على الطريق نحو “لبننة” الاستحقاق الرئاسي و”استرداد الدولة”، باشر نواب التغيير جولتهم أمس على الكتل النيابية تمهيداً لمحاولة تأمين أرضية توافقية يمكن التأسيس عليها لانتخاب رئيس جمهورية جديد ضمن المهلة الدستورية يتمتع بالمواصفات “الانقاذية” المطلوبة لاستنهاض البلد، فاستهلوا الجولة التي تستمر طيلة الأسبوع الجاري من عند “الطاشناق” و”الكتائب”، حيث كان تأكيد على ضرورة “توحيد المعايير” الرئاسية قبل الغوص في الأسماء والترشيحات، في وقت نبّه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إثر اجتماع تكتل “الجمهورية القوية” أمس إلى كون “فريق الممانعة سيحاول عرقلة الاستحقاق بطريقة أو بأخرى”، مجدداً التشديد على “مسؤولية الأفرقاء الآخرين في الاتفاق على مرشح واحد لخوض المعركة في المجلس النيابي، وإلا نكون أمام تقصير كبير جداً في ظل هذه المرحلة الحرجة“.
وبعيداً عن الهمّ الرئاسي، بدا واضحاً خلال الساعات الأخيرة إرباك السلطة في مقاربة مستجدات ملف الترسيم البحري مع إسرائيل وتكتمها عن كشف الطروحات الجديدة التي حملها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين خلال زيارته بيروت نهاية الأٍسبوع الفائت، سيّما وأنّ المعطيات الموثوق بها والتي كشفت “نداء الوطن” النقاب عنها غداة الزيارة، تفيد بأنّ الاقتراح الذي وضعه هوكشتاين على طاولة البحث مع المسؤولين يؤسس لاتفاق ترسيم “برمائي” كما وصفته مصادر واسعة الاطلاع، بمعنى أن “الخط المطروح ينطلق من رأس الناقورة عند نقطة B1 البرّية ليشق طريقه نحو البحر بالاستناد إلى “خط العوامات” المعروف بالخط الأزرق البحري، وعلى هذا الأساس تسلّم لبنان الرسمي إحداثيات خريطة العوامات البحرية من الوسيط الأميركي الذي بات راهناً ينتظر الجواب اللبناني عليها“.
ونقلت المصادر أنّ “هوكشتاين كان قد فاتح الرؤساء الثلاثة بهذا الاقتراح، فطلب منه رئيس الجمهورية تزويد لبنان بإحداثيات العوامات المطروحة لدراستها وتحديد الموقف منها”، لافتةً إلى أنّ “إسرائيل بادرت بذلك إلى الرد على الطرح اللبناني المتمسك باعتماد الخط 23 البحري لحدود لبنان البحرية مع كامل حقل قانا ضمناً، بتقديم طرح اعتماد “خط العوامات” بحجة أنه يجنّب دخول الترسيم البحري في خطوط متعرجة لضم حقل قانا إلى الحدود اللبنانية“.
وإذ أعربت عن قناعتها بأنّ “الجواب اللبناني الرسمي سيرفض هذا الطرح وسيبقى متمسكاً بـ”الخط 23 + حقل قانا”، باعتباره أقصى ما يمكن لبنان القبول به من تنازلات في عملية الترسيم البحري”، أشارت المصادر أنّ “الإسرائيليين يسعون إلى رهن قبولهم بالتنازل في منطقة الحدود البحرية بتقديم لبنان تنازلات في منطقة الحدود البرية، لا سيما وأنّ الطرح المستجد سيؤدي في حال اعتماده إلى نسف كل نقاط التحفظ اللبناني على طول الخط الأزرق بشكل سيغيّر معالم الحدود اللبنانية براً وبحراً، ويعيد لبنان إلى نقاط ترسيم بحرية هي أقرب إلى ما كان يُعرف بـ”خط هوف” الذي جرى طرحه ورفضه في المرحلة السابقة”، مرجحةً في ضوء ذلك أنّ يكون الموقف اللبناني رداً على الطرح الجديد “إعادة التأكيد على ضرورة الإسراع بالعودة إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة بوساطة أميركية ورعاية أممية لاستكمال عملية التفاوض من حيث انتهت في جولتها الأخيرة“.
في الغضون، تتواصل الحملة المركّزة والممنهجة ضد قوات الطوارئ الدولية “يونيفيل” تحت وطأة تحذير القيادات الشيعية من اعتبارها “قوات احتلال” في حال عدم خضوعها للخطوط الحمر التي يرسمها “حزب الله” حيال عملياتها ودورياتها في جنوب الليطاني، بحيث دخلت “حركة أمل” أمس على خط التلويح بإمكانية “اهتزاز العلاقة بين قوات اليونيفيل وأهالي الجنوب” ما لم تلتزم بآلية التنسيق المسبق التي توجب القيام بمهامها و”دورها في القيام بالدوريات والأنشطة المختلفة بمؤازرة الجيش اللبناني“.
وإزاء اللغط الذي رافق قرار مجلس الأمن نهاية آب للتمديد سنة لــ”يونيفيل”، خصوصاً لناحية التركيز على ما ورد فيه حول حرية تحرك هذه القوات ضمن نطاق عملها، تصدى مكتب الناطق الرسمي باسم الـ”يونيفيل” في بيان أمس لما تم التداول به خلال الأيام الأخيرة بهذا الشأن والذي رأى فيه “قدراً كبيراً من المعلومات الخاطئة والمضلّلة”. فلفت الانتباه في المقابل إلى أنّه “لطالما كان لـ”اليونيفيل” تفويض للقيام بدوريات في منطقة عملياتها، مع أو بدون القوات المسلحة اللبنانية، ومع ذلك تستمر أنشطتنا العملياتية، بما في ذلك الدوريات، بالتنسيق مع القوات المسلحة اللبنانية، حتى عندما لا يرافقوننا“.
وانطلاقاً من ذلك، أضاف بيان الناطق الرسمي باسم الـ”يونيفيل”: “تمّ تأكيد حرية حركتنا في قرارات مجلس الأمن التي جددت ولاية “اليونيفيل”، بما في ذلك القرار 1701 في عام 2006، واتفاقية وضع القوات لـ”اليونيفيل” الموقعة في عام 1995″، وختم: “نحن نعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بشكل يومي، وهذا لم يتغير”، مجدداً التأكيد على أهمية مقاربة هذه “الحقائق المهمة”، مع التنبيه إلى ضرورة “عدم نشر معلومات غير صحيحة يمكن أن تزيد التوترات بين حفظة السلام والمجتمعات التي نحن هنا لمساعدتها“.