دعابة الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي التي مازح بها الصحافيين لدى خروجه أمس من القصر الجمهوري قد تحمل الكثير من التأويلات. فما الذي قصده بقوله إنه لن يغادر قصر بعبدا في المرة القادمة قبل تشكيل الحكومة ولو استدعى الأمر أن يبيت هناك؟ وبانتظار اللقاء التالي بين الرئيسين لتتضح الأمور وتنجلي في ما يتعلق بتشكيل الحكومة، فإن مواصلة ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي ليقترب من الأربعين ألف ليرة تثير المخاوف من كارثة اجتماعية تتبدى ملامحها في ظل العجز التام لدى السلطة التي تترك البلد لقدره.
ومع ارتفاع الدولار الذي لم يعد بمقدور أحد التكهن بسقفه، يستأنف مجلس النواب اليوم مناقشة مشروع الموازنة العامة للعام 2022 بعد جلستين أمس صباحية ومسائية شهدتا مداخلات لنواب من مختلف الكتل النيابية انتقدوا بمعظمهم مشروع الموازنة وتأخيرها تسعة أشهر، وخُلوّها من البنود الإصلاحية.
مصادر سياسية مواكبة أشارت عبر “الأنباء” الالكترونية إلى أن الجميع بدأ يشعر بثقل المسؤولية وبما تواجهه البلاد من أزمات في حال البقاء دون حكومة وتعطيل الاستحقاق الرئاسي.
أوساط الرئيس ميقاتي أشارت في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية إن حظوظ تشكيل الحكومة أصبحت أفضل بكثير من السابق بعد دخول مجموعة عناصر إيجابية على هذا الملف، لعلّ أبرزها تخلّي رئيس الجمهورية ميشال عن مطلب زيادة ستة وزراء دولة على الحكومة سواء الحالية أو أي حكومة قد تؤلف على شاكلتها، مع ترجيح بقاء الحكومة الحالية والاكتفاء بتغيير بعض الأسماء الذين يشعر ميقاتي بالإحراج في التعاطي معهم. أما الأمر الآخر فهو اقتناع الكتل النيابية بضرورة تشكيل حكومة جديدة أفضل بكثير من البقاء على الحكومة المستقيلة، لأنها على الأقل تقطع باب الاجتهاد الذي يمارس من قبل فريق العهد، كما تريح بكركي التي تصر على تشكيل حكومة جديدة وإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده.
على خط آخر شكلت زيارة وزير السياحة على حمية المحسوب على حزب الله الى الديمان ولقائه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي نقطة تحول كبيرة في مستقبل العلاقات بين بكركي وحزب الله. إذ لفتت مصادر بكركي لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن أجواء اللقاء كانت جيدة واتّسمت بالصراحة، وأن حمية أبلغ الراعي عدم تمسك حزب الله بأي مرشح لرئاسة الجمهورية، وأن ما يتفق عليه الراعي والقيادات المارونية يقبل به الحزب دون أدنى اعتراض، لأن رئاسة الجمهورية تعني بكركي بالدرجة الأولى، كما أن حزب الله غير معني بالمواقف التي يطلقها النائب جبران باسيل بين الحين والآخر وبالأخص بعد حديثه عن الفوضى التي أزعجت الراعي. وبالمقابل فإن الراعي استوضح من حمية بحسب المصادر ذاتها بعض المواضيع التي تشغل بال بكركي كموضوع التعديات التي تحصل في بعض قرى الأطراف ومصير الخلافات العقارية في لاسا وصنين، وقد وعد حمية الراعي بإجابات واضحة حولها.
وعلى هذا، فإن ملامح توافق فعلي على تشكيل الحكومة أو على رئيس جديد للجمهورية لم تظهر حقيقة رغم كل هذه الاجواء، وهذا ما يعني أن الأمور ستبقى في سياق التأزم خصوصا اذا ما استمر في الوقت نفسه التأزم المستجد على خط المفاوضات الجارية للاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى.