كتبت صحيفة “الديار” تقول: بضغط أميركي غير مسبوق على «تل أبيب» أُنجز ملف ترسيم الحدود البحرية مع لبنان. فبسحر ساحر انهى الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين وضع المسودة النهائية للاتفاق آخذا بالملاحظات اللبنانية، وهو ما دفع رئاسة الجمهورية للقول ان «الصيغة النهائية للعرض مرضية للبنان وتلبي مطالبه، وحافظت على حقوقه في ثروته الطبيعية».
وليس اتصال الرئيس الأميركي جو بايدن لتهنئة الرئيس اللبناني ميشال عون بانتهاء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، مؤكدا وقوف الولايات المتحدة إلى جانب لبنان لتحقيق الاستقرار وتمكينه من تعزيز اقتصاده والاستفادة من ثرواته الطبيعية، الا دليلا على ان الامور بلغت خواتيمها ولم يبق الا التفاهم على الشكليات لجهة طريقة الإعلان عن الاتفاق وكيفية توقيعه لجهة الزمان والتوقيت.
ترجمة فعودة الى الناقورة
وأشارت مصادر قريبة من الرئاسة الاولى الى انه «تمت المباشرة بترجمة نص الاتفاق للغة العربية، على ان يتم الانتهاء من اعداده اليوم الاربعاء او غدا الخميس»، لافتة في حديث لـ «الديار» الى انه «بعد ذلك سيعقد اجتماع في الناقورة يشارك فيه الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين على ان يتسلم هناك الورقة اللبنانية موقعة وورقة مماثلة اسرائيلية»، واضافت: «المؤكد انه لن يكون هناك ورقة مشتركة مع العدو الاسرائيلي، وسيتم ايداع الاوراق الامم المتحدة لاخذ علم بحدود البلدين».
وقالت مصادر واكبت المفاوضات ان «ضغطا اميركيا كبيرا مورس وبخاصة على المسؤولين في «اسرائيل» للسير بالاتفاق قبل الانتخابات التشريعية الاسرائيلية ايا كان الثمن»، لافتة الى ان «الهاجس الاكبر يبقى فوز رئيس حزب «الليكود» بنيامين نتانياهو بالاكثرية النيابية ما يؤدي لتكليفه بتشكيل الحكومة، باعتبار ان ذلك يجعل الاتفاق مهددا رغم توقيعه، كون نتنياهو سبق ان اعلن انه لن يكون ملزما به». وتضيف المصادر: «لكن التعويل يبقى على الضغوط الاميركية والاوروبية المستمرة، والتي يفترض ان تكون مؤثرة على نتنياهو في حال عاد الى الحكومة كما هي مؤثرة حاليا على لابيد، بحيث يرضح للاتفاق ويبقى كلامه اليوم وهجومه عليه مجرد كلام انتخابي لا يُصرف الا في الانتخابات».
وبدا لافتا الاستعجال اللبناني الرسمي على التنقيب، اذ اجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، ووفد من شركة «توتال» الفرنسية برئاسة رئيس مجلس الإدارة المدير العام رومان لامارتينيار. وقال بعد اللقاء انه «تم الإتفاق على البدء بمراحل التنقيب فور الإتفاق النهائي».
حزب الله يدفع حكوميا مجددا…
وبانتظار انجاز الخطوات الشكلية، من المفترض ان ينعكس الجو الايجابي الذي ارخاه ملف الترسيم على ملف الحكومة، اذ رجحت مصادر مواكبة لعملية التشكيل ان يتفرغ المعنيون لهذا الملف بعدما كان «الترسيم» اولوية المرحلة، لافتة في حديث لـ «الديار» الى ان «الجميع بات على قناعة بوجوب انجاز التأليف قبل نهاية الشهر الجاري وانتهاء ولاية الرئيس عون»، مضيفة: «حزب الله دخل بقوة مجددا على خط التشكيل، وهو لن يسمح بأن تنتهي ولاية الرئيس عون من دون انجاز التأليف، تجنبا لدخول البلاد في صراع دستوري – سياسي قد يتخذ ابعادا طائفية كما امنية». واعتبرت المصادر انه «بعد صعود كل الاطراف الى اعلى الشجرة حان وقت النزول، وذلك ممكن ان يحصل في ليلة وضحاها متى بلغت الضغوط مداها»، مرجحة ان «نعود لتغييرات محدودة في التركيبة الحكومية الحالية وعبر اسماء غير استفزازية».
رئاسيا: حركة بلا بركة
اما رئاسيا، فلا تزال الامور تراوح مكانها مع ترجيح انسحاب سيناريو الجلسة الاولى على الجلسة الثانية، بحيث يتأمن النصاب وتتم الانتخابات بدورة اولى على ان يطير النصاب في الدورة الثانية. وفيما لا تزال قوى المعارضة وعلى رأسها «القوات اللبنانية» و»الكتائب» والحزب «التقدمي الاشتراكي» متمسكين بترشيح النائب ميشال معوض، يبدو ان نواب السنّة المستقلين يتجهون أيضا لتكرار ما قاموا به في الجلسة الأولى لجهة التصويت بورقة كتب عليها «لبنان» ، فيما يتجه «التغييريون» او نواب « التغيير» الـ 13 للتصويت لشخصية مختلفة عن سليم اده، وبالتحديد لاحدى الشخصيات الـ٣: زياد بارود، ناصيف حتي او صلاح حنين. ويبدو ان الرئيس التحدي لن يأتي لا من 8 آذار ولا من خط المعارضة، بل سيأتي مرشح تسوية قوي. وان الوزير السابق ناجي البستاني ارتفعت اسهمه عاليا على انه مرشح التسوية ، كونه يعرف كيفية بناء المؤسسات، وهو محامي وزارة الدفاع منذ 40 سنة، وهو محامي قانوني ودستوري ونظيف الكف وضد الفساد. وتؤكد المعلومات ان هنالك تسوية كبرى له من فئات عديدة لكنه بعيد عن الانظار، وقد يكون هو المفاجأة التي ستأتي به رئيساً للجمهورية.
ولا توحي زحمة المبادرات بأن الطريق الرئاسي سالك الى بعبدا، بحيث أنه وبعد مبادرة «قوى التغيير» الرئاسية و مبادرة النائب جبران باسيل التي جال بها يوم أمس على بكركي وعرضها على الرئيس عون، قال النائب أحمد الخير امس، إن تكتل «الاعتدال الوطني» يتجه ليطرح مبادرة جديدة، وهو ما اعتبرته مصادر مواكبة للملف انه سيؤدي الى «احتراق الطبخة لكثرة الطباخين» ، لافتة في حديث لـ «الديار» الى ان «الشغور الرئاسي بات أمرا واقعا والكل ينتظر مسار الامور اقليميا ودوليا ليبني على الشيء مقتضاه». واضافت: «كل المعطيات توحي الا رئيس جديد للبنان قبل آذار المقبل».
ملف المرفأ… الى التدويل؟
وعلى وقع المستجدات السياسية، تسير الملفات القضائية، بعدما بات تدخل السياسيين بالقضاء أمرا مفضوحا لم يعد يتكبد هؤلاء عناء اخفائه. وهذا ما تجلى بوضوح باجتماع مجلس القضاء الاعلى يوم امس ، والذي اثبتت مجرياته ان ملف انفجار المرفأ سيبقى عالقا الى اجل غير مسمى. وقالت مصادر مطلعة على الملف لـ «الديار» ان تعيين قاض رديف لطارق البيطار لا يمكن ان يتم الا بتغيير الاسم المقترح الا وهو القاضية سمرندا نصار، لان رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود لن يصوّت لها، كما ان المدعي العام التمييزي غسّان عويدات لن يؤمن نصاب اي جلسة للبت بهذا الملف كما حصل يوم امس.
واعتبرت المصادر ان هذا الملف لا يُحل بالمفرق انما بالجملة ، بحيث لا يمكن الموافقة على بت موضوع الموقوفين من دون التأكد من عودة تفعيل التحقيقات. واضافت: «ضغوط دولية بدأت تدخل وبشكل تدريجي على الخط، والدعوات لتدويل التحقيق باتت تلقى من يتضامن معها من القوى السياسية في الداخل ومن بينها «التيار الوطني الحر» الذي لن يتوانى عن زكزكة «الثنائي الشيعي» به اذا استلزمت ذلك مصالحه».