كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: أثلج الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين صدر العهد وزفّ له موعد “حفل التوقيع” على اتفاقية الحدود البحرية مع إسرائيل قبل أيام من نهاية ولايته الرئاسية، معلناً عبر الإعلام الإسرائيلي أنّ توقيع الاتفاقية سيتم نهار الخميس المقبل غداة وصوله إلى بيروت لتسليم رئيس الجمهورية ميشال عون “مذكرة الترسيم” الأميركية تمهيداً لتوقيعها في الناقورة، بعد أن تكون المحكمة العليا الإسرائيلية قد أجازت لحكومة يائير لابيد توقيع اتفاقية الترسيم البحري مع لبنان، وسط تأكيد المعنيين من الجانبين أنّ اجتماع الناقورة لن تتخلله مظاهر احتفالية مشتركة بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي، إنما سيجري التوقيع بشكل منفرد في غرفتين منفصلتين على نصّ المذكرة الأميركية من قبل كل منهما.
وبعدما أمّن “حزب الله” جبهته الحدودية مع إسرائيل بتوقيع اتفاقية الترسيم، بات تركيزه منصباً على نيل “توقيع آخر” من عون قبل خروجه من قصر بعبدا لتأمين جبهته الداخلية في فترة الفراغ الرئاسي… وبحسب المعلومات المستقاة من مصادر قيادية في قوى الثامن من آذار، فإنّ قيادة “حزب الله” عازمة على استيلاد “حكومة الشغور” هذا الأسبوع، تفادياً لأي “بلبلة دستورية” في مسألة تسلّم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية، وتجنبّاً من جهة ثانية لتعاظم الضغوط الداخلية والخارجية الدافعة باتجاه تسريع إنجاز الاستحقاق الرئاسي في حال عدم وجود حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على اتخاذ القرارات اللازمة في مرحلة الشغور.
وفي الإطار نفسه، أبدت مصادر مواكبة للاتصالات الحكومية تفاؤلها بأنّ تبصر الحكومة العتيدة النور أواخر الأسبوع الجاري، على أن تشهد الساعات المقبلة اتصالات مكثفة مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل تضع سقفاً لشروطه الوزارية، متوقعةً في المقابل أن يتعاون باسيل مع الجهود المبذولة في هذا الاتجاه، باعتباره “يعرف حدوده جيداً ويلتزم بها حين يتعلق الأمر بمصلحة “حزب الله” الاستراتيجية والتي تفرض اليوم تشكيل حكومة أصيلة تؤمن استمرارية السلطة وعدم اهتزاز أرضية الحكم تحت أقدامه”.
وأمس، بدأت فعلاً سقوف التهويل الحكومي تتهاوى على جبهة “بعبدا – ميرنا الشالوحي” مع سحب التهديد بإصدار “مرسوم قبول استقالة الحكومة” من التداول الإعلامي، ليصدر مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بياناً صريحاً بهذا الخصوص نفى فيه أن يكون رئيس الجمهورية بصدد إصدار مثل هذا المرسوم قبل مغادرته قصر بعبدا. وهي “ورقة ضغط ولدت ميتة سلفاً” بحسب تعبير مصادر حكومية، ربطاً بكون “الحكومة مستقيلة أصلاً، وإصدار مرسوم قبول استقالتها سيكون بمثابة مجرد إشهار لهذه الاستقالة من دون أن يكون له أي تأثير على استمرارها في تصريف الأعمال، إذ لا شيء يجعل حكومة تصريف الأعمال غير موجودة سوى صدور مرسوم تأليف حكومة جديدة تتولى بدورها مصهمة تصريف الأعمال حتى حيازتها ثقة المجلس النيابي لتصبح عندها حكومة قادرة على القيام بكامل مهامها وصلاحياتها”.
وفي سياق متقاطع، علمت “نداء الوطن” أنّ “رسائل من دول معنية بالملف اللبناني، لا سيما منها الدول الكبرى، وصلت إلى من يعنيهم الأمر من المسؤولين اللبنانيين، تشدد على وجوب عدم الإقدام على أي خطوة متهورة في نهاية الولاية الرئاسية من شأنها أن تثير نزاعات دستورية غير محسوبة العواقب”. وأكدت الرسائل الدولية في مضمونها على ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي “في أسرع وقت ممكن”، لكنها شددت في الوقت عينه على أنه “لن يكون مقبولاً” الذهاب الى مرحلة خلو سدة الرئاسة الأولى في ظل حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، مع التحذير بهذا المعنى من مغبة “الاستمرار في تعطيل الجهود الهادفة إلى تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات، وأنّ على المعطّلين عدم المراهنة على إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية والتصرف كأنهم صاروا خارج دائرة المتابعة في الاداء والسلوك”.
بدوره، رفع البطريرك الماروني بشارة الراعي الصوت عالياً في وجه أبطال “المسرحية” النيابية التي يشارك فيها معطّلو جلسات الانتخاب الرئاسي، وتوجه إليهم بالمباشر في عظة الأحد قائلاً: “يا أيّها السادة النوّاب والكتل النيابيّة الذين تتكلّمون وتعملون من أجل الشغور أو الفراغ في سدّة الرئاسة، قولوا لنا من أين تستنبطون هذا الحقّ، وتبرّرون مخالفتكم الخطيرة والسافرة للدستور؟ هل نيابتكم وكتلكم وُجدت للتعطيل؟ (…) أتدركون أنّ السير نحو الشغورِ الرئاسي يتمّ فيما تسعى بعض الدول إلى تغيير وجه لبنان ودوره وصيغته وهويته من دون الرجوع إلى الشعب اللبناني ولا إلى مرجِعيّاته؟ لقد كانت جلسة مجلسكم التي عقدت الخميس الماضي جلستين: جلسة انتخاب الرئيس داخل القاعة العامّة، وجلسة تعطيل النصاب في الردهات المحيطة، كأنّ سوق التسويات والمساومات ينشط بين أعيان النوّاب لمعرفة ما إذا كانوا يدخلون القاعة ويُصوّتون أم يبقون في الردهات ويُعطّلون”، وأردف متأسفاً: “أصبحنا في ذروة الفساد السياسي الأكثر شراً من الفساد المالي، وصرنا في واحة الخيانة الوطنية، فهل من خيانة تجاه الوطن أكثر تعطيلاً من تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية؟”.