كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: كما تحسّب رعاة حكومة نجيب ميقاتي حين قرّروا تغطية انعقادها غصباً عن جبران باسيل، وتحت سقف السيناريوات المتوقعة لارتداد هذه الخطوة سلباً على العلاقة بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، أطلّ باسيل مستشيطاً ومدجّجاً بقنابل غضب عنقودية زنّر بها تفاهم “مار مخايل” مهدداً بتفجيرها ونثر شظاياها في كل الاتجاهات لتهدم أعمدة التحالف مع “حارة حريك” وتسقط معها التغطية العونية المسيحية لسلاح “حزب الله” رداً على الطعنة الحكومية التي تلقاها رئيس “التيار الوطني” من الثنائي الشيعي… وافتدى الوزير جورج بوشيكيان نفسه بها مع إعلان حزب “الطاشناق” مساءً فصله عن كتلة “نواب الأرمن“.
في الشكل لم يخرج باسيل عن المألوف منه في ابتزاز قيادة “حزب الله” كلما استشعر تردّداً منها في نصرته للحفاظ على دوره السياسي في القضايا والاستحقاقات المفصلية، لكن في المضمون لامس هذه المرّة المحظور في أدبيات مخاطبة “الحزب” لا سيما بعدما اتهم قيادته بقلة الوفاء والنكث بالوعود، متجاوزاً بذلك عادته في تحديد بوصلة الاستهداف والتصويب على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ليحمّل بشكل غير مباشر الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من دون أن يسمّيه مسؤولية “الوعد غير الصادق” الذي كان قد قطعه له بعدم انعقاد حكومة تصريف الأعمال، على اعتبار أنّ “نجيب ميقاتي ما بيسترجي يعملها لولا أن حصل اتفاق مسبق (مع الثنائي) على عقد الجلسة… ونحنا بصراحة، مشكلتنا مش مع ميقاتي فهو أعجز عن أن يقوم بهذا الأمر من دون مشغّليه ولسنا بحاجة لبرهان صدقه ومصداقيته، إنما نحنا مشكلتنا مع الصادقين الذين نكثوا بالاتفاق والوعد والضمانة وهذه ليست اوّل مرّة تحصل“.
وفي جردة حساب سريعة استعرض من خلالها مسيرة تغطية “التيار الوطني” لممارسات “حزب الله” في تعطيل الحكومات، قال باسيل: “هنّي يلّي وقّفوا مجلس الوزراء الكامل الصلاحيّات بوجود رئيس جمهورية فوقفت الحكومة 4 أشهر، هنّي يلّي تضامنّا معهم ووقفنا معهم سنتين بالشارع لأن الحكومة ضهروا منها وكانت غير ميثاقية وبتراء، هلّق الحكومة بتصير ميثاقية بوجود سعادة الشامي ونجلا رياشي وجورج كلاّس؟”، وصولاً إلى مقاربته سلاح “حزب الله” من زاوية وضعه من خلالها في كفة موازية لكفة مصالح “التيار” ودوره على الساحة السياسية، قاصداً أنّ أي اختلال في هذه الكفة سيؤثر حكماً على الكفة الأخرى، بقوله: “كل واحد عندو سلاح بالبلد ونحنا دورنا هو سلاحنا وما حدا بيشلّحنا ياه… كلّنا بحاجة لاحتضان وطني من بعضنا ويلّي بيطلع بخياره من الاحتضان الوطني هو بيبرد امّا يلّي بيفتكروا انّهم بيضهروه بالقوة من الاحتضان الوطني، فهنّي بيبردوا”، في تلويح مبطّن بتعرية سلاح “حزب الله” في حال رفع الغطاء العوني عنه.
وإذ اعتبر أنّ ما حصل في مجلس الوزراء أمس الأول “هو تأكيد على الغاية الدفينة بوضع اليد على السلطة والبلد (…) وإذا حدا معتقد انّو عم يضغط علينا بموضوع الرئاسة نقول له بالعكس بيصير في تصلّب أكثر”، توجه باسيل إلى “حزب الله” برسالة مباشرة متوعداً: “هيدا الشي ما بيمرق تحت أي عذر، لا باسم الاستقرار ضمن المكوّن الشيعي ولا باسم درء الفتنة ولا بحجّة مجبورين كرمال الناس”، ومهدداً في حال عدم تراجع الثنائي عن “نفخ زنود ميقاتي” باتخاذ خطوات تصعيدية مقبلة منعاً لانعقاد مجلس الوزراء مجدداً، وبممارسة “ضغط أكبر” لاعتماد خيار اللامركزية الموسّعة “وإذا ما بدكم تعطونا إياها بالقانون منفرضها على الأرض لأن مش ماشي الحال هيك”، ليرتقي على سلّم التهديد باتجاه التلويح بإسقاط تفاهم مار مخايل لأنه “كما لا شرعية لأي سلطة تناقض العيش المشترك، نحن نقول لا قيمة ولا قيامة لأي تفاهم وطني يناقض الشراكة الوطنية المتوازنة“.
وعلى الأثر، كشف مصدر قيادي في قوى الثامن من آذار لـ”نداء الوطن” أنّ الاتصالات تسارعت على أكثر من خط لامتصاص نقمة باسيل و”سارعت أكثر من شخصية وازنة في صفوف 8 آذار إلى إجراء مشاورات مكوكية عاجلة بين قيادات “التيار الوطني” و”حزب الله” للحد من التوتر الكبير بينهما خصوصاً بعد اندلاع حرب ضروس على مواقع التواصل الاجتماعي بين جمهور كل من الفريقين، وصلت إلى حدّ التخوين وتبادل الاتهامات واعتبار تفاهم مار مخايل لاغياً“.
ورداً على سؤال، أكد المصدر أنه “بدا واضحاً أنّ كلام باسيل كان موجّهاً في اتجاه وحيد وهو “حزب الله” واضعاً الكرة في ملعبه ومحملاً إياه كامل المسؤولية عن انعقاد مجلس الوزراء”، لكنه فضل عدم الخوض أكثر في الموضوع، مكتفياً بالقول: “باسيل قال ما عنده وعلينا الآن انتظار كيفية تفاعل “حزب الله” مع كلامه“.
أما على خط الاتصالات الجارية، فنقلت أوساط مطلعة على أجوائها لـ”نداء الوطن” أنّ “باسيل أبلغ من يعنيهم الأمر قرار وقف قيادة “التيار الوطني” النقاش في ملف الاستحقاق الرئاسي وفق ما سبق وطرحه “حزب الله” من مواصفات قصد بها تحديداً رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، وأنّ “التيار” أقفل نهائياً الباب أمام مجرد الكلام بهذا الخيار من الآن فصاعداً، وإلا فإنّ تمسك “الحزب” بفرنجية سيعني أنّ “التيار الوطني” سيذهب الى خيار يريحه والذي سيكون حكماً في موقع معارض للحزب”. ورأت الأوساط أنّ رسالة “ميرنا الشالوحي” إلى “حارة حريك” بهذا المعنى أخذت طابع “الابتزاز الرئاسي الواضح بشكل بات يتجاوز الملف الحكومي لتضع معادلة جديدة تقوم على ضرورة أن يضحّي “حزب الله” برأس سليمان فرنجية في حال أراد الإبقاء على تفاهم مار مخايل“.