مقدمة نشرة اخبار تلفزيون لبنان
وسط حالة البلبلة والتخبط التي تسود البلاد في خضم الأزمة المعيشية المالية الكارثية وتداعياتها ومع دخول اضراب القطاع العام شهره الثاني والعقم أو العطل في عمل بعض المؤسسات وبعض الادارات بدأ الموفد الفرنسي المكلف بتنسيق الدعم الدولي للبنان “بيار دوكان” لقاءاته الرسمية التي كان قد استهلها بلقاء الهيئات الاقتصادية.. دوكان شدد على أن لا بديل عن “التوقيع السريع للغاية” على برنامج مع صندوق النقد الدولي معتبرا أن ذلك يشكل الوسيلة الواقعية الوحيدة لخروج لبنان من الأزمة..
بلبلة وجلبة من نوع آخر في “مسلسل-تابع” :
قوة من أمن الدولة لاحقت حاكم مصرف لبنان من مكان الى آخر ودهمت منزل الحاكم رياض سلامة في الرابية قبل الظهر، وذلك بعد إخبار عن وجوده هناك.. لكن تبين أن سلامة لم يكن موجودا داخل المكان، الأمر الذي استدعى مغادرة القوة الأمنية وانتقالها الى مصرف لبنان في الحمرا لتصل بعدها القاضية غادة عون الى مصرف لبنان فكان موقف اعتراضي لنقابة موظفي مصرف لبنان احتجاجا وانتفاضا” على ما ينال من كرامتهم بحسب ما صدح به النقيب عباس عواضة…
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أبدى أسفه للطريقة الاستعراضية التي تتم فيها معالجة ملفات قضائية حساسة لها ارتباط بالاستقرار النقدي في البلاد، ما يعرض البلد لاهتزاز لا تحمد عقباه.. وزاد : إن عمل دهم المصرف المركزي بهذا الشكل الاستعراضي وسط تداخل الصلاحيات بين الاجهزة القضائية ليس الحل المناسب لمعالجة الملف… لقد قلت وأكرر: لسنا متمسكين بأحد، ولا ندافع عن أحد بل نتمسك بالقضاء العادل بعيدا من الاستنسابية،والمطلوب ان تتم معالجة هذا الملف بتوافق سياسي مسبق على حاكم جديد لمصرف لبنان..
في جانب عدلي آخر تم الاستماع اليوم الى رئيس دائرة المناقصات الدكتور جان العلية على خلفية الإخبار المقدم في حقه من مجلس شورى الدولة…
في الخارج قمة روسية-ايرانية-تركية في طهران اليوم بعد مرور اربعة ايام على قمة جدة الأميركية الخليجية المصرية الاردنية العراقية…
أما في جنوب شرق أوروبا فالأوضاع على سخونتها في الميدان الأوكراني.1
وفي لبنان انحباس سياسي يخفض حرارة مساعي التأليف الحكومي إلى ما دون الصفر.
ذلك أن أي تحرك لم يرصد على خط استئناف المشاورات المباشرة بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي واقتصر نشاط الأخير بعد عودته من رحلته الخارجية على نشاط رسمي كرئيس حكومة تصريف أعمال لا كرئيس مكلف.
وبعد هدنة لأيام قليلة بين قصر بعبدا والسراي الحكومي وحكما ميرنا الشالوحي استأنف التيار الوطني الحر حملته على الرئيس المكلف متهما إياه بتضييع الوقت وطالبه بالبدء في تأليف الحكومة قائلا ان رحلة الاستجمام التي قضاها في الخارج كلفت الدولة مئتين وخمسين مليون دولار فضلا عن كلفة الأيام التي ضيعها منذ تكليفه.
في الوقائع اللبنانية البارزة اليوم تحرك أمني على خط ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة… قوة من أمن الدولة حاولت القيام بدهم المصرف المركزي من دون جدوى مع العلم ان القاضية غادة عون وصلت إلى المبنى الكائن في الحمرا وقامت بجولة تفتيش قبل أن تغادر بطلب من القاضي رجا حاموش.
من جانبها أعلنت نقابة موظفي مصرف لبنان الاضراب إحتجاجا على ما وصفتها بالطريقة الميليشياوية للقاضية عون فيما أنتقد الرئيس نجيب ميقاتي الطريقة الاستعراضية التي تتم فيها معالجة ملفات قضائية حساسة لها ارتباط بالاستقرار النقدي في البلاد مما يعرض البلد لاهتزاز لا تحمد عقباه.
وعلى مسار قضائي آخر مثل المدير العام لإدارة المناقصات في التفتيش المركزي جان العلية امام النيابة العامة التمييزية لاستجوابه في الإخبار المقدم ضده من مجلس شورى الدولة.
العلية أشار إلى امتلاكه دلائل على وجود ارتكابات في مناقصة السوق الحرة بمطار بيروت متهما قيادات سياسية بالوقوف وراء قرار مجلس الشورى وتلزيم شركة جديدة تشغيل السوق الحرة بدلا من الملتزم حاليا.
