كتبت صحيفة “النهار” تقول:
بدا من غير المستغرب ان تتسع ترددات الاتفاق المزمع ابرامه بين #لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية وعبر الأمم المتحدة، ل#ترسيم الحدود البحرية في كل من البلدين المعنيين، اذ ان هذا التطور شكل في مضمونه وظروفه وتوقيته حدثا مدويا استثنائيا، ولو كانت مؤشرات سابقة تمهد لحصوله. ومع ان مجمل المعطيات التي تواكب الاستعدادات الجارية لاتمام الخطوات الإجرائية لانجاز ابرام هذا الاتفاق، ولو أدخلت عليه تعديلات طفيفة من كلا الجانبين، تستبعد اصطدامه بعقبات وعراقيل جوهرية تحول دون استكمال مسار الموافقة عليه من كل من لبنان وإسرائيل، فان المفارقة اللافتة التي برزت امس تمثلت في “الخشية”على اهتزازات إسرائيلية لا لبنانية تصيب مسار الاتفاق وتعرضه للعرقلة. اذ ان وتيرة الاعتراضات في لبنان لم تكن بحجم تلك التي تصاعدت في إسرائيل، بل ان اللافت ان أيا من القوى السياسية اللبنانية الوازنة لم تقف ضد المضمون “الإيجابي” لجهة ضمان حقوق لبنان ومطالبه كما سرب عن الاتفاق، وكانت الملاحظات تتصل بالحذر من توظيف سياسي لهذا التطور من جهة والمخاوف من افاق إدارة مسار التنقيب عن الغاز بالأيدي إياها التي افقرت البلاد. ولذا بدا طبيعيا ان تتركز الأنظار على ما سيلي اعلان كل من لبنان وإسرائيل موافقتهما المرجحة على الاتفاق، فيما احتدم الانقسام داخل إسرائيل حوله مدفوعا بالاجواء والمناخات الانتخابات عشية الانتخابات العامة التي ستجرى في تشرين الثاني المقبل .
اما الترددات الأخرى غير المباشرة لهذا الاتفاق في لبنان، فبرزت ضمنا في اتجاهات متناقضة لجهة التساؤلات التي اثارها حيال تأثيره المحتمل على الاستحقاقات الداهمة وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية والملف الحكومي. وإذ يبدو واضحا ان الاستحقاق الرئاسي لا يزال يراوح عند المشهد الذي تركته الجلسة الانتخابية الأولى من دون أي تبديلات، يتجه الاستحقاق الحكومي نحو محاولة جديدة لاحداث تغييرات في بضعة مقاعد وزارية من ضمن التركيبة الحكومية الحالية وستتضح معالم هذه المحاولة في الأيام القليلة المقبلة، علما ان الأوساط المتابعة تعتقد ان فرصة هذه المحاولة قد تكون افضل من سابقاتها. وتجدر الإشارة ان الملف الحكومي لم يطرح في اللقاء الرئاسي الثلاثي في قصر بعبدا امس، اذ حصر البحث والنقاش في وضع الرد اللبناني الرسمي الموحد على الطرح الترسيمي البحري الذي تبلغه لبنان من الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين .
وقد رأس رئيس الجمهورية ميشال عون أولا الاجتماع التقني الإستشاري للبحث في العرض الخطي للوسيط الاميركي وافيد انه تمت خلال هذا الاجتماع، الاستعانة بخرائط وبإحداثيات عرضت على شاشة. ثم رأس اجتماعا للغاية عينها، ضمه الى رئيسي مجلس النواب #نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. وتركز البحث على العرض الاميركي. وقد انضم الفريق التقني والاستشاري الى الاجتماع الذي قال بري ردا على سؤال على اثره: “قمحة ونص”. من جهته، أكّد ميقاتي “ان الأمور مُتجهة الى الطريق الصحيح بشأن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل”، مشدداً على أن “موقف الجميع في لبنان موحّد بشأن هذا الاتفاق وذلك من أجل مصلحة البلد”. وقال: لقد كانت لي وللرئيس بري بعض الملاحظات، واللجنة التقنية أخذت بها كاملة، وسيكون لنا رد سيُرسل إلى الوسيط الأميركي ضمن هذا السياق كاملاً، وأودّ التأكيد أن كل المسلمات والامور الأساسية تامة ضمن الاتفاق، والأمور متجهة على الطريق الصحيح، وأؤكد أيضاً أن موقفنا موحد لمصلحة لبنان”.
