هل تعكس الحركة الحكومية المستجدة يقينا سياسيا متقدما ان فخامة الفراغ سيتربع وحده على الكرسي الرئاسي بعد 31 تشرين الاول، خصوصا ان حزب الله هو من اطلق اولى اشاراته؟ وهل تندرج زيارة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى بعبدا امس في خانة المسعى المستجد لانعاش جهود التأليف بعدما وضع معظم القوى السياسية الملف خلفه وسلم بلا جدوى التعب والعناء لحكومة “كم شهر”؟
في الظاهر، لا شيء تغيّر ولا مستجد حتّم زيارة ميقاتي الى القصر، لا بل بقي القديم على قدمه، اذ ان ميقاتي قال انه تشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون في التشكيلة الحكومية الوحيدة التي قدمها في اليوم الثاني على تكليفه، الا ان حركته هذه لا بدّ انها في العمق،على صلة بدوافع حتمتها في هذه اللحظة السياسية بالذات وربما بنصيحة الصديق نبيه بري حليف الحزب، بعدما تسربت معلومات عن امكان عدم تسليم الحكم الى حكومة غير كاملة الصلاحيات وبروز جدلية سياسية واشكالية دستورية ستضع البلاد في مهب الريح في اكثر اللحظات حراجة.
وتحدثت مصادر متابعة ان ميقاتي غير موقفه ويريد تعويم الحكومة الحالية كما هي، باعادة تسمية جميع الوزراء على ان تنال ثقة المجلس النيابي ببيانها الوزاري نفسه ، لتكون حكومة كاملة الصلاحيات في حال تعذر انتخاب رئيس للجمهورية ، وسيتابع هذا الموضوع مع عون في لقاء بعد يومين على ابعد تقدير. والكرة الان في ملعب رئيس الجمهورية.
حركة حكومية
دفعة واحدة تحركت الامور على الخط الحكومي. فغداة لقاء تشاوري وزاري في السراي، زار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي قصر بعبدا، الا ان المواقف التي قالها لم توح بخرق قريب في عملية التشكيل. فهل يتم تعويم حكومة تصريف الاعمال ام يتفق ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون في لقاءاتهما المقبلة على حل وسط يخرج التأليف من عنق الزجاجة؟
للحديث صلة
صباحا اذا، استقبل رئيس الجمهورية الرئيس ميقاتي، وتم خلال اللقاء البحث في الاوضاع العامة وملف تأليف الحكومة العتيدة. وبعد اللقاء ادلى الرئيس ميقاتي بالتصريح الآتي “في 29 حزيران الماضي قدمت الى فخامة الرئيس تشكيلة للحكومة، وتم خلال لقاء اليوم البحث في هذه التشكيلة، وللحديث صلة. وسنتواصل لأنني أستطيع أن اقول أن وجهات النظر متقاربة”.
كسر الجليد
وإذ قال عضو لبنان القوي النائب اسعد درغام ان “زيارة ميقاتي لبعبدا كانت ايجابية تم البحث خلالها بالصيغة التي كان قد تقدم بها وتم الكلام عن تعديلات طفيفة يمكن ان تطرأ عليها كما بحث بملاحظات الرئيس عون السابقة”، وافيد ان اجتماع امس اعاد ملف تشكيل الحكومة الى الواجهة من جديد وكسر الجليد بين الرئيسين عون وميقاتي وقد أظهرا نية حقيقية بالسير لتشكيل الحكومة واتفقا على مواصلة المشاورات والبحث.
لا للتسوية
رئاسيا، وعشية كلمة مرتقبة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الجمعة، اكد رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع من جديد ان “الدعوة الى التفاهم او التسوية مع محور الممانعة حول ملف الرئاسة مرفوضة لأنه في أحسن الأحوال سيؤدي حتما الى تمديد الازمات التي تعاني منها البلاد، وفي أسوأ الاحوال الى تعميق الحفرة التي نتخبط فيها”. وشدّد خلال استقباله السفيرة السويدية على ان اهتمامات ومصالح حزب الله تتنافى مع مصالح لبنان الدولة والوطن.
الطعون النيابية
الى ذلك، قفزت الى الواجهة اليوم قضية الطعون النيابية. فقد غرّد جعجع على حسابه عبر “تويتر”، كاتبا: تُمارس ضغوط كبيرة من قبل “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” على أعضاء المجلس الدستوري للتلاعب بالطعون النيابية بغية نقل أربعة مقاعد من المعارضة إلى الموالاة، في مناطق مختلفة، خصوصا في طرابلس ومرجعيون. الهدف من هذه الضغوط قلب ميزان القوى داخل المجلس النيابي تحضيرا للانتخابات الرئاسية… وكان المجلس الدستوري اكد أن أي تكهنات بصدور قرارات لصالح جهات معينة بنتيجة الطعون الإنتخابية النيابية، لا يعنيه، وأنه لا زال في طور التحقيق بالطعون المقدمة إليه، ويتم إعداد تقارير بشأنها في مهلة أقصاها 30 أيلول المقبل، علمًا بأن القانون حدد مهلة شهر على الأكثر تلي ورود التقرير للمذاكرة في الطعن وإصدار القرارات النهائية.
اضراب قضائي
قضائيا ايضا، تداعى أكثر من ٣٥٠ قاضيا ( من أصل ٥٦٠) لإتخاذ موقف واحد ألا وهو التوقف عن العمل بشكلٍ تام. وقد لوحظ بأن النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون وافقت على ذلك، بالاضافة الى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، وقاضية التحقيق الأولى في الشمال سمرندا نصار، كما النائب العام الإستئنافي بالتكليف في الشمال القاضي زياد الشعراني. واللافت أن أحد أعضاء مجلس القضاء الأعلى القاضي داني شبلي توقف أيضاً عن العمل، وهي المرة الاولى التي يقف قاضٍ من مجلس القضاء الى جانب القضاة بشكلٍ ظاهر، وفي موضوع يتعلق بالتوقف عن العمل القضائي. وتوافق امس قضاة من القضاء العدلي ومجلس شورى الدولة وديوان المحاسبة على التوقف نهائياً عن العمل. وتوقف هؤلاء القضاة، وهم من رتب ودرجات مختلفة، عن العمل بشكل كامل جاء على خلفية رفضهم توقف مصرف لبنان عن سداد رواتبهم على سعر صرف ثمانية الآف ليرة كما حصل في شهر تموز مع تجميد العمل بالتعميم الصادر في هذا الخصوص نتيجة اعتراض عدد كبير من القطاعات العاملة في القطاع العام والتي لم يلحظها التعميم نفسه، علماً أن رواتب القضاة وملحقاتها تُصرف من صندوق التعاضد الخاص بهم لدى مصرف لبنان.
مواد الموازنة
الى ذلك، انهت لجنة المال والموازنة في جلستها برئاسة النائب ابراهيم كنعان، دراسة مواد الموازنة ، وستعقد جلسة اليوم مخصصة للارقام النهائية التي سيتم اعتمادها للنفقات والايرادات والبت ببعض المواد العالقة المرتبطة بسعر الصرف.