كتبت صحيفة “الديار” تقول: تنزلق البلاد الى مزيد من الاضطراب والفلتان وغياب المسؤولية على صفيح ساخن، ما جعل العديد من المراقبين يتحدثون عن فترة صعبة وعن مزيد من التازم والاحتقان يسبقان موعد الاستحقاق الرئاسي وربما يستمران بعده اذا ما حصل الفراغ، خصوصا ان الاجواء السائدة لا تؤشر الى انتخاب رئيس جديد في الفترة الدستورية التي تحكم هذا الاستحقاق .
وتسود حالة من الاستعصاء على كل المستويات، بدءا من الملفات الضاغطة والحيوية المتعلقة بالوضع الاقتصادي والمعيشي والخدماتي، مرورا باستمرار انهيار الليرة ودولرة السوق بشكل سافر حيث تجاوز الدولار امس الـ٣٧ الف ليرة، وانتهاء بجمود مسار تشكيل الحكومة .
ملف واحد تتقاطع المعلومات حول تحركه بشكل ناشط وملحوظ هو ملف ترسيم الحدود البحرية، حيث حصلت الديار امس على مزيد من المعلومات والتفاصيل حول ما استجد بعد زيارة الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين الاخيرة للبنان.
وفي هذا المجال اعلن رئيس الجمهورية ميشال عون « ان الاتصالات لانجاز ملف الترسيم قطعت شوطا متقدما، حقق فيها لبنان ما يجعله قادرا على استثمار ثروته في مياهه، وان ثمة تفاصيل تقنية يتم درسها حاليا لما فيه مصلحة لبنان وحقوقه وسيادته .»
واكد ان انجاز هذا الملف « سيمكن لبنان من اطلاق عملية التنقيب عن النفط والغاز في الحقول المحددة ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة، الامر الذي سيعطي الاقتصاد اللبناني دفعة ايجابية لبدء الخروج من الازمة التي يرزح تحتها منذ سنوات».
وحسب المعلومات التي توافرت للديار من مصدر مطلع فان كلام الرئيس عون جاء بعد اجتماع ترأسه صباح امس ضم نائب رئيس المجلس الياس بوصعب والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ومستشار الرئيس بري علي حمدان والمدير العام للقصر الجمهوري انطوان شقير ووفد قيادة الجيش المكلف بهذا الملف.
وكشف المصدر ان الاجتماع درس الاحداثيات التي ارسلها الوسيط الاميركي هوكشتاين اول امس الى لبنان، وجرى اسقاطها ومقارنتها على الخرائط، كما جرى تقويمها من كل النواحي وتقويم المرحلة المقبلة في اطار المسار الذي سلكه ويسلكه هذا الملف خصوصا على ضوء التقرير الرسمي الخطي الذي سيقدمه او يرسله هوكشتاين للبنان، والذي توقع المصدر ان يكون قبل نهاية هذا الاسبوع، والمتعلق بحصيلة المشاورات التي اجراها مع الاسرائيليين ومع جهات اخرى بعد زيارته الاخيرة للبنان.
واضاف المصدر ان هذه المرحلة هي المرحلة الاخيرة، وانه على ضوء التقرير المنتظر من هوكشتاين يمكن الحسم في النتائج، باعتبار ان التقرير المذكور يعتبر الصيغة النهائية التي سيبنى عليها الموقف النهائي.
واوضح انه في حال جرت الامور بشكل ايجابي فانه من المتوقع العودة الى الناقورة لانجاز الاتفاق وبلورته وتظهير برعاية الامم المتحدة وبوساطة اميركية.
وردا على سؤال ما اذا كان الحسم سيكون في غضون الاسبوعين المقبلين وقبل اواخر ايلول، قال المصدر الملف على النار لكن علينا انتظار تقرير هوكشتاين الرسمي قبل الحديث عن اي موعد او مصير المفاوضات.
وعلمت الديار ان هذا الموضوع جرى التطرق له امس في المجلس النيابي بين الرئيس بري والرئيس ميقاتي وبوصعب.
لقاء بين عون وميقاتي؟
على صعيد آخر سألت الديار مصادر مسؤولة امس عما يقال حول تحريك لملف تشكيل الحكومة قريب فاوضحت انها لا تملك معلومات بهذا الخصوص وان الامور ما زالت على حالها حتى الآن، لكنها توقعت ان يجتمع الرئيسان عون وميقاتي في بعبدا في الساعات الـ 24 المقبلة قبل سفر الثاني الى الامم المتحدة في نيويورك السبت او الاحد.
ولم تستبعد المصادر ان يتطرقا الى الشأن الحكومي لكنه استبعد البحث في تفاصيل جديدة، مشيرا الى ان البحث الجدي ربما يبدأ بعد عودة ميقاتي من نيويورك، مع العلم ان ليس هناك اقتراحات او افكار جديدة مطروحة حتى الآن للخروج من مرحلة المراوحة.
ولفتت الى ان كلام الرئيس ميقاتي مؤخرا يؤكد على الرغبة في استمرار الجهود لتشكيل الحكومة، لكنه يربط نجاحها «بعدم الاستمرار في وضع الشروط والعراقيل في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية ليس اوانها ولا يمكن القبول بها».
