تطورات دراماتيكية متسارعة على خلفية الحرب الروسية الاوكرانية لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية قد تزيل دولا وترسم مسارات جديدة للبشرية مع موازين قوى مختلفة وحروب كبيرة وصغيرة على مساحة الكرة الارضية بدات تداعياتها الميدانية تقترب من دول المنطقة ولبنان مع الاتهامات الاوكرانية والاوروبية لايران بتزويد روسيا بالمسيرات مقابل دعم اسرائيلي لكييف باسلحة مضادة للطيران. هذه التطورات المتسارعة خلفت تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي وتحديدا على القارة الاوروبية انعكست ارتفاعا في الاسعار وتضخما وجمودا في عمل الشركات مع بطالة واسعة دفعت القوى السياسية الى القيام بتحركات شعبية وتظاهرات وتنفيذ اضرابات عطلت مرافق الحياة خصوصا في فرنسا وستصيب شظاياها لبنان عاجلا ام اجلا.
هذه التطورات العالمية المتسارعة والخطيرة غائبة كليا عن اهتمامات المسؤولين اللبنانيين المنخرطين في مسرحيات هزلية و بهورات وتفشيط ليس لهما اي صدى داخلي وخارجي ولاعلاقة لهما بالواقع الماساوي الذي يعيشه الناس على كافة الصعد المالية والاقتصادية وما يعانوه على ابواب المستشفيات والافران وفواتير المولدات الكهربائية وتجاوز الدولار عتبة الـ ٤٠ الفا وغيرها وغيرها وكل همهم النهب والتفتيش عن الحصص من اجل حفظ مواقع الفخامة والاستاذ ودولة الرئيس والبيك والخواجة والامير والتيار والقوات والعائلة والبيت والدور وكل القطعان والحاشيات الذين اوصلوا تصنيف البلد على صعيد الغلاء الى المرتبة ما قبل الاخيرة عن زيمبابوي. ورغم كل ما خلفوه من نتائج كارثية فانهم مستمرون على نفس السياسات والتركيز حاليا على كيفية تنظيم سرقة الغاز وتضييع هذا الانجاز وتوزيعه على الطوائف عبر صندوق سيادي يديره مجلس ادارة معين من ازلام الطبقة الحاكمة كسائر الصناديق التي دمرت البلد . ولولا بقعة الضوء التي تمثلها المقاومة في حماية الارض وثروات اللبنانيين لكان البلد انتهى وطار وسقط في الفوضى الشاملة.
الاحداث المتلاحقة الخطيرة والمتسارعة لم تدفع الطبقة السياسية الى التنازل وتسهيل تشكيل الحكومة بسبب عدم التفاهم على مومياءات وزارية بين نجيب ميقاتي وجبران باسيل وهل بات استبدال وليد فياض ويوسف خليل وعصام شرف الدين وامين سلام خشبة الخلاص والمعبر للحفاظ على صلاحيات الطوائف وحقوقها وتحريض الشارع وتوتيره وتحويله الى وقود في مخططات جهنمية، وهل يختلف سعر الدولار والجوع والذل بين المواطنين السنة والمسيحيين والشيعة والدروز والعلمانيين واليسار واليمين والتغيريين وابناء الاشرفية وطريق الجديدة وطرابلس والجبل والجنوب والبقاع؟ فالازمة قائمة ولن يرى اللبنانيون يوما ابيض مع هذه الشلة.
لقاء قريب بين كتلتي التيار والمردة
في ظل هذه التعقيدات يواصل حزب الله جهوده لتقريب المسافات بين الافرقاء السياسيين وظهرت بصماته في نجاحه بترتيب زيارة رئيس التيار الوطني جبران باسيل الى عين التينة واستقباله من قبل الرئيس بري وحققت الزيارة غايتها لجهة كسر الجليد بين الرجلين وامكانية الوصول الى تفاهمات مشتركة ترجمت بالتصريح الودي لباسيل بعد انتهاء الاجتماع مقابل اضفاء رئيس المجلس على اللقاء اجواء من «الحميمية» واستعدادا للحوار يلزمه المزيد من الجهود والوقت لترجمته على ارض الواقع. وفي المقابل سيقوم وفد من تكتل التغيير والاصلاح بزيارة بنشعي لتسليم ورقة التيار للخروج من الازمة الى النائب طوني سليمان فرنجية واشارت المعلومات الى عقد لقاء يحضره عدد من مسؤولي المردة وسيتم النقاش بعمق في مختلف المسائل وكيفية ادارة المرحلة المقبلة دون البحث في الملف الرئاسي لان فرنجية لم يطلب رسميا من التيار دعمه رئاسيا حتى الان ولم يعلن ترشحه بشكل رسمي.
