شكلت الدعوة التي وجهها رئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي الى عقد اول جلسة لمجلس الوزراء في زمن الفراغ الرئاسي منذ انتهاء عهد الرئيس السابق #ميشال عون ، و”بهيئة تصريف الاعمال ” كما ورد في نص الدعوة الرسمية في الحادية عشرة قبل ظهر الاثنين المقبل طليعة “كباش” سياسي مع “التيار الوطني الحر” الذي سارع الى رفض الدعوة وحض الوزراء الذين يمون عليهم الى مقاطعتها ولكن وسط أجواء بالغة المحاذير بالنسبة الى رافضي الجلسة . اذ يبدو ان ميقاتي لم يوجه الدعوة الا بعد تاكده من حضور ثلثي الوزراء كما ان معلومات اكدت ان وزراء الثنائي الشيعي “امل” و”حزب الله” سيحضرون الجلسة كما المكونات الأخرى بما سيبقي عددا محدودا من الوزراء في خانة المقاطعين اذ تردد ان وزراء قريبين او محسوبين على التيار سيحضرون الجلسة منهم وزير الاقتصاد. . وقد اظهر جدول الاعمال الذي وزع عصر امس على الوزراء والمتضمن 65 بندا انه اعتمد في عدد وافر من بنوده معيار الأكثر الحاحا التي تعود الى وزارات الصحة والدفاع والمال والاشغال العامة والنقل والداخلية والبلديات والاتصالات والصناعة والبيئة والعدل والاقتصاد والطاقة والزراعة والتربية والخارجية .ولكن ثمة بنودا أخرى كثيرة لا ينطبق عليها الطابع الالحاحي الذي ينطبق على طابع التمويل الملح في بعض المجالات كالموافقة على الطلب من مصرف لبنان سداد مبلغ 35 مليون دولار أميركي شهريا لثلاثة اشهر لزوم شراء ادوية الامراض المستعصية والسرطانية مرورا بكل الحاجات التمويلية الضاغطة في سائر الوزارات والقطاعات . وفيما أفادت معلومات ان وزراء “التيار الوطني الحر” سيقاطعون الجلسة اعتبر أمين سر “تكتل لبنان القوي” النائب ابرهيم كنعان على دعوة مجلس الوزراء للانعقاد “تجاوزا للدستور والميثاقية، فهذه حكومة تصريف أعمال لا يمكنها أن تجتمع خصوصا في ظل شغور رئاسي، علما أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلتزم خلال جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية بأنه لن يدع الحكومة للاجتماع في ظل الفراغ الرئاسي إلا في حال توافق الجميع”.
بين بايدن وماكرون
في أي حال لم يحجب هذا التطور الاهتمام بتقصي المعطيات حول القمة الأميركية الفرنسية في واشنطن وما طاول لبنان منها . وأفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين التي رافقت الوفد الفرنسي الى واشنطن ان استقبال الرئيس جو بايدن لضيفه الفرنسي ايمانويل ماكرون في الزيارة الدولة الأولى لضيف اجنبي الى واشنطن اظهر ودا وحرارة في الاستقبال قلما شهدها رئيس فرنسي في اميركا . وسبب ذلك يعود الى ان بايدن يحتاج الى فرنسا الركن الأساسي مع المانيا في أوروبا في مواجهته مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين رغم التباين في تأثير هذه الحرب على أوروبا . وكما ان بايدن يعول على دور فرنسا في اوروبا بالنسبة لهذه الحرب فانه يؤيد بعض الملفات العديدة للشرق الاوسط لضيفه الفرنسي . وكان ذلك واضحا في تهنئة بايدن لماكرون بالجهود التي بذلها لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ولو ان ماكرون رد قائلا ان أساس الجهود كانت اميركية . وأكدت مصادر دبلوماسية أميركية ل “النهار” ان الجهود الفرنسية كانت أساسية مع شركة توتال اينيرجي وليس صحيحا كما تردد في بعض الأوساط ان النائب جبران باسيل لعب دورا في ترسيم الحدود او انه التقى او تحدث مع اموس هوكشتاين بل كانت المفاوضات عبر قنوات أخرى . كما ان هناك توافقا تاما بين الموقفين الفرنسي والاميركي على ضرورة اجراء انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة بأسرع وقت لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي والا لن يبقى شيء من البلد . وقد يكررذلك الرئيس ماكرون خلال زيارته السريعة المرتقبة للبنان في ٢٢ كانون الأول الحالي بعد عقده اجتماع بغداد ٢ في عمان لقوى المنطقة الذي سيحضره الإيرانيون ورئيس الحكومة العراقي ومسؤولون سعوديون وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ابلغ ماكرون موافقته على مشاركة السعودية في هذا الاجتماع . ودعمت الولايات المتحدة مبادرة ماكرون لهذا الاجتماع الذي بعد انتهائه ينتقل ماكرون الى لبنان لمعايدة القوة الفرنسية في اليونيفيل والقاء خطاب يتضمن رسالة الى اللبنانيين لحضهم على انتخاب رئيس .
وعلمت “النهار” من مصادر ديبلوماسية عديدة ان الإدارة الاميركية كما فرنسا تؤيدان ضرورة حض اللبنانيين على انتخاب رئيس وان الادارة الاميركية تؤيد انتخاب قائد الجيش جوزف عون رئيسا علما ان مصادر أخرى تقول ان الادارة لن تعارض انتخاب رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية اذا كان هناك توافق عليه من اللبنانيين . الا ان بايدن وماكرون لم يدخلا في الأسماء التي هي موضوع محادثات بين ديبلوماسيي البلدين والإدارة الاميركية تدعم الجهود الفرنسية في هذا الملف كما انه لم يصدر الا القليل من المواقف علنا حول الشرق الأوسط بين الرئيسين .
الراعي وجعجع
اما ابرز المواقف الداخلية من ازمة الفراغ الرئاسي فتمثلت امس في تزامن الانتقادات العلنية او الضمنية لكل من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ورئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع لرئيس مجلس النواب نبيه بري في إدارة هذه الازمة . وقد سأل البطريرك الراعي من روما “أصحاب الاوراق البيض في مجلس النواب: من هو مرشحكم، ولماذا لا تعلنون عن اسمه وتصوتون له؟”،مجدداً وصف جلسات انتخاب رئيس الجمهورية بـأنها “هزلية”.
كذلك سأل النواب”ماذا يعني انكم تأتون الى مجلس النواب ويكتمل النصاب، ثم بعد الدورة الانتخابية الاولى تغادرون القاعة ويُفقد النصاب؟ فلو لم يتوافر هذا النصاب في الدورة الاولى “محلولة”، ولكن ما معنى أن توفروا النصاب في الجلسة الاولى وتغادروا في الجلسة الثانية؟ أين الدستور والمفاهيم، الا يُعدّ هذا استخفافاً بالشعب اللبناني وبشخص رئيس الجمهورية، أياً يكن الرئيس؟ لماذا تفعلون هكذا فقط برئيس الجمهورية المسيحي الماروني، فيما رئيس مجلس النواب يُنتخب بجلسة واحدة، ورئيس الحكومة يُكلف فور انتهاء الاستشارات النيابية؟ كأنكم تقولون إنكم تستطيعون الاستغناء عن رئيس الجمهورية. واذا كنتم تتمسكون بالميثاق فأين هو العنصر المسيحي وأنتم تغيّبون انتخاب الرئيس، وأين هو فصل السلطات؟ فهذا كلُه ضد الدستور واستبداد وظلم في حق لبنان” .واعلن : “لو كانوا يستطيعون حلّ الموضوع الرئاسي داخليا لكانوا انتخبوا الرئيس، وهذا يدل، أسبوعا بعد أسبوع، على أنهم في انتظار كلمة السر من الخارج، ياللاسف، وإن كانوا “رح يزعلو منّي”، فهم لم يصلوا بعد الى النضج في تقرير مصير وطنهم بعضهم مع بعض لانتخاب رئيس للجمهورية”.
وفي الوقت نفسه توجّه جعجع برسالة إلى الرئيس بري، قال فيها “إن مجموع الكتل التي تقوم بتعطيل الإنتخابات الرئاسيّة معروفة، وهنا أشدد على مسألة التعطيل لأن القضيّة لم تعد انسحاباً من جلسة وإنما تحوّلت إلى تعطيل، وبالتالي تقع على كاهلك مسؤوليّة كبيرة باعتبار أنك مؤتمن على حسن سير مجلس النواب، ماذا وإلا، سيتم تعطيل هذه المؤسسة الدستوريّة بحكم تعطل انتخابات الرئاسة في الوقت الذي البلاد بأمس الحاجة لإتمام هذا الإستحقاق الدستوري”. وأضاف مخاطبا بري “تقع من صلب مسؤولياتك في الوقت الراهن أن تقوم في إطار التحضير لجلسة الخميس المقبل دعوة رؤساء الكتل النيابيّة التي تقوم بتعطيل الانتخابات الرئاسيّة وأن تبلغهم بأنه لا يمكنهم الاستمرار في التعطيل وإذا ما استمروا في ذلك في جلسة الخميس المقبل فعندها ستتخذ التدابير والمواقف اللازمة في أن تخرج لتعلن أن هناك كتلا معيّنة تقوم بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهوريّة، ماذا وإلا، كيف يمكننا أن نفهم الاستمرار في تعطّل هذه الانتخابات بعد شهرين من المهلة الدستوريّة وشهر من الفراغ”؟.
الفاتيكان
في غضون ذلك التقى وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب الموجود في ايطاليا، أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الذي أبدى “قلقه الشديد لعدم توصل البرلمان اللبناني الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد جلسات عدة عقدت لهذه الغاية، وحض المسؤولين اللبنانيين على التوافق بالسرعة المرجوة على إختيار الرئيس العتيد.” كما عبّر أيضا عن “تفهمه لهواجس لبنان في مسألة النازحين السوريين لا سيما في ظل الازمة الاقتصادية المتفاقمة، ووعد بتقديم كل مساعدة ممكنة لفتح أبواب الحوار مع مجتمع الدول المانحة للتوافق على خارطة طريق للمعالجة”.