كتبت صحيفة “الديار” تقول: دخل التنقيب في البلوك رقم 9 مرحلة التنفيذ الرسمي، مع تعهد شركة «توتال» البدء بالاستكشاف مطلع العام المقبل، فيما يفترض ان يبدأ الحفر بين شهري ايلول وتشرين الثاني من العام 2023. هذه النقطة المضيئة، اذا التزمت الشركة الفرنسية بتعهداتها هذه المرة، وتبدو «يتيمة»، في ظل انسداد الافق السياسي والاقتصادي، في بلاد مهددة بانفجار امني خطير اذا استمرت حالة الغليان الاجتماعي، كما حذر المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم..
رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي نجح في احتواء غضب البطريرك الماروني بشارة الراعي حيال جلسة الحكومة الاستثنائية، وحصل منه على تفهم لعدم نيته وضع اليد على صلاحيات رئيس الجمهورية، وعدم وجود خلفية طائفية، ووعده بتعزيز مسألة «التشاور» الوزاري لتطويق «العاصفة» البرتقالية.
في هذا الوقت، وبعد محاولة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عدم قطع جسور الحوار مع حزب الله، يبدو ان «سقفه» الحواري لا يزال مرتفعا، ويبدو ان ملف الجلسة الحكومية تفصيلا في العلاقة، فاضافة الى مطالبه المعلنة لجهة اقناع ميقاتي باعتماد قبول كل الوزراء بجلسة الحكومة قبل انعقادها، واشتراط توقيع 24 وزيرا، والتراجع عن مراسيم الجلسة الحكومية الاخيرة، فان باسيل يريد من الحزب القبول بحوار حول اسم ثالث للرئاسة مع حزب الله، بعد استبعاد نفسه ورفضه لترشيح النائب فرنجية. ودون ذلك لا يمكن الحديث عن تصويب وجهة النقاش الخلافي مع حزب الله، وفتح الباب أمام نوع جديد من الحوار، مع العلم ان قيادة حزب الله تعتبر أن هناك حاجة لحوار واضح وصريح مع باسيل والتيار الوطني الحر، لكن دون شروط مسبقة..
«اسرائيل المردوعة» تراجعت عن التهديد بقصف مطار بيروت بعد «رسائل» رادعة بعدم المغامرة بخطوة قد تشعل المنطقة.
اما الترتيبات اللوجستية في مجلس النواب لاحتمال انعقاد الحوار حول الانتخابات الرئاسية في قاعة جانبية لا تعكس الاجواء السلبية التي تهدد باجهاضه، بعد «فيتو» «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» الذي يهدد انعقاده. كل هذا يجري وسط غياب اي جدية في الحراك الخارجي لوضع لبنان على «سكة» الخروج من ازماته، وسط قلق في اوساط «خصوم» حزب الله من اي صفقة تمنحه الحصة الرئاسية.
لا للمبالغة
وفي هذا السياق، توقفت مصادر ديبلوماسية امام الانفتاح السعودي على الساحة اللبنانية من «بوابة» الحفاوة برئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، على هامش القمة العربية- الصينية في الرياض، ولفتت الى ان المملكة قد تكون فتحت الباب على نحو «موارب»، ولكن لا يجب المبالغة في تقييم الخطوة لجهة انعكاساتها المباشرة على الاستحقاقات اللبنانية. واشارت الى ان المهم شكلا ، ان السعودية ارادت ارسال «رسالة» الى من يعينهم الامر، بانها عادت لمواكبة الشأن اللبناني دون ان تكون قد اعادت الملف الى رأس قائمة اولوياتها. وهي الآن في مرحلة «جس نبض» الطرف الآخر لاستدراجه نحو الكشف عن موقفه، ولا يمكن اعتبار ما حصل خلاصة حوار قائم.
اما في المضمون، فلم يلحظ اي تغيير لا في الكلام المباح او ما قيل خلف «الكواليس»، ويمكن لحظ ذلك من خلال العبارات المنتقاة بدقة في البيان الختامي للقمة، حيث ادرجت «أهمية إجراء الإصلاحات اللازمة، والحوار والتشاور بما يضمن تجاوز لبنان لأزمته»، مع الكلام المعتاد عن عدم استخدام الساحة اللبنانية منطلقاً لأي أعمال إرهابية وحاضنة للتنظيمات والجماعات الإرهابية التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة، أو مصدراً أو معبراً لتهريب المخدرات».
وهو كلام لا يزال عالي النبرة تجاه «خصوم» المملكة، وفي مقدمهم حزب الله. اي ان الرياض لاتزال تضع شروطا عالية السقف تجاه اي انفتاح على الدخول في تسوية حيال الملف اللبناني مع طهران بوساطة فرنسية ورعاية قطرية، وهو امر طبيعي ومفهوم، لكنه يشير الى ان الامور لا تزال في بداياتها ولم تتجاوز «الخط» الاول لاي حوار مفترض، بدليل ان الاهتمام السعودي لم يترجم الى افعال، حيث لا يزال الفرنسيون عاجزين عن احداث اي خرق جدي حتى الآن، وهم اصلا لا يملكون اي تصور جاهز لتسويقه، ويحاولون ملء الفراغ بحراك اثمر حتى الآن لقاء بين الامير محمد بن سلمان مع ميقاتي، وزيارة «تعارفية» لقائد الجيش العماد جوزاف عون الى الدوحة، دون ان ينتج عن الزيارتين اي نتائج حاسمة.
فلا ميقاتي سمع كلاما واضحا حيال وجود حراك ديبلوماسي قريب يفضي الى حلحلة داخلية، ولا قائد الجيش ابلغ المحيطين به وجود خطوة متقدمة خارجيا، تدعم طرح اسمه جديا في قائمة المرشحين الطبيعيين.
هل نضجت «الصفقة»؟
وبعيدا عن خلفيات استقبال بن سلمان لميقاتي، وبانتظار تبلور الصورة اكثر في الايام المقبلة حيال احتمال تبنيه سعوديا لرئاسة الحكومة المقبلة بعد الانتخابات الرئاسية المفترضة، فأن مجرد عودة الرياض الى الدخول الى الساحة اللبنانية، عبر العودة الى حجز مسبق لمنصب رئاسة الحكومة، بغض النظر عن اسم «الحصان الاسود» الذي سيمثلها في هذا الموقع السني الاول في البلاد، فهذا يعني حكما ان اي تسوية من هذا القبيل ستعني حكما ان الرئيس الجديد لن يكون من حصة المملكة وحلفائها، لان اي تسوية مفترضة ستمنح الفريق الآخر هذا المنصب مقابل رئاسة الحكومة، وهذا يعني حكما سقوط كل مرشحي الفريق المناوىء لحزب الله.
هذا الاستنتاج الواقعي رفع حالة التوتر لدى خصوم الحزب في الداخل، في ظل قلق جدي بدأ ينتابهم من «صفقة» ستكون على حسابهم من جديد.
في المقابل، هذا الامر يفرض على حزب الله التعجيل في حسم الخلافات في «معسكره» حيال هوية الرئيس المفترض لتقديم ترشيحه عندما تنضج الظروف الاقليمية والدولية. وعندما تحصل هذه التسوية سينخفض سقف الخطاب السعودي الذي يضع سلسلة من الشروط التعجيزية، فيما سيكون التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ كل الخطوات التي تمنع الإساءة إلى المملكة العربية السعودية وكل الدول العربية، لا سيما منها دول مجلس التعاون الخليجي.
وللمفارقة، فان المرشحين الابرز حتى الآن رئاسيا هما فرنجية وقائد الجيش، حيث تنطبق عليهما مواصفات الرئيس الذي يرفض الاعتداء على اشقاء لبنان، ويحافظ على الطائف ويحسن في قيادة الاصلاحات المطلوبة. وما سيحسم هوية الرئيس هي شروط التسوية والمقايضة المفترضة بين رئاسة الحكومة والجمهورية.
هل نجح ميقاتي بتهدئة الراعي؟
وبعد عودته من الرياض، حاول ميقاتي، تطويق «عاصفة» التيار الوطني الحر الحكومية، وعمد الى تهدئة مخاوف البطريرك الماروني بشارة الراعي، فاكد له ان جلسة مجلس الوزراء، التي عُقدت الأسبوع الماضي، جاءت في موقعها الصحيح دستورياً، مؤكداً رفضه النهائي أي تهديد بوجود خطر على لبنان. ووفقا لمصادر مطلعة نجح رئيس الحكومة في الحصول على تفهّم من الراعي لخلفيات عقد الجلسة، لجهة عدم وجود اي نوايا مبيتة للنيل من صلاحيات رئاسة الجمهورية أو استهداف حقوق المسيحيين. وكان رئيس الحكومة المكلف صريحا في مقاربته لجهة اقراره بوجود «كباش» سياسي مع «التيار» ادى الى كل هذا التشنج حول هذه القضية، متهما النائب جبران باسيل بانه يحاول تحويل الامر الى ازمة طائفية لا وجود لها.
