وسط غابة الشواذات الداخلية حكوميا ورئاسيا وقضائيا واقتصاديا، يحاول لبنان الرسمي تغطية عوراته الكثيرة عبر اقرار موازنة 2021 في مجلس النواب، علّه يوجّه بذلك رسالة ايجابية الى المجتمع الدولي. غير ان ما هو في صدده، لن يفي بالغرض، ويُعتبر في افضل الاحوال، خطوة صغيرة جدا في مشوار اصلاحي طويل جدا، بما ان الموازنة هذه أتت متأخرة 9 أشهر ومعزولة عن اي خطة انقاذ فعلية شاملة كاملة.
موازنة 2021
احتلّت الموازنة العامة والجلسات المقرر عقدها لدرسها هذا الاسبوع، الاربعاء والخميس والجمعة، صدارةَ الاهتمام الرسمي والسياسية امس. في السياق، عرض رئيس مجلس النواب نبيه بري الاوضاع المالية مع وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال يوسف الخليل .
ليس بعيدا، عُقد في وزارة المال اليوم اجتماع عمل ضمّ إلى الوزير الخليل، نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، ومدير المالية العامة جورج المعراوي، ومجموعة من خبراء صندوق النقد الدولي، و خُصّص للتداول في إمكانية تعزيز واردات الخزينة والسياسات الضريبية، وسبل تكييفها مع تبدلات سعر الصرف، وتعزيز واردات الخزينة بغية تمكين الدولة من القيام بدورها في تقديم الخدمات الأساسية لا سيما الاجتماعية منها والصحية.
الجمهورية القوية
من جانبه، عقد تكتل الجمهورية القوية اجتماعا امس في معراب برئاسة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لتحديد موقفه من الموازنة العتيدة، حيث اعلن جعجع ان التكتل لن يصوّت اطلاقا معها، قائلا: السلطة الحالية المتمثّلة برئيس الجمهورية والحكومات المتعاقبة مستمرّة في الأمور وكأنّ شيئاً لم يكن وهذا وضع غير طبيعي والبلد منهار ولن نصوّت مع الموازنة لعدم وجود خطّة إنقاذ وتصوّر عام بشأن كيفيّة الخروج من الأزمة و”ما عنّا دكّانة هون”.
الدور الحاسم
وكان عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق اكد أن “المقاومة امس لها الدور الحاسم في تحصين الحدود والحقوق، وصون الكرامات والثروات، وهي العامل الأول في تعزيز قوة الموقف اللبناني أمام التحديات والأطماع الإسرائيلية”.
اقتراحات جديدة
على الصعيد “الترسيمي” دائما، اجتمع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب في السراي. وردا على سؤال عما يتردد عن تدخل الرئيس الأميركي جو بايدن شخصيا من أجل انجاز مسألة ترسيم الحدود، وهل قدم الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين اقتراحات جديدة في خصوص الترسيم، قال بو حبيب “لقد أتى من دون شك باقتراحات جديدة لا يمكنني الإفصاح عنها، كذلك تحدث الرئيس بايدن مع رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد وطلب منه إتمام الإتفاق كما أفصح عنه الجانب الأميركي المقتنع بضرورة التوصل الى اتفاق هذا الشهر أو الشهر المقبل، وان شاء الله خيرا”. وأعلن ردا على سؤال “ان هناك تقدما ولم نصل الى النهاية الآن”.
لا لتغييرها
وفي شأن جنوبي آخر يُعنى باليونيفيل، وفيما لا موقف رسميا بعد من تهديد مسؤولي حزب الله بالتعامل مع قوات اليونيفيل بعد توسيع صلاحياتها كقوات احتلال، اكدت حركة امل التزامها بـ “آليات العمل الخاصة لقوات الطوارئ الدولية في الجنوب (اليونيفيل)، والتي نص عليها القرار 1701 منذ صدوره، والتي تؤكد بوضوح دورها في مؤازرة الجيش اللبناني في القيام بالدوريات والأنشطة المختلفة، ولا يمكن القبول بتغييرها من باب الحرص على عدم إهتزاز العلاقة القائمة والمتينة بين هذه القوات وأهالي الجنوب الذين يتمسكون بها كما بحقهم المشروع في حماية أرضهم وتحرير ما تبقى منها في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من الغجر”. وشددت في بيان على ضرورة “تحديد المسؤولية في غياب الاتصالات المطلوبة، وعدم متابعة القرار من الادارات اللبنانية المختصة، ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام”.
التنسيق مع الجيش مستمر
في المقابل، اوضح الناطق الرسمي باسم اليونيفيل في بيان ان “في الأيام الأخيرة، تم تداول قدر كبير من المعلومات الخاطئة والمضللة في وسائل الإعلام حول ولاية اليونيفيل. إن حفظة السلام التابعين للبعثة يواصلون التزامهم الأمن والاستقرار في جنوب لبنان ودعم الناس الذين يعيشون هنا. لطالما كان لليونيفيل تفويض للقيام بدوريات في منطقة عملياتها، مع أو بدون القوات المسلحة اللبنانية. ومع ذلك، تستمر أنشطتنا العملياتية، بما في ذلك الدوريات، بالتنسيق مع القوات المسلحة اللبنانية، حتى عندما لا يرافقوننا. تم تأكيد حرية حركتنا في قرارات مجلس الأمن التي جددت ولاية اليونيفيل، بما في ذلك القرار 1701 في عام 2006، واتفاقية وضع القوات لليونيفيل الموقعة في عام 1995. نحن نعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بشكل يومي، وهذا لم يتغير. إن الحقائق مهمة، ونشجع وسائل الإعلام وغيرها على مراجعتنا مباشرة قبل نشر معلومات غير صحيحة يمكن أن تزيد التوترات بين حفظة السلام والمجتمعات التي نحن هنا لمساعدتها”.
جولة غريو
وكانت التطورات المحلية كلّها، سياسيا واقتصاديا وترسيميا، حضرت في جولة قامت بها السفيرة الفرنسية امس على كل من بري وميقاتي ونائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب. وقالت الديبلوماسية من السراي “تم التطرق أيضا الى مسألة الحدود البحرية كما تم البحث في الأوضاع العامة والاستحقاقات الدستورية ومنها انتخابات رئاسة الجمهورية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وضرورة السير بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
جولة التغييريين
وسط هذه الاجواء، استهل النواب التغييريون جولتهم على الكتل النيابية لمناقشة المبادرة الرئاسية التي اطلقوها منذ 10 ايام، بزيارتهم مقرَّي حزب الطاشناق وحزب الكتائب. وقال النائب ملحم خلف بعد لقاء النواب الارمن: لبننة الإستحقاق الرئاسي أمر أساسي وهذه المبادرة هي نقطة تحول من أجل استرداد الدولة من بوابة هذا الإستحقاق وقد كان لقاءً إيجابياً.