فيما البلاد غارقة في همومها والدولار الأميركي ينطلق نحو الأربعين ألفاً ما ينعكس ارتفاعاً خيالياً لأسعار السلع، وحده المواطن اللبناني يدفع الثمن غالياً لتلك الازمات، على وقع المزيد من “الصبيانية القاتلة” التي لا تمت إلى مستوى المرحلة بأية صلة، اذ أقل ما يقال عن بعض المواقف أنها في قمة الأنانية السياسية المتحكّم برقاب الناس منذ بداية العهد، في وقت الأجدى بهؤلاء أن لا يتزاحموا على كرسي الحكم وكأن البلد بألف خير ولا ينقصه سوى مَن يشغل هذا الموقع من هذا الفريق أو ذاك، من دون الانتباه الى وجع الناس ومعاناتهم اليومية وكيفية تدبّر أحوالهم مع بداية العام الدراسي وفصل الشتاء.
في هذا المجال، جاءت مواقف رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل وتلويحه بعدم الاعتراف بالحكومة في حالة الشغور الرئاسي، لتضع كل البلاد في فوّهة الأزمة من جديد، ويتقدم في مواجهة هذا الخطاب السعي الجدي في التأليف في محاولة لإتمام ولادة الحكومة في ما تبقى من أيام للعهد.
وفي السياق، علّق النائب السابق علي درويش على كلام باسيل بالقول: “عندما يحصل الفراغ لكل حادث حديث، فأمامنا متسع من الوقت، قرابة الشهرين، واذا خلصت النيات يمكننا تشكيل الحكومة في غضون أسبوع“.
درويش أشار في حديث مع جريدة “الأنباء” الالكترونية الى أن “الدستور واضح وصريح وينص على أن تتولى الحكومة مهام الرئاسة في حال الشغور، وهو لم يحدد اذا كانت مستقلية او مكتملة الصلاحيات”، مؤكداً أن “الرئيس نجيب ميقاتي مستمر بجهوده لتشكيل الحكومة، لكنه لن يشكل حكومة سياسية، وهو على استعداد لتعديل الحكومة القائمة لكس تتمكن من الحصول على الثقة”، مشيرا الى أن “المحاولات مستمرة ولم يغلق الباب بعد“.
بدورها، رفضت أوساط عين التينة التعليق على كلام باسيل أو التوقف عنده “لأنها لن تسمح لأحد باستدراجها الى مساجلات كلامية في ظل هذه الازمة الخانقة”، مشيرة عبر “الأنباء” الالكترونية الى أن “رئيس مجلس النواب نبيه بري مستعجل أكثر من غيره لتشكيل الحكومة، لكن المشكلة تكمن عند الجهات التي ما فتئت تضع الشروط التعجيزية أمام الرئيس المكلف، وهي التي تريده أن يفشل في مهمته لغايات باتت معروفة ولم تعد خافية على أحد. أما القول أن بري وميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يعملون لمصادرة صلاحيات الرئاسة الأولى لصالح الحكومة، فهذا كلام لا يستحق الرد او التعليق”، بحسب المصادر.
وفي الشق الدستوري، كشف المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة جوسيسيا الحقوقية أن “المادة 63 من الدستور صريحة من حيث أنها تنقل صلاحيات الرئيس حكماً الى مجلس الوزراء عند خلو سدة الرئاسة لأي سبب كان، وبصرف النظر عن النص فبالرجوع الى الأسباب للنص يتبين ان الدستور أراد الحؤول دون انقطاع أعمال الحكم وضمان استمراريته، وبالتالي فإن أي تغيير للنص يخالف هذه الروحية قبل النص لا يتألف مع النظام الدستوري“.
على صعيد آخر، يصل الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت بعد ظهر اليوم، ومن المتوقع أن يحمل معه أجوبة حول الملف برمّته، وقد أشارت مصادر متابعة عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “مسألة ترسيم الحدود ليست بالبساطة التي يتحدث عنها البعض، وأن الذين راهنوا على التوقيع على اتفاق الترسيم خلال هذا الشهر قد يتفاجأوا بتأخير البت به الى الشهر المقبل لأسباب لوجستية وسياسية. لكن المسألة قطعت شوطاً كبيراً باتجاه الإقرار بتنفيذه بناء لرغبة مشتركة اوروبية اميركية وكذلك بالنسبة للبنان وإسرائيل“.
لكن يبقى السؤال الأهم هو هل سيتم التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود خلال ولاية العهد الحالي أم أن اللحظة لن تكون مناسبة؟