلة عيد الأضحى وضرورة إضاءة المرافق الأساسية لا سيما مطار بيروت عشية قدوم المغتربين والسياح الى لبنان لقضاء عطلتي العيد والصيف».
وتساءلت مصادر مطلعة عبر «البناء» عن سبب تعميق أزمة الكهرباء وتعميم العتمة على مرافق حيوية أساسية كالمطار في بداية موسم الصيف؟ فهل القصد استهداف المطار والتأثير على القادمين الى لبنان من الخارج أكانوا من المغتربين أو السياح؟ ولماذا تأخر مصرف لبنان على توفير الاعتمادات المالية المطلوبة للشركة المشغلة لمعمل الزهراني رغم علمه بأنه المعمل الوحيد الذي يعمل في ظل توقف معمل دير عمار عن العمل؟ واضعة أزمة الكهرباء في إطار الخلاف والصراع السياسي القائم بين قوى سياسية أساسية وفي اطار شد الحبال الحكومية بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف في عملية تأليف الحكومة لا سيما حول وزارة الطاقة، إذ هناك محاولات لتعميق أزمة الكهرباء لاستهداف التيار الوطني الحر والاشارة الى مسؤوليته في كل ما يحصل في أزمة الكهرباء، لتبرير انتزاعها من حصة التيار واستبدال الوزير الحالي بوزير آخر.
وكان المدير العام للطيران المدني في مطار بيروت الدولي فادي الحسن، أعلن «توقيف التغذية الكهربائية عن مطار بيروت الدولي، وأنه سيتم تزويده من المولدات الكهربائية، التي تؤمن حاليًا مستلزمات المازوت في شركة «الميدل ايست»، وبالتالي سنصمد في مرحلة «البلاك اوت» حتى إشعار آخر». لكن المصلحة الوطنية لنهر الليطاني ووزارة الاشغال العامة والنقل، أكدتا مساء أمس أن «التغذية قد عادت الى مطار بيروت الدولي، بعد ربطه بالمعامل الكهرومائية».
وكان وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الاعمال علي حمية، وجّه كتابًا الى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، بطلب «زيادة انتاج المعامل الكهرومائية لقدرتها القصوى لتأمين الطاقة الكهربائية من تلك المعامل لمطار بيروت الدولي بشكل منتظم ومستدام».
وأكد رئيس الجمهورية أن «نتائج جولة وزير الطاقة والمياه وليد فياض بما يتعلق باستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن إيجابية، وبعض التفاصيل نسأله بها كيف نعرف المزيد».
على صعيد آخر، أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب بعد لقائه وفداً من أهالي ضحايا انفجار المرفأ، ان «ملف توقيع مرسوم تعيين قضاة غرف التمييز علّق بسبب الميثاقية وأمام هذه المعطيات تواصلت مع وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى الذي أناشده فما من أحد يهمه التوزيع الطائفي أو إن تغير القاضي، فالمهم «انو يمشي ملف تحقيق المرفأ».
أما في أزمة النازحين، فكرر وزير شؤون المهجرين، عصام شرف الدين، في تصريح لوكالة «أسوشيتيد برس»، القول باننا «جادون في تنفيذ خطة إعادة 15 ألف نازح سوري شهريًا، ونأمل أن يتم ذلك في غضون أشهر»، موضحًا أنّ «هذه خطة إنسانية شريفة ووطنية واقتصادية ضرورية للبنان»، والتي تتضمن إعادة 15 ألف نازح سوري كل شهر.
ويزور شرف الدين، بحسب «الوكالة»، سورية الأسبوع المقبل للقاء وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف. ويأمل أن يتفقا على جدول زمني محدد لخطة إعادة 15 ألف نازح سوري إلى الوطن كل شهر. مشيرًا إلى أن مخلوف أخبره أن الحكومة السورية يمكن أن توفر مأوى مؤقتًا للاجئين العائدين في مناطق «آمنة تمامًا». وأضاف: «فوجئت بأن الدولة السورية قد خففت الأمور كثيرًا بالنسبة للعودة حتى عندما يتعلق بالأمور الأمنية، حتى أولئك الذين يحملون أسلحة سيحصلون على إعفاءات».
على مقلب آخر، مثُلت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، أمام القاضي جمال الحجار في حضور محاميتها باسكال فهد، في موضوع إحالتها على المجلس التأديبي من قبل رئيس التفتيش القضائي بركان سعد، وبعدما استمهلت في الجلسة السابقة لتعيين محام. وأَدلت بإفادتها حول ما هو منسوب اليها «لخرقِها موجَب التَحفظ وممارسة الضغط على أحد القُضاة الذين يَنظُرون في الدعوى المقامةِ ضدَها في محكمة الاستئناف».
وأكدت القاضية عون أنها «لم تتدخل بعملِ القضاء ولم تمارس أي ضغط انما أبدت رأياً قانونياً»، أما لناحيةِ مُوجَب التحفظ، فتمنت «تطبيقَه على كل القُضاة بعيداً من الاستنسابية».
ومن المتوقع أن يُحيل الحجار تقريرَه على المجلس التأديبي الذي يعودُ اليه إجراء المُحاكمة.