لم يكن موقف النائب جبران باسيل من رفض ترشيح سليمان فرنجية جديداً، لكنّ خطابه المسرّب من باريس أثناء الاجتماع مع مناصريه، أدى إلى اشتعال الجبهة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، إذ إن باسيل أطلق مواقف تنتقِد بري، وقال إن «انتخاب فرنجية سيُعيدنا إلى عام 1990، فننتقِل من ثلاثية بري – الحريري – الهراوي إلى ثلاثية بري – ميقاتي – فرنجية». وأكد باسيل «أننا لن نسجّل على أنفسنا أننا انتخبنا حدا متل فرنجية، وما في رئيس جمهورية طالما نحنا (أي التيار) ما قبلنا ولو اتفق الكل عليه».
على إثر هذا التسريب عمّم التيار على محازبيه «أننا في مرحلة مدّ جسور وتواصل والمطلوب عدم مهاجمة أحد في اللقاءات الداخلية وعلى الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي»، وأطلق توضيحاً أن «رئيس التيار لم يتهجّم على أحد، بل أوضح أمام الجالية في باريس أسباب عدم تأييده فرنجية بأنه لا يريد بالعودة داخلياً إلى تلكَ المرحلة». وسريعاً ردّ بري على كلام باسيل ببيان مختصر قال فيه: «في جميع الحالات ما كانَ الأمر عليه في عام 1990 نعتقد أنه أفضل مما قدّم لنا في السنوات الست الماضية والذي يتلخص بـ: عون- باسيل- جريصاتي».
لقاء الساعتين السري
هذه الجولة من الصراع بين الطرفين لم تكُن لتشكّل مفاجأة لولا المجريات التي سبقتها وبقيت «سرية»، إذ تبين أن باسيل زار قبل بضعة أيام عين التينة والتقى الرئيس بري بعيداً عن الإعلام. ووفقَ معلومات «الأخبار» فقد تواصل باسيل مع القائم بأعمال السفارة اللبنانية في قطر السفيرة فرح بري خلال زيارة له للدوحة وقال إنه يريد ترتيب لقاء مع رئيس مجلس النواب لتهدئة الأجواء، وهكذا كان. عادَ باسيل والتقى بري بداية الأسبوع وعبّر عن نيته فتح صفحة جديدة من أجل البلد، معتبراً «أننا كلنا لدينا أخطاء والآن لا بد من حوار بين الجميع للخروج من الأزمة»، وكانَ جواب بري مُرحباً خاصة أنه هو من دعا إلى حوار بشأن الرئاسة، ولن يمانع بفتح صفحة جديدة مع «حليف الحليف».
تسريب باسيل استتبعته مقابلة مع «فرانس 24» جدّد خلالها تأكيده على «عدم دعم ترشيح فرنجية» وقال: «لا نتفق معه على البرنامج السياسي الإصلاحي ببناء الدولة. ومع تفهمنا لمواقف أطراف أخرى مثل حزب الله بحماية البلد والمقاومة وغيره، نرى أن الأولوية اليوم لبناء الدولة».
أما في ما يتعلق بزيارته لفرنسا، فقالت مصادر مطلعة إن «باسيل اجتمع حتى أمس مع المنسق الخاص للمساعدات الدولية للبنان السفير بيار دوكان نحو ساعتين ونصف ساعة، وكان لقاء إيجابياً». موضحة أن التنسيق بين باسيل والفرنسيين والقطريين قائم حول ثلاثة ملفات:
– الترتيبات في ما خص بدء شركة «توتال» عملها في النصف الثاني من كانون الثاني، كون باسيل مطلعاً على تفاصيله».
– تولي فرنسا دوراً بدعم اسم يتوافق عليه باسيل مع البطريرك بشارة الراعي دون الإعلان عنه، لكن ضمن سلة تضمن خروجاً سياسياً اقتصادياً من الأزمة، مع معالجة ثغر الطائف، وضغط فرنسي أكبر على السعودية.
– دور صندوق النقد بمعزل عن مجلس النواب، وهو يحاول الإيحاء بأنه هو وحده من كان يؤيد إقرار الـ«كابيتال كونترول».
حرق الجسور
ما حصلَ أمس، اعتُبِر بمثابة قطع الطريق أمام أي محاولات يقوم بها الأقربون قبل الأبعدين، وشكّل إحراجاً لحزب الله الذي دخل على خط الوساطة بين باسيل وفرنجية بشخص أمينه العام السيد حسن نصرالله. وقد اعتبرت مصادر معنية بالملف الرئاسي أن «باسيل يظهر كمن يتعمد علناً دفن أي مبادرة تؤدي إلى اتفاق بينه وبين فرنجية برعاية نصرالله». ويكون باسيل بهذا الكلام قد صعّب الموقف أكثر فأكثر خاصة أن حزب الله لا يزال، حتى اللحظة، يعتبر باسيل مدخلاً أساسياً لوصول أي مرشح إلى بعبدا».
ولم تقلّ مواقف باسيل الجديدة إثارة عن أجواء مجلس النواب صباحاً، حيث تحولت الجلسة السادسة التي دعا إليها بري لانتخاب رئيس للجمهورية إلى ساحة تجدّدت فيها الشجارات السياسية انعكاساً لتصاعد حدة الاحتقان والخلاف حول تفسير الدستور وعلى أي أساس يتم اعتماد الثلثين. أما في المضمون فسجّلت الجلسة تعديلات صغيرة حيث برز اسم سليمان فرنجية للمرة الأولى، كذلك اسم ميشال ضاهر، علماً أنه من الطائفة الكاثوليكية. وارتفع عدد الأصوات لزياد بارود إلى ثلاثة أحدها لنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، وصوت للنائب الياس جرادي. فيما التزم باقي نواب التكتل بمعظمهم بالورقة البيضاء، إلى جانب نواب حزب الله، حركة أمل والحلفاء وتيار المردة وبعض المستقلين السنّة المتحالفين مع الحزب كحسن مراد وجهاد الصمد.
الخارجيّة: ننسّق مع إيران ولا ضغوط أميركية
نفى وزير الخارجية عبد الله بوحبيب تعرّضه لأيّ ضغوط بشأن موقف لبنان خلال اجتماع لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، حيث كانت الولايات المتحدة تعمل على «طرد» إيران من عضوية اللجنة المعنية بالمرأة على خلفية الاحتجاجات القائمة في إيران.
وقال مسؤولون في وزارة الخارجية إن لبنان نسّق موقفه مع الأطراف الصديقة، وإن تشاوراً واسعاً حصل في بيروت بمشاركة جميع المسؤولين في الدولة والقوى الأساسية. ونفى هؤلاء أن يكون هناك أي طلب أميركي من لبنان للتصويت لمصلحة القرار. وجاءت توضيحات وزارة الخارجية رداً على ما نشر في «الأخبار» أمس عن مقاربة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية للملف، ومسألة التجاوب مع الضغوط الأميركية.
وأمس، استقبل الوزير بوحبيب السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، ولم يفهم إذا كان النقاش قد تطرّق الى هذا الأمر، لكنه استقبل لاحقاً السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني وجرى البحث في التعاون الثنائي في المنظمات الدولية. وغرّد أماني بعد الاجتماع «إن التعاون الثنائي قائم لخدمة القضايا المحقّة، وإن الأمر تجلّى في مقاربة الوزير بوحبيب لهذا الموضوع».