منذ تحديد أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله معالم “المرشح الرئاسي” الذي يريد إيصاله إلى قصر بعبدا ليكون نسخة مستنسخة عن العمادين إميل لحود وميشال عون، لم يعد مسؤولو “حزب الله” يفوّتون مناسبة سياسية أو اجتماعية أو تأبينية إلا ويستخدمونها كمنصة إطلاق مواقف تهويلية تتوعد بإطالة عمر الشغور حتى ضمان انتخاب رئيس تأمن جانبه “حارة حريك”، وبدأ مسار التهويل الرئاسي يتصاعد خلال الأيام الأخيرة تأكيداً على حتمية اقتران التفاهم على اسم رئيس الجمهورية المقبل بأن “يلتزم هذا الرئيس بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة” حسبما أعلن الوكيل الشرعي العام للسيد الخامنئي ورئيس الهيئة الشرعية في “حزب الله” الشيخ محمد يزبك، وإلا فإنّ “الحزب” سيتصدى لانتخاب أي رئيس لا يقدّم مثل هذا الالتزام باعتباره “رئيساً متآمراً على المقاومة يجرّ البلد إلى الفتنة”، وفق تعبير الشيخ نبيل قاووق، محذراً من أنّ “رفض التوافق” على المواصفات الرئاسية التي وضعها “حزب الله” سيعني “تكرار مشهد الجلسات (الانتخابية) الماضية إلى أمد غير معلوم“.
وعلى الضفة المقابلة، برزت أمس دعوة بكركي المباشرة إلى النواب لكي يتحملوا مسؤوليتهم الوطنية حيال عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية و”ألا يقعوا ضحية الغش والتضليل والتسويات والوعود الانتخابية العابرة وفريسة السطو والتهديد والوعيد”، كما ناشدهم البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد، مشدداً على أنّ “رئيس لبنان لا يُنتخب بالتهديد والفرض“.
وإذ أعرب عن الألم جراء هدر النواب الوقت “خميساً بعد خميس في مسرحية هزلية لا يخجلون منها، ويستخفون بانتخاب رئيس للبلاد في أدق الظروف”، محملاً إياهم “مسؤولية خراب الدولة وتفكيكها وإفقار شعبها”، لفت الراعي إلى أنّ “كل اللبنانيين نواباً ومواطنين، يعرفون سبب مشاكل لبنان والقوى والجهات والعوائق التي تحول دون إنقاذه”، محدداً في المقابل مشروع “الرئيس المنقذ” بعيداً عن الصفات المتداولة بشأن “رئيس تحد أو رئيس وفاق وما إلى ذلك من كلمات فقدت معناها اللغوي والسياسي“.
وفي سياق المشروع الرئاسي المرتقب، رسم البطريرك الماروني خارطة طريق إنقاذية من 9 نقاط استهلها بضرورة انتخاب رئيس جمهورية يعمل على “تأليف حكومة إنقاذ قادرة على القيام بالمسؤوليات الكبيرة المناطة بها في بداية العهد الجديد”، ويتولى مهمة “إحياء العمل بالدستور والالتزام به مرجعية لأي قرار وطني”، وإعادة الاعتبار لمنطلقات “اتفاق الطائف” في ترسيخ العدالة بين اللبنانيين و”احترام الميثاق الوطني والأعراف لتقوية الوحدة الوطنية وضمان حسن العلاقة بين رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء“.
كما أكد الراعي على وجوب” إعادة الشراكة الوطنية وتعزيزها بين مختلف مكونات الأمة اللبنانية (…) والشروع بتطبيق اللامركزية الموسعة على صعيد مناطقي في إطار الكيان اللبناني، والبدء الفوري بتنفيذ البرامج الإصلاحية السياسية والإدارية والقضائية والاقتصادية، ودعوة الدول الشقيقة والصديقة إلى تنظيم مؤتمر لمساعدة لبنان أو إحياء المؤتمرات السابقة وترجمتها سريعاً على أرض الواقع، وتطبيق قرارات مجلس الأمن المختصة ببسط السلطة اللبنانية الشرعية على كامل أراضي البلاد، مع تثبيت حدوده مع كل من إسرائيل وسوريا”، وصولاً إلى تشديده على أهمية أن يبادر رئيس الجمهورية المقبل إلى “إخراج لبنان من المحاور التي أضرت به وغيّرت نظامه وهويته ومن العزلة التي بات يعيش فيها، والعمل على إعلان حياده”، فضلاً عن اتخاذ “مبادرة رئاسية لدعوة الأمم المتحدة بإلحاح إلى رعاية مؤتمر خاص بلبنان، والقيام بجميع الاتصالات العربية والدولية لتأمين انعقاد هذا المؤتمر“.