تنتهي منتصف ليل اليوم ولاية الرئيس ميشال عون، وتدخل البلاد في فراغ رئاسي في مشهد متكرّر للمرة الثالثة بعد العام 2005، وبمعزل عن الصخب الشعبي والإعلامي الذي رافق خروجه من القصر الجمهوري، والسخونة السياسية على خلفية الحكومة، والضوضاء الذي سيحظى به مع انتقاله إلى منزله الجديد في الرابية، إلّا انّ البلد سيدخل ابتداء من الغد في «ستاتيكو» جديد عنوانه الفراغ الرئاسي وحركة سياسية تحت هذا السقف، في غياب أي مؤشرات إلى إمكانية انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وضمن سياق متصل، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ لبنان «دخل في مرحلة الغموض غير البنّاء مع انتهاء ولاية عون والعجز عن تشكيل حكومة جديدة، وسط خلاف داخلي حاد حول صوابية تسلّم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية.
ولفتت إلى أنّه «بعد إنجاز الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية تراجع الاهتمام الدولي بالملف اللبناني كثيراً، ناقلة عن بعض السفراء قولهم «انّ هذا الملف لم يعد موجوداً، بعد الترسيم، على كثير من الرادارات الخارجية، الأمر الذي قد يؤخّر الحل ما لم تتحمّل القوى الداخلية مسؤولياتها».
لم يعد الفراغ يخيف الشعب اللبناني بعدما انهارت أوضاعه في ظلّ رئاسات وحكومات لم تحل دون الانهيار، بل سياساتها وخصوماتها ومواجهاتها أوصلت البلد إلى ما وصل إليه من كوارث ومآسٍ، ولم يعد ملحّاً، بالنسبة إلى الناس، ملء الفراغ بأي وسيلة وطريقة، إنما المطلوب تغيير النهج والممارسة وطريقة إدارة الدولة، وبالتالي النظرة إلى الفراغ لا يفترض ان تنحصر بالنصف الفارغ من الكوب، بل التركيز على النصف الملآن الذي يشكّل فرصة لإعادة إنتاج سلطة، رئيس جمهورية ورئيس حكومة وحكومة، تضع نصب أعينها مصلحة البلد والشعب.
ولكن مصادر في المعارضة قالت لـ«الجمهورية»: «إنّ الأمل كبير في ما هو آتٍ، خصوصاً انّ معظم القوى تستشعر خطورة المرحلة وحريصة على استمرار الاستقرار، كما انّ المجتمع الدولي الذي وضع ثقله لإنجاز الترسيم حريص بدوره على هذا الاستقرار، وأظهر انّه عندما يتدخّل ويمارس ضغوطه قادر على تحقيق النتائج المرجوة، وكل المؤشرات تقول انّه ينتظر الفراغ ليرفع من منسوب تدخّله مع القوى السياسية لتقصير هذه الفترة. فلا داعي للهلع وتخويف الناس من سيناريوهات وهمية، كون الأمور تحت السيطرة وبعض النهايات تتحول إلى مطلب تمهيداً لبدايات تعيد وضع البلد على السكة الصحيحة بعدما انحرف مساره في السنوات الأخيرة، كما لا داعي للأسف على مرحلة انزلق فيها لبنان إلى القعر، ولكن الخوف من طول أمد الفراغ الذي يصعب إبّانه إخراج البلد من أزمته».
