ستُرفع الجلسة الرئاسية وتُسدل ستارتها اليوم على العرض المسرحي نفسه إعداداً وإخراجاً لسيناريو “الورقة البيضاء وتطيير النصاب” الذي يفرضه تحالف “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” وسائر قوى الثامن من آذار لتعطيل الاستحقاق الرئاسي ومنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية يتمتع بالمواصفات السيادية والإنقاذية المطلوبة لانتشال البلد من “البؤرة الجهنمية” وإصلاح ما أفسده العهد العوني الذي قادته شهوة المقايضة على السلطة والمناصب والمكاسب إلى وضع الأصفاد بمفاصل الجمهورية وسوقها مخفورة إلى قبضة محور الممانعة وأجندته الهدّامة للكيانات الوطنية في المنطقة العربية.
وإذا كان المشهد على جبهة قوى أحزاب المعارضة وتكتلاتها النيابية سيعيد تظهير استمرار وحدة الموقف خلف ترشيح النائب ميشال معوّض تأكيداً على التصميم والجدية في العملية الانتخابية الرئاسية، فإنّ المشهد على الجبهة المقابلة سيعيد هو الآخر تظهير استمرار خلافات قوى 8 آذار الداخلية التي لا تزال تحول دون التوافق على تسمية أي مرشح من صفوفها للرئاسة الأولى، مستفيدةً من تشرذم صفوف النواب التغييريين لتقطيع الوقت بغية تسويف الاستحقاق الرئاسي بانتظار إنضاج الظروف المؤاتية لإبرام تسوية “رئاسية – حكومية” تعيد إنتاج طبقة حكم مستنسخة عن سابقاتها في إدارة شؤون الدولة، لتكون النتيجة المباشرة وغير المباشرة للجولة الرئاسية الخامسة اليوم “التمديد” لولاية الشغور الرئاسي في صناديق الاقتراع بالتضامن والتكامل بين “الأوراق البيض” و”حرق الأصوات“.
وعشية جلسة الانتخاب الأولى بعد الشغور، برز أمس إيفاد رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب وائل أبو فاعور إلى معراب لإعادة تأكيد الاستمرار في دعم ترشيح النائب معوض، فعُقدت لهذه الغاية جلسة تشاورية وصفها أبو فاعور بـ”المفيدة والمجدية” مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، مصوّباً في المقابل على الفريق الآخر الذي لا يبدي “دينامية إيجابية شبيهة حتى اللحظة” لبلورة أي صيغة توافقية تتيح انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأضاف: “من الواضح أن فريق 8 آذار، باستثناء الرئيس نبيه برّي، يحاول تفادي صراعاته الداخلية من خلال الذهاب مجدداً باتجاه الورقة البيضاء، ولكن هذا الامر لا أعتقد أنه مجدٍ بل يضيف أعباء على حياة المواطنين اللبنانيين“.
وفي إطار تثاقل الأعباء على كاهل المواطنين، عاد الدولار إلى حرق أعصاب اللبنانيين صعوداً ونزولاً في تسعيرة السوق السوداء تحت وطأة جملة عوامل متشعبة ومتشابكة يتقدمها التأزم السياسي والشغور الرئاسي وانعدام الثقة بمسيرة الإصلاح التي تضع الطبقة الحاكمة العصيّ في دواليبها، بحيث تخطى سعر صرف الدولار للمرة الأولى صباح أمس سقف الأربعين ألف ليرة قبل أن يعود أدراجه إلى الوراء عند سعر 39600 ليرة مساءً، فتنوعت التحليلات وتباينت الترجيحات حول أسباب هذا الارتفاع المفاجئ غداة التعميم الذي أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل مدة وساهم من خلاله في لجم ارتفاع سعر الصرف بعدما أعلن التوقف عن شراء الدولار مقابل الاستمرار في بيعه.
ورأت مصادر مالية أنّ استئناف الدولار مؤشراته التصاعدية “ينسف كل البيئة التي كانت تهيّئ لخفضه إلى أقلّ من 35 ألف ليرة تمهيداً لتقريب سعره في السوق من تسعيرة منصة صيرفة كخطوة أولية باتجاه توحيد أسعار الصرف لا سيما في ما يتصل بالسحوبات المصرفية بهدف التوصّل في مرحلة لاحقة إلى تحرير سعر الصرف تنفيذاً لمطالب صندوق النقد الدولي”، مشيرةً في ما خصّ الأسباب التي أدت إلى ارتفاع سعر الدولار خلال الساعات الأخيرة إلى أنّ الأمور لا يمكن حصرها بسبب محدد، مكتفيةً بطرح “علامات استفهام” في هذا السياق: “هل للأمر علاقة فقط بالعرض والطلب، أم أنه أتى كردّة فعل متعمدة على إقدام نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب على صرف نائب حاكم المصرف المركزي من جلسة اللجان المشتركة وطلبه استدعاء الحاكم عوضاً عنه… أو أنّ المصرف المركزي عاد إلى شراء الدولار “بالسرّ” بخلاف ما أعلن عنه في العلن حول اكتفائه بالبيع؟“.