في الوقت الذي يبدأ اليوم الرئيس الاميركي جو بايدن زيارة هي الاولى له الى منطقة الشرق الأوسط منذ انتخابه رئيسا، أُعلن أمس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتوجه إلى طهران الثلاثاء المقبل للمشاركة في قمة ثلاثية مع الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وتكتسب هذه الحركة اهمية قصوى باعتبارها تحدد مصير اكثر من ملف حيوي وبالتالي ما اذا كانت المنطقة مقبلة على تهدئة او انفجار خاصة في ظل استمرار النهج الاميركي القائم على استكمال مسار الضغوط القصوى الذي كان انتهجها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سعيا لاخضاع طهران للشروط الاميركية المرتبطة بالاتفاق النووي، وهي ضغوط تمارسها واشنطن ايضا على موسكو بهدف اخضاعها بملف اوكرانيا، علما ان اوراق الجوكر التي يلعبها بوتين وبخاصة ورقة قطع الغاز عن اوروبا باتت تقض مضاجع الولايات المتحدة ومعها الدول الاوروبية ما يجعلها تستعجل انجاز اتفاق بين لبنان و»اسرائيل» يتيح لهما استخراج الغاز من البحر المتوسط لسد احتياجات القارة العجوز، ما يتيح اختصار المشهد الاقليمي- الدولي باطار معادلة «من يصرخ اولا»؟!
عون متفائل
ويبدو ان لبنان الرسمي يتوقع ان يكون مستفيدا من التطورات الحاصلة على صعيد ملف الغاز، خاصة وان زوار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نقلوا عنه لـ»الديار» انه متفائل للوصول إلى خواتيم سعيدة بما يتعلق بملف ترسيم الحدود البحرية، حتى أنه قال ان «هذه الإيجابية قد تنعكس أيضا على الحدود البرية».
وفي هذا السياق، وفي ذكرى 12 تموز 2006، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري المجتمع الدولي الى «تحمل مسؤولياته للضغط على المستويين السياسي والأمني على الكيان الإسرائيلي وكبح جماح عدوانيته والإذعان للقرارات الدولية ذات الصلة»، مؤكدا «الدفاع عن مواردنا البحرية والبرية تماماً بل أكثر مما دافعنا فيه عن برنا».
كباش حكومي- شخصي
وبما يؤكد الوصول باكرا الى ما يشبه الحائط المسدود بملف تشكيل الحكومة، اعتبر بري يوم امس ان اللبنانيين «أمام إمتحان جديد مدعوون فيه لإستحضار كل العناوين التي مكنتهم من الإنتصار في تموز عام 2006 وفي مقدمها الوحدة والحوار والإقلاع عن أي محاوله لإسقاط لبنان من داخله بضربات التعطيل وإغراق مؤسساته في الفراغ والكف عن الإمعان في العبث السياسي والدستوري والتضحية بالوطن على مذبح الاحقاد الشخصية والأنانية»، معتبرا انها «أفعال وسياسات من حيث يدري أو لا يدري مرتكبوها ترقى الى مستوى الجريمة لا بل الخيانة بحق لبنان واللبنانيين».
وتؤكد مصادر سياسية مطلعة على ملف تشكيل الحكومة ان «الموضوع تطور سريعا بعدما كشف كل فريق نواياه للآخر وتحول الصراع من كباش على الحصص والصلاحيات الى كباش شخصي بين عون وباسيل من جهة وبري وميقاتي من جهة اخرى».
وتقول المصادر لـ»الديار»:» ليس مستبعدا ان تستمر الشكليات في عملية التشكيل فيزور ميقاتي قصر بعبدا قريبا لكنه سيكون خالي الوفاض متمسكا بتشكيلته التي سبق ان قدمها الى عون منفتحا على تعديلات بالشكل لا بالمضمون، وهو ما سيرفضه عون الذي بات على يقين ان ما يحصل محاولة لكسره اكثر لا بل ابعد من ذلك محاولة لانهاء عهده قبل ان ينتهي دستوريا، لذلك لن يتردد والنائب باسيل بمحاولة تطويق كل هذه المحاولات ايا كانت التداعيات».
وبحسب معلومات «الديار» فقد باشر باسيل حصر خياراته للتعامل مع المرحلة المقبلة بعدما بات على قناعة بانعدام حظوظه الرئاسية وبأنه من الافضل له عدم خوض معركة خاسرة تفاقم خساراته والعماد عون، على ان ينصرف في السنوات المقبلة لحصر الخسارات ومحاولة استيعابها وترتيب البيت العوني الداخلي وبالتوازي العلاقات مع مختلف القوى السياسية الداخلية تمهيدا للاستحقاق الرئاسي عام 2028».
وتشير المعلومات الى ان «ذلك لا يعني ان باسيل سيقبل الظهور بموقع الخاسر او المستسلم في المرحلة الحالية بل بالعكس سيسعى لرفع سقفه ووضع جملة من الشروط تسبق اي تنازل يقدمه ايا كان شكله لقناعته انه كان ولا يزال صاحب اكبر كتلة نيابية مسيحية ولا يمكن تخطيه».
شحادة الخبز
وفيما يبدو الافق السياسي مغلقا بانتظار ما سيرشح من تطورات بعيد حراك بايدن وبوتين، وما ستحمله كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المرتقبة في الساعات المقبلة، وهي كلمة ستضع النقاط على الحروف بملف الترسيم بعد البيان «المزعج» الذي صدر عن ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، تتواصل مآسي اللبنانيين مع الكهرباء والمياه والخبز الذي انقطع بشكل شبه كلي يوم امس، ما اضطر العشرات للاصطفاف في طوابير طويلة امام بعض الافران التي فتحت ابوابها والتي لم تعط كل شخص الا ربطة واحدة.
ورد رئيس نقابة صناعة الخبز في لبنان طوني سيف في حديث صحفي تجدد ازمة الخبز لـ»اقفال المطاحن لأول مرة 5 أيام متتالية خلال فترة الأعياد، الأمر الذي فاقم أزمة الرغيف».
وأعلن أنّ «المطاحن عاودت إنتاجها إعتباراً من صباح الثلاثاء ، وهي بدأت بإنتاج الطحين وسيتم توزيعه على الأفران بشكل كامل»، مرجحا انتهاء الازمة «في غضون 24 أو 48 ساعة المقبلة على أبعد تقدير».
وأوضح سيف أنّ «هناك شحنات من القمح في طريقها إلى لبنان وقد تمّ التعاقد عليها على السعر المدعوم». وناشد المعنيين «بضرورة شراء الإنتاج اللبناني من القمح القاسي وتقدّر كميته بحوالي 50 ألف طن، إذ بالإمكان خلطه مع القمح الطري لإنتاج الطحين، وهذا ما يتيح للبنان خلق مخزون من القمح المعد للطحن وإنتاج طحين يكفي السوق المحلية لحوالي الشهرين أو أكثر».
من جهتها، قالت مصادر مواكبة لهذا الملف لـ»الديار «:»لا يبدو ان ازمة الخبز ستنتهي قريبا. فهي ما تلبث ان تخفت حتى تنفجر مجددا.طالما الطحين مدعوم ستبقى الازمة مفتوحة وستبقى معاناة اللبنانيين قائمة