كتبت صحيفة “الديار” تقول: قبل ساعات من كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المرتقبة «اسرائيلياً» ولبنانياً، تحرك ملف «الترسيم» البحري مجددا ووضع على «نار حامية»، بعد ان انهى «الوسيط» الاميركي عاموس هوكشتاين مساء امس تنقيح «النسخة النهائية» من الاتفاقية وسلمها «للاسرائيليين»، على ان تكون قد باتت لدى الجانب اللبناني في وقت متأخر ليلا، بعد ان اطلع نهار امس على مضمونها «شفهيا»، على ان يتلقى الجانب الاميركي اجوبة واضحة ومكتوبة خلال الساعات المقبلة.
وفيما عادت الايجابيات الى الاجواء مع تراجع المزايدات الانتخابية «الاسرائيلية» والترويج لاخبار عن ضغوط اميركية على لبنان لتخفيف شروطه، نفت مصادر لبنانية بازرة هذه التصريحات، ورأت فيها محاولة اسرائيلية «للنزول عن الشجرة». ووفقا للمصادر، فان اي تعديل لبناني لن يكون الا شكليا و من خلال الصياغة، لكن لا تنازل عن التحفظات الاساسية التي لم ير فيها الاميركيون عقبة امام انهاء الاتفاق الذي قد يوقع في العشرين من الجاري بحسب «الاسرائيليين».
داخليا، وفيما الدولة مستنفرة لاحتواء تفشي «الكوليرا» بعد ظهور حالات جديدة في عرسال، انفجرت «القلوب المليانة» بين وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الاعلى الذي اعلن مقاطعة الجلسة المقررة اليوم بعد انتقاده التدخل السياسي للوزير…
سياسيا لا تبدو القوى السياسية في عجلة من امرها لاتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده، ولا احد ينتظر نتائج جلسة يوم الخميس المقبل لان «المكتوب يقرأ من عنوانه»، فلا جديد، ولا رئيس، وربما لا جلسة، وقد بدأت عمليا الاستعدادات لمرحلة «الفراغ» الرئاسي نهاية الجاري. هذه المرحلة لن تشهد اي جديد يمكن ان يغير من واقع التعطيل «السلبي» في المجلس النيابي، وحده قائد الجيش العماد جوزاف عون سيدخل «السباق» عمليا بفعل «فتوى» انتهاء المهل الدستورية «والضرورات» التي تبيح «المحظورات»، باعتبار انه لن يكون مطلوبا منه الاستقالة قبل 6 اشهر من الاستحقاق. لكن هذا المعطى الجديد لن يحرك «المياه الراكدة»، بل سيكون عاملا جديدا للمساومة على «بازار» الاستحقاق غير الناضج داخليا وخارجيا، حيث لا تملك اي من القوى الفاعلة تصورا او اجابات واضحة حول كيفية، وتوقيت الخروج من الازمة التي تبدو مستعصية.
ايجابيات «الترسيم»؟
في ملف «الترسيم» عادت الاجواء الايجابية لتحضر في الملف من خلال ثلاثة مصادر: الاول التصريحات الاميركية المتفائلة، حيث اعلن مسؤول أميركي بارز إن عاموس هوكشتاين على اتصال مع كل الأطراف وعمل على حل الخلافات العالقة، فيما المفاوضات في فصولها الأخيرة. وشدد على التزام واشنطن بالتوصل إلى حل، مؤكدا أن اتفاقاً مستديماً أمر ممكن وبمتناول اليد. المصدر الثاني ما نقلته صحيفة «هارتس الاسرائيلية» عن مسؤول «اسرائيلي» تأكيده ان التوقيع قد يتم في العشرين من الجاري بعد تذليل العقبات. اما التفاؤل الثالث، فمصدره رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أمل في انجاز كل الترتيبات خلال الأيام القليلة المقبلة بعدما قطعت المفاوضات غير المباشرة شوطا متقدما، بعد تقلص الفجوات التي تم التفاوض في شأنها خلال الأسبوع الماضي.
الاتفاق في «خواتيمه»
ووفقا لمصادر لبنانية مطلعة، فان الامور في خواتيمها، وبقيت بعض الامور التقنية، وما يدرس الآن موعد التوقيع، وكيف؟ ومن سيوقع؟ في ظل اتجاه واضح للعودة الى الناقورة لانهاء الملف. ووفقا لتلك المصادر، فان لبنان تأكد ان النص الجديد اخذ بكل الملاحظات اللبنانية، والاقتراح الاميركي عالج «هواجس» الطرفين، وما يجري الآن هو عملية تنقيح لبعض التعابير والصيغ، وايجاد مرادفات واضحة وموحدة للصيغ الانكليزية والعربية والعبرية، خصوصا في النص الخاص بمهام شركة «توتال» الفرنسية التي سيكون عليها مهمة الاستكشاف في حقل «قانا»، ويقع على عاتقها تحديد قيمة التعويض «للاسرائيليين» من حصتها. وقد تم الاتفاق لبنانيا مع الشركة كي تقوم مباشرة بعملها في البلوك رقم 9 وهي تحتاج الى ما بين 6 اشهر و 14 شهرا للتنفيذ؟ وقد حقق لبنان أحد مطالبه، بعدم ربط التنقيب والاستخراج في البلوك 9 و»حقل قانا» بمفاوضات «إسرائيل» مع شركة «توتال» حول حصتها من عائدات الجزء الجنوبي من هذا الحقل الواقع جنوب الخط 23.
التسريبات «الاسرائيلية»
وبحسب التسريبات «الاسرائيلية»، فان «الوسيط» الاميركي قدم النسخة النهائية للاتفاق الى الجانبيين اللبناني و»الاسرائيلي»، وتشتمل الحلول «الوسط» التي وافقت عليها الاجهزة الامنية «الاسرائيلية»، ترسيم الحدود البحرية الجديدة، 5 كم باتجاه الغرب حسب الخط 1 (خط الطوافات)، وبعد ذلك النزول جنوباً وغرباً في خط 23، لا يعرض المصالح الأمنية لـ «إسرائيل» للخطر. يقوم سلاح البحرية بدوريات حسب الحاجة في خط عرض 1، وفي حالة وجود حاجة أمنية ملحة يتم إرسال قطع بحرية أيضاً إلى الشمال من هناك. ووفقا للرؤية «الاسرائيلية»، فان الاتفاق لا يضر بحرية النشاط البحري للجيش «الإسرائيلي» في المنطقة. ووفقا لتقديرات الجيش «الاسرائيلي»، فان الاتفاق «جيد جداً من الناحية الأمنية». ووفقا للتقديرات الامنية «الاسرائيلية»، فان الضرر الاقتصادي لـ «إسرائيل» نتيجة حرب مستقبلية مع حزب الله حتى لو استمرت بضعة أيام، قد يكون كبيراً بدرجة لا تقدر، ولا نريد التحدث عن الخسائر المتوقعة في الأرواح.
دعاية «اسرائيلية»
وكانت «اسرائيل» قد استبقت الاجواء الايجابية «بالترويج» لقيام إدارة بايدن نهاية الأسبوع بممارسة ضغط شديد على لبنان لسحب ملاحظاته على مسودة اتفاق الغاز والحدود البحرية، وقبول المسودة كما هي، وذلك عبر اتصالات قام بها عاموس هوكشتاين، ومستشار بايدن لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك. وكلاهما أدارا سلسلة مكالمات هاتفية في نهاية الأسبوع مع مسؤولين لبنانيين كبار، وناشداهم لقبول المسودة الأصلية. ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز قوله ان احتمال انهاء إجراءات التوقيع على الاتفاق قبل الانتخابات، أكثر من 50 في المئة، وقال انه في جلسة «الكابينت» الأسبوع الماضي، كان هناك تأييد واسع للاتفاق، سواء من جانب محافل الأمن – رئيس الأركان، رئيس «الموساد» – أم من جانب وزارة الطاقة.
استبعاد خطر الحرب… ولكن!
وفي السياق نفسه، اكدت صحيفة «هارتس» ان توجيهات وزير الدفاع بني غانتس، للجيش «الإسرائيلي» بالاستعداد لسيناريوهات تصعيد في الشمال «في حالة هجوم ودفاع»، لا تعكس أي توقعات استخبارية بحرب مع حزب الله على خلفية الأزمة في المفاوضات، ونقلت عن قيادة الجيش «الاسرائيلي» تقديرها بأن هناك احتمال «متوسط الى عال» للتوقيع على الاتفاق قبل نهاية الشهر. ووفقا للمعلومات وعلى هامش جلسة «الكابنيت» يوم الخميس سمع تقدير عسكري واضح بشأن انخفاض احتمالات نشوب الحرب. ونقلت صحيفة «يديعوت احرنوت» عن مسؤولين امنيين تأكيدهم انهم لا يعرفون كيف سيرد السيد نصر الله في حال بدأت الحفريات في «كاريش» قبل التوقيع على الاتفاق، وهم يعتقدون انه لا يريد الحرب الآن، لكن الجيش «الاسرائيلي» يدرك حقيقة أن جزءاً كبيراً من الحروب والعمليات في العقدين الأخيرين -حرب لبنان الثانية والعمليات الإسرائيلية في قطاع غزة– لم تندلع حسب خطة مسبقة، بل عقب تصعيد بعدما تم فقدان السيطرة عليه. ولهذا تم في الأشهر الأخيرة تعزيز الدفاعات على الحدود الشمالية وحول مواقع الغاز في البحر المتوسط، واستكملت الخطط العملياتية لهجوم «إسرائيلي» مضاد في لبنان رداً على عملية محتملة لـحزب الله.
الحكومة في «الثلاجة»
حكوميا، اكدت اوساط سياسية بارزة ان الامور جامدة ولا مؤشرات ايجابية حتى الآن، بعدما كانت «الولادة» «قاب قوسين او ادنى»، ووفقا لتلك الاوساط فان الملف الحكومي دخل الى «الثلاجة» بعد كلام الرئيس عون حول اولوية الانتخابات الرئاسية، وهو امر اعاد الزخم الى السجالات مع فريق رئيس الحكومة الذي يعتبر كلام الرئيس عون اكبر دليل يفضح عدم جديته مع فريقه السياسي في المفاوضات التي كانت تجري برعاية حزب الله لتسهيل عملية التشكيل، وهذا ما يفسر المطالب غير المنطقية والتي تسعى الى «تكبيل» الرئيس المكلف بشروط لا يمكنه قبولها.
ماذا يريد حزب الله؟
في هذا الوقت، نفت مصادر مقربة من حزب الله وجود تباين في الاولويات مع رئيس الجمهورية ميشال عون حيال مقاربته للاستحقاقات الدستورية، اثر كلامه عن اولوية الانتخابات الرئاسية، ولفتت الى ان حزب الله يعمل على خطين متوازيين وبالزخم نفسه، ولا يقدم ايا من الاستحقاقات على غيرها، وهو يعمل مع الحلفاء على رفع مستوى التنسيق للوصول الى تفاهم على اسم المرشح الرئاسي، ويشجع النقاش مع الكتل النيابية الاخرى للتوصل الى توافق على هذا الاستحقاق، وفي الوقت نفسه يجري العمل على تشكيل حكومة جديدة لتلافي الفراغ السياسي والاشكالية الدستورية اذا لم يتم انتخاب رئيس في الموعد المحدد. وفي هذا السياق، غرّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم على حسابه عبر «تويتر» كاتبًا: «موقفنا كحزب الله أنْ تتألف الحكومة قبل انتخابات رئاسة الجمهورية حتى لو بقيت أيام معدودة». وأضاف: «الآن أصبح هذا الاهتمام بالنسبة لنا أكثر لأنَّ المهمة الأولى لهذه الحكومة أن تنقذَ لبنان من التخبط السياسي الذي يمكن أن يقع عندما يأتي وقت الاستحقاق الرئاسي».
لا «معجزة» رئاسية
اما رئاسيا، فلا تزال احتمالات حصول معجزة قبل نهاية الشهر غير متوقعة، خصوصا ان «خلط الاوراق» مستمر داخل كل الفريق السياسي الواحد، واذا كانت المعارضة قد فشلت حتى الآن في الوصول الى تفاهم على اسم رئيس «المناورة» ميشال معوض لاستخدامه كورقة ضغط على الفريق الآخر، فإن الامور لا تقل سلبية عند الفريق المحسوب على حزب الله، حيث لم يحصل بعد اي تقدم على مسار تقريب وجهات النظر بين التيار الوطني الحر وتيار المردة لتفاهم على تبني ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية. ويبدو ان «الفجوة» تزداد اتساعا بعد تسريبات سلبية جدا من قبل النائب باسيل تفيد برفضه المطلق لاي حوار في هذا الاطار.
ووفقا للمعطيات، فان سيناريو «الورقة» البيضاء سيتكرر من قبل حزب الله وحلفائه، وبعد فشل «القوات اللبنانية» باقناع النواب «المستقلين» و»التغيير»، بات من المؤكد ان هؤلاء لن يقترعوا لمعوض، وهم مصرون على التسويق لواحد من ثلاثة: زياد بارود ، ناصيف حتي والنائب السابق صلاح حنين، وهذا الاخير يحظى بالدعم الاقوى.
