كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول:
مع انطلاق إضراب المصارف الشامل في يومه الأول، انتقلت المواجهة أمس إلى قصر العدل على وقع احتدام الاحتجاجات المطالبة بالإفراج عن الموقوفين في قضية الاقتحامات المصرفية، وسرعان ما تدحرجت الأمور باتجاه التدافع والصدام المباشر بين المحتجين وعناصر الجيش ما أسفر عن “إصابة 4 عسكريين بجروح نتيجة تعرضهم للرشق بالحجارة والاعتداء عليهم بالعصي”، بينما طلبت النيابة العامة التمييزية محضر التحقيق مع الموقوفَين في قضية اقتحام بنك “لبنان والمهجر” إليها بغية إحالته إلى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت للبت بالادعاء فيه وتحديد مصيرهما لناحية تركهما أو إحالتهما موقوفَين أمام قاضي التحقيق الأول.
وعلى وقع تفاقم أهوال الانهيار وتعاظم تداعياته الكارثية على البلد وأبنائه، تسعى المنظومة الحاكمة إلى استعجال الاتفاق الحدودي البحري مع إسرائيل طمعاً بإعادة تعويم نفسها على آبار النفط والغاز وعوائدها الموعودة، ولعل تأكيدات رئيس الجمهورية ميشال عون المتكررة عشية نهاية ولايته على أنّ “مفاوضات الترسيم بلغت مراحلها النهائية” تأتي في معرض حرصه على حفظ “الحقوق العونية” في اتفاقية الترسيم وتجييرها لصالح “المستفيد الأول” جبران باسيل بعد انقضاء العهد، سيّما وأنّ مصادر مواكبة لمفاوضات الترسيم أكدت لـ”نداء الوطن” أنّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أعطى أركان السلطة “الضوء الأخضر” للسير قدماً بإبرام اتفاقية الترسيم مع إسرائيل وفق إحداثيات الخط الذي طرحه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين.
وإذ يتركز التواصل مع هوكشتاين راهناً على بلورة الحلول المطلوبة لبعض “التفاصيل التقنية” المرتبطة بعملية إعداد الخرائط النهائية للاتفاق الحدودي المرتقب، أوضحت المصادر أنّ إطلالة نصرالله الأخيرة منحت بشكل واضح “الغطاء للتوافق الرئاسي بين بعبدا وعين التينة والسراي حول نظرية “أكل العنب لا قتل الناطور” في الترسيم البحري، فبدا في خطابه كمن يصنع سُلّماً للنزول عن السقوف العالية تمهيداً للقبول بما هو مطروح من جانب الوسيط الأميركي في سبيل تسريع خطوات إنجاز الاتفاق البحري بين لبنان وإسرائيل”، مشيرةً إلى أنّ “مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على صيغة الاتفاق بدأت عملياً بشكل يؤسس لانطلاق خط الترسيم البحري جنوباً من نقطة رأس الناقورة الحدودية المعروفة برمز “B1″ بما يشمل موافقة لبنان الرسمي على التنازل عن مساحة بحرية إضافية تتراوح بين 5 و7 كم2 في المياه الإقليمية اللبنانية”.
وعلى هذا الأٍساس، أكدت المصادر أنه يجري التحضير في الأروقة الرئاسية بالتنسيق مع الوسيط الأميركي للاتفاق على “موعد الدعوة إلى عقد اجتماع تفاوضي حاسم في الناقورة تُصاغ في خلاله المحاضر النهائية تمهيداً لتوقيعها والبدء في مسيرة إقرارها حكومياً ومن ثم إرسالها إلى الأمم المتحدة لتوثيق خرائطها”، كاشفةً أنّ “ما تم التوصل إليه في هذا الصدد يتمحور حول وضع نقطة رأس الناقورة مع المساحة البحرية الملحقة بها ضمن إطار اتفاقية الترسيم تحت وصاية الأمم المتحدة بحيث لا يدخلها لا الاسرائيلي ولا اللبناني مع الإبقاء على إشارة تؤكد أنّ هذه المنطقة تقع ضمن السيادة اللبنانية، وذلك في سياق عملية استنساخ لإحدى فقرات القرار الدولي 1701 الذي وضع مزارع شبعا اللبنانية تحت وصاية الأمم المتحدة إلى حين الاتفاق على الحل النهائي”. ولفتت المصادر إلى أنّ عون ينتظر عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من الخارج للاتفاق معه على “الإخراج الحكومي المطلوب لإقرار التنازل رسمياً عن ممارسة الدولة اللبنانية سطوتها على بقعة جغرافية برية وبحرية عند الحدود الجنوبية معترف دولياً وأممياً بخضوعها للسيادة اللبنانية”.
وعلى الضفة المقابلة، حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد أمس على أنّ يعبّر عن “شكر إسرائيل للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين على عمله الدؤوب الذي قام به في محاولة التوصل إلى اتفاق” حدودي مع لبنان، وأضاف لابيد في بيان نقلته الصحف الإٍسرائيلية: “إسرائيل تعتقد أنه من الممكن والضروري التوصل إلى اتفاق بشأن الخط البحري بين لبنان وإسرائيل بما يخدم مصالح مواطني البلدين”، مشدداً على أنّ هذا “الاتفاق سيكون مفيداً للغاية وسيسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي”.
غير أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية آثر في الوقت عينه أن ينأى بعملية استخراج الغاز من “حقل كاريش” عن مسار اتفاقية الترسيم مع لبنان، فشدد على أنّ هذه العملية “لا علاقة لها بالمفاوضات مع لبنان” مؤكداً أنّ الاستخراج من كاريش “سيبدأ في أقرب وقت ممكن عندما يكون ذلك ممكناً”.