في الخارج وعلى مسافة أيام قليلة من جولة الرئيس الأميركي جو بايدن في الشرق الأوسط والتي وصفت نتائجها بالمتواضعة أو الفاشلة جاءت اليوم القمة الروسية – الإيرانية – التركية في طهران التي يصل إليها أيضا وزير الخارجية السورية.
القمة الثلاثية الأولى منذ العام 2019 تكتسب أهمية خاصة في غمرة الملفات الاقليمية والدولية المتزاحمة وما يمكن أن يتمخض عنها من قرارات وتوجهات لا شك في انها ستترك بصمات في المرحلة المقبلة.
بطل الفضيحة الثانية القاضي فادي عقيقي، الذي امر بنزع جواز سفر النائب البطريركي المطران موسى الحاج عند نقطة الامن العام في الناقورة مع قرار بمنعه من السفر. التدبير الكيدي الاعتباطي، واكبه توقيف المطران الحاج لمدة ثماني ساعات خضع فيها لتفتيش دقيق لم يفرج عنه الا بعد تدخل مرجعيات قضائية ودينية عليا. ولم يكتف عقيقي بهذا بل استدعى الحاج للتحقيق معه في المحكمة العسكرية غدا الاربعاء. فكيف بلغ الاستهتار بكرامات المرجعيات الروحية الى هذا الحد؟ وهل اصبح دور بعض القضاة يقتصر على تنفيذ اجندات سياسية معينة؟ اذ اليس المقصود من كل ما يحصل توجيه رسالة الى البطريرك الراعي، باعتبار ان سيد بكركي يطالب باشخاص محايدين لرئاسة الجمهورية ، لا لشخصيات مرتهنة لهذا المحور او ذاك؟ المهم ان بكركي ستتصدى لما حصل، وسينعقد غدا مجلس استثنائي للمطارنة الموارنة في الديمان، علما ان معلومات ال “ام تي في” تؤكد ان المطران الحاج لن يمثل امام قاضي تحقيق في محكمة مشكوك بدورها من الاساس. تبقى الفضيحة الثالثة، وهي مثول رئيس دائرة المناقصات جان العلية على خلفية الاخبار المقدم في حقه من مجلس شورى الدولة . الواضح ان الاخبار سياسي بامتياز ، لان العلية يواجه بقوة فريق العهد، كما يقف في وجه ممارساته واستباحته مفهوم المناقصات، بل حتى مفهوم الدولة. مع الاشارة الى ان العلية عين على عهد ميشال عون، لكن اركان العهد انقلبوا عليه لانه يصر على تطبيق القانون ولا يرضخ لا للتهديد ولا للوعيد. باختصار، ثلاث فضائح فجّرها العهد القوي في يوم واحد . فهل ما حصل صدفة؟ ام ان اثارة الفوضى مطلوبة لمنع تشكيل حكومة ، وحتى لمنع انتخاب رئيس جديد، ما يؤدي الى اطالة عمر العهد الجهنمي ما امكن؟.
تشريعيا، انها الحلقة المفرغة. اذ لولا النشاط اللافت للجنة المال والموازنة، لما شعر اللبنانيون ان الانتخابات النيابية الاخيرة جرت، ولا ان قوى تغييرية دخلت او قوى حزبية كرست حضورها وأحجام كتلها في مجلس النواب.
حكوميا، انها الحلقة المفرغة، في ضوء تمسك رئيس الحكومة المكلف بالتشكيلة التي رفعها الى رئيس الجمهورية غداة الاستشارات النيابية، والتي لا تمت بصلة الى وحدة المعايير، هذا عن تخطيها اساسا الاصول الدستورية التي تقضي بوجوب التشاور مع رئيس الدولة في التأليف، لا مجرد اعداد التشكيلات ومحاولة فرضها حيث لا فرض ممكنا اليوم، كما لم يكن ممكنا في اي يوم.
في ملف الترسيم، انها الحلقة المفرغة، على وقع الاطماع الاسرائيلية المعروفة، والانحياز الواضح للوسيط، في مقابل عنصر القوة اللبناني المتمثل بالمقاومة وبتمسك رئيس الجمهورية بكامل حقوق لبنان.
وفي الشأن القضائي، انها الحلقة المفرغة، وآخر تجلياتها اليوم ما تكرر في ملف رياض سلامة: امن الدولة والقاضية غادة عون يطبقان القانون ويسعيان الى الحق، وفي المقابل رئيس حكومة مكلف يبرر ويفسر ويسوف، وسياسيون كثيرون يدافعون واعلاميون اكثر يطبلون ويزمرون.
ابعد من انتظار بيانها الختامي كان تبيان محتواها، ففيما المنطقة والعالم على صفيح ساخن، صب قادة الدول الثلاث – ايران وروسيا وتركيا – عصارات تنسيقهم ومشاريعهم على الملف السوري لتبريده، وعلى خطوط النفط والغاز لتفعيلها، وعلى اتفاقات التعاون المشترك لتسخينها..
