كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: في جو مثقل بالأزمات والمفآجات، انعقد اللقاء الثاني بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي. هذا الاجتماع الذي كان متوقعاً أن يكون حاسماً في موضوع تشكيل الحكومة خرج بعده الرئيس المكلف من دون الادلاء بتصريح كما درجت العادة.
ميقاتي حمل الى عون مسودة تشكيلتين، الأولى من 24 وزيراً وهي على شاكلة الحكومة المستقيلة مع التبديل في بعض الاسماء والحقائب وإبقاء الطاقة مع الوزير وليد فياض ارضاء للتيار الوطني الحر، والثانية بإضافة 6 وزراء دولة على التشكيلة نفسها. الا أن التشكيلتين على ما يبدو لم تنالا رضى عون لينتهي اللقاء دون تحديد موعد آخر للقاء جديد.
مصادر مواكبة للاتصالات التي ترافق تشكيل الحكومة أشارت الى أمر أساسي يحول دون التفاهم على تشكيل الحكومة حتى الآن، ويتمثل بعدم إعطاء الرئيس عون أجوبة واضحة على الصيغة المقترحة من قبل الرئيس المكلف من دون الرجوع الى النائب جبران باسيل والمستشارين الذين يشرعون بتشريح اقتراحات ميقاتي بالفاصلة والنقطة بميزان الربح والخسارة لفريقهم السياسي.
المصادر المواكبة أشارت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية الى ان المشكلة تكمن بأن باسيل يسعى الى حصة كبيرة في الحكومة الجديدة في حال تشكيلها انطلاقا من الاستئثار بالحصة المسيحية كاملة، فهو يريد تعويض النقص عن العقوبات المفروضة عليه بعد فشل كل محاولات الغائها، والثاني تعويض النقص من خلال الفراغ السياسي الذي ينشأ برأيه عقب انتهاء ولاية الرئيس عون في 31 تشرين اول المقبل.
المصادر توقعت انسداد الأفق الحكومي الذي عبّر عنه صمت ميقاتي وخروجه من بعبدا دون اعطاء مسحة تفاؤلية عن امكانية تشكيل الحكومة في وقت قريب، فالمهل اصبحت تضيق، وبذلك تبقى مراسيم الحكومة الجديدة في جعبة رئيس جمهورية الظل ختمت المصادر.
من جهة ثانية، وبعد تحويل ملف الدولار الجمركي الى أزمة سياسية، لفت الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل في حديث لجريدة الانباء الالكترونية الى أن الدولار الجمركي كان موجوداً أصلا ضمن مشروع موازنة 2022 الذي أحالته الحكومة في شباط الماضي الى المجلس النيابي السابق، وكانت عبارة عن زيادة ارقام على ارقام موازنة 2021، فيما كل ارقام الموازنة تتطلب اعادة نظر.
وحذّر غبريل من ارتفاع الأسعار رغم الحديث عن 300 سلعة معفاة من الضرائب، “فالتسعير متفلت وهناك جهات تسعّر على هواها”، كاشفا ان التجار بدأوا حملة استيراد استباقية للعديد من السلع قبل ان يتم الدولار الجمركي بهدف تخزين هذه السلع ثم بيعها لاحقا بالسعر المرتفع، مشيرا الى أنه وصل الاستيراد الى 10 مليار و500 مليون دولار، بارتفاع 34 في المئة في الاشهر السبعة من السنة، والأهم هو ارتفاع استيراد المواد غير النفطية بنسبة 32 في المئة ما يعادل 7 مليارات و 500 مليون دولار.
وبانتظار اقرار الدولار الجمركي الذي لن يكون الاجراء الوحيد المطلوب، قال غبريل إن “أمام الحكومة فرصة لتفعل مصادر ايرادات الخزينة فتبدأ بتفعيل الجباية وتطبيق قوانين لا تطبق مثل سلامة السير ، ومنع التدخين، حماية الملكية الفكرية، ووقف التهريب في الاتجاهين، ووقف التهريب الجمركي، وفرض ضريبة استثنائية تتراوح ما بين 50 الى 60 في المئة على كل من خزّن وهرّب وأدى ذلك الى خسارة مصرف لبنان 12 مليار دولار من احتياط مصرف لبنان، فتطبيق كل ذلك يعطي اشارة ايجابية تساعد على استعادة الثقة بلبنان“.
وفي هذه الحلقة المفرغة يدور البلد كما في كل استحقاق حتى ولو كان اجراء بسيطاً يمكن أن يعالج أزمات أكبر لو عولج بطريقة صحيحة، ولا يبدو ان هناك في الأفق حلاً قريباً.