حرّك اللقاء بين رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ووفد حزب الله الركود السياسي، وشكل انعطافة سياسية تتخطى الإطار الثنائي الضيق الذي حاول البعض في الأيام الماضية تصويره على هذا النحو. فكما أوضح جنبلاط بعد اللقاء “أننا تركنا النقاط الخلافية جانباً وتحدّثنا حول النقاط التي يمكن معالجتها بشكل مشترك في ما يتعلق بالاقتصاد والإنماء للوصول إلى الحد الأدنى من التوافق حول أمور تهم المواطن”، كان الموقف مماثلا لدى حزب الله من خلال ما قاله الحاج حسين خليل المعاون السياسي لأمين عام الحزب حسن نصرالله، أن “ثمة مساحة مشتركة يستطيع اللبنانيون النقاش والجدال فيها إلى أن يصلوا إلى نتيجة تكون في خدمة المواطن”، فالوضع الصعب الذي يمر به الناس يحتم على كافة المسؤولين التلاقي بعيدا عن الإختلافات السياسية الكبرى لإيجاد حلول ولو بالحد الأدنى من شأنها تخفيف الأعباء عن الناس لاسيما على أبواب فصل الشتاء وهموم التعليم والاستشفاء والأمور المعيشية الأخرى.
أجواء اللقاء الصريحة عبّر عنها كل من جنبلاط وخليل، ويُتوقع أن تؤسس لنقاشات على مستوى عام حول المواضيع التي تعني الناس بالدرجة الأولى. وقد كشفت مصادر مطلعة لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أن الصراحة كانت السمة الغالبة في اللقاء حيث طرح جنبلاط الهواجس الأساسية التي يراها أولوية لهذه المرحلة، ويتقدّمها العنوان الاقتصادي المعيشي والتفاوض مع صندوق النقد الدولي كفرصة إنقاذ وحيدة لإخراج البلاد من الانهيار، إلى العنوان المتعلق بترسيم الحدود البحرية وضرورة عدم تفويت إستفادة لبنان من الثروة الموعودة وعدم زج البلد بحرب مدمّرة سوف تأخذ بدربها كل شيء، والعنوان الثالث الرئاسة حيث كان حرص على مقاربة هذا الاستحقاق على قاعدة عدم التحدي بل البحث عن الشخصية القادرة على الانفتاح على الجميع والحوار واستعادة دور لبنان على شتى الصعد. هذه الصراحة الواضحة من جنبلاط، قابلتها إيجابية من الخليل وصفا، اللذين وعدا بنقل وجهة النظر والعودة بمزيد من الأفكار التي يمكن البناء عليها.
حرص جنبلاط على محاولة خرق جدران الأزمة أكدت صوابيتها ثقل الأحداث المتتالية والمتنقلة، وازدياد مساوئ الازمات، وقد أعطى حادث “فيديرال بنك” نهار أمس في الحمرا صورة أخرى عن معاناة المواطنين ما يؤكد أهمية الإسراع في إيجاد الحلول للأزمات الاجتماعية في البلد رغم الاهتمام بالمسائل الكبرى كاستحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية أو مسألة ترسيم الحدود البحرية، التي عزا نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب تعثر المفاوضات بشأنها إلى العدوان الاسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
مصادر متابعة لمفاوضات الترسيم استبعدت في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية أن يكون ما يجري داخل فلسطين المحتلة هو السبب المباشر لتجميد مفاوضات الترسيم، فالمسألة برأي المصادر أبعد بكثير من أحداث غزة والضفة، معتبرة أن المسار الذي تسلكه عملية الترسيم مرتبط بشكل مباشر بمفاوضات فيينا التي لا تزال غير محسومة بعد.
المصادر رأت أن مفاوضات فيينا صعبة ومعقّدة، ومن الطبيعي أن تنعكس على المنطقة بشكل عام وعلى لبنان بشكل خاص، وتأتي من ضمنها عملية ترسيم الحدود.
من جهة أخرى وفي ضوء ما أكده وزير الطاقة وليد فياض حول الفيول العراقي وتجديد العقد مع العراق، كشف النائب السابق محمد الحجار في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية ان العقد القديم الموقع مع العراق يسمح للبنان بأن يستفيد بمئة طن من الفيول غير المطابق للمواصفات عبر مناقصة تجريها وزارة الطاقة التي تأخذ الفيول من العراق وتقوم باستبداله بفيول يتناسب مع معدات الانتاج. وقال: “يبدو ان هناك اتفاقا بين لبنان والعراق على زيادة الكمية بغية زيادة كمية إنتاج الطاقة بمعدل ساعة أو ساعتين في اليوم بالحد الادنى” واصفا هذه السياسة بأنها ترقيع بترقيع ولن تحل المشكلة.
الحجار شدد على ضرورة تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء لكي تستقيم الأمور، معتبرا أن النائب جبران باسيل وفريقه السياسي لا يريدون ذلك من أجل الاستمرار بوضع اليد على وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان. وكشف أن البنك الدولي لم يوافق على اعطاء لبنان مساعدات مالية لصالح الكهرباء ما لم يتم تشكيل الهيئة الناظمة كشرط أساسي.
أما في ما يتعلق بملف الترسيم، فلفت الحجار الى وجود مشكلة لأن الترسيم برايه مرتبط بالموقف الايراني. وقال “لو شتت في فيينا بيحملوا اللبنانييّ شماسي”، معتبرا ان ايران ليس لديها نية صافية بتسهيل عملية الترسيم وكذلك اسرائيل. في حين ان إقرار الترسيم يريح لبنان.