أكد وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال المهندس زياد المكاري، أن “مصر في طليعة الدول الداعمة للبنان خلال مختلف المراحل الصعبة والأزمات”، مشيرا إلى أن “الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يتأخر يوما عن الوقوف إلى جانب اللبنانيين ومساندتهم”.
جاء ذلك في حديث خاص أجراه مدير مكتب وكالة “أنباء الشرق الأوسط” في بيروت احمد سنجاب مع الوزير المكاري قبل زيارته مصر بدءا من اليوم للمشاركة في اجتماعات مجلس وزراء الإعلام العرب التي تستضيفها القاهرة اعتبارا من يوم غد لمدة ثلاثة أيام.
وكشف الوزير المكاري عن “مؤشرات إيجابية جدية تؤكد قرب انتهاء الأزمة المتعلقة بتأليف الحكومة الجديدة وتجاوز الخلافات المعطلة لتأليفها”، مشددا على أن “لبنان لم يعد يحتمل إمكان حدوث فراغ أو شغور في أي موقع، لا سيما في ظل الظروف العصيبة التي تشهدها البلاد على وقع الأزمة المركبة اقتصاديا وماليا ونقديا، ووجود ملفات بالغة الحساسية تقتضي الحسم السريع مثل ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وإنجاز اتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
واعتبر أن “حلول الاستحقاقات الانتخابية الدستورية في توقيت قريب، تزامنا مع الأزمات الاقتصادية، وتوتر الحياة السياسية المفتوحة على كل الاحتمالات في ظل تعدد الطوائف والأحزاب السياسية، أنتجت ظروفا عصيبة”، غير أنه لم يخف تفاؤله بـ “إمكان التوصل إلى حلول لكثير من الأزمات في غضون شهر أو شهرين على الأكثر، في ظل الأجواء الإيجابية الأخيرة وتوالي المواقف التي تتسم بالمرونة السياسية من قبل الفرقاء السياسيين”.
وأوضح أن “رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، يتعاملان بإيجابية لافتة في الوقت الحالي مع ملف تأليف الحكومة الجديدة، الأمر الذي يفضي إلى تعويم تجديد تكليف الحكومة الحالية مع إدخال تغيير محدود عليها يطال حقيبة إلى ثلاث حقائب وزارية على الأكثر”.
وأعرب عن أمله في “سرعة إنجاز الخطوات الخاصة بتعويم الحكومة الحالية، قبل نهاية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للرئيس الحالي (الذي تنتهي ولايته في 31 تشرين الأول المقبل) باعتبار أن الحكومة تنتقل إليها صلاحيات رئيس الجمهورية في حال تعثر مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية (مدتها شهران قبل انتهاء ولاية الرئيس).
واستبعد “الفكرة التي تم تداوها حول إمكان إضافة 6 وزراء سياسيين جدد إلى الحكومة الحالية التي يبلغ عدد أعضائها 24 وزيرا، وقال: “هذه الفكرة سقطت لأنه لا معنى لوجود سياسيين في الحكومة، كما أن وجودهم سيعطل مجلس الوزراء، ويحول الحكومة للعمل وكأنها مجلس رئاسي، فضلا عما يحمله هذا المقترح من تعد على صلاحيات رئيس الجمهورية وتكريس لعرف جديد والقبول بتأجيل الاستحقاق الرئاسي”.
وأكد أن “الظروف الصعبة والبالغة التعقيد التي يشهدها لبنان على المستويات كافة، فضلا عن الاستحقاقات الداهمة، لا تسمح بـ “تأليف حكومة جديدة بالكامل، حيث إن هذا الأمر يعني الدخول في دوامة الصراع على الحقائب والحصص الوزارية وأسماء الوزراء”، وقال: “وزراء الحكومة الحالية يؤدون مهامهم بشكل جيد ودرسوا الملفات وأصبحوا قادرين على حل مشاكل وزاراتهم”.
وبالنسبة إلى ما تردد عن إمكانية سحب التكليف بتأليف الحكومة من الرئيس ميقاتي، أكد الوزير المكاري أن “هذا الأمر ليس من صلاحيات رئيس الجمهورية، نظرا إلى أن التكليف بترؤس وتأليف الحكومة يتم من خلال استشارات نيابية ملزمة بين رئيس البلاد وأعضاء مجلس النواب، ومن ثم لا يتم سحب التكليف إلا بمعرفة البرلمان”.