«ورقة» ابتزاز؟
ويبدو ان ثمة من ينتظر انتهاء المهلة الدستورية في 31 تشرين الاول، عندئذ سيدخل الى «السباق» مرشحون جدد، وفي مقدمتهم قائد الجيش جوزاف عون الذي سيستخدم «ورقة» ضغط في «بازار» الاستحقاق الرئاسي التي ستحاول «فك شفرته» وزير الخارجية الفرنسية يوم الجمعة، دون ان تكون التوقعات كبيرة في امكان نجاحها في فرض تسوية او تقديم مخرج يرضي الجميع.
وفي غياب الحراك الجدي، جددت واشنطن دعوتها الى اجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، وفي موعدها، بحسب الدستور اللبناني. وفي رسالة مكتوبة، اكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ان الولايات تريد حكومة في لبنان قادرة على إعادة ثقة شعبها وملتزمة بتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية ضرورية لإحداث تغيير والترويج لحكم رشيد ينقذ الاقتصاد.
تحذيرات فرنسية
وفي هذا السياق، لم تغير الزيارة الاستطلاعية للأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي لبيروت القناعة بوجود «عقم» في السياسة العربية تجاه لبنان، ولا الزيارة المرتقبة لوزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الجمعة المقبل، ستغير من المقاربة الدولية التي تلامس الاستحقاق ولا تتدخل فيه حتى الآن، لا من حيث التسمية او القدرة على الضغط على اي من الافرقاء السياسيين. لكن اوساطأ ديبلوماسية لفتت الى ان باريس قررت رفع مستوى تدخلها على الرغم من نشاط سفيرتها في بيروت آن غريو، لانها تخشى من سقوط البلاد في فوضى اجتماعية وامنية خطرة اثر الفراغ الرئاسي وعدم وجود حكومة مكتملة المواصفات قادرة على ادارة البلاد، خصوصا في ظل التهديدات العلنية من قبل بعض القوى السياسية «بشلها»، وهذا سيترك المؤسسات الامنية والعسكرية امام اعباء كبيرة وخطرة قد لا تكون قادرة عليها في الظروف الراهنة.
«انفجرت» قضائيا!
قضائيا، انفجرت «القلوب المليانة» بين رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود ووزير العدل هنري خوري، وكسرت «الجرة» بينهما، بعدما اعلن الاول مقاطعة جلسة مجلس القضاء الأعلى التي دعا إليها وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال اليوم، وذلك «إلتزاماً بقسمه، وإيماناً منه باستقلالية عمل مجلس القضاء الأعلى، وبعدم تكريس ما يمسّ هذه الاستقلالية»، ما يضع علامة استفهام حول عقد الجلسة بسبب احتمالات تطيير النصاب. وأوضح القاضي عبود في بيان ان التدخلات السياسية في القضاء، الحاصلة من الجهات والمراجع المختلفة، صراحةً أو ضمناً، سكوتاً أو تجاهلاً، ساهمت وتساهم في ضرب الثقة بالأداء القضائي، مشيرا إلى أنها ظهرت بوضوح من خلال ما سُمّيَ بـ «تسوية» بخصوص عدد الغُرف لدى محكمة التمييز… ورأى أن التدخل السياسي يتظهّر ايضا، في آخر أوجهه وأحدثها، من خلال دعوة وزير العدل إلى إجتماعٍ لمجلس القضاء الأعلى، ووضعه لجدول أعماله، وذلك في سابقةٍ لها مبرراتها السياسية لا القضائية، ولو أُسنِدَت في ظاهرها إلى واقعٍ قانوني (المادة السادسة من قانون القضاء العدلي) لم يُطبّق ولم يُعمل به سابقاً، لعدم ائتلافه مع مبدأ الفصل بين السلطات، ومع مبدأ استقلالية السلطة القضائية المكرّسَين في الدستور، ومع موجب احترام هذه الاستقلالية. من جهته نفى خوري ان يكون قد تدخل في القضاء، واوضح ان من صلاحيات وزير العدل دعوة مجلس القضاء الاعلى إلى الانعقاد. تجدر الاشارة الى انه في حال تطيير الجلسة فهذا سيعني تجميد البحث في تعيير قاض رديف في ملف المرفأ.
عمليا لا مصارف؟
على الصعيد المصرفي، اعلنت «جمعية المصارف» أنّها ستتابع الإجراءات التنظيمية والأمنية نفسها، أي «الاكتفاء بخدمة الصرّاف الآلي للأفراد وخدمة الزبائن للشركات في الوقت الحاضر»، وأعلنت، أنّ كل مصرف يتكفّل بالإجراءات التنظيمية الخاصة به ضمن هذا الإطار…