اما بالنسبة للجلسة الرئاسية اليوم فهي للديكور ونسخة طبق الأصل عن الجلسات السابقة اذا حصل النصاب لكن الفراغ طويل حتى نضوج التسوية الكبرى المستبعدة حاليا.
الطعون النيابية
اعلن رئيس المجلس الدستوري في حديث تلفزيوني منذ ايام القاضي طنوس مشلب ان هناك امكانية لاصدار دفعة من الطعون النيابية الـ ١٥ اليوم الخميس، وفي المعلومات المتداولة في الصالونات السياسية ان هناك ٣ طعون قد يتم الاخذ بها وهي، الطعن المقدم من فيصل عمر كرامي على حساب النائب رامي فنج او ايهاب مطر بالاضافة الى الطعن المقدم من مروان خير الدين ضد النائب فراس حمدان والطعن المقدم من ابراهيم عازار ضد شربل مسعد، وفي حال صدرت بعض الطعون النيابية اليوم وحملت تغييرات فان ذلك سيحدث هزة سياسية في البلد مع تحضير النواب التغيريين لحملة مضادة في الشارع وعلى الصعد القانونية الدولية والحقوقية للتشكيك بقرارات المجلس الدستوري المسيسة والضغط شعبيا لعدم تمرير الطعون.
تشكيل الحكومة
الثقة المفقودة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تعطل كل الاتصالات التي يجريها اللواء عباس ابراهيم لتشكيل الحكومة مدعوما من المعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل والحاج وفيق صفا ويبذل الثلاثة جهودا مضنية بعيدا عن وسائل الاعلام على مدار الـ ٢٤ ساعة دون افق حتى الان في ظل قناعة رئيس التيار ان ميقاتي استطاع استمالة وتدجين بعض وزرائه الذين باتوا في احضانه و تجاهلوا احيانا كثيرة اتصالات باسيل، ولذلك فان رئيس التيار لن يتراجع عن مطلب تغيير الوزراء العونيين باستثناء وزير الطاقة وليد فياض ويؤكد باسيل ان الامرة له وحده في تعيين الوزراء المسيحيين مقترحا ادي معلوف والدكتور طارق صادق للخارجية وسليم جريصاتي وانطوان شقير.
هذا الطرح عارضه ميقاتي بالمطلق بدعم من الرئيس بري حسب المتابعين ويرفض ميقاتي تطويقه بوزراء يمثلون صقور التيار بهدف تعطيل حكومته وتحويلها الى متاريس متمسكا بتعديل طفيف يشمل اسما واحدا من كل طائفة وباتت الاسماء معروفة وتشمل امين سلام وعصام شرف الدين ووليد فياض ويوسف خليل هذا الطرح رفع من درجة الخلاف بين ميقاتي وباسيل نتيجة تمسك رئيس التيار ببقاء وليد فياض وهو الوزير الوحيد الذي لم يقترح استبداله ويعرف رئيس الحكومة هذا الامر وعند هذه النقطة توقفت الاتصالات الحكومية لكنها عادت واستؤنفت منذ ايام وشهدت ظهر امس اجتماعا في ميرنا الشالوحي ضم باسيل واللواء ابراهيم والحاج وفيق صفا مع معلومات عن موافقة باسيل على اقتصار التغيير العوني على ٣ وزراء هم : وليد نصار وعبدالله بو حبيب ونجلا الرياشي شرط ان يستلم ميقاتي اسماء البدائل في بعبدا، كما يشمل التعديل ياسين جابر مكان يوسف خليل بطلب من بري وتمثيل كتلة الشمال بطلب من ميقاتي، وعلم ان اللواء ابراهيم سيلتقي ميقاتي اليوم المتمسك بان يكون الوزير وليد فياض بين الاسماء الثلاثة التي يريد باسيل تغييرها مع ضمانات باعطاء التيار الثقة للحكومة، وهذا ما يرفضه رئيس التيار الذي يعتبر ان حصة التيار ثمنها امضاء الرئيس على التشكيلة ولاعلاقة لها بمنح الثقة للحكومة، هذه هي العقد الباقية حتى الان. وفي المعلومات ايضا ان ارسلان اقترح اسم سليم حمادة بدلا من شرف الدين وبالتالي فان الساعات الـ ٤٨ المقبلة حاسمة وجدية في مسار التأليف.
