يفترض ان يبعث لبنان بجوابه على المسودة التي وصلت من الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بخصوص ترسيم الحدود البحرية خلال الساعات القليلة المقبلة، بعد ان تم مساء امس طباعته ووضع اللمسات الاخيرة عليه. جواب يلحظ مجموعة من الملاحظات يعتبر الجانب اللبناني انه لا يفترض ان تشكل تهديدا للايجابية المسيطرة على الملف، الا اذا قرر الجانب الاسرائيلي الاحتجاج بها للاطاحة بالاتفاق الذي ادى الى تخبط كبير في تل ابيب التي تستعد للانتخابات التشريعية.
وفيما يُرتقب ان تكون الايام التي تفصلنا عن نهاية الاسبوع حاسمة في ملف الترسيم، لا يبدو ان نهايات الملف الحكومي اقتربت. فحديث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يوم أمس عن «عراقيل كثيرة وشروط وايحاءات في عملية التشكيل» يتقاطع مع معلومات تؤكد ان العقد لا يزال معظمها يراوح مكانها، ما سيستدعي دخول حزب الله مجددا على الخط لاعادة وضع قطار التأليف على السكة الصحيحة.
في هذا الوقت عاد الوضع الامني للمصارف الى الواجهة مع تسجيل نحو ٤ عمليات اقتحام لفروع في اكثر من منطقة، ما سيستدعي اعادة نظر من قبل المعنيين بالاجراءات المشددة المفروضة اصلا منذ نهاية الشهر الماضي لتفادي عمليات مماثلة.
الترسيم الى نهاية سعيدة او؟
اذا يتوقع ان تتسلم السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا الرد الرسمي اللبناني على مسودة هوكشتاين صباح اليوم، على ان يكون الرد الاسرائيلي قد وصل ايضا الى الوسيط الاميركي الذي سيكون عليه بعدها وضع الطرفين اللبناني والاسرائيلي بملاحظات كل منهما وصياغة نص اتفاق جديد يوقع الاسبوع المقبل اذا لم تحصل مفاجآت غير محسوبة.
وقال مصدر رسمي لبناني لـ «الديار» ان «الملاحظات التي اوردها لبنان بعضها جوهري يحصن الموقف اللبناني والآخر شكلي، لكنها لا تهدد الاتفاق الا في حال اراد الاسرائيليون الذين يعيشون في تخبط كبير الاحتجاج بها للتراجع عن الاتفاق».
ولا تزال السلطات في اسرائيل تسعى لاستيعاب الضجيج الذي تثيره قوى المعارضة بزعامة بنيامين نتنياهو. فقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس» عن امله في التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود. وأوضح أنه سيتم عرض بنوده الرئيسية على الجمهور بشفافية بطريقة أو بأخرى في حال تم التوقيع عليه، لكن من المستحيل عرضه أثناء إجراء المفاوضات. واعتبر أن في حال تم التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية، فعلى المدى الطويل سيقلل هذا الاتفاق من اعتماد لبنان على إيران ونفوذها… في المقابل، يستمر رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في انتقاد رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد، معتبرًا أن اتفاقية الترسيم صفقة مخزية وأن لابيد سلم ثروة ضخمة من الغاز إلى لبنان.
لا حكومة قبل منتصف الشهر؟
ولم يجمد الاستنفار الرسمي للرد على مسودة هوكشتاين المفاوضات الحكومية التي بقيت ناشطة في الساعات الماضية، من دون ان يعني ذلك انها تمهد لاعلان ولادة الحكومة الجديدة خلال ساعات. وبدا واضحا من حديث ميقاتي العلني يوم امس عن «عراقيل كثيرة» ان الايجابية التي احاطت بالملف الاسبوع الماضي بدأت تتلاشى، وهو ما سيستدعي، بحسب مصادر مطلعة على الملف، دخول حزب الله مباشرة على الخط لتذليل العقبات، وابرزها المرتبطة بتسمية الوزير الدرزي البديل عن وزير المهجرين واصرار رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على استبدال القسم الاكبر من الوزراء المسيحيين بآخرين منتمين الى «التيار»، ما ازعج ميقاتي ودفعه الى الحديث عن «شروط وايحاءات». وقالت المصادر لـ «الديار»: «يبدو واضحا انه لن يكون هناك حكومة جديدة للبنان قبل النصف الثاني من الشهر الحالي، ما يعني ان الرئيس عون لن يترأس بعد اليوم اي جلسة لمجلس الوزراء وان اي تعيينات لن تحصل في عهده، وهو ما يعتبره مقربون منه سببا اساسيا لتأخير بري وميقاتي بت الملف الحكومي».
المصارف الى الواجهة من جديد
وفي تطور لافت يوم امس، عاد وضع المصارف الامني الى الواجهة مع تسجيل نحو ٤ عمليات اقتحام جديدة شملت صور وشتورا والحازمية وطرابلس. ورغم تخفيف رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف جورج الحاج من خطورتها معتبرا انها «مجرّد خروقات تمت معالجتها ولا تستدعي قراراً بالإقفال مؤكدا ان « ما حصل يوم «الجمعة الشهير» لم يتكرّر»، قالت مصادر مواكبة للملف لـ «الديار» ان «المعنيين بالقطاع سيعيدون النظر بالاجراءات الادارية كما الامنية المتخذة بعد الاطلاع على تفاصيل الخروقات التي تمت يوم امس، من دون استبعاد اتخاذ خطوات اكثر تشددا بعد».
وظنا منها انها بتقديم مجموعة من الاجوبة عن اسئلة المودعين تستطيع ردعهم من مواصلة اقتحام البنوك، فندت جمعية المصارف في بيان مفصل اجوبة عن الاسئلة الاتية: أين الودائع؟ من المسؤول؟ هل كان بوسع المصارف التصدي للسياسات المالية والنقدية؟ هل كان بالامكان استدراك الوضع؟ لماذا جفت السيولة؟ ما هي الاجراءات الملحة؟ اي مصير ينتظرنا؟ محملة الدولة بشكل اساسي مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع كما مسؤولية اجتراح الحلول.