كتبت صحيفة الديار تقول: على بُعد أيام معدودة من الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2019، يلخص الحريق المندلع منذ اكثر من أسبوعين في مبنى اهراءات القمح من دون التمكن من السيطرة عليه او عدم الرغبة بذلك، واقع الحال ان كان من حيث حالة الاستسلام والتلكؤ وصولًا إلى التواطؤ في التعامل مع هذه الفاجعة، ما يشكل ابشع سيناريو لاحياء الذكرى الثانية للانفجار، ويرجح تحول الرابع من آب كل سنة مجرد ذكرى مريرة من دون معرفة حقيقة ما حصل او معاقبة اي كان.
ففي وقت يستعد اهالي الضحايا لاحياء هذه الذكرى وسط دعوات إلى تجمعات واعتصامات للمطالبة بكشف الحقيقة والعدالة وعدم هدم الاهراءات، يبدو ان الجميع وصل الى قناعة بأن التحقيق في الانفجار سيبقى في الادراج بجنب عشرات التحقيقات السابقة.
العين على الرئاسة
فضغوط الاهالي المفجوعين وحدهم ستذهب ادراج الريح بعدما بات واضحا ان الحقيقة لم تعد تعني حتى المجتمع الدولي الذي لطالما صور نفسه حريصا أول على العدالة. وعشية الذكرى الثانية لهذا الانفجار لم يتطرق البيان الرسمي الصادر عن الاليزيه بعد زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى فرنسا إلى هذا الملف لا من قريب او من بعيد. اذ لحظ البيان حصرا «دعم البلدين (اي فرنسا والسعودية) لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، وأهمية تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة»، وأعربا عن ارتياحهما لعمل الصندوق السعودي ـ الفرنسي لدعم العمل الإنساني والإغاثي في لبنان بأعلى معايير الشفافية. ما لم يقله البيان قالته مصادر اطلعت على نتائجه، لافتة الى ان الطرفين ربطا اي مقاربة جديدة للملف اللبناني بنتائج الاستحقاق الرئاسي، من دون التطرق الى الاسماء او مواصفات الرئيس الجديد. واضافت لـ «الديار»: «الرياض وباريس تتابعان عن كثب ما اذا القطار اللبناني تم وضعه حقيقة على مسار الاصلاح، وهما ستبقيان دعمهما مركزا على العمل الانساني والاغاثي بعيدا عن الشِرْكة المباشرة مع اي حكومة ما لم يتم توقيع اتفاق واضح المعالم مع صندوق النقد، ليُبنى بعدها على الشيء مقتضاه».
من جانبها، قررت واشنطن تمديد حال الطوارئ المتعلّقة بلبنان. ووجّه الرئيس الأميركي جو بايدن رسالة إلى قيادات الكونغرس شدّد فيها على ضرورة تمديد حال الطوارئ المتعلّقة بلبنان. وأوضح أنّ «بعض الأنشطة الجارية مثل عمليّات نقل الأسلحة المستمرّة من إيران إلى حزب الله تعمل على تقويض سيادة لبنان». وقال إن تلك العمليات تساهم في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، وتشكّل تهديدا على المستوى الوطني، كما تقوّض أمن الولايات المتّحدة الوطني.
تفاؤل مفرط؟!
في هذا الوقت، تتجه الأنظار الى الزيارة المرتقبة يوم غد الاحد للوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان آموس هوكشتاين. ولفت ما أعلنه يوم أمس وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب لجهة أنه متفائل بإمكان الوصول الى اتفاق بين لبنان واسرائيل عبر الوساطة الأميركية من أجل ترسيم الحدود البحرية بينهما، مشددا على أنه لم يسبق أن كان هناك تفاؤل بالقدر الموجود اليوم.
ونبهت مصادر مواكبة للملف الى ما أسمته «تفاؤل مفرط» يشيعه بعض المسؤولين اللبنانيين، «ما يوحي بأن الاتفاق النهائي قد أنجز علما اننا نتوقع ان يكون هوكشتاين يحمل ردا «ملغوما» على الطرح اللبناني، ما يوجب حذرا في التعاطي مع الملف بدل التسرع في تعميم الايجابية». وقالت المصادر لـ «الديار»: «صحيح أن الطرفين الإسرائيلي والاميركي يتوقان إلى اتفاق سريع لضمان استخراج الغاز قبل نهاية الصيف الحالي، الا أن ذلك لا يعني أن الأمور وصلت إلى خواتيمها بخاصة أننا نتعامل مع عدو وبالتالي الشياطين معه تكمن لا شك في التفاصيل، ما يوجب التمسك بعامل قوة لبنان الا وهو المقاومة والوقوف خلفها في هذا الملف بعدما تصدرت المشهد فارضة شروطها بما يؤمن مصلحة البلد العليا».
دولرة البنزين تهدد سعر الصرف
معيشيا، وفيما يبدو ان نوعا من الحلحلة طرأت على ازمة الخبز مع وصول شحنات جديدة من القمح المدعوم واستلام عدد من المطاحن والافران حصتها، لفت يوم امس تخطي سعر الصرف مجددا عتبة الـ30 الف ليرة وسط مخاوف من تواصل مسار ارتفاعه بخاصة بعد قرار مصرف لبنان الاخير تأمين الدولار لاستيراد هذه المادة من 100% وفق منصته «صيرفة» إلى 85% بينما تحتسَب النسبة المتبقية أي 15% على سعر الدولار وفق السوق السوداء.
وقالت مصادر مالية لـ « الديار» انه مع نفاد الاحتياطات بالعملات الاجنبية، يرجح ان يصدر «المركزي» قريبا قرارا آخر يرفع فيه نسبة الـ ١٥٪ الى ٣٠٪ تمهيدا لدولرة البنزين كليا، وهو ما سينعكس بشكل كبير على سعر الصرف مع ارتفاع الطلب على الدولار في السوق السوداء ما سيجعله يلامس مستويات غير مسبوقة».
في هذا الوقت، شهدت ازمة القطاع العام بعض الحلحلة رغم اعلان رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر مواصلة الاضراب. واعلن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل يوم أمس عن جهوزية وزارة المالية بمديرياتها المركزية والإقليمية لاستقبال جميع المعنيين واستئناف العمل لاستقبال المواطنين بغية استعادة تسيير أعمالهم وللقيام في كل المهام المنوطة بهم بشكل طبيعي اعتبارا من يوم الاثنين المقبل في الأول من آب الحالي.
وأبدى الخليل تفاؤلا بـ «إمكان تأمين رواتب ومخصصات جميع العاملين في القطاع العام، مراهنا على حس المسؤولية لدى المعنيين في باقي الإدارات وحذوهم حذو زملائهم الموظفين والعاملين في مديرية المالية العامة في إعادة استنهاض الإدارة العامة من خلال دورها المحوري بالنسبة إلى جميع القطاعات، خصوصا في الظرف الصعب الذي تمر فيه البلاد».
وقالت مصادر مطلعة على الملف لـ «الديار» أن «هناك نوع من التخبط بين موظفي القطاع العام ففيما يصر البعض منهم على مواصلة السير بالإضراب يعتبر آخرون أنه يجب إعادة النظر به بعد مقترحات الحكومة الاخيرة وإن كانت لا تلبي طموحاتهم»، ورجحت مصادر في حديث لـ «الديار» ان «ينتهي الاضراب قريبا خاصة بعد التهديدات الحكومية بعدم حصول المضربين على رواتبهم وبفصل من يواظب منهم على الإضراب من عمله».