تدخل البلاد أسبوعا جديدا من الشغور الرئاسي الذي ينعكس تلقائيا سلبا على كل الملفات الحياتية، في ظل حكومة تصريف أعمال ملزمة ان تحصر حركتها بما هو ضروري وملح، ومجلس نواب تحوّل الى هيئة ناخبة ترفض مجموعة كبيرة منه ان يعود للتشريع، لاعتبارها ان ذلك يرسخ فكرة ان وجود رئيس في قصر بعبدا وعدمه سيان!
وبحسب معلومات “الديار”، تستعد قوى المعارضة للتصعيد في مجال التصدي لاي توجه للدعوة لجلسة تشريعية، كما انها تعقد اجتماعا موسعا غدا الثلاثاء لاتخاذ موقف جامع في هذا الاطار، وسعيا لاقناع مكوناتها التي لا تزال على موقفها الرافض بالتصويت للمرشح الرئاسي ميشال معوض بعكس ذلك، مع استبعاد نجاحها في اي جلسة مقبلة، وبأحسن الاحوال بتجاوز عتبة الـ50 نائبًا المؤيدين لمعوض.
واوضحت مصادر تستعد للمشاركة في هذا الاجتماع لـ” الديار”، انه “يندرج في اطار مواصلة تنسيق المواقف بين احزاب ومجموعات المعارضة”، لافتة انه “سيكون موسعا اكثر مقارنة بالاجتماع الذي عقد مطلع الشهر في الصيفي وضم 27 نائبا، اذ من المفترض ان يشارك فيه ممثلون عن “القوات اللبنانية” ونواب مستقلون آخرون”.
واكدت مصادر في “القوات” انه سيتم خلال هذا الاجتماع “التأكيد على ترشيح معوض والسعي لتأمين النصف زائد واحدا، ما يخلق امرا واقعا رئاسيا ودينامية جديدة”.
من جهتها، اشارت مصادر قريبة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ “الديار” الى انه يستعد للدعوة لجلسة سادسة لانتخاب رئيس هذا الأسبوع ، مع ترجيحها ان تكون نتيجتها كسابقاتها.
ومن المفترض ان تتواصل الردود على المواقف عالية السقف التي صدرت عن امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ومسؤولين في الحزب نهاية الاسبوع الماضي، لجهة المواصفات الواجب ان يتمتع بها اي رئيس مقبل البلاد.
فبعدما كان السيد نصرالله اعلن صراحة ان “المقاومة تريد رئيساً للبلاد يكون مطمئناً لها، رئيساً شجاعاً في بعبدا، لا يخاف ولا يتنازل ويقدّم المصلحة الوطنية على خوفه، ولا يُباع ولا يُشترى”، اعتبر رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد في تصريح يوم أمس ان “ما نحن فيه الآن من اشتباكٍ سياسيّ حولَ اختيار رئيسٍ للجمهورية هو اشتباكٌ يقوم على خلفيّة التنازع بين توجّهين حضاريّين وليس فقط بين توجهين سياسيين”، مشيرا الى ان “ثمة من يريد أن يأتي برئيسٍ يطوي صفحة الصّراع مع العدو الإسرائيلي، ويريد أن يتعاطى مع المقاومة كميليشيا”.
انعكاسات اتصال ماكرون- ابن سلمان
ورجحت مصادر مواكبة للملف الرئاسي، ان ينعكس الاتصال الذي سجل بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ايجابا على ملف الرئاسة لجهة تحريك المياه الراكدة. اذ بدا لافتا تطرق البيان الى ان “المناقشة ركزت بشكل خاص على لبنان”، وشدّد ماكرون “على ضرورة انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن، حتى يتم تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية الضرورية لنهوض هذا البلد”.
وقالت المصادر لـ” الديار”: “لا شك ان الانعكاسات لن تكون سريعة ومباشرة، لكن سيكون لها اثرها عاجلا ام آجلا، في ظل دفع فرنسي لاقحام الرياض اكثر في الملف الرئاسي، ومن خلاله بالملف اللبناني والمساهمة في نهوض البلد”، معتبرة “ان هناك شبه اجماع لدى مختلف القوى ان رئيسا لا ترضى عنه الرياض، سيعني تمديدا للازمة الراهنة، وهو ما لا يريده لا اخصام المملكة العربية السعودية ولا حلفاؤها سواء في الداخل او في الخارج”.
وتابعت المصادر “بالاضافة الى الدفع الدولي لملء الشغور الرئاسي قريبا، يبدو ان هناك مخاوف تتنامى داخليا من خروج الامور عن السيطرة في ظل الفراغ والتعطيل الذي بدأ يتسلل الى كل المؤسسات. اضف ان مخاوف “الوطني الحر”هي من احتكار رئيسي مجلس النواب وحكومة تصريف الاعمال السلطة والذي اصبح امرا واقعا، اذ بات يتم حل الملفات العالقة عبر اجتماعات تعقد في عين التينة وآخرها مسألة سلفة الكهرباء، وهو ما لن يسكت عنه العونيون كما مرجعيات مسيحية، وابرزها بكركي التي تخشى اكثر من اي وقت مضى تغييب المسيحيين واحتكار دورهم وما تبقى من صلاحياتهم بعد الطائف”.
الوضع المالي… خطر
ولا شك ان كل ما سبق يفاقم الوضعين المالي والاقتصادي، في بلد يشهد منذ 3 اعوام انهيارا من دون مكابح. اذ بدا واضحا ان اجراءات حاكمية مصرف لبنان التي خفضت قبل نحو شهر سعر الصرف 5 آلاف ليرة بسحر ساحر، تلاشى سحرها مع تجاوز الدولار في الايام الماضية عتبة الـ40 الفا. وقالت مصادر معنية بالملف المالي لـ” الديار”: “الكل ينتظر موعد اصدار حاكم مصرف لبنان مجموعة تعاميم جديدة مرتبطة برفع سعر الصرف الرسمي الى 15 الفا، الا ان ما يحصل راهنا هو اجتماعات للتفاهم مع المصارف حول كيفية التعامل مع المواطنين الذين يسددون ديونا بالليرة على سعر 1500 ليرة وهم اصلا اقترضوها بالدولار، وبخاصة ان بعض البنوك توقفت عن استيفاء الدفعات بالليرة، بانتظار صدور سلة التعاميم الجديدة المرتقبة الشهر المقبل”.
ووصفت المصادر الوضع بـ” الخطر”، وبخاصة ان “احتياطات مصرف لبنان لا تزال تتراجع، فيما المفاوضات مع صندوق النقد الدولي مجمدة، والحكومة تواصل استنزاف هذه الاحتياطات وآخرها عبر سلفة الكهرباء”. واضافت: “الوضع مفتوح على كل السيناريوهات، ولا يمكن التكهن بسقف لسعر الصرف، والآتي من الايام قد يكون اصعب مما فات”