مثابة “كمالة عدد” ستكون الجولة الثانية من الاستحقاق الرئاسي لتمرير الوقت و”تمريك” جلسة جديدة في سجلّ عدّاد دعوات رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية بانتظار انقضاء المهلة الدستورية والعبور نحو الشغور. ولعل الفائدة الوحيدة من هذه الجولة أنها ستسقط “الأوراق البيضاء” التي يواري رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل خلفها عورة العرقلة الرئاسية لألف حجة وحجة وآخرها التحجج بذكرى 13 تشرين للدفع باتجاه تطيير نصاب انعقاد جلسة الانتخاب الثانية، الأمر الذي رجحت مصادر نيابية أن تجاريه فيه قيادة “حزب الله” عبر إيعازها إلى كتلتها النيابية بالوقوف “على خاطر باسيل” ومؤازرته في لعبة تطيير النصاب، لكن لحسابات تتصل في جوهرها بعدم رغبة “الحزب” في المشاركة بجلسة انتخاب يغيب عنها نواب “التيار الوطني” وستفضي بنتيجتها إلى تقليص “Score” الورقة البيضاء في صندوق الاقتراع مقابل ارتفاع حاصل أصوات مرشح المعارضة.
وإذ بدت معظم التقديرات السياسية مساءً تصب في خانة ترجيح فقدان النصاب اللازم لانعقاد الهيئة العامة اليوم، أكدت المعلومات على ضفة كتل وتكتلات قوى المعارضة أنها ستشارك بكامل عديدها النيابي في الجلسة الرئاسية الثانية “بمن في ذلك النواب الأربعة الذين اضطروا إلى التغيّب في الجلسة الأولى”، لترتفع حصيلة الأصوات لصالح مرشح المعارضة النائب ميشال معوّض إلى 40 صوتاً، على أن تبقى الأنظار متجهة إلى إمكانية رفع هذه الحصيلة في ضوء ما سيقرره عدد من النواب السنّة الذين تم التواصل معهم بغية نيل تأييدهم لترشيح معوّض، سيّما وأنّ الاتصالات والمشاورات التي جرت مع “النواب التغييريين” بيّنت أنهم حسموا خيارهم بعدم التوافق مع المعارضة على التصويت له.
أما في مستجدات اتفاقية الترسيم البحري مع إسرائيل، وفي الوقت الذي بدأت فيه عملية تسريب نص الاتفاقية المبرمة “بين الجمهورية اللبنانية ودولة إسرائيل” كما ورد في مقدمتها، فنقلت وكالة “رويترز” أنّ الجانبين اللبناني والإسرائيلي “سيرسلان في وقت واحد قائمة تحتوي على الإحداثيات الجغرافية ذات الصلة بترسيم الحدود البحرية بينهما”، في حين بدأت الحكومة الإسرائيلية أمس أولى خطواتها التنفيذية باتجاه إقرار اتفاقية الترسيم، فصادقت بأغلبيتها المطلقة عليها وأحالتها إلى الكنيست “للإطلاع” على مضمونها من قبل النواب من دون عرضها على التصويت.
وبموازاة ذلك، سعى رئيس الحكومة يائير لابيد إلى محاولة استمالة الرأي العام الإسرائيلي عبر التشديد في مؤتمر صحافي عقده في القدس أمس على أنّ اتفاقية الترسيم البحري التي جرى التوصل إليها مع لبنان “تبعد إمكانية المواجهات المسلحة مع “حزب الله”، وإذا كان تجنّب الحرب ممكناً فمن مسؤولية الحكومة القيام بذلك”، موضحاً في الوقت عينه أنّ “إسرائيل حافظت على حقل كاريش تحت سيادتها وستحصل على نحو 17% من عائدات حقل قانا اللبناني حين يدخل مرحلة الانتاج”، مع تأكيده البدء قريباً في “استخراج الغاز من كاريش” على أن لا تتردد حكومته “لحظة واحدة في استخدام القوة للدفاع عن هذا الحقل” باعتبار أنّ “أي هجوم عليه سيكون هجوماً على إٍسرائيل“.
في المواقف الخارجية، وبالتوازي مع تكرار وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الإضاءة على أهمية التوصل إلى اتفاقية الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل بوصفه “إنجازاً يعد ببداية حقبة جديدة من الازدهار والاستقرار في الشرق الأوسط ويبرز القوة التحويلية للديبلوماسية الأميركية” في المنطقة، أعرب الاتحاد الأوروبي بدوره عن الترحيب بالإعلان عن هذه الاتفاقية، مشيداً “بالروحية البناءة لكل من الطرفين اللبناني والإٍسرائيلي وبالدور الذي اضطلعت به الولايات المتحدة”، وأضاف في بيان: “الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان يشكل إنجازاً مهماً، وسيساهم تنفيذه في استقرارهما وازدهارهما وكذلك في استقرار المنطقة وازدهارها (…) ويبقى الاتحاد الأوروبي مستعداً لمتابعة تطوير شراكاته مع لبنان وإسرائيل ودعم الجهود الآيلة إلى تحقيق التعاون الإقليمي لصالح الجميع“.
عربياً، برز ترحيب مصر بالتوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، فأعربت أمس عبر وزارة خارجيتها عن تطلع القاهرة إلى “أن يسهم هذا الاتفاق في تمكين لبنان من الاستفادة من موارده للإسهام في تحسين الوضع الاقتصادي بالبلاد، وترسيخ المزيد من أطر ومجالات التعاون في منطقة المتوسط”، مؤكدةً “دعم مصر الكامل لاستقرار لبنان وسيادته وتحقيق تطلعات الشعب اللبناني الشقيق“.