عند هذه العقد ما زالت المساعي لتشكيل الحكومة تراوح مكانها والخرق ما زال محدودا جدا ولا يعول عليه لكن اللواء ابراهيم وحسين خليل وصفا مستمرون بمساعيهم الجادة من اجل تجنيب البلاد فوضى دستورية وانقسامات طائفية في حال عدم تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، بين افرقاء مسيحيين يعتبرون حكومة تصريف الاعمال لا يحق لها دستوريا ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية فيما يواجه ذلك بطرح سني يقف خلفه مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان لجهة عدم المس بصلاحيات السنة والحق الدستوري لحكومة تصريف الاعمال ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية. هذا الجدال الدستوري سيعطل البلد حتما ويغرقه بفوضى كبيرة وفراغ وشلل عام سيتمدد الى المؤسسات الادارية والاجهزة العسكرية والامنية مع قرب بلوغ مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم السن القانوني في اذار، والجميع يعرف حاجة البلد الى جهوده المحلية والدولية وادواره التوفيقية بالاضافة الى احالة رئيس اركان الجيش اللبناني اللواء امين العرم الى التقاعد في الشهرين المقيلين مع قائد الشرطة القضائية العميد ماهر الحلبي وقائد الدرك العميد مروان سليلاتي والعديد من اعضاء المجلس العسكري. هذه التعينات بحاجة الى حكومة كاملة الصلاحيات ومجلس نيابي غير مشكوك بقراراته التشريعية في مرحلة الفراغ خصوصا ان العديد من القوى السياسية المسيحية ستفتح جدالا دستوريا حول عدم جواز المجلس النيابي بالتشريع في مرحلة الفراغ وحكومة تصريف الاعمال. هذه التطورات ستؤدي الى فوضى حتمية وتضييع انجاز الترسيم والتأخير بالتنقيب عن الغاز، وماذا يمنع اسرائيل من استغلال الفوضى الداخلية لاستثمار الغاز وسحبه من الابار الجوفية اللبنانية، والسؤال ايضا من يحفظ الوضع الامني في الشمال مع المعلومات عن امكانية مغادرة عشرات الارهابيين السوريين والعرب والاجانب شمال سوريا الى شمال لبنان بعد المعارك الضارية بين هيئة تحرير الشام التابعة لجبهة النصرة وجيش الانقاذ الوطني التابع للاتراك وسيطرة النصرة على مدينة عفرين ومعظم المناطق المتاخمة للجيش السوري وطرد عشرات الارهابيين خارج منطقة ادلب، مما دفع الطيران الروسي الى شن عشرات الغارات على مواقع النصرة ودخول الجيش التركي امس كقوات فصل بين المسلحين ومنع النصرة من استكمال سيطرتها على بعض المناطق المهمة شمال وغرب سوريا، هذه الاشتباكات وحروب التصفيات المتبادلة ستدفع عشرات الارهابيين مغادرة المنطقة وليس امامهم الا شمال لبنان بعد قطع انقرة كل معابر دخولهم الى اراضيها بالاضافة الى استحالة سيطرة الجيش السوري على كامل الطريق المؤدية من ادلب والرقة الى تدمر وحمص وصولا الى وادي خالد في ظل الاراضي الشاسعة حيث تشهد هذه الطريق نشاطا متزايدا لعناصر داعش الذين نفذوا في الاسبوعين الماضيين عمليات انتحارية وكمائن ضد الجيش السوري بالقرب من الحدود اللبنانية رد عليها بعمليات نوعية مصحوبة بغارات الطيران الروسي ادت الى ضرب العشرات من الخلايا النائمة وقتل لبنانيين من طرابلس يعملون مع داعش عرف منهم وليد بيروتي ونعاه تنظيم داعش كما زودت المخابرات السورية الاجهزة الامنية اللبنانية بمعلومات عن تحركات ارهابية بين حمص ووادي خالد ومحاولات للدخول الى لبنان احبط بعضها الجيش السوري وهذا ما يفرض رفع عمليات الاستنفار.
هذه التطورات باتت تشكل قلقا فعليا للاجهزة الامنية. والسؤال، من يمنع فلتان الامور وتقمص نموذجي الصومال ونيجيريا في لبنان وعلى طول الحدود اللبنانية السورية اذا تطورت العمليات العسكرية في شمال سوريا بالتزامن مع التقارب بين انقرة ودمشق ولاخيار امام الارهابيين عندها الا افغانستان ولبنان اذا قررت تركيا القضاء على زعيم النصرة الجولاني بعد فتحه خيوطا مع واشنطن ودول اوروبية متزامنة مع رسائل حملت تخفيفا للاجراءات بحق المسيحيين والدروز في ادلب ردا على فتح خيوط التواصل بين دمشق وانقرة.
تمدد الكوليرا
اطلق وزير الصحة الدكتور فراس الابيض تحذيرا للمواطنين جراء انتشار الكوليرا وتمدد المرض الى مناطق جديدة كاشفا عن ٨٠ حالة اضافية مما رفع اعداد المصابين الى ما فوق الـ ١٦٩ وعدد الوفيات الى ٥ معظمهم من النازحين مع وجود العديد من الحالات في غرف العناية الفائقة عازيا الاسباب الى المياه الملوثة والخضار.