جولة مفاوضات جديدة أُنجزت مع زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان، بحث خلالها مع المعنيين بالملف المستجدات والطروحات الإسرائيلية، وأشار بعدها إلى أن تقدّماً يتحقق في هذا السياق، دون الكشف عن أي من تفاصيل المباحثات والنقاط المُنجزة.
مصادر متابعة للملف أشارت الى انه “من الواضح أن منسوب التفاؤل بدا متراجعاً مقارنةً بالزيارة الأخيرة، حينما أُشيعت أجواء عن عقد الاتفاق في غضون أسابيع قليلة”، لافتة عبر “الأنباء” الالكترونية إلى انه “من المُرجّح أن تكون الأجواء الإيجابية التي صدرت حينها مرتبطة بالانفراجات التي حصلت على صعيد الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، وقد يكون سبب التريّث الحاصل اليوم هو تراجع زخم المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين، خصوصاً وأن الملف على صلة بشكل وثيق بتسوية تشمل المنطقة بأكملها، تكون إيران جزءاً منها بحكم نفوذها“.
تواجد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم كان لافتاً في اللقاءات التي عُقدت مع المبعوث الأميركي، بعدما استُبعد الجيش في وقت سابق عن عملية التفاوض وتم حصرها بالرؤساء الثلاثة ونائب رئيس الحكومة، فما هي دلالات هذه المشاركة المستجدّة؟
أستاذ العلاقات الدولية خالد العزي أشار إلى أن “المعلومات المتوافرة عن المفاوضات حتى الساعة تتحدّث عن موافقة إسرائيل على منح لبنان حقل قانا مقابل حقل كاريش، لكن ما استجد على الموضوع كان إعلان شركة “إنرجيان” التوقّف عن البحث في مكمن كاريش بسبب التوتر الأمني“.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت العزي إلى توسيع باكورة المفاوضات ومشاركة اللواء ابراهيم في المحادثات، واستطرد سائلاً: “هل يتم التحضير لزيارة إلى قطر للبحث في الملف بعدما دخلت الأخيرة على خط المفاوضات إلى جانب الولايات المتحدة؟“.
واستذكر العزي في هذا الاطار سؤال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حول التأثيرات الخارجية على هذا الملف، وسأل بدوره: “هل المفاوضات مرتبطة بلبنان فحسب، ومن يُفاوض، لبنان أم إيران؟”، مشيراً إلى أن “الملف على صلة بشكل مباشر بالاتفاق النووي، المؤجّل بدوره إلى ما بعد الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة”، معتبراً أن “مفاوضات ترسيم الحدود ستكون طويلة جداً، وهنا، من الضروري أن يتم توحيد المفاوض اللبناني واعتماد استراتيجية وطنية خلال المحادثات”، مبدياً قلقه “من أن يتأخر الملف كثيراً، ويفقد الغاز قيمته، فتصبح كلفة استخراجه أعلى من المردود للبنان، ويخسر الأخير ثروته“.
وعن الاتفاق اللبناني على مُفاوض واحد بغض النظر عن هويته، واستراتيجية وطنية للمفاوضات، غمز العزّي من قناة تدخّل حزب الله في الملف من خلال مسيّراته التي وصلت إلى حقل كاريش، ولفت إلى أن “الحزب وصل إلى مناطق لا يعترف بها لبنان على أنها خاضعة للسيادة اللبنانية، لأنّ رئيس الجمهورية لم يوقّع المرسوم 6433 ويُرسله إلى الأمم المتحدة، وهو المرسوم الذي يزيد من مساحة لبنان بحراً، وبالتالي علامات استفهام أيضا تُطرح حول كل ذلك“.
وعن حاجة أوروبا للغاز وإمكان أن يستعجل هذا الأمر المفاوضات لإنجاز الملف، ذكر العزّي أن “الغاز الإسرائيلي مُسال، ويحتاج إلى إعادة تدوير، وبالتالي أوروبا لن تستفيد منه مباشرةً، كما أن هذه البدائل لن تُشكّل الغطاء الفعلي لحاجة الأسواق الأوروبية، بل الأخيرة تبحث عن حلول أخرى، وذلك تمثّل بإعلان فرنسا عن محطات نووية قد تستخدمها في توليد الكهرباء“.
بالتزامن، بدأ العد العكسي للعهد حيث تحتدم بعض الملفات التي يبدو أنها رهينة تصفيات الحسابات، وما ملف انفجار مرفأ بيروت سوى خير دليل على ذلك. في هذا السياق شددت مصادر قضائية عبر “الأنباء” الالكترونية على أنه كان الأجدى بمجلس القضاء الأعلى ووزير العدل إقرار التشكيلات القضائية في محاكم التمييز وبالتالي البت بموضوع القاضي طارق البيطار بدلاً من الاتجاه نحو تعيين قاض رديف في سابقة مخالفة للقانون، على ما أشار إلى ذلك بيان صادر عن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي قرأ في هذه الخطوة ملامح “صفقة مشبوهة“.
وأمام هذا التطور عاد أهالي ضحايا الانفجار الى الشارع مجدداً، منعاً لمحاولات تطيير الحقيقة ولفلفة القضية. وقد كان تحركهم صاخباً أمس أمام قصر العدل ووزارة العدل التي شهدت تصرّفاً غير مقبول معهم.
ويبدو أن الأمر لن يقف عند ملف المرفأ، والمحاولات على قدم وساق لفرض تشكيل حكومة في آخر ساعات العهد تؤمن استمرارية لفريقه السياسي وتحديداً تياره من بعده لا سيما اذا وقع الفراغ.