واضافت هذه المصادر: «على الرغم من انّ الفضاء الإعلامي سيمتلئ بالحديث عن تقييم عهد الرئيس ميشال عون، إلّا انّ سقف هذه المسألة لن يتجاوز نهاية هذا الأسبوع، في بلد ينام على حدث ويصحو على تطور، وهو قادر على هضم كل الأحداث بعدما اعتاد على كثير من الأهوال والمصائب، فيما همّ الناس في مكان آخر، وهو استعادتها لحياتها الطبيعية وإعادة خفض سعر الدولار وتحسُّن ظروفها المعيشية والحياتية، ولا تكترث لمن ذهب ولا لمن سيأتي سوى بمقدار تحسُّسه بأوضاعها». واعتبرت انّ «التاريخ كفيل بلا شك على الحكم على هذه التجربة التي شهدت انطلاقة واعدة ومُنحت فرصة نادرة، ولكن سرعان ما تبدّدت الآمال وضاعت الفرصة بسبب خصومات ومواجهات وفراغات استنزفت العهد والبلد، فيما على كل فريق ان يتعظ من تجاربه، وعلى الرئيس العتيد أيضاً ان يتعظ من تجارب أسلافه تجنّباً لسقطات تقود إلى مهالك، لأنّه ثبت بالتجربة انّ البلد لا يُحكم سوى بالتوافق والحكمة والكتاب».
ورأت المصادر نفسها، انّ «كل المؤشرات تدل إلى انّ الفراغ لن يكون طويلاً في ظلّ سعي فرنسي- سعودي حثيث للوصول إلى اسم تتقاطع حوله معظم الكتل البرلمانية، كما انّ القوى الأساسية تريد انتخابات رئاسية تعيد الانتظام إلى البلد وتواكب مرحلة الترسيم واستخراج الغاز، والدليل انّ المعارضة السيادية التي تبنّت ترشيح النائب ميشال معوض منفتحة على التشاور، كما انّ «حزب الله» لم يُلزم نفسه بمرشح على غرار المرحلة السابقة، من أجل ترك كل الخيارات مفتوحة».
مرحلة جديدة
وقد غادر عون، ظهر امس القصر الجمهوري الى منزله في الرابية، وسط مراسم وداع رسمية أُقيمت له. وقد غطّى مغادرته بقصف سياسي في كل الاتجاهات، مركّزاً على المنظومة التي حمّلها مسؤولية عهده. وقال في كلمة امام الحشود الشعبية التي توافدت لتحيته ودعمه، إنّه ينتقل إلى «مرحلة جديدة تبدأ بنضال قوي وعمل وجهد لاقتلاع الفساد من جذوره». وأكّد انّ «لبنان في حاجة إلى اصلاح لكي يعود الى الحياة بعد إنهاء نفوذ الذين شلّوا القضاء وأوقفوا التحقيق في انفجار المرفأ»، وقال: «إنّ البلد مسروق بخزينته وبمصرفه المركزي، ومن جيوب المواطنين. وأصبح لدينا دولة مهترئة بمؤسساتها ومن دون قيمة، لأنّ المنظومة الحاكمة استعملتها، والقضاء معطّل لا يحصّل حقوق الناس».
وتساءل: «ماذا نقول إذا كانت كل الجرائم المالية قد ارتكبها حاكم المصرف المركزي ولم نتمكن من إيصاله الى المحكمة؟ فمن يحميه؟ ومن هو شريكه؟ جميعهم في المنظومة الحاكمة منذ 32 عاماً اوصلونا إلى هذا الحال».
وكشف عون انّ «القضاء لا يحاكم من في حقهم دعاوى جرمية»، مشيراً الى انّه «مضى سنتان او ثلاث على رفع 22 دعوى قضائية، من دون معرفة مصير أي منها حتى الآن». وقال: «قد يكون المتهمون بالفساد هم من جماعتهم، والّا فلماذا يبحثون عن حماية لهم»، مشدّداً على انّ «حكمنا اليوم اصبح حكماً ثأرياً وليس حكماً عادلاً، والثأر ليس بعدالة، فالثأر هو جريمة في الحكم». واعلن الانتقال إلى «المرحلة الثانية لإخراج الوطن من الحفرة العميقة التي وضعوه فيها»، معتبراً انّ «الثروة الوطنية المتمثلة بالنفط والغاز ستعطينا وحدها الرأسمال الكافي لإنقاذ لبنان»، وانّ «الصندوق السيادي هو الذي يحافظ على أموال الشعب».
