كتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : وفق تسريبات غربية، بدأت الخطوات الأولى نحو حوار سعودي – إيراني حول ملفات عدة، على رأسها لبنان، ربطاً بالملف الرئاسي وملف الحكومة المقبلة بعد انتخاب الرئيس الجدي
أشارت تسريبات غربية إلى اتصالات غير مباشرة بين السعودية وايران حول الملف اللبناني، من ضمن ملفات أخرى، بدأت قبل أيام من مؤتمر «بغداد 2» الذي انعقد في الأردن أمس، والذي يشارك فيه البلَدان. وتفيد التسريبات بأن هناك أطرافاً عدة، بينها فرنسا وقطر، عملت على تليين موقفَي الرياض وطهران في ما يتعلق بالملف اللبناني، ما اقتضى البدء بالكلام بطبيعة الحال حول انتخابات رئاسة الجمهورية ومعها رئاسة الحكومة.
وهذه التسريبات هي الأولى من نوعها بعدما كانت السعودية منكفئة كلياً عن إعطاء إشارات جدية عن احتمال تدخلها في الشأن اللبناني، ومصرّة على تظهير عدم اهتمامها بالملف الرئاسي أو الحكومي. من هنا، يشكّل تسريب هذه المعلومات عنصراً جديداً، إذ يعكس للمرة الأولى منذ ما قبل انتهاء عهد العماد ميشال عون عودة الكلام عن دور سعودي جدي، وهو ما قد لا يريح أصدقاء الرياض في بيروت كونه يشكل خروجاً عن مسار السنوات الماضية، ويطرح احتمالات الخروج باتفاق حول رئاسة الجمهورية.
ما خرج الى التداول جدّي بحسب المعلومات التي وصلت الى بيروت، وهو بدأ حول ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية لأسباب تتعلق باستقرار لبنان وبمعالجة ملفات اقتصادية ومالية عالقة. كما طُرح ملف تشكيل الحكومة كجزء لا يتجزأ من مسار إعادة انتظام عمل المؤسسات الرسمية، ولعدم بروز أزمة جديدة بعد انتخاب الرئيس المقبل. إذ إن المفترض، وفق السيناريو المرسوم، تأمين إضافي للاستقرار وتفعيل الوضع الاقتصادي انطلاقاً من تهيئة ظروف الساحة اللبنانية لمزيد من التهدئة الداخلية. وهو ما يوحي وكأن ثمة توافقاً مبدئياً على تسيير أمور لبنان في المرحلة المقبلة بالحد الأدنى من استتباب الوضع، من دون الذهاب الى رسم ملامح المستقبل.
من هنا، يصبح منطقياً الكلام عن ارتفاع حظوظ قائد الجيش العماد جوزف عون الذي زار الدوحة القريبة من طهران، بالتزامن مع تقدم ملامح الحوار المشترك. ففي الاتصالات التي جرت حتى الآن، تبلور جوّ حول أفضلية لعون على غيره من المرشحين الذين يمكن أن توافق عليهم السعودية، استناداً إلى مواصفات تتعلق بوضع الجيش وتركيبته وعلاقاته التنسيقية مع الأميركيين وعدم انحيازه الى أي طرف داخلي، وعدم قبوله مساعدات عسكرية روسية أو إيرانية. ومن جهة أخرى، فإن توازنات الجيش وعلاقاته مع القوى السياسية كافةً، وفي مقدمها حزب الله يجعل من السهل تسويق اسم قائد الجيش كمرشح توافقي. أما في ما يتعلق برئاسة الحكومة، فلم يتّضح بعد وجود ملامح اتفاق حول اسم رئيس الحكومة المقبل، إذ لم يخرج الكلام عن سياق التشديد على ضرورة تشكيل الحكومة سريعاً، من دون الدخول في الأسماء، في انتظار بلورة أكثر عمقاً لمنحى المفاوضات بين الطرفين الأساسيين، علماً أن ثمة من ربط بين لقاء وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في المرحلة نفسها التي خرج فيها الكلام عن احتمالات تسوية رئاسية – حكومية.
وإذا كان من الواضح أنه ستكون لقمّة الأردن تبعاتها المباشرة على هذا المسار الذي انطلق منذ فترة قصيرة، ربطاً بتفاهمات حول ملفات المنطقة، بدءاً ببغداد ودمشق وبيروت، إلا أن انتظار ارتداداته لبنانياً سيكون على أكثر من مستوى. إذ لا يمكن ترجمة هذا الكلام خارجياً سوى في انتظار موقف واشنطن من هذه المحاولات التي تتمّ في أكثر من عاصمة غربية وعربية، في ضوء علاقاتها غير المستقرة مع الرياض وانتظارها مزيداً من الترتيبات حول الملف النووي من طهران. وعلى ضوء هذا الموقف، سيكون هناك كثير من الآمال المعلّقة، إما لترجمة التفاهم الإقليمي عبر الانتخابات الرئاسية أو فرملة أي اندفاعة مبكرة في هذا الاتجاه. أما محلياً، فستجد جميع القوى نفسها إزاء استحقاق إخراج اتفاق محتمل بين الرياض وطهران على اسم الرئيس الجديد، دستورياً إذا رسا الاتفاق على قائد الجيش، وسياسياً وكيفية التعامل معه بالطريقة الأمثل. ورغم أن القوى الأساسية لا تزال تبدي ممانعتها في التوافق على اسم مشترك، إلا أن تفاهماً على مستوى العاصمتين المعنيّتين، سيجد حتماً مخرجاً لتظهيره في شكل مُرضٍ للجميع. وهذا يعني أن القوى السياسية ستكون مضطرّة إلى التعامل مع الأمر الواقع والتخفيف من الأضرار السياسية التي ستنجم عن خروج الاسم من العاصمتين، من دون الحصول على أثمان سياسية داخلية، لأن لكل طرف معنيّ بإسقاط ورقة الاسم العتيد، مصالح ومطالب من الصعب أن يتخلى عنها حتى لمصلحة تسوية كبرى، إذا لم يأخذها أيّ تفاهم خارجي في الحسبان، إلا إذا تكررت تجربة الدوحة بكل ما أحاط بها