كل الأبواب تبدو موصدة في ما تبقى من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي يُتوقع أن يغادر القصر الجمهوري يوم الأحد المقبل، فتطوى بذلك ولاية العهد من دون انتخاب رئيس جديد او تشكيل حكومة، وبذلك يكون البلد قد انتقل من جمهورية الانهيار الاقتصادي والمعيشي إلى جمهورية الفراغ الرئاسي والحكومي، في وقت لا يمكن لأحد أن يتهكن متى يستفيق نواب الورقة البيضاء والشعارات المنتهية الصلاحية من غفلتهم بعد شهر من المماحكات السياسية والتعطيلية وأن يبادروا إلى انتخاب الرئيس العتيد عوض التلهّي بتوزيع الاتهامات يميناً ويساراً.
وفي الوقت الذي يتم فيه اليوم التوقيع النهائي على ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، بحضور الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الذي وصل الى بيروت بعد ظهر أمس للإشراف على هذه العملية المتوقعة بعد ظهر اليوم، أفادت مصادر متابعة للتحضيرات اللوجستية لعملية التوقيع أن الجانب اللبناني استعاض عن الوفد الرسمي بتكليف ضابط برتبة عقيد من مكتب الشؤون الجغرافية التابع للجيش اللبناني للمشاركة في مراسم التوقيع، على أن يتم إنشاء خيمتين بمحاذاة النقطة صفر من حدود البلدين في الناقورة، واحدةٌ باتجاه لبنان يجلس فيها أعضاء الوفد اللبناني، والثانية باتجاه الأراضي المحتلة ويجلس فيها الوفد الاسرائيلي، فيما يتولّى هوكشتاين تسليم كل وفد نسخة عن الاتفاق للتوقيع عليها. هذا ولن يُسمح لوسائل الإعلام بناءً لطلب الجانب اللبناني بنقل وقائع تلك الإجراءات حتى لا يُساء فهمها وتأخذ طابع التطبيع مع اسرائيل.
المصادر المراقبة كشفت أن هوكشتاين الذي يلتقي قبل ظهر اليوم الرئيس عون ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب، سيتسلم منهما رسالتين خطيتين، الأولى رسمية من عون يؤكد فيها موافقته على الترسيم، والثانية تقنية موقّعة من وزارة الخارجية لتأكيد الموافقة على الترسيم أيضاً، بما يشبه التوقيع المقنّع. وبعد الانتهاء من مراسم التوقيع في الناقورة ينتقل هوكشتاين إلى اسرائيل للقاء المسؤولين هناك وإعطاء إشارة البدء في التنقيب عن الغاز في حقل كاريش.
حكومياً، فإن زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى بعبدا منذ يومين وممازحته الإعلاميين بالقول إنه لن يستطيع المبيت في القصر الجمهوري لأن رئيس الجمهورية نقل كل شيء الى الرابية، يعتبرها البعض على أنه قطعٌ للشك باليقين بأن ثمة استحالة لتشكيل الحكومة، وقد كشفت مصادر مواكبة للتطورات التي وصل اليها هذا الملف، في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية أن ميقاتي أثناء لقائه عون صارحه بالقول أنه لن يستيطع تشكيل الحكومة في هذه الأجواء والسقوف العالية التي يضعها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وسأله “ماذا يمنع ان نجدد الحكومة الحالية بذات المواصفات”، لكن عون أصرّ على تشكيل حكومة بمعايير موحدة وفق تعبيره، فأجابه ميقاتي بأنه لا يستطيع ان يعطي باسيل ما يريد، فرد عون “هيك مش ماشي الحال”، فغادر ميقاتي، ختمت المصادر.
النائب السابق علي درويش أشار في حديث مع “الأنباء” الالكترونية الى أن أبواب تشكيل الحكومة مقفلة وصعبة جداً، لكنها ليست مستحيلة، ال أنه هناك صعوبة بإحداث خرق ما في ما تبقى من وقت، فالأفق مسدود.
وفي تعليقه على المراهنين على التشكيل في الساعات ال ٤٨ المقبلة، قال درويش: “اذا مر يوم الجمعة ولم تبصر الحكومة النور تصبح هناك استحالة لتشكيلها يوم السبت، خاصة وأن الرئيس سيغادر بعبدا يوم الأحد”، مجدداً القول ان ميقاتي سعى جاهداً منذ ٢٩ حزيران الماضي عندما سلم الرئيس عون مسودة التشكيلة الحكومية وهو لغاية الآن لم يتلق جواباً عليها، وكان في ذلك الوقت منفتح على كل الاقتراحات“.
أيام قليلة إذا وينتهي عهد الرئيس عون، فهل ستشهد الساعات الأخيرة على معجزة ما تؤدي الى ولادة حكومة أم أنها فعلاً باتت في “خبر كان”؟