مرسوم الاستقالة
وقبيل مغادرته وقّع عون صباحاً المرسوم الرقم 10942، وقضى باعتبار حكومة ميقاتي، مستقيلة. وجاء فيه: «إنّ رئيس الجمهورية، بناءً على الدستور، لا سيما البند /5/ من المادة /53/ منه، والفقرة (ه) من البند /1/ من المادة 69 منه، يرسم ما يأتي:
المادة الأولى: اعتُبرت الحكومة التي يرأسها السيد محمد نجيب ميقاتي مستقيلة.
المادة الثانية: يُنشر هذا المرسوم ويُبلّغ حيث تدعو الحاجة ويُعمل به فور صدوره».
وكان عون استبق هذا المرسوم برسالة وجّهها إلى مجلس النواب عبر رئيسه نبيه بري، دعاه فيها قبل يومين على انتهاء ولاية رئيس الجمهورية إلى ان يبادر إلى نزع التكليف عن ميقاتي «لأنّ الرئيس المكلّف يحبس التأليف ويؤبّد التصريف مراهناً على الفراغ القاتل لميثاقنا وهويتنا ودستورنا وكياننا والمهدّد لاستقرارنا الأمني». وقال: «انّ رئيس الحكومة المكلّف لم يعتذر، والّا كنا بادرنا إلى استشارتكم والتشاور مع رئيس المجلس وكلّفنا وألفنا وتجاوزنا الأخطار والفوضى الدستورية التي تستولد كل الحالات الشاذة. وعليه يتوجب على دولة الرئيس المكلّف ان يعتذر، لكي يصار فوراً إلى تكليف سواه وإصدار مراسيم التشكيل فور ذلك تجنّباً للفراغ، هذا إذا لم يبادر مجلسكم الكريم إلى نزع التكليف، فيما هو من اعطاه ايّاه».
ميقاتي يردّ
وردّ ميقاتي على مرسوم عون باعتبار حكومته مستقيلة، موجّهاً إلى رئيس مجلس النواب أعلمه فيها «انّ الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة ومن بينها تصريف الاعمال وفق نصوص الدستور والأنظمة التي ترعى عملها وكيفية اتخاذ قراراتها والمنصوص عنها في الدستور وفي المرسوم رقم ٢٥٥٢ تاريخ ١/٨/١٩٩٢ وتعديلاته (تنظيم اعمال مجلس الوزراء) ما لم يكن لمجلس النواب رأي مخالف».
واعتبر «انّ المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة، المستقيلة اصلاً بمقتضى أحكام الدستور، يفتقر الى أي قيمة دستورية». واعتبر انّ «هذا المرسوم (مرسوم قبول استقالة حكومة مستقيلة) يرتدي، دون ريب، الطابع الإعلاني وليس الإنشائي، مع ما يترتّب على ذلك من نتائج أهمّها أنّ تصريف الأعمال يُمسي من واجبات الحكومة المُستقيلة او التي تُعتبر بحكم المُستقيلة دونما حاجة إلى قرار يصدر عن رئيس الجمهورية في هذا الخصوص».
بري يتسلّم الرسالتين
ولاحقاً تسلّم بري رسالتي عون وميقاتي. وأكّدت اوساط عين التينة لـ»الجمهورية»، انّه سيدعو إلى جلسة نيابية لمناقشة رسالة عون منتصف الاسبوع المقبل، تقيّداً بالآلية الدستورية.
واستغربت هذه الاوساط «القصف السياسي المفاجئ الذي تعرّض له بري بالمباشر وبالاسم من قِبل عون والنائب جبران باسيل خلال الأيام القليلة الماضية، من دون أن يكون هناك سبب واضح يفسّر هذا الهجوم، خصوصاً انّ الوضع كان هادئاً بينه وبين رئيسي الجمهورية و»التيار الوطني الحر» وسبق له ان استقبل اخيراً باسيل مع وفد نيابي».