واوضحت ان هناك حاجة لبلورة اقتراحات جديدة تحرك الموضوع الحكومي، وانه في حال لم يحصل توافق على صيغة جديدة خارج صيغة الوزراء الستة الاضافيين فان تعويم الحكومة الحالية يبدو هو المرجح حتى الآن.
جلسة الموازنة
على صعيد إخر ارجئت جلسة الموازنة التي كان مقررا ان تبدأ امس الى صباح اليوم بسبب عدم اكتمال نصابها بعد مقاطعة الكتل المسيحية : القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب بالاضافة الى كتلة تجدد التي تضم النواب: ميشال معوض، اشرف ريفي، فؤاد مخزومي ونديم عبد المسيح، عدا عن تغيب عدد من النواب لوجودهم خارج البلاد او لاسباب خاصة.
وجاءت هذه المقاطعة بسبب مصادفة موعد الجلسة مع ذكرى اغتيال الشيخ بشير الجميل.
ووفقا للمعلومات فان الرئيس بري كان اتصل منذ ايام برئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل وابلغه انه لن يعقد جلسة مسائية لافساح المجال للاحتفال المقرر بالذكرى، ولم يتلق اي اعتراض منه او من كتلة اخرى.
وفوجىء بموقف كتلة القوات اللبنانية بعد يومين ثم موقف كتلة التيار.
وحضر الى المجلس حتى الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر امس ٥٨ نائبا، فاعلن الامين العام للمجلس عدنان ضاهر ارجاء الجلسة الى العاشرة والنصف من صباح اليوم بسبب عدم اكتمال النصاب.
والجدير بالذكر ان نصاب الجلسة هو ٦٥ نائبا، اي انه كان هناك حاجة لتأمين ٧ نواب، وقد حضر بعد اعلان تاجيلها النائبان غسان سكاف وحسين جشي.
وقالت مصادر نيابية ان كان بالامكان الاستنفار لتامين العدد الباقي وبالتالي تامين النصاب، لكن تاجيل الجلسة بسبب عدم اكتمال النصاب ربما كان الخيار المناسب سياسيا ومجلسيا.
وتوقعت ان يلتئم المجلس اليوم للمناقشة واقرار موازنة العام ٢٠٢٢، لافتة الى ان الاتصالات التي جرت بعد ارجاء الجلسة امس اكدت ان النصاب سيكون متوافرا بشكل كبير ولا مشكلة في انعقادها .
وسيسعى الرئيس بري الى التقليل من عدد المتكلمين في الاطار العام قدر الامكان واقتصار الكلام لنائب واحد عن كل كتلة او تكتل، وهناك اجواء بان يلتزم البعض ولا يلتزم البعض الآخر.
وكما بات معلوما فان الموازنة، حسب مصدر نيابي مطلع للديار، تشكل حاجة لخلق توازن مالي نسبي وتغذية الخزينة قدر الامكان، لكنها بطبيعة الحال لا تتضمن الاصلاحات المطلوبة او اية حلول جدية للازمة.
كذلك فانها تفتقد لتوحيد سعر الدولار الجمركي حيث بنت الحكومة ارقامها على سعر ٢٠ الف ليرة للدولار بينما يتجه الرأي النيابي العام الى ان يكون١٢ او ١٤ الفا. وتضغط الحكومة لكي لا يقل عن ١٦ الف ليرة.
ومن شان ذلك ان يزيد الاعباء المعيشية والاجتماعية على المواطنين ويفاقم ازمة ومعاناة موظفي القطاع العام ما يحتم زيادة الرواتب.
ووفقا للاجواء النيابية فان هناك تباينا في هذا الشأن، مع العلم ان الحكومة تسعى لان تكون الزيادة على طريقة المساعدة الاجتماعية التي اعتمدت مع زيادة حجمها بنسبة معينة.
وحسب الاجواء ايضا فان الموازنة ستقر بالاغلبية مع العلم ان هناك كتلا ونوابا سيصوتون ضدها ومنهم نواب القوات اللبنانية كما اعلن الدكتور جعجع منذ يومين.
الى الاستحقاق الرئاسي در
من جهة اخرى اكد مصدر نيابي مطلع للديار امس ان الرئيس بري سينصرف بعد اقرار الموازنة الى درس كل المعطيات على ضوء اتصالات ومداولات يجريها في الفترة القريبة قبل الدعوة الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
واضاف ان رئيس المجلس عازم على الدعوة لهذه الجلسة في خلال المهلة الدستورية وانه اكد امام زواره مؤخرا التزامه بالاصول الدستورية كما فعل في كل الاستحقاقات المماثلة.
ولفت المصدر الى انه من السابق لاوانه تحديد موعد الجلسة وان هذا الامر يعود للرئيس بري وتقويمه للمعطيات التي تتوافر له.
وحول تامين نصاب الثلثين كما ينص الدستور قال المصدر، ان هذا الامر يتوقف على موقف الكتل والنواب، مع العلم ان الجميع يؤكد الان على اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.