إذا كان إقرار الموازنة الشغل الشاغل لما لها من أهمية مضاعفة بالنظر لكونها أحد مطالب صندوق النقد الدولي الذي يترقب كيفية التعاطي بهذا الملف، فإن الاستحقاق الرئاسي يعتبر في أعلى سلم الأولويات لا سيما مع تنامي المخاوف يوماً بعد آخر من أخذ البلاد مجدداً إلى شغور رئاسي ذاق اللبنانيون مرارته وتبعاته قبل أن تفرض التسويات ميشال عون رئيسا، وهي المرارة والتبعات إياها لا بل أسوأ في ما لو أنهى عون ولايته على شغور جديد وفوضى دستورية جديدة.
وأمس جدد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مطالبته بانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل، على أن يكون رئيساً من البيئة الوطنية الاستقلالية ورئيساً جامعاً، رافضاً تعطيل الدستور والحؤول دون تشكيل حكومة، ومنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفرض الشغور الرئاسي، والإجهاز على دولة لبنان وميزاتها ونموذجيتها ورسالتها في هذا الشرق وفي العالم.
وفيما الأنظار متجهة الى الجلسة العامة لمجلس النواب المخصصة لمناقشة مشروع الموازنة والمقررة يومي الأربعاء والخميس المقبلين، تتضارب المعلومات حول إمكانية اقرارها في الموعد المحدد أو تحويلها الى مادة خلافية في ضوء المواقف المعارضة لها لا سيما من نواب التغيير والمستقلين وتكتل لبنان القوي.
عضو تكتل الجمهورية القوية النائب نزيه متى رأى عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية أنه لا يمكن إقرار الموازنة إلا من ضمن خطة تعافٍ حقيقي يكون من ضمنها تنفيذ الإصلاحات وهيكلة المصارف وتوحيد سعر الدولار وغيره من البنود الاصلاحية.
وفي هذا السياق، علّق الخبير المالي والاقتصادي أنطوان فرح على جلسة مناقشة الموازنة بالقول: “بصرف النظر عن التأخير الذي حصل لإقرار موازنة 2022 إلا أنه بمجرد اتخاذ قرار بمناقشتها في الهيئة العامة بهدف إقرارها هو أمر ايجابي لأنه يعكس ناحيتين مهمتين: الأولى، هناك قرار من رئيس المجلس والقوى السياسية المؤيدة لهذا التوجه وأن يتم تنفيذ البنود والشروط المطلوبة للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي ومن أهم هذه الشروط هو اقرار موازنة بهدف الانتظام المالي. أما الناحية الثانية فإن إقرار الموازنة يعني تجاوز الصعوبات المرتبطة بتصحيح جزئي لوضع الموظفين في القطاع العام. وبالتالي إيجاد الآلية القانونية لتتمكن الدولة من تصحيح أجور موظفي هذا القطاع ولو بشكل نسبي لإعادة الحياة إليه، بما يسمح بعودة هذا القطاع الى العمل ولو بشكل جزئي بانتظار الحل الشامل“.
وقال فرح لـ”الأنباء” الإلكترونية: “قد نسمع أثناء النقاشات انتقادات كثيرة وهي مشروعة سواء بالنسبة لخلو الموازنة من الاصلاحات او لجهة توقيت إقرارها المريب آخر السنة أو بما يتعلق بتسعيرة الدولار الجمركي، ويتردد أنه سيكون بحدود 12 الف ليرة للدولار”، مشيراً إلى ان المناخ العام هو أن الموازنة ستقر بسبب الحاجة إليها كبند أساسي من ضمن البنود المطروحة ليكون لدينا أمل بالوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد. فكل الأطراف مقتنعة انه من دون الاتفاق مع الصندوق لا يمكن أن يكون عندنا دولة“.
أسبوع حاسم على خط خطوة مالية أساسية لا بد من القيام بها، فمن دون موازنة عبثاً الحديث عن اصلاحات وعن محاربة الفساد وضبط نفقات الدولة. وبالتالي فان كل القوى السياسية أمام مسؤولياتها لتكون على قدر التحديات بالفعل لا بالقول.