ونقلت الاوساط عن بري استهجانه للسلبية التي تعاطى بها البعض مع المبادرة الحوارية التي أطلقها، متسائلاً: «كيف يمكن أن يكون مبدأ الحوار مرفوض؟».
ولفت بري في حديث صحافي إلى أنّ «الحكومة مستقيلة بموجب المادة 69 من الدستور التي تُعدّد الحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة، ومنها انتخاب اعضاء مجلس النواب»، مشيراً إلى أنّ «هذا الأمر لا يحتاجُ إلى قرار».
ميقاتي
وغداة الإجراءات الرئاسية قالت مصادر ميقاتي لـ«الجمهورية»، انّ الخطوات التي اتخذها رئيس الجمهورية جاءت خارج ما يقول به العرف والدستور. ولفتت إلى انّ أياً منها «لن يرى النور ولن يتحقق في الساعات القليلة الفاصلة عن نهاية ولاية عون ودخول البلاد مرحلة خلو سدّة الرئاسة من شاغلها».
وفي أول مهمة له خارج لبنان، تبدأ قبل ساعات قليلة من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية وتمتد الى بدء مرحلة خلو سدّة الرئاسة من شاغلها، يتوجّه ميقاتي ظهر اليوم إلى الجزائر، ليرأس وفد لبنان إلى القمة العربية الدورية السنوية عشية انطلاق اعمالها في العاصمة الجزائرية يرافقه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ووزير الطاقة وليد فياض وفريق من الاداريين والمستشارين المعنيين بالملفات التي ستتناولها القمة وما سيجري على هامشها.
وعلمت «الجمهورية»، انّ الاتصالات التي سبقت الزيارة انتهت الى تحديد سلسلة من المواعيد الرسمية مع رؤساء الوفود العربية المشاركة في القمة وعدد من رؤساء الوفود على مستوى رؤساء الجمهورية والملوك والأمراء ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية العرب. كما سيلتقي عدداً من المسؤولين الأوروبيين والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي المشاركين في القمة كضيوف مدعوين اليها.
وقال ميقاتي في حوار متلفز: «إنّ عنوان المرحلة هو عدم التصادم مع أحد، وانّ المستقبل هو من يرسم لنا خطواتنا، وإذا كان هناك من مصلحة لاجتماع وزاري سيُعقد». وقال عن الوزراء الخمسة المقاطعين: «يستطيعون أن يطلبوا إعفاءهم من مهماتهم، فإما نعيّن مكانهم وإما يتولّى الوزراء بالوكالة وزاراتهم». لكن ميقاتي استبعد أن يقاطع هؤلاء، وقال: «لن يفعلوا، حيث لا مقاطعة ولا تعيين بديل، خصوصاً أنّ اجتماعهم برئيس «التيار الوطني الحر» جاء قبل أيام من نهاية العهد».
وقال ميقاتي: «لست في وارد التصادم مع أحد وعرض العضلات. وهدفنا خدمة الناس وتسيير المرفق العام، وفخامة الرئيس من البداية كان لا يرغب في أن أشكل الحكومة».
وأضاف: «لا أسعى لأخذ مكان أي أحد، وأسعى للخير في البلاد وتسيير الأوضاع بطريقة صحيحة حتى الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع ما يُمكن».
ولفت إلى أنّ، «رئيس الجمهورية هو لكل لبنان وليس لفريق. وأريد الخير للبلاد بإذن الله. وأتمنى أن ينتهي الفراغ في أسرع وقت ما يمكن». وقال: «لن أدعو إلى مجلس وزراء إلّا في الحالات القصوى، وسأصرّف الأعمال كما يجري الآن، ولا أرغب بالمشاكل «يلي فينا بكفينا»، وحريص جداً على بقاء جميع الوزراء ولن تجمعنا إلّا المصلحة الوطنية».
