بعد سلسلة من الاتصالات و”الرسائل النصّية” لاستعجال عودته إلى بيروت، ينتهي ترقب المسؤولين اليوم بزيارة “خاطفة” يقوم بها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين آتياً من تل أبيب، كما وصفتها مصادر مواكبة لأجواء الزيارة، في إشارة إلى ضيق وقتها وحصرها بجولات مكوكية على المقار الرئاسية و”الوزارات المعنية إذا سمح الوقت”، ناقلاً حصيلة مشاوراته مع الجانب الإسرائيلي حيال الطرح اللبناني الرسمي الداعي إلى اعتماد الخط 23 منطلقاً لترسيم حدود لبنان البحرية الجنوبية مع حقل قانا كاملاً ضمناً.
وفي ظل احتدام حدّة الخلافات السياسية بين الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، وشبه انقطاع التواصل المباشر بينهم تحت وطأة الهجمات والهجمات المضادة التي عصفت أخيراً بالعلاقات الرئاسية، أكدت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّه “لن يُعقد اجتماع ثلاثي في قصر بعبدا يجمع عون وبري وميقاتي إلى هوكشتاين كما حصل في زيارته الأخيرة، ما سيضطره إلى العودة إلى نمط الاجتماع “بالمفرّق” معهم، بحيث سيزور قصر بعبدا ظهراً يليه عين التينة والسراي الكبير بعد الظهر لاستعراض نتيجة ما توصل إليه مع الإٍسرائيليين، فضلاً عن نتيجة الاجتماعات التي عقدها أمس الأول في باريس، لا سيما مع مدراء شركة “توتال” الفرنسية بشأن عملية استخراج النفط والغاز من البلوكات اللبنانية“.
وبحسب المعلومات التي سبقت الزيارة ومهّدت لأجوائها، فإنّ المصادر كشفت أنّ “الوسيط الأميركي لا يحمل جواباً إسرائيلياً نهائياً على الطرح اللبناني الحدودي كما كان يطالب لبنان الرسمي ضمن سقف مهلة أيلول التي وضعها أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله، بل سينقل طرحاً إسرائيلياً يقضي بتأجيل الجواب النهائي إلى ما بعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية ربطاً بالصراعات السياسية الداخلية في إسرائيل، خصوصاً في ظل حاجة الحكومة الحالية إلى قطع الطريق على استثمار المعارضة بزعامة بنيامين نتنياهو اتفاق الترسيم البحري مع لبنان ضد تحالف رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد“.
ومقابل تأجيل مرحلة الأجوبة النهائية إلى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية، نقلت المصادر معطيات تفيد بأنّ هوكشتاين “قد يطرح على المسؤولين اللبنانيين إمكانية الحصول على ضمانات بتأمين مباشرة شركة “توتال” التنقيب في البلوك رقم 9 نظراً لكونه يتمتع بمخزون واعد من الغاز، وذلك بالتزامن مع بدء إسرائيل عملية استخراج الغاز من حقل كاريش الشهر المقبل، وإلا في حال عدم موافقة لبنان على هذا الطرح فسيصار إلى تجميد كل الأمور بانتظار اتفاق الترسيم النهائي بعد الاستحقاق التشريعي الإسرائيلي“.
وكانت شركة Energean المكلفة عملية استخراج الغاز من حقل كاريش قد أعلنت خلال الساعات الأخيرة إرجاء استكمال العملية إلى شهر تشرين الأول المقبل، وأشارت في بيان إلى أنها تعتزم تسليم الكميات المستخرجة من كاريش في غضون أسابيع. ونقلت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين أنهم تلقوا بلاغاً من الشركة مفاده بأنه “لا يمكن البدء باستخراج الغاز خلال شهر أيلول، كما كان مقرّراً، وإنّما في منتصف أو نهاية تشرين الأول المقبل“.
على صعيد منفصل، برز أمس دخول رئيس حكومة تصريف الأعمال على خط مزاحمة العهد وتياره في مسألة الضغط على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتفعيل ملف عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، فوجّه ميقاتي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أطلعه فيها على تزايد حجم الأعباء الملقاة على عاتق لبنان منذ أحد عشر عاماً نتيجة الحرب السورية وأزمة النزوح، مشدداً على وجوب إنهاء هذه المحنة و”إيجاد حل مستدام لا يكون بأي شكل من الأشكال على حساب لبنان الذي يمنع دستوره بشكل قاطع أي إمكانية للتوطين أو الدمج على أراضيه“.
وإذ حذر من تأثيرات النزوح السوري “على الأمن المجتمعي، مما يثير الخوف من نشوء توترات وردات فعل خطيرة تنعكس سلباً على أمن النازحين أنفسهم وعلى استقرار المجتمعات المضيفة”، نبّه ميقاتي في الوقت عينه إلى “اهتزاز التركيبة الديمغرافية الحساسة حيث تجاوز عدد الولادات السورية الولادات اللبنانية”، فضلاً عن إشارته إلى “ارتفاع نسبة الجريمة واكتظاظ السجون بما يفوق قدرات السلطات اللبنانية على التحمل، والتنافس على فرص العمل المحدودة الذي أدى الى زيادة التوترات والحوادث الأمنية، وتزايد ظاهرة زوارق الهجرة غير الشرعية باتجاه أوروبا”. وختم ميقاتي رسالته إلى غوتيريس بالتشديد على كون “الوضع الصعب الذي يواجهه لبنان يقتضي مقاربة مختلفة نوعياً في التعاطي مع أزمة النزوح السوري قبل أن تتفاقم الأوضاع بشكل يخرج عن السيطرة، لا سيما أنه لا يمكن الطلب الى بلد يستضيف هذا العدد الكبير، ويتكبد هذه الخسائر، أن يستمر بانتظار حلول سياسية لم تظهر مؤشراتها لتاريخه، مع غياب كامل لدى المجتمع الدولي لأي خارطة طريق واقعية لحل أزمة النازحين السوريين واعادتهم الى بلدهم أو إرسالهم إلى بلد ثالث“.