وقد سمع ميقاتي تمن من الراعي بوجوب الحرص اكثر على عدم القيام بخطوات قد يتم تفسيرها على نحو خاطىء، في وقت حساس تمر به البلاد، متمنيا رفع مستوى التشاور مع الوزراء المقاطعين. وقد شرح ميقاتي للراعي الأجواء المتعلقة بالجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، انطلاقاً من الاعتبارات الدستورية والميثاقية والسياسية والطائفية. وقال ميقاتي بعد اللقاء، ان الراعي لفت الى انه كان افضل توسيع نطاق التشاور مع كل الوزراء، مشيراً إلى الاتفاق على جلسة تشاور مع الوزراء قريبا للتفاهم على الخطوات التي سنقوم بها في المرحلة المقبلة. ونفى وجود خلفية طائفية وقال: «لا أسمح بالحديث في هذا الموضوع بتاتاً، لأن الموضوع ليس طائفياً ولا تمييزاً بين مواطن وآخر، أما في ما يتعلق بالميثاقية فلا يجوز في كل مرة أن نتحجج بها، وكان هناك تمثيل كامل لكل الطوائف في مجلس الوزراء.
«تعثر» الحوار؟
في هذا الوقت، لا تبدو «الطريق» معبدة امام دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لتحويل جلسة الانتخاب الخميس الى جلسة حوارية، بعد ردود الفعل السلبية من قبل «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية». ووفقا لمصدر نيابي، فأن غالبية الكتل النيابية ابدت موافقتها على الدعوة في محاولة لفتح ثغرة في الحائط الرئاسي المسدود، لكن رفض»القوات» «والتيار» سيزيد المأزق السياسي، ما يعني حكماً تكرار مسرحية التعطيل.
ويمكن القول ان الساعات المقبلة ستكون حاسمة لتحديد إمكانية السير في جلسة حوارية مفتوحة أو العودة إلى جلسات الانتخاب التي ستنتهي على شاكلة سابقاتها من الجلسات، مع ترجيح عدم اقدام بري على هذه الخطوة بغياب اكبر كتلتين مسيحيتين، وفيما سجل «التيار» موقفا سلبيا من الحوار ردا على ما حصل في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، جاء رفض «القوات» بعد رفض بري بأن تعقد أولاً جلسة تخصّص لانتخاب رئيس للجمهورية، على ان تتحوّل إلى جلسة حوارية، شرط أن تبقى مفتوحة من دون أن يصار إلى إقفالها، والعودة لاحقا لاجراء عملية اقتراع جديدة، لانه لا يوجد اي جدوى سياسية من اعتماد مثل هذا الاقتراح. اما اذا وافق أحد الطرفين يمكن لبري ان يقوم بتثبيت دعوته للحوار. وقد تم اتمام الامور اللوجستية في القاعة المخصصة للاجتماعات، ويفترض ان يشارك فيها ما بين 12 و15 من النواب بالنيابة عن الكتل، إضافة إلى ممثلين عن النواب المستقلين.
هيل يقرّ بالفشل
في غضون ذلك، اقر السفير الاميركي السابق في لبنان دايفيد هيل الذي التقى بالامس رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، بفشل حكومة بلاده في محاصرة حزب الله ماليا. وفي محاضرة عقدها في وزارة الخارجية، اشار الى ان فشل الحكومة واللااستقرار سيفيد حزب الله.. ، زاعما ان بلاده تدعم مؤسسات الدولة التي يريدها حزب الله ضعيفة، ونفى ان يكون سمع في لقاءاته مع المسؤولين ان الولايات المتحدة تريد انهاء لبنان، وقال: «لن يكون مفيداً لنا، بل مفيد لحزب الله».
وعن توقعه امتداد الفراغ الرئاسي لسنوات قال: «لا أتذكر اني قلت هذه العبارة، وواشنطن لا تريد ابداً ان يكون هناك فراغ، ويبدو ان لا احد يريد ان يحترم الدستور والمهلة التي حددت لانتخاب رئيس». وعن تقييمه للعقوبات على حزب الله وتجفيف موارده المصرفية قال: «ان العقوبات وضعت على افراد في القطاع المصرفي، وهي لم تؤثر على حزب الله مالياً للأسف».
الاستكشاف النفطي
نفطيا، أعلنت شركة «توتال إينرجيز» أنها باشرت بالاستكشاف في البلوك رقم 9 ، بحسب ما أبلغ رئيس مجلس ادارة ومدير عام الشركة باتريك بويونيه خلال لقائه وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض خلال زيارته فرنسا، بحضور مدير عام التنقيب والانتاج عضو المجلس التنفيذي للشركة نيكولا تيرراز، حيث اتفق الطرفان على أهمية الاستثمار في لبنان في مشاريع إنتاج الطاقة المتجددة، لا سيما بعد اعتماد تعرفة الكهرباء الجديدة. وقد رحّب بويونيه بالمفاجأة السارة التي شكّلها اتفاق ترسيم الحدود الذي تم إنجازه في نهاية شهر تشرين الأول الفائت، وفنّد الخطوات التي ستتخذها الشركة خلال الفصلين الأولين من سنة 2023 لجهة التحضيرات اللوجستية، وبناء القدرات البشرية لمواكبة عمليات الحفر والتنقيب. ووفقا لمعلومات «الديار»، تبلغ فياض ان الحفر سيبدأ بين شهري ايلول وتشرين الثاني 2023.
اسرائيل «مردوعة»
في هذا الوقت، تراجعت حملة التهويل السياسية والاعلامية على لبنان في كيان العدو، تزامنا مع انتهاء المناورات العسكرية على الحدود الشمالية، ووفقا لمصادر مطلعة، فهذه التهديدات «فارغة»، لان «اسرائيل» تخشى الانزلاق الى مواجهة غير محسوبة مع حزب الله، ولهذا يمكن فهم التراجع عن التهديد والوعيد بقصف مطار بيروت، بعد مزاعم نقل معدات عسكرية لحزب الله عبر شركة طيران مدني إيرانية. وقد لخص المحلل العسكري في «القناة 11» العبرية المشهد بالقول إن «إسرائيل تجد صعوبة في مهاجمة مطار بيروت. فهذا ليس مطار دمشق، وهو مرتبط باعتبارات دولية معقدة، لذلك «إسرائيل» في حيرة من أمرها حول ما يمكن أن تفعله لوقف هذا الاحتمال».
ووفقا للمعلومات، تلقت «اسرائيل» عبر طرف ثالث يرجح انه باريس، تحذيرا واضحا من القيام بأي مغامرة تجاه مطار رفيق الحريري الدولي، لانه ستكون له تداعيات كبيرة غير محدودة.
ووفقا لمصادر مطلعة ، فان حزب الله لا يمكن ان يسمح باي اعتداء بهذا الحجم وسيكون الرد مؤلما وبحجم خرق «قواعد الاشتباك» السائدة حاليا. وهذا سيجعل الرد دون «سقف» قد يشعل المنطقة برمتها. ولهذا فان «اسرائيل مردوعة»، ولن تستطيع المغامرة بخطوة غاية في الخطورة. في هذا الوقت، تستمر المناورات «الاسرائيلية المفاجئة» على الحدود مع لبنان وسوريا وغزة ، وقد كشفت خللاً لوجستيا كبيرا لدى القوات البرية، في ظل نقص كبير في آلاف الأدوية وإمدادات الطوارئ والمعدات الطبية التي تحتاجها هذه القوات في أي حرب مقبلة. وكان جيش العدو أعلن يوم السبت الماضي، بشكل مفاجئ، إطلاق مناورتين تدريبيتين لقواته في المنطقتين الجنوبية على الحدود مع قطاع غزة، والشمالية على الحدود مع لبنان وسوريا. واستدعى 5000 جندي من الاحتياط للمشاركة في المناورة في المنطقة الشمالية، إضافة إلى 8000 جندي من القوات النظامية المنتشرة في المنطقة.