لباسيل مرشحه
وأكّد باسيل، أنّ «بكرا منشوف مين فشّل البلد»، ومن غير الممكن أن ندعم ترشّح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية». وقال من دارة عون في الرابية، انّ «الفراغ يُتعب الفارغين، وهم يُراهنون عليه، والفراغ سيُكلّف البلد ولن يُثنينا عن موقفنا».
وعن ترشيحه لانتخابات رئاسة الجمهورية، سأل باسيل: «فيكن تنسوني أنا؟ إذا بتنسوني بترتاحوا»، ولدينا مرشحّنا المنطقي، لكنّنا لم نرشّحه لتسهيل التّوافق»، مشيرًا إلى أنّ «هناك عجزًا لدى الجميع في الاتّفاق على مرشّح يمكنه الوصول إلى سدّة الرّئاسة».
مواقف
وفي سياق متصل، رأى رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، أنّ «ما صدر هو مرسوم سياسي وليس دستوريًا. والرئيس عون هدّدنا بفوضى دستورية». وأضاف في حديثٍ متلفز: «عون يفسّر الدستور على مزاجه وهذا يؤدي إلى مزيد من الإرباك وردّ ميقاتي كان في محله».
وأوضح رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، أنّ «الحكومة تُعتبر مُستقيلة عند إنتخاب مجلس نيابي جديد»، معتبرًا أنّ المرسوم الذي وقّعه عون» هو لزوم ما لا يلزم».
وقال: «عون كان يُفترض به أن يكون فوق الجميع ولكنه تصرّف كأنّه رئيس فريق أو حزب، وفي خطابه اليوم كان يتصرف كأنّه رئيس لمجموعة التيار الوطني الحر».
واضاف: «الذي يحلّ المشكلة هو انتخاب رئيس للجمهورية وليس الضياع في دهاليز المشكلات التي لا ينبثق عنها انتخاب صحيح لرئيس الجمهورية».
«حزب الله»
واعتبر نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أنّ «حزب الله جهد وعمل للتوفيق بين الرئيس عون ورئيس الحكومة من أجل تشكيل حكومة، وتقدّمنا في بعض المحطات للتوفيق بينهما، لكن سرعان ما كان الأمر يصل إلى نتائج سلبية، كما عملنا على انتخاب رئيس لتلافي الوقوع في نزاعات دستورية تعطّل وتعوق لبنان أكثر مما هو معطّل، لكن وصلنا إلى انتهاء الاستحقاق الرسمي ولم ينتخب رئيساً».
وأضاف: «نؤيّد دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري من أجل الحوار لتقريب وجهات النظر، علّنا نسرع في الوقت لأنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو ضروري وطبيعي لأي حل يمكن أن يحصل على المستوى الاقتصادي والمالي والاجتماعي».
الشغور مؤامرة
وفي المواقف ايضاً، ناشد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي خلال عظة الاحد النواب «القيام سريعاً بواجبهم وانتخاب رئيس جديد، لأنّ الشغور الرئاسي ليس وكأنّه قدر في لبنان، بل هو مؤامرة عليه بما يشكّل في هذا الشرق من خصوصية حضارية يسعى البعض إلى نقضها. والدولة بلا رئيس كجسم بلا رأس. والجسم لا يحتمل أكثر من رأس». وقال: «ليس اليوم، وقد انتهت المهلة الدستورية، وقت الحوار بل وقت انتخاب الرئيس الجديد. ويتمّ الإنتخاب لا بالاتفاق المسبق على الإسم، لأنّه غير ممكن، بل بجلسات الإقتراع المتتالية والمصحوبة بالتشاور وبالمحافظة الدائمة على النصاب».
وسأل: «لماذا هذا التشكيك في الشخصيات القادرة على تبوؤ هذا المنصب وتصوير الواقع كأن ليس بين كل موارنة لبنان شخصية صالحة لتسلّم الرئاسة وإنقاذ البلاد. فكلما طُرح اسم ينهال الطعن بقدراته أكان مدنياً أو عسكرياً، ديبلوماسياً أو مفكراً إستراتيجياً، تقنياً أو سياسياً، من الجيل الجديد أو من الجيل المخضرم». وقال: «هذا أمر مدبّر ومخطّط له، إما لإطالة الشغور الرئاسي، وإما لفرض رئيس من خارج الثوابت الوطنية يكون خاضعاً للمشاريع المتجولة في المنطقة».
واعتبر انّ «الطريق إلى قصر بعبدا يمرّ باحترام الدستور والشرعية وعدم تجييرهما لهذا المحور أو ذاك، وباختيار رئيس يتمتع بتجربة إدارة الشأن العام ومعرفة الإدارة اللبنانية والمؤسسات، وبالقدرة على جمع المواطنين حول مبادئ لبنانية والولاء للبنان فقط، وباستعادة علاقات لبنان مع أصدقائه وتوسيعها».
عوده
واعتبر المطران الياس عوده خلال ترؤّسه خدمة القدّاس في كاتدرائيّة القديس جاورجيوس، أنّ «وجود رئيس على رأس الدولة أمر ضروري، تماماً كما هي ضرورية حكومة متجانسة، تعمل وفق رؤية واضحة، وخطة إنقاذية إصلاحية، الجسد من دون رأس يكون معطّلاً، والرأس بلا أعضاء حية كقائد بلا عناصر، لذا من مصلحة الجميع العمل على انتخاب رئيس، ثم تسهيل تشكيل حكومة ليتناسق العمل ويبدأ البنيان».
لابيد في كاريش
وعلى صعيد ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، زار رئيس وزراء إسرائيل يائير لابيد حقل غاز كاريش امس، مؤكّداً أنّ «حقل كاريش يمثل مستقبل الطاقة والاقتصاد لإسرائيل». وأضاف: «اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان سيضمن لنا الاستقرار الاقتصادي لسنوات عديدة».
وإلى ذلك، كشفت قناة «24» العبرية، أنّه «تمّ الاتفاق على خطاب الضمانات الأميركية إلى إسرائيل، والموجّه إلى رئيس الوزراء يائير لابيد والموقّع من قِبل رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، ومن المتوقع أن يتمّ توقيعه في وقت مبكر من هذا الأسبوع».
ولفتت الى أنّ «الرسالة تحدّد، بحسب ما صرّح به مسؤول سياسي إسرائيلي كبير لصحافيين، دور لابيد في تحقيق الاتفاق «الشجاع»، كما جاء في الرسالة، والتي تعبّر عن دعم أميركي واضح لا لبس فيه لمواقف إسرائيل في القضايا المتعلقة باتفاق الحدود البحرية، بما في ذلك الالتزام الذي يتجاوز في بعض الحالات بيانات السياسة، ويعرّف بايدن الاتفاقية بأنّها «إنجاز تاريخي»، وخطوة أولى لتعزيز الاستقرار بين إسرائيل ولبنان».
وفي هذا السياق، أشارت الى أنّ الرئيس الأميركي كتب في خطاب الضمانات، أنّ «الولايات المتحدة ملتزمة بالتنفيذ الكامل لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وبحقوق إسرائيل الأمنية والاقتصادية المتفق عليها فيها. بالإضافة إلى ذلك، تكرّر الولايات المتحدة في الرسالة التزامها بمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وردع أعدائها بما في ذلك الساحة البحرية، ويشمل التهديدات ضدّ أصول الطاقة الإسرائيلية في البحر أو ضدّ السفن الإسرائيلية».
وذكرت أنّ «الرئيس جو بايدن، ملتزم بمواصلة تعزيز العلاقات كما هو محدّد في «إعلان القدس»، الذي وقّعه بايدن ولابيد أثناء زيارة بايدن لإسرائيل، وتمّ الاتفاق على النص النهائي للرسالة أمس، ومن المتوقع أن يتمّ توقيع الخطاب مطلع الأسبوع المقبل، بالإضافة إلى أنّ محتوى الخطاب، مثل خطابات الضمان السابقة، ليس علنيًا».