وقال في معرض ترجيح سيناريو تعويم الحكومة اللبنانية الحالية: “سيكون هناك اتفاق سياسي حول توفير ثقة مجلس النواب في الحكومة بعد الاتفاق على تعويمها”، لافتا في هذا الصدد إلى أن “الحكومة قد تحصل على الثقة ولكن بالحد الأدنى المطلوب أو أكثر قليلا”.
وحذر من “المخاطر البالغة التي سيتعرض لها لبنان إذا استمرت الخلافات المعطلة لتأليف الحكومة الجديدة”، مشيرا إلى أنه “في حال دخل لبنان مرحلة الفراغ الرئاسي من دون تأليف حكومة، فإن حكومة تصريف الأعمال الحالية عليها أن تستمر في تسيير أمور البلد، وستتولى جزءا كبيرا من صلاحيات رئيس الجمهورية”.
وعن الخلاف الدستوري في شأن إمكان نقل صلاحيات الرئيس لحكومة تصريف أعمال، رأى وزير الإعلام اللبناني أن “الدستور وضع لخدمة الناس وضمان الإدارة السليمة وحسن إدارة البلد في الأوقات العصيبة”، مشيرا إلى أن “الدستور على الرغم مما قد يحمله من تفسيرات، إلا أن الحكومة مجبرة على أن تتولى إدارة شؤون البلاد وتنتقل صلاحيات الرئيس لها حتى ولو كانت حكومة تصريف أعمال”.
أضاف: “لا مجال في هذا الأمر – انتقال الصلاحيات الرئاسية للحكومة خلال الشغور الرئاسي – للتفكير الطائفي، ولا بد من إعمال أحكام النصوص الدستورية، فأمور الناس ومصالحهم أهم من الطوائف وأهم من الرؤساء والوزراء وأهم من كل شيء”.
واستبعد الوزير المكاري فكرة الوصول إلى فراغ كامل، مشددا على أن “لبنان لا يتحمل الفراغ يوما واحدا، داعيا “جميع السياسيين والأطراف والمسؤولين الكبار، إلى التحلي بروح المسؤولية الوطنية ولا سيما أنهم على دراية كافية أن الأجواء في لبنان لم تعد تتحمل”.
وشدد على أن “تعويم الحكومة اللبنانية ومنحها الثقة، لا يبرران تأجيل انتخابات رئاسة الجمهورية المرتقبة”، مؤكدا أنه “لا مفر من إجراء الانتخابات الرئاسية التي تعد استحقاقا داهما ومقدما على أي شيء، باعتبار أن هناك صلاحيات لرئيس الجمهورية قد لا تنتقل إلى الحكومة مثل توقيع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وخصوصا في ظل المساعي الرامية إلى التوصل إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل”.
وتابع: ” يتعين على جميع الفرقاء العمل بإيجابية وإعلاء الشعور الوطني، والتجرد بهدف وحيد وهو إنقاذ لبنان، فالحرية والديموقراطية التي نحرص عليها ونتمسك بها، إذا كانت بلا مسؤولية فإنها لا تبني بلدا”.
وتطرق الوزير المكاري إلى أزمة اقتحام عدد من البنوك في لبنان في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن “هناك وقائع محددة حدثت بالفعل”، لافتا في الوقت نفسه إلى أن “أحداثا أخرى في السياق ذاته تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، غير أنه تبين أنها كانت مجرد شائعات بالإضافة إلى أنها تعد أخبارا غير حقيقة”.
وأكد أن “الغضب بهذا الشكل كان متوقعا في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية التي تحاصر اللبنانيين بشكل لا يوصف وعلى نحو غير مسبوق”، معتبرا أن “المشكلة بين المصارف والمودعين طالت لأعوام عدة بسبب عدم وجود حل، لأن الوضع السياسي في لبنان متوتر في ظل انسداد في استحقاقات سياسية ضرورية مثل تأليف حكومة وانتخاب رئيس جمهورية والاتفاق مع صندوق النقد الدولي وترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل”.
