كتبت صحيفة الأخبار” تقول:
أتت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية اليوم على وقع تراجع الاهتمام بالملف الحكومي الذي سجّل أمس انخفاضاً كبيراً في منسوب التفاؤل بعدَ بروز معطيات تؤكد وجود تعقيدات تتعلق بشروط جديدة ستؤخر تشكيلها.
والقناعة الراسخة لدى الجميع أن مجلس النواب لن ينتخب اليوم رئيساً جديداً. لكننا أمام اختبار مهم لرسم اتجاهات المأزق السياسي والدستوري المُرتبِط بهذا الاستحقاق، وهي أول بروفا للنوايا والنصاب والتحالفات والمرشحين. فما خلفية الدعوة والوقائع المُحيطة بها؟
توجيه الدعوة كان أول خطوة من رئيس المجلس لنفي تهمة تعطيل الانتخاب عنه، ورسالة إلى القوى المسيحية خصوصاً التي تتهمه بمحاولات إضعاف الموقع، ورد على البطريرك بشارة الراعي الذي قال في عظة الأحد الماضي إن «تأجيل انتخاب الرئيس هو تقويض لدور المسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً». كما يهدف إلى وضع القوى المسيحية التي تتهم غيرها باستهداف هذا الموقع تحت مجهر الرأي العام للتأكيد على أن خلافاتها تأتي في مقدمة الأسباب التي تمنع انتخاب رئيس جديد.
في الطريق إلى جلسة اليوم برزت مجموعة من الوقائع:
أولاً، تأمين نصاب الجلسة (الثلثين) هو سلاح يملكه أطراف المحورين البارزون ويعطي كلاً منهم القدرة على التعطيل، ولا يُمكِن لأي طرف أن يأتي بالعدد المطلوب من دون الآخر. فحزب الله وحركة أمل والنواب السنة في اللقاء التشاوري (35 نائباً) إلى جانب التيار الوطني الحر وكتلة الأرمن (21 نائباً)، والمردة (4) وبعض النواب المستقلين يصل عددهم إلى 62 نائباً، في مقابل 66 نائباً للقوات (19) والكتائب (4) وتكتل «تجدد» (4) و«مشروع وطن للإنسان» (2) و«اللقاء الديموقراطي» (9 نواب) والتغييريين ونواب صيدا (16 نائباً) والنواب المسيحيين المستقلين (12).
ثانياً، إذا تأمّن النصاب، هناك استحالة لانتخاب رئيس من أول دورة التي يحتاج فيها المرشح إلى 86 صوتاً، وهو مجموع غير متوافر، أما في الدورة الثانية فيحتاج المرشح إلى 65 صوتاً، وفي هذه الحالة تتوقع مصادر نيابية انسحاب عدد من النواب لفرط النصاب تفادياً لأي مفاجآت من شأنها قلب الطاولة.
ثالثاً، الحركة التي ستشهدها الجلسة والطريقة التي ستُدار بها ووقائعها ونتيجتها ستؤدي إلى حركة مشاورات كثيفة داخل كل فريق لتنظيم الصفوف، أو رسوخ قناعة بأن جولات الانتخابات مهما طالت لن تؤدي إلى انتخاب رئيس إلا في إطار توافقي، وإلا سيكون الفراغ هو البديل في انتظار تفاهمات خارجية.
وقبلَ الجلسة سجلت الكتل النيابية اجتماعات ماراثونية، أبرزها تلكَ التي عقدها نواب «قوى التغيير» و«المستقلين» و«قدامى المستقبل»، الذين كانوا السبّاقين في دخول موسم بحث معايير الرئيس المقبل من دون نتيجة. عقِدت الاجتماعات بهدف الوصول إلى تفاهمات مشتركة بين القوى، لكن النواب لم يستقروا على موقف موحد. ليل أول من أمس شهد بيت الكتائب في الصيفي اجتماعاً ضم إلى نواب الكتائب و«التغيير» نواباً مستقلين أبرزهم نعمة افرام، كانت نتيجته المزيد من التخبط وعدم القدرة على الاتفاق على اسم. وقبلَ هذه الاجتماعات تكفل النائب ميشال معوض بتسويق نفسه عبر بعض المواقع الإخبارية في إطار محاولاته لفرض اسمه كخيار قابل للبحث على طاولة «الحلفاء»، لكن «التغييريين» الذين تداعوا للاجتماع في مركز «خط أحمر» اختلفوا حول توصيف معوض وما إذا كان «حليفاً أم مرشحاً». النائب مارك ضو اختصر خيارات «التغييريين» بالوزيرين السابقين زياد بارود وناصيف حتي بالإضافة للخبير الدستوري صلاح حنين. أما زميله وضاح الصادق فرفض الدخول في الأسماء، من دون أن ينكر وجود لوائح متعدّدة. نائب ثالث أشار إلى لائحة تضم إلى جانب معوض كلاً من زياد بارود وصلاح حنين، فيما نفى آخرون كل ما ورد متحدثين عن لائحة «مصغرة» تضم نعمة افرام!
أما أجواء النواب السنة فوصفها النائب حسن مراد بأنها «مشتتة»، بخاصة في ظل عدم توافر أجواء تتيح الاتفاق على اسم محدد مع غياب المعايير.
من جهته، أكد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل المشاركة في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في مجلس النواب، قائلاً «سنصوت بورقة بيضاء، لأنه ليس لدينا اسم للرئاسة، ولكن لدينا ورقة مختلفة حول انتخابات الرئاسة سنعرضها الأسبوع المقبل». كلام باسيل أتى خلال مؤتمر صحافي حول الادعاء على النائب شربل مارون، متسائلاً «هل يجوز الادعاء بهذه الطريقة على نائب يتمتّع بالحصانة النيابية». وقال «بالدستور، إذا تعرض رئيس الجمهورية إلى الإهانة تتحرك النيابة العامة تلقائياً، ولكن 3 سنوات من الشتائم على رئيس الجمهورية لم نر أي قاض تحرك في هذا الاتجاه، واليوم نرى استدعاء نائب فقط لأنه عبر عن رأيه». وأكد باسيل أن «القاضي سهيل عبود أكد لوفد تكتل لبنان القوي مظلومية الموقوفين وأكد أيضاً المضي بمسألة القاضي الرديف، والآن يتهرب»، لافتاً إلى أنه «يمارس الفساد الوظيفي باعتبار أنه يمتنع عن تأدية العمل الوظيفي»، ومؤكداً أننا «كلنا شربل مارون والقصة صارت خطيرة. يلي بدق فيه بدق فينا كلنا بدو يشتكي عليه يشتكي علينا كلنا سوا لأننا نتبنى ما قاله».