كتبت صحيفة “الديار” تقول: لا صوت يعلو فوق صوت الفراغ الرئاسي الذي وان كان الجميع ينتظره منذ أشهر، لم يقم اي من المسؤولين ولو بخطوة واحدة لتفاديه. وكأن شغور منصب رئيس الجمهورية كل 6 سنوات بات أمرا محسوما ولا بد منه، ما بات يستدعي اعادة نظر بالنصوص الدستورية التي ترعى العملية الانتخابية الرئاسية واستبدالها بأخرى تجعل الانتخاب حتميا فور انتهاء ولاية الرئيس كما هو الحال برئاستي الحكومة والمجلس النيابي.
ولأن كل القوى اللبنانية لا تزال تتعاطى ببرودة مع واجباتها، كان لا بد من تدخل الاتحاد الاوروبي ليلوح بعصا العقوبات مجددا ضد المسؤولين المتلكئين. اذ دعا يوم امس في بيان القيادات اللبنانية إلى «تنظيم انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة بأقصى سرعة». وقال «في تموز الماضي، جدد الاتحاد الأوروبي إطار عقوبات يسمح بفرض إجراءات تقييدية على الأفراد أو الكيانات التي تمنع الخروج من الأزمة اللبنانية. وبهدف تسهيل صرف التمويل الدولي الإضافي وكبح الاتجاه المتدهور للاقتصاد اللبناني، يجب التوصل إلى اتفاق تمويل مع صندوق النقد الدولي. ويجب إنجاز الإصلاحات الرئيسية التي طال انتظارها دون مزيد من التأخير».
عون وميقاتي يشدان العصب طائفيا!
وفيما يترقب كثر مجريات الجلسة النيابية التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون الذي حث فيها على سحب التكليف من نجيب ميقاتي، وهو أمر بات دون قيمة قانونية – دستورية بعد انتهاء الولاية الرئاسية، واصل رئيس حكومة تصريف الاعمال كما رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل شد العصب الطائفي لاغراض شخصية وحزبية. وقالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع ان «باسيل وميقاتي سيواصلان التصعيد السياسي لكن تحت السقف الذي رسمه لهما حزب الله الذي يؤدي في هذه المرحلة دور الاطفائي بعد فشل مساعيه لتشكيل حكومة قبل انتهاء ولاية عون». وتضيف المصادر لـ «الديار:» «مصلحة باسيل العائد حديثا الى صفوف المعارضة شد عصب شارعه الذي ورغم ما يظهره علنا من تماسك الا انه بالحقيقة محبط. وقد وجد زعيمه بتشدد ميقاتي بتشكيل الحكومة «شحمة على فطيرة» لاقناعه بأن الأخير يريد مصادرة صلاحيات الرئاسة الاولى وبالتالي صلاحيات المسيحيين. بالمقابل، يسعى ميقاتي، الذي يبدو واضحا أن لا رضا سعودي عليه منذ تكليفه، لكسب الود الخليجي من خلال كباشه المستمر مع «الثنائي» عون- باسيل، لكنه في الوقت عينه يعي انه لا يستطيع ان يصعد كثيرا ويتجاوز السقف الذي وضعه حزب الله لعلمه بأنه وان قرر الحزب وضع فيتو عليه فهو لن يرى السراي الحكومي مرة جديدة. وتشير المصادر الى ان «حزب الله أبلغ ميقاتي بعدم وجوب الدعوة في المرحلة الراهنة لاي جلسة حكومية لاستيعاب النقمة العونية، علما بأن رئيس حكومة تصريف الاعمال لم يكن يخطط اصلا لذلك، كونه يربط اي دعوة بظروف طارئة واستثنائية غير متوافرة حاليا».
الرياض تحدد مواصفات الرئيس!
وفي أول موقف سعودي واضح من الاستحقاق الرئاسي اللبناني، قال السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري إن العلاقات السعودية -اللبنانية ستتحسن بعد تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس جمهورية سيادي يستعيد ثقة المملكة والدول المهتمة بالملف اللبناني. واعتبرت مصادر مواكبة للاستحقاق الرئاسي ان «الرياض بذلك اكدت انها لن تسير برئيس محسوب على حزب الله وفي حال وصل رئيس مماثل الى سدة الرئاسة فستتعاطى معه بالحد الادنى بتكرار لتجربة ميشال عون»، لافتة في تصريح لـ «الديار» الى ان «ذلك يعني انها لن تقبل سليمان فرنجية رئيسا والمحسوم انها لا تقبل جبران باسيل وتفضل شخصية من جو ١٤ آذار من دون ان تمانع الا تكون مستفزة لحزب الله».
واشارت المصادر الى ان «الخارج لا يزال يكتفي بالضغط لانتخاب رئيس من دون تبلور اسماء يفضلها».
مبادرة بري مجمدة؟
وفيما يعتبر كثيرون ان الكرة اليوم في الملف الرئاسي في ملعب رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعدما اعرب عن نيته استبدال الدعوة لانتخاب رئيس بدعوة للحوار، تقول مصادر مطلعة على جوه انه «لا يزال يدقق بشكل الحوار الذي يفترض ان يحصل كي يكون منتجا، فقد بات واضحا انه لا يريد تكرار تجربة حوار ٢٠٠٦ سواء في الشكل او المضمون» لافتة في تصريح لـ «الديار» الى ان «موقفي عون ورئيس حزب «القوات» من مبادرته لم يكونا مشجعين وهو لا يستطيع ان يقفز فوقفهما لانهما معنيان اولان بهذا الاستحقاق».
في هذا الوقت، لفت نجاح ٢٧ نائبا في التوصل الى نوع من التفاهم في مقاربة الملف الرئاسي. اذ افيد عن لقاء عقد في الصيفي مساء الاثنين ضم النواب: سامي الجميّل، رامي فنج، أديب عبد المسيح، إيهاب مطر، وليد البعريني، سليم الصايغ، أشرف ريفي، محمد سليمان، مارك ضو، نجاة صليبا، نعمة افرام، عبدالعزيز الصمد، سجيع عطية، أحمد الخير، نبيل بدر، ميشال الضاهر، فؤاد مخزومي، عماد الحوت، بلال الحشيمي، غسان سكاف، وضاح الصادق، نديم الجميّل، جان طالوزيان، جميل عبود، أحمد رستم ، الياس حنكش وميشال معوض. وهم اصدروا بيانا اعربوا فيه عن رفضهم القاطع «لمحاولات إشعال التجاذبات الطائفية عبر افتعال السجال في موضوع صلاحيات الحكومة خلال فترة الشغور الرئاسي لأن هذا الموضوع محسوم في الدستور اللبناني».
واعتبروا أن «الاولوية التي أكد عليها الدستور هي الشروع فوراً في انتخاب رئيس للجمهورية، وبناءً على ما تقدم، يؤكد المجتمعون أن على المجلس الالتئام اليوم قبل الغد، لانتخاب رئيس الجمهورية لأن هذا وحده من شأنه أن يعيد الانتظام لعمل المؤسسات ويدعون رئيس مجلس النواب الى تكثيف الجلسات لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن».