وكأن السجال بين الرئاستين الاولى والثالثة لزوم تمرير المرحلة الراهنة حتى الوصول الى النصف الثاني من شهر تشرين الاول الموعد الذي يؤكد كثيرون انه سيكون حاسما بملفي الرئاسة وترسيم الحدود البحرية. اذ لا يلبث اطلاق النار بين قصر بعبدا والسراي الحكومي يهدأ لايام قبل ان يحتدم من جديد دون سابق انذار.
ولأن الاولوية لتمرير الوقت بحد ادنى من الاستقرار السياسي والامني، يسعى اللاعبون السياسيون سواء اؤلئك القدامى المحترفون او الداخلون حديثا الى الحلبة السياسية لملء الفراغ برفع السقوف سعيا لتحصيل مكاسب اضافية عندما يحين موعد القطاف، او من خلال مبادرات ومساع يعلمون جيدا انها لن تؤدي الى اي نتيجة بسبب حالة الاستعصاء المسيطرة وبخاصة لكون التوازنات القائمة في المجلس النيابي تفاقم هذه الحالة وتجعل كل فريق ينصرف لوضع اكثر من سيناريو للتعامل مع كل استحقاق طارئا كان او متوقعا.
حكومة ربع الساعة الاخير
في هذا الوقت خرج ملف تشكيل الحكومة من غيبوبته يوم امس على وقع تجدد السجال بين عون وميقاتي. فبعد خروج الاول للمطالبة مجددا باضافة ٦ وزراء دولة سياسيين على التشكيلة الحكومية الحالية لمواكبة مرحلة الفراغ الرئاسي المرتقب، سارع ميقاتي للرد عليه مؤكدا استمراره في كل الجهود الرامية إلى تشكيل الحكومة الجديدة معتبرا ان «المطلوب في المقابل مواكبة من جميع المعنيين لهذه الجهود، وعدم الاستمرار في وضع الشروط والعراقيل، في محاولة واضحة لتحقيق مكاسب سياسية ليس أوانها ولا يمكن القبول بها».
وقالت مصادر سياسية مواكبة لعملية التأليف ان «الملف لا يزال مجمدا، وهو سيبقى على الارجح كذلك حتى النصف الثاني من تشرين الاول» لافتة في حديث لـ «الديار» الى ان «الجميع وصل الى قناعة انه سيجري بنهاية المطاف تعويم الحكومة الحالية من دون ادخال اي تعديلات تذكر اليها، على ان يحصل ذلك في الايام الاخيرة من ولاية عون بقرار مشترك من ميقاتي وبري اللذين قررا اعلان المواجهة السياسية المفتوحة مع «الثنائي» عون- باسيل. عندئذ يكون عون لم يقف عند خاطر ميقاتي الراغب بتغيير وزيري الاقتصاد والمهجرين، كما لم يقف ميقاتي عند ارادة عون المطالب باضافة ٦ وزراء دولة الى التركيبة الحالية».
وتضيف المصادر: «صحيح ان ميقاتي غير مكترث لما اذا كان سيملأ الفراغ الرئاسي بحكومة تصريف اعمال او حكومة فاعلة، لكنه يفضل قطع الطريق على اي خطوات قد يقوم بها عون الرافض لتسليم صلاحياته للحكومة الحالية».
حزب الله في الديمان
وفي توقيت لافت، وفي خطوة مفاجئة قام وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميه يوم امس بزيارة الديمان حيث التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وتأتي هذه الزيارة بعد مرحلة غير قصيرة من انقطاع التواصل بين حزب الله والبطريركية المارونية نتيجة تدهور العلاقة لاسباب شتى وآخرها على خلفية توقيف المطران موسى الحاج للتفتيش من قبل الامن العام اللبناني. ورغم تأكيده انه ليس موفداً رسميا من حزب الله ولا يحمل أي رسالة رسمية، لكن قوله ان زيارته «من حيث الشكل إلى الديمان هي رسالة بحد ذاتها»، بدا اشارة واضحة الى ان هناك ما يطبخ على خط التهدئة بين الطرفين تمهيدا لاعادة اطلاق الحوار المجمد.
وقالت مصادر مطلعة انه «بات هناك الكثير من التراكمات التي تؤجل عودة الامور بين الطرفين الى سابق عهدها، الا ان زيارة حميه كفيلة لا شك بكسر الجليد لمحاولة البناء من جديد»، لافتة في حديث لـ «الديار» الى ان «الحزب يدرك انه بات لدى المسيحيين هواجس كثيرة وبخاصة ان كل المؤشرات توحي اننا مقبلون على مرحلة قد تكون طويلة من الفراغ الرئاسي، لذلك يعتقد ان اعادة فتح القنوات مع البطريركية امر واجب لاحتواء اي توترات مقبلة».
وبينما كان حميه في الديمان، كان نواب «التغيير» يواصلون جولتهم على القوى السياسية لوضعهم في جو مبادرتهم الرئاسية. وهم التقوا يوم امس رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ومسؤولين في حزب الله كما وفد من «أمل» وقوى اخرى. وقالت مصادر مواكبة لجولتهم لـ «الديار» انهم «يعون ان المبادرة قد لا تؤتي ثمارها وان وجهات النظر قد تبقى متباعدة ولا تسمح بتفاهم على المواصفات المطلوبة للرئيس فكيف الحال على اسمه، الا ان ما يصرون عليه هو اعطاء زخم داخلي للانتخابات الرئاسية وعدم التسليم بأن اسم الرئيس يأتي معلبا من الخارج».
الموازنة في مرمى المزايدات
وكما هو متوقع لن يكون هناك صوت يعلو على التصريحات التي ستتخذ طابع المزايدات تحت قبة البرلمان الذي يدرس انطلاقا من اليوم مشروع موازنة 2022. فبعد قرار «القوات» و»الكتائب» مقاطعة جلسات اليوم كونها تصادف مع ذكرى اغتيال رئيس الجمهورية الراحل بشير الجميل، بدا واضحا وجود قرار لدى كل الكتل المعارضة بعدم التصويت لمصلحة الموازنة، وهو ما كان قد اعلنه رئيس «القوات» سمير جعجع صراحة وما سيقوم به نواب «التغيير» و»الكتائب» وعدد من النواب المستقلين. هذا وأعلن لاحقاً تكتل لبنان القوي تأييده تأجيل الجلسة النيابية كونها تصادف ذكرى اغتيال بشير الجميل.
واشارت المصادر الى انه وبما يتعلق بالدولار الجمركي فالارجح السير به باطار الموازنة العامة بعد رفض رئيس الجمهورية التوقيع على المرسوم الذي وقعه ميقاتي ووزير المال، لافتة الى ان الرقم الاقرب للاعتماد قد يكون ١٨ الفا كحل وسط بين من يطالب باعتماد ٢٠ الفا ومن يطالب بألا يتجاوز الـ ١٢ ألفا.