وقال: “إن مسار المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل حول الترسيم يمضي بإيجابية، وتأخير المهلة للتوصل إلى اتفاق نهائي من شهر أيلول إلى ترين الأول المقبل، لن يؤثر طالما أن لبنان يحتفظ بحقوقه كاملة، موضحا أن لبنان لديه نقاط قوة كبيرة في هذا الملف ولابد من أن يستفيد منها”.
وأشار إلى أن ما “شهدته جلسة مجلس النواب الأخيرة، التي كانت مخصصة لمناقشة مشروع الموازنة العامة الجديدة للدولة، من سجالات ومواقف اتسم بعضها بالحدة، يأتي في إطار الديموقراطية التي تحتاج إلى المسؤولية”، لافتا إلى أن “الموازنة تم وضعها في وقت حرج للغاية، وفي ظروف صعبة حيث اختلف سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار بشكل كبير جدا منذ بداية العمل على الموازنة خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي وحتى مناقشتها قبل أيام”.
وشدد على أن “البرلمان قادر على تعديل أي بند ضمن واجباته ومهامه”، وقال:”أي موازنة وعليها ملاحظات أفضل من لا موازنة. نحن بحاجة للموازنة لأن هذا مطلب لصندوق النقد الدولي، كما أن هناك ضغطا كبيرا في الوقت لأن الخلاف حول موازنة العام الجاري يأتي في الوقت الذي يفترض فيه إعداد موازنة العام الجديد 2023”.
من ناحية أخرى، أكد الوزير المكاري أنه متحمس للغاية لزيارة مصر والاطلاع على التجارب المختلفة وما تحقق من إنجازات في العديد من المجالات وخصوصا الإعلام، مشيرا إلى أن زيارته ستمتد ليومين إضافيين حرصا منه على إجراء عدد من الزيارات للمؤسسات الصحافية والإعلامية في مصر، ومن بينها وكالة “أنباء الشرق الأوسط” ومؤسسة “الأهرام” و”مدينة الإنتاج الإعلامي”.
وقال الوزير المكاري إنه يسعى إلى “تمتين وتعزيز العلاقة مع مصر لتكون أقوى وأكثر عمقا وخصوصا في مجال الإنتاج الإعلامي”، مشيرا إلى أنه “من بين أولوياته بحث كيفية التعاون العميق والدائم في الإنتاج الدرامي والسينمائي بين مصر ولبنان وخصوصا في ظل تطور مصر في هذا المجال”.
وأكد أن “مصر قدمت نموذجا للعيش المشترك”، مشيرا إلى حرصه خلال الزيارة على “لقاء فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية”.
وعن مشاركته في الدورة الـ 52 لمجلس وزراء الإعلام العرب، أوضح أنه سيطرح خلال الاجتماعات “اختيار بيروت لتكون عاصمة للإعلام العربي للعام المقبل”، مشيرا إلى أن “رئيسي الجمهورية ميشال عون وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، يدعمان هذه المبادرة”، مؤكدا أن “المهمة ستكون كبيرة على عاتق وزارة الإعلام، ولكنها ستعمل بجدية لتقدم صورة تليق بتاريخ بيروت وإسهاماتها البارزة على مر العصور في الإعلام والفن العربي، وحتى تكون نقطة انطلاقة لتستعيد بيروت ريادتها”.
وأشار إلى أن “هناك عددا من الملفات الهامة التي سيتم مناقشتها على رأسها مواصلة الدعم الإعلامي العربي للقضية الفلسطينية، وتفعيل أهداف الاستراتيجية الإعلامية العربية 2022 – 2026 بما في ذلك تعامل وسائل الإعلام مع الأزمات والكوارث في ضوء التجارب الوطنية مع جائحة كورونا، وبحث دور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف”، مؤكدا أن “المناقشات ستتطرق أيضا إلى الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030، وإدراج الإعلام التربوي في المنهاج الدراسي للدول الأعضاء”.
وأضاف أنه سيطرح أيضا خلال الاجتماعات “تمسك لبنان باتفاق الطائف وإصراره على إجراء الاستحقاقات الدستورية، كما سيطلب دعم الدول العربية للمساعدة في حل مشكلة وجود النازحين السوريين بلبنان وذلك في إطار مبادرة العودة الكريمة إلى وطنهم”.