تستمر حملة التضامن مع البطريركية المارونية بعد إخضاع المطران موسى الحاج، النائب البطريركي العام للموارنة على القدس والأراضي الفلسطينية، للتفتيش والتحقيق عند الحدود اللبنانية خلال عودته مؤخراً من القدس ومصادرة أموال ومساعدات شتى كان يحملها معه. وفيما وصف رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ما يحصل في هذا الخصوص بـ«الفجور السياسي»، اتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي الذي أمر بتوقيف المطران بـ«الخائن»، فيما طالب «لقاء سيدة الجبل» القضاء بسؤال أمين عام حزب الله حسن نصرالله عن «مصادر تمويله وتشكيله جماعة مسلّحة تأتمر بأوامر دولة خارجية غصباً عن الدستور والقانون، الأمر الذي يُعد عمالة واضحة بكل المقاييس القانونية واللغوية».
واجتمع يوم أمس، المجلس التنفيذي للرابطة المارونية بالمطران الحاج الذي أكد أن ما تعرض له عند معبر الناقورة «كان متعمداً، لا عرضياً»، لافتاً إلى أنها ليست المرة الأولى التي تم التضييق فيها معه لدى عبوره إلى لبنان، و«هي معاملة لا تليق برجل دين، كما تتنافى مع القوانين التي ترعى العلاقة مع الإكليروس والقيادات الروحية من مختلف الطوائف». وشدد المطران الحاج على أن ما قام به هو إيصال المساعدات إلى عائلات لبنانية لأسباب ودوافع إنسانية لا علاقة لها بالسياسة أو بأي أجندة.
من جهته، اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بعد اجتماع تكتل «الجمهورية القوية»، أن ما حصل في موضوع المطران الحاج «غير مقبول بكلّ المقاييس، بغضّ النظر عن كلّ الحجج والقرائن التي صيغت»، لافتاً إلى أنه بذلك «تم انتهاك كل أصول اللياقة والتعاطي مع المرجعيات الدينية». وأضاف: «السبب الرئيسي وراء هذا التصرّف إيصال رسالة إلى بكركي أنّ مواقفها السياسية غير مقبولة. نأسف لأن تصل دولة لبنان إلى وضعية تحصل فيها تصرّفات بهذا الشكل مع بكركي خصوصاً».
وشدد جعجع على أن «بكركي لم تتأخر عن أي موضوع وطني»، واصفاً القاضي عقيقي بـ«الخائن»، وتابع: «للأسف رئيس الجمهورية يقول ليس من صلاحياتي ملاحقة القضاة، في حين أن الجميع تهرّب من المسؤولية في قضية المطران الحاج، ونعم لوزير العدل الصلاحية حين يُمَسّ الأمن القومي للبنان». واعتبر أن «هناك نيات سياسية كبيرة وغير مبيتة أنّ المجموعة الحاكمة تريد وضع يدها على البلد بطرق مختلفة».
وعلّق المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على قضية المطران الحاج، قائلاً: «أكنّ كل الاحترام للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ولكنني كرئيس جهاز من ضمن مهامه متابعة حركة الدخول والخروج على كل الحدود وما يتبعها من تفاصيل، فمن ضمن عملي أيضاً تنفيذ أي إشارة قضائية. إذا مرّ والدي على الحاجز أو المعبر وكانت هناك إشارة تقتضي تفتيشه فسنقوم بواجبنا كاملاً، وإذا كان هناك أي التباس فالجهة التي تتم مراجعتها هي القضاء وليست الأجهزة الأمنية».
أما رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، فنبه إلى أن «طرفاً لبنانياً – وبدعمٍ خارجي – يريد ويعمل على الإطاحة بالعقد الاجتماعي بين اللبنانيين القائم على أنّ لبنان وطن سيّد حرّ مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه وعربي الهوية والانتماء، وأنّ هذا الطرف يقوم تارةً باتهام طائفةٍ بكاملها بالإرهاب وطوراً آخر باتهام طائفة أخرى بكاملها بالعمالة، ويضع نفسه في موقع من يوزع الشهادات في الوطنية». وشدّد على أن «مواجهة هذا الفجور السياسي لا تكون من خلال عودة اللبنانيين أو دفعهم إلى داخل مربعاتهم الطائفية والمذهبية، بل هو حتماً في تمسك اللبنانيين جميعاً بتضامنهم الوطني حول قضاياهم الوطنية المحقّة تحت سقف الدستور وعلى أساس الاحترام الكامل لسيادة الدولة ولدولة القانون والنظام، وبما يحول دون ازدواجية السلطة».
وشدد السنيورة على أن «التلاعب بقضية المطران الحاج من أجل تفرقة المواطنين إلى وطني وعميل لا يجوز، كما لا يجوز تصغير القضية إلى حدود الأموال والأدوية وعبور الحدود اللبنانية المنيعة، إذ هي استخدامٌ لعناوين غير صحيحة وغير ملائمة من أجل المساس بالبطريركية المارونية وبدعاة الاستقلال والسيادة».
بدوره، أشار «لقاء سيدة الجبل» في اجتماعه الدوري الذي عقده إلكترونياً يوم أمس، إلى أن «حزب الله ومنذ توقيف المطران الحاج يحاول عبر أدواته السياسية والإعلامية تصوير القضية على أنّها قانونية بحت معزولة عن أي خلفية سياسية، بينما الحقيقة أنّها قضية سياسية بامتياز، إذ يسعى حزب الله وهو وكيل الاحتلال الإيراني للبنان إلى القول إنّ هناك طائفة وطنية حرّرت الأرض وحاربت الإرهاب، وهي اليوم ترسّم الحدود البحرية مع إسرائيل، بينما هناك طائفة مشكوك في وطنيتها وعميلة، إذ تسعى إلى التطبيع مع إسرائيل»، مؤكداً أنه «منطق مرفوض أشدّ الرفض». وطالب «اللقاء»، القضاء اللبناني، بـ«الاستماع إلى الأمين العام لحزب الله في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وسائر جرائم الاغتيال التي لم يتمّ التحقيق فيها وكذلك سؤاله عن مصادر تمويله وتشكيله جماعة مسلّحة تأتمر بأوامر دولة خارجية غصباً عن الدستور والقانون، الأمر الذي يُعد عمالة واضحة بكل المقاييس القانونية واللغوية».