وعن الشراكة التي لا بد منها وتداعياتها على المنطقة والعالم، اعلم الرؤساء الثلاثة كل الكون ان الاحادية القطبية باتت في خبر كان، وان المنطقة ليست مرسومة بالحبر الاميركي الخالص، فتوازنات القوى والمصالح المستجدة اقوى بكثير من اوهام البعض ..
وفي الجديد السوري رسم بالسياسة على ارض الواقع بما يحفظ السيادة السورية ووحدة اراضيها، فيما اسمع الامام السيد علي الخامنئي الزائر التركي أن أي عمل عسكري في سوريا سيعود بالضرر على تركيا وسوريا والمنطقة، وسيصب في مصلحة الجماعات الارهابية..
اما الارهابيون الصهاينة فيتقلبون محترقين ببيانات القمة ولقاءاتها واتفاقاتها، مع اجماعهم انها في غاية الخطورة عليهم، وان نتائجها وتداعياتها اقوى بكثير من لقاءات جدة وجولة بايدن في المنطقة..
في المنطق اللبناني كل الامور معلقة حتى اشعار جديد، والازمات على تفاقمها المميت، والموظفون رافضون للمقترحات الحكومية المؤقتة للحل، فيما حل منسق المساعدات الدولية من اجل لبنان السفير بيار دوكان ضيفا على اللبنانيين، في تزامن مع جولة استطلاعية لوفد اميركي. اما جولة مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون بين منازل حاكم مصرف لبنان ومقر عمله، فلم تثمر لقاء بالحاكم رياض سلامة الرافض للمثول امام القضاء.
وامام هذا الواقع المرير يترقب اللبنانيون أن ينظر مسؤولوهم بعين الرحمة الى البلد، فيشفقوا بأهله، ويخطوا ولو خطوة باتجاه علاجات ولو مؤقتة، وبدايتها – تشكيل الحكومة.
وفي باريس أنهى رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد زيارته لفرنسا، بعد قمة وصفت بالناجحة وتخللها توقيع عدة إتفاقات بين فرنسا والإمارات، والحفاوة التي استقبل بها بن زايد عكست عمق التفاهم مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
في لبنان، الوضع إلى مزيد من التدهور على كل المستويات:
إداريا، رفض موظفو الإدارة العامة عرض السلطة الذي تمثل في العطاءات التي عرضها الإجتماع الوزاري في السرايا أمس.
السؤال هنا : السلطة أعطت أقصى ما بالإمكان إعطاؤه ، وتم رفضه، فإلى أين ستسير الأمور في هذه الحال سوى إلى المأزق؟
قضية رئيس دائرة المناقصات الدكتور جان العلية تحولت إلى قضية رأي عام، بعد التعاطف الذي حاز عليه الدكتور العلية، واعتبار أن ملاحقته فيها شيء من الكيدية خصوصا أن تهمته الحقيقية أنه يدافع عن المال العام.
واليوم فصل جديد من فصول المواجهة بين القاضية غادة عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. القاضية عون دهمت منزله في الرابية، للمرة الثانية في أقل من شهر، هذه المرة لم تفتح خزنات، بل توجهت إلى مصرف لبنان ودخلت إلى الطابق حيث يقع مكتبه، وغادرت.
ولكن أبعد من الإعتبار القضائي، هناك من أراد أن يحول عملية الدهم إلى مقطع من أفلام “الأكشن”، تحت عدسات الكاميرات في عملية إستعراضية على طريقة تلفزيون الواقع، ما أفقدها جديتها وحولها إلى عملية سينمائية فاشلة في الإعداد والإخراج، وحاولت تضليل الإعلام وتحقيق سبق قضائي أو أمني على حسابه، باءت بالفشل وأدت عكس الغرض منها، والنتيجة الفورية والمباشرة عنها هو قرار مجلس نقابة مصرف لبنان بإعلان الإضراب والإقفال التام لمدة 3 أيام إبتداء من غد الأربعاء، أي “طار” ما تبقى من الأسبوع . النقابة ناشدت كافة المعنيين وضع حد لما سمته “التصرفات غير اللائقة من قبل القاضية غادة عون، حتى لا نضطر آسفين إلى إعلان الإضراب المفتوح“.
في المضاعفات، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أسف للطريقة الإستعراضية التي يتم فيها معالجة ملفات قضائية حساسة لها ارتباط بالإستقرار النقدي في البلاد، مما يعرض البلد لاهتزاز لا تحمد عقباه. وقال: “إن مداهمة المصرف المركزي بهذا الشكل الإستعراضي وسط تداخل الصلاحيات بين الاجهزة القضائية ليس الحل المناسب لمعالجة ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.”
بعيدا من هذه الملفات الموحشة، هناك ملفات مضيئة كملفات الجمال التي بها نبدأ.