وقالت مصادر مطلعة على اجتماعات بعبدا ان هناك ارتياحا لمسار المفاوضات والمسألة تقاس بالايام والرد اللبناني ينجز خلال ساعات بعد صياغته من قبل اللجنة الفنية التقنية، وترسل نسخ منه للرؤساء الثلاثة ومن ثم يرسل الجواب الى هوكشتاين.
وأشارت الى ان بعض الملاحظات اللبنانية جوهرية الا انها لا تؤثر على الموقف المبدئي بالموافقة على الطرح الاميركي، وبعض الملاحظات تقنية تحتاج الى استيضاحات. وقالت ان الصيغة النهائية تعرض في اجتماع في الناقورة وعلى ضوئه تعدّ نسختان من الاتفاق: نسخة يوقع عليها لبنان والامم المتحدة وهوكشتاين ونسخة توقع عليها اسرائيل والامم المتحدة وهوكشتاين وترسل النسختان الى الامم المتحدة.
الموقف في إسرائيل
في الجانب الإسرائيلي تصاعدت صورة الانقسامات حيال اتفاق الترسيم البحري مع لبنان على خلفية انتخابية. وكشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن استقالة رئيس وفد التفاوض الإسرائيلي عودي أديري من منصبه لمعارضته اتفاق الترسيم. الا ان وزارة الطاقة الاسرائيلية، أعلنت أن عودي أديري، الذي شغل خلال العامين الماضيين منصب رئيس فريق المفاوضات بين إسرائيل ولبنان، “طلب من وزيرة الطاقة كارين الحرار إنهاء منصبه استعدادًا لبدء وظيفة جديدة. وعرض أودي مساعدته في باقي العملية إذا لزم الأمر”. وتبين ان كبير المفاوضين الإسرائيليين استقال الأسبوع الماضي، قبل أيام من تقديم المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين اقتراحه النهائي للاتفاق، وفق ما نقلت صحيفة “جيروزالم بوست”الإسرائيلية. وبحسب ما ورد، عارض أديري الاتفاق الذي هو قيد الصياغة، “وشعر بالإحباط من الطريقة التي تم نقل الملف فيها إلى مكتب رئيس الوزراء”.
من جهته، دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في تغريدة على “تويتر” عن مسودّة الاتفاق، وكتب متوجّها إلى زعيم المعارضة بينامين نتانياهو: “إسرائيل تتلقى 100 في المئة من الضمانات الأمنية، و 100 في المئة من مكمن كاريش وحتى بعض الأرباح من المكمن اللبناني والاتفاق مع لبنان سيؤمن احتياجاتنا الأمنية بالكامل “. وأضاف: “أفهم أنه يؤلمك أنك لم تتمكن من الوصول إلى مثل هذا الاتفاق، لكن هذا ليس سببًا للانضمام إلى دعاية (الأمين العام لـ”حزب الله” حسن) نصر الله. من الممكن الثناء على حكومة تعمل وتحقق نتائج لشعب إسرائيل”.
وفي المقابل جدد نتنياهو التأكيد ان الاتفاق مع حزب الله غير قانوني ولا يلزم حكومة اليمين القوية التي سيؤلفها في حال فوزه في الانتخابات.
الموفدة الفرنسية
بالعودة الى المشهد اللبناني ووسط هذه الاجواء، افيد ان السفيرة الفرنسية آن غريو ابلغت الرئيس عون امس ان شركة “توتال” مستعدة للتعاون مع لبنان في التنقيب، فور التوصل الى اتفاق. وأوضح عون لغريو ولمديرة افريقيا والشرق الأوسط في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية آنا غيغين اللتين زارتا بعبدا امس انه “بالنسبة الى موضوع المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، فان لبنان سيحدد موقفه من مضمون العرض الخطي الذي قدمه هوكشتاين والذي تضمن نصوصا قيد الدرس بالتشاور مع رئيسي مجلس النواب والحكومة وفي ضوء ملاحظات اللجنة الفنية المشكلة لهذه الغاية”، لافتا الى انه حرص طوال الاشهر الماضية على “ضمان حقوق لبنان في مياهه وتوفير الظروف الملائمة لبدء عمليات التنقيب في الحقول النفطية والغازية المحددة في المنطقة الاقتصادية الخالصة التي يفترض ان تبدأ بها شركة “توتال” الفرنسية”، مؤكدا انه “لن تكون هناك اي شراكة مع الجانب الإسرائيلي”.
وكانت غيغين اعتبرت ان “التوصل الى اتفاق في مسألة الترسيم البحري الجنوبي رسالة ثقة الى المجتمع الدولي بلبنان ستكون لها مفاعيلها الإيجابية على اقتصاده الوطني”. واكدت “حرص فرنسا على الاستمرار في مساعدة لبنان في مختلف المجالات وان الاهتمام بالشؤون اللبنانية هي من أولويات الحكومة الفرنسية”، مشددة على أهمية اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري منعا لاي فراغ على المستوى الرئاسي، وعلى انجاز الإصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
جعجع وجنبلاط : معوض
وفي الاصداء الداخلية حيال اتفاق الترسيم برز امس موقف رئيس حزب “القوات اللبنانية ” #سمير جعجع الذي اعتبر انه “بالنسبة لترسيم الحدود هذه المرة الأولى والوحيدة التي يتصرف فيها حزب الله بشكل منطقي، باعتبار ان هناك اتفاقا فيه تكمن مصلحة لبنان لهذا السبب غض النظر، بعيداً عن العنتريات فهذا الإتفاق هو نفسه الذي كان منذ 10 سنوات وعنتريات “حزب الله” هي للإستهلاك المحلي”.
وتابع في حديث تلفزيوني : “حزب الله” يريد ترسيم الحدود لتلزيم التنقيب لشركة ما وأخذ المال منها من أجل تمويل الدولة بدلاً من الذهاب إلى البنك الدولي ولن نقبل بصرف أموال النفط” ولكنه قال “لا أعتقد حتى اشعار آخر أن هناك صفقة عابرة للقارات بالنسبة لتعاطي حزب الله مع موضوع ترسيم الحدود”.
وفي الملف الرئاسي اعلن أن “المفاوضات لا تزال جارية من أجل إقناع أفرقاء المعارضة كافة للإلتفاف حول اسم واحد” آملا أن “نصل إلى نتيجة إيجابيّة في هذا الموضوع قبل الجلسة المقبلة وميشال معوّض هو المرشح النهائي” للمعارضة .
وبدوره اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي #وليد جنبلاط في حديث تلفزيوني ليلا ان النائب ميشال معوض ليس مرشح تحد وهو ابن شهيد الطائف رينه معوض ونريد رئيسا يعالج البنود الخلافية الكبرى بالحوار وباقون على خيار ميشال معوض لكن منفتح على أسماء أخرى ويجب التشاور مع الحلفاء ومع معوض نفسه وثمة كثر يتمتعون بالكفاءة منهم صلاح حنين وشبلي ملاط واعتبر ان ترشيح سليمان فرنجية هو عنوان تحد . ودعا الى انشاء صندوق سيادي لعائدات الغاز لانه ملك الشعب اللبناني .