كتبت صحيفة “الأخبار” تقول: في خطابه السبت الماضي، أعطى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دفعاً قوياً لمعركة رئاسة الجمهورية. لا يعني الدفع، بالضرورة، تسريع انتخاب الرئيس، لكنه، عملياً، أخرج الملف من دائرة مقفلة إلى مرحلة أكثر جدّية بعدما حدّد مواصفات الرئيس المقبل، و«سمّى الجيرة وسمّى الحي»، وأعلن، أو كاد، اسم مرشح حزب الله.
كلام نصرالله أتى بالتوازي مع مبادرة فرنسية جديدة بدأت قبل نحو عشرة أيام لتوفير توافق على انتخاب رئيس جديد قبل نهاية السنة، مع وعود بإطلاق برامج مساعدات للبنان على رأسها برنامج «سيدر». ويفترض أن النقاش الذي بدأه الفرنسيون مع الأطراف الأساسية في لبنان، يجري استكماله مع واشنطن والرياض، ويقوم على فكرة أن أحداً غير قادر على فرض رئيس للجمهورية أو رئيس للحكومة من دون توافق فعلي بين القوى الرئيسية.
ومع أن المتابعين نفوا أن تكون فرنسا قد أقرت بمبدأ المقايضة على رئاستي الجمهورية والحكومة، إلا أن هؤلاء أشاروا إلى أن باريس لمست من جهات فاعلة، من بكركي إلى التيار الوطني الحر وحزب الله والرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بقبول مقايضة انتخاب رئيس للجمهورية قريب من حلفاء حزب الله مقابل رئيس للحكومة قريب من الغرب والسعودية.
وحتى مساء أمس، لم يكن المسؤولون في لبنان قد حصلوا على معطيات دقيقة حول مضمون المحادثة التي جرت بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أول من أمس، وسط إشارات تؤكد أن الرياض لا تزال على موقفها الرافض لأي تسوية مع حزب الله.
وبعيداً من إشارات لافتة وواضحة وردت في كلام نصرالله أوحت بعدم تأييد حزب الله لترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون (كما في إشارته إلى رفض مرشحين يتلقون اتصالات من القيادة الأميركية الوسطى، ناهيك عن التحفّظات المعروفة عن التدخل الأميركي الكبير في المؤسسة العسكرية في السنوات الأخيرة)، طوت المواصفات التي حدّدها الأمين العام لحزب الله صفحة «مزحة» ترشيح ميشال معوّض، و«نكتة» مرشحي التغييريين من التكنوقراط الذين يتبدّلون مع كل جلسة، وكل مرشح لا طعم له ولا رائحة ولا لون على شاكلة الرئيس السابق ميشال سليمان. وهو ضيّق دائرة البحث إلى حدود مرشحين اثنين لا ثالث لهما، هما سليمان فرنجية وجبران باسيل اللذان أكّد لهما، عندما استضافهما معاً الصيف الماضي، أنه يثق بكليهما. وبما أن رئيس التيار الوطني الحر أعلن أنه ليس مرشحاً وخارج السباق لاعتبارات عديدة، يغدو رئيس تيار المردة المرشح المعلن للحزب من دون تسميته بالاسم.
أكثر من ذلك، وعلى غرار ما كان حزب الله يردّده عام 2016 بأن لا خطة «ب» لترشيح العماد ميشال عون، فإنه هذه المرة، أيضاً، لا يملك خطة بديلة: المرشح هو فرنجية. ونقطة على السطر. أما التوافق على مرشح آخر يتفق عليه الحليفان، فدونه مخاطر لا يملك أحد ترف خوضها. وقد سمع التيار الوطني الحر من حزب الله، مباشرة، رأيه في أن تجارب اقتراح أسماء لمواقع أدنى من رئاسة الجمهورية في عهد العماد ميشال عون لم تكن مشجّعة، بعدما انقلب شاغلو هذه المواقع على من سمّاهم إليها.
على أن دون انتخاب فرنجية «شرطاً» ألزم حزب الله نفسه به، وهو أنه لن يذهب إلى جلسة انتخاب رئيس تيار المردة ما لم يكن يحمل في جيبه موافقة باسيل. واعتبارات ذلك عديدة، منها رفد فرنجية بدعم مسيحي يجعله رئيساً قوياً، والأهم هو حرص الحزب الشديد على استمرار التفاهم مع التيار الوطني الحر وعلى تمتينه، وبالتالي «انتخاب سليمان يكون برضا جبران وليس على حسابه». علماً أن «رضا» التيار يمكّن عملياً من تأمين النصاب، ولو من دون المشاركة في التصويت، طالما أن بري أخذ على عاتقه إقناع جنبلاط بالسير في فرنجية في حال تم إقناع باسيل. وبالاستناد، أيضاً إلى أن لا فيتو فرنسياً على فرنجية وإلى مساع فرنسية تجرى مع السعودية للتسهيل. وفي هذا السياق ليس تفصيلاً جلوس رئيس تيار المردة في الصف الأول في منتدى الطائف الذي عقده السفير السعودي وليد البخاري في الأونيسكو السبت الماضي، فيما كان معوّض، مرشح حلفاء السعودية، يقبع في الصفوف الخلفية.
عليه، لن تحمل جلسة الخميس المقبل، ولا التي تليها وما بعد بعد ذلك ربما، أي جديد، في انتظار نضوج الظروف لاستئناف الحزب مفاوضاته مع حليفه باسيل. ومع أن الأخير يتقصّد المجاهرة برفضه دعم ترشيح فرنجية، إلا أن مصادر مطلعة تؤكد أن الأبواب ربما